حكم تعزية غير المسلم والترحم عليه وتسميته بالشهيد

حكم تعزية غير المسلم والترحم عليه وتسميته بالشهيد من الأمور التي على كلّ مسلم أن يعرفها، فمع انتشار الجهل بين المسلمين وميوعة المسلمين وبعدهم عن أحكام دينهم وعقيدتهم ارتكبوا آثامًا عديدة، وارتكبوا تجاوزاتٍ شرعية لا تعد ولا تحصى، حتى أنّ بعضهم حلل الحرام وحرّم الحرام وأخذ من الدين هواه وميل قلبه بجهله، لذلك فإن موقع المرجع سيبين حكم تسمية غير المسلم بالشهيد وحكم تعزية غير المسلمين والرحمة على موتاهم.

حكم تعزية غير المسلم والترحم عليه

اختلف أهل العلم في حكم تعزية غير المسلم، فقال بعضهم أنّها جائزة وآخرون قالوا أنّها لا تجوز ومحرمة، ولكن قسمًا من أهل العلم قال أنّها جائزة بشرط أن يستثمر المعزي هذه التعزية في دعوة أهل الميت إلى الإسلام، وقيل لها شروط أخرى، والراجح في القول أنّ تعزية غير المسلمين جائزة بشرط عدم عدائهم للمسلمين أو تعاونهم مع أعدائهم، فالذي يظهر أنّه يجوز تعزيتهم عند الوفاة وعيادتهم عند المرض ومواساتهم عند المصيبة ما لم يعادوا الإسلام والمسلمين.

أما بالنسبة للترحم على غير المسلم وقت التعزية أو غيره فلا يجوز، ففي حال التعزية لغير المسلمين لا يُدعى لميتهم بالمغفرة والرحمة ولا يستغفر له ولا يُطلب له الجنة، وقد قال تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}. [1]  وأن الترحم على الكافر والصلاة عليه من المحرمات التي أجمع عليها أهل العلم جميعًا بلا خلاف.[2]

شاهد أيضًا: هل يجوز الترحم على المسيحيين

حكم تسمية غير المسلم بالشهيد

إن المقتول في سبيل الله سبحانه وتعالى هو من يُطلق عليه اسم الشهيد، والشهيد هو من قاتل حتى قتل في سبيل إعلاء كلمة الله، وهذا هو حد شهيد المعركة، والشهادة مرتبة عالية ومكانة عظيمة ينالها المسلمون بشروط الشهادة، ولا يمكن لأي مشرك أو كافر بالله من غير المسلمين أن ينالها، ولا يجوز ولا يصح أن يُسمى غير المسلم بالشهيد، فمن بلغته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يؤمن به فهو كافر بالله، ومن أهل النار سواءً قتل في معركة أو مات في فراشه، وسواءً كان نصرانيًا أو يهوديًا أو مجوسيًا فلا فرق، والله ورسوله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: هل يجوز الترحم على غير المسلم

الدعاء لغير المسلم بالرحمة والمغفرة لا يصح

إن كلّ إنسان ثبت أنه مات على غير دين الإسلام، أو مات على الكفر والشرك أو مات وهو على النصرانية أو اليهودية أو غيرها، فهذا لا يجوز الترحم عليه ولا يجوز الدعاء له عند موته، ولا يجوز الاستغفار له، وذلك أن الله سبحانه وتعالى قضى عليه الخلود في النار، والدعاء له بالرحمة يكون طلبًا لتغيير قضاء الله وحكمه المبرم الذي قضاء وأنفذه، وقد نهى الله سبحانه وتعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين من الاستغفار للمشركين حتى لو كان أولو قربى، إلا أن يكون الدعاء بالهداية فذلك جائز ومستحب والله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: هل يجوز طلب الرحمة لغير المسلم

هل يجوز الرحمة على المسيحي

نهى الله عزّ وجل النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن يدعوا لغير المسلمين، وذلك عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمه أبو طالب رضي الله عنه لما توفي على الشرك لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فأنزل الله النهي، كذلك لم يأذن الله سبحانه للنبي عليه الصلاة والسلام من الاستغفار لأمه، ونقل أهل العلم الإجماع على أن الدعاء للمسيحي وغير المسلم بالمغفرة بعد موته غير جائز، وقد قال النووي: “وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْكَافِرِ ، وَالدُّعَاءُ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ ، فَحَرَامٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالْإِجْمَاعِ” ويأتي الدعاء بالرحمة لغير المسلم كما الدعاء له بالمغفرة فلا يجوز، فالرحمة أخص من المغفرة وكلاهما لا ينالهما غير المسلم وسؤالهما له من التعدي بالدعاء.

تعزية أهل الكتاب جائزة بشروط

إن التعزية في الميت عند أهل الكتاب مما اختلف فيه أهل العلم، فيرى الكثير من أهل العلم أنّها جائزة، وآخرون يقولون أنّها لا تجوز، وآخرون قيدوها بمصلحة شرعية، كأن يكون في تعزية غير المسلم دعوة للإسلام، أو كف أذاه عن المسلمين أو غير ذلك، ومن قال منهم بجوازها اشترطوا اختيار ألفاظ التعزية التي لا محظورًا شرعيًا فيها، ولا تحتوي أدعية للميت الغير المسلم ولا استغفارًا له ولا ترحمًا عليه، كأن يقول له: أعطاك الله على مصيبتك أفضل مما أعطى أحداً من أهل دينك وغير ذلك من الألفاظ.[5]

بهذا نصل لنهاية مقال حكم تعزية غير المسلم والترحم عليه وتسميته بالشهيد، والذي بيّن الحكم الشرعي في تعزية المشركين وأهل الكتاب، وحكم الدعاء لموتاهم والترحم عليهم، وحكم تسمية قتلاهم شهداء.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *