حكم من اخذ من شعره وهو يريد ان يضحي

حكم من اخذ من شعره وهو يريد ان يضحي الأضحية عبادة عظيمة شرعها الله إحياءً لسنة إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- حينما فدا الله إسماعيل بذبح عظيم، والأحكام المتعلقة بها محط اهتمام المسلمين في هذه الأوقات، لذلك يهتم موقع المرجع في الحديث عن حكم من اخذ من شعره وهو يريد ان يضحي، وعن الحكمة من منع المضحي من قص شعره، وعن حكم الأضحية ومشروعيتها.

حكم من اخذ من شعره وهو يريد ان يضحي

اختلف الفقهاء في حكم من اخذ من شعره وهو يريد ان يضحي، على قولين: فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى استحباب الإمساك عن أخذ شيء من شعر من أراد الأضحية في العشر الأولى من شهر ذي الحجة حتى يضحي، وهذا مذهب المالكية، والشافعية، وهو قول للحنابلة، ونقل الإمام السيوطي عن جمهور أهل العلم أن النهي الوارد إنما هو نهي تنزيه، لا نهي تحريم، والحكمة التشريعية من هذا الفعل المأخوذ على وجه الاستحباب أن تبقى كامل أجزاء المضحي عرضة للعتق من النار، فلو قص المضحي شعره أو حلقه قبل أن يضحي فلا حرج عليه وتصح أضحيته، وينالها القبول بإذن الله تعالى.

بينما ترى طائفة من أهل العلم، أن من أراد أن يضحي فلا يجوز له أن يأخذ من شعره شيئًا، لا من شعر رأسه، ولا من إبطه، ولا من عانته، ولا من شاربه، حتى يضحي، وهذا مذهب الحنابلة، ووجه للشافعية، واختاره ابن حزم، وابن القيم، وابن باز، وابن عثيمين، فإذا دخل شهر ذي الحجة، وهل هلاله حرم على المضحي، رجلًا أو امرأة أخذ شيء من الشعر من سائر البدن، أما إن كان المضحي قد وكل أحدهم بالذبح، وأخذ الوكيل من شعره فلا حرج عليه، لأنه ليس مضح، ويجري الحكم بمنع الأخذ من الشعر على من وكله، وهو المضحي الحقيقي، وذهب الشيخ ابن عثيمين، إلى عدم الحرج بقص الشعر لمن احتاج إلى أخذ شيء منه، كأن يكون أصابه جرح، فاحتاج إلى قص الشعر عن موضع الإصابة.[1]

شاهد أيضًا: متى يحلق المضحي غير الحاج

اخذ من شعره وهو يريد ان يضحي سؤال وجواب

بعد أن تعرفنا على حكم من اخذ من شعره وهو يريد ان يضحي، سنتعرف على بعض الأحكام التي تتعلق بحلق الشعر للمضحي، على شكل سؤال وجواب:

  • هل يشترط لصاحب الأضحية عدم أخذ شيء من أظافره وشعره قبل ذبحها؟
    لا يجوز لمن أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئًا، بعد دخول شهر ذي الحجة حتى يضحي.
  • هل النهي لمن أراد أن يضحي أن يمسك عن شعره وأظفاره وبشرته للتحريم؟
    الأصل في نهي النبي التحريم، حتى يرد دليل يصرفه إلى الكراهة أو غيرها ، فيحرم على من أراد أن يضحي أن يأخذ في العشر من شعره، أو ظفره، أو بشرته شيئًا، حتى يضحي.
  • هل يعم التحريم في الامساك عن الشعر والظفر والبشرة للمضحي جميع أهل البيت الذي ضحى عنهم؟
    هذا الحكم خاص بمن يضحي أما من يضحي عنه فلا يتعلق به هذا الحكم لأن النبي كان يضحي عن أهل بيته ولم ينقل عنه أنه أمرهم بالإمساك عن ذلك.
  • هل يمسك من أراد أن يضحي لوصية شخص ميت؟
    هذا ليس مضحيًا في الحقيقة، ولكنه نائب عن غيره، فلا يتعلق به حكم الأضحية ويثاب عليها ثواب المحسن الذي أحسن إلى أمواته، وقام بتنفيذ وصاياهم.
  • حكم من تعمد قص شعره أو ظفره في عشر ذي الحجة هل تجزئ أضحيته؟
    إذا أخذ شيئًا من ذلك عمدًا فهو عاص لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لكن الأضحية مجزئة.
  • من يحلق لحيته هل تجزئ أضحيته؟
    إعفاء اللحية من هدي النبي وحلقها من هدي المشركين، فتضحي ولو عصيت الله بحلق اللحية لأن الأضحية شيء، وحلق اللحية شيء اخر.
  • من لم ينو الأضحية إلا بعد دخول العشر وقد أخذ من شعره فهل تجزئ أضحيته؟
    لا حرج عليه أن يضحي ولا يكون آثمًا بأخذ ما أخذ من أظفاره وشعره لأنه قبل أن ينوي.
  • إلى متى يمتد النهي عن الأخذ من الشعر والظفر والبشرة في عشر ذي الحجة؟
    يمتد إلى أن يضحي، فإذ ضحى زال النهي.
  • هل يلزم الوكيل ما يلزم الموكل (صاحب الأضحية) من تجنب الأخذ من الشعر والظفر والبشرة؟
    أحكام الأضحية تتعلق بالموكل (صاحب الأضحية) فلا يلزم الوكيل تجنب الأخذ من الشعر والظفر والبشرة.
  • حكم من من احتاج إلى أخذ الشعر والظفر والبشرة فأخذها وهو يريد أن يضحي؟
    لا حرج عليه ، مثل : أن يكون به جرح فيحتاج إلى قص الشعر عنه، أو ينكسر ظفره فيؤذيه فيقص ما يتأذى به، أو تتدلى قشرة من جلده فتؤذيه فيقصها.
  • ما حكم مشط الشعر للمرأة في شهر ذي الحجة قبل ذبح الأضحية؟
    إذا احتاجت المرأة إلى المشط في هذه الأيام وهي تريد أن تضحي فلا حرج عليها، لكن تكده برفق فإن سقط شيء من الشعر بغير قصد فلا إثم عليها.

شاهد أيضًا: هل يجوز الاشتراك في الاضحية باقل من السبع

الحكمة من منع المضحي من قص شعره

لم يرد في السنة الصحيحة ذكر للحكمة من النهي عن قص الأظفار والشعر للمضحي. وقد حاول بعض الفقهاء التماس الحكمة فمنهم من قال نهي المضحي عن ذلك تشبيهًا بالمحرم بالحج فكما شارك المحرم في ذبح القربان ناسب أن يشاركه في شيء من خصائص الإحرام، وقال بعضهم الحكمة توفير الشعر والظفر ليأخذه مع الأضحية فيكون ذلك من تمام الأضحية عند الله، وقيل لتشمل المغفرة والعتق من النار جميع أجزاءه، وأصل الحكمة التعبد لله بالإمساك وتعظيم الله وإظهار التذلل له والله أعلم، ولا يشرع للمضحي أن يمسك عن شيء آخر غير ظفره وشعره وجلده ولا ينهى عن الطيب أو مباشرة النساء أو غيره لأنه لم يرد، وما شاع من تحريم النساء وغيره على المضحي قياسًا على المحرم بالحج قول محدث ليس له أصل في الشرع ولا علاقة في الأحكام بين المضحي والمحرم بالحج.[2]

شاهد أيضًا: حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة للمضحي

حكم الأضحية 

اختلف الفقهاء في حكم الأضحية، حيث انقسموا إلى قسمين، فمنهم من قال بأنها سنة مؤكدة، ومنهم من قال بأنها واجبة، وبيان أقوالهم فيما يأتي:[3]

القول الأول

أنها سنة مؤكدة، وهو قول الشافعية، والحنابلة، والأصح عند المالكية، وقال به أبو بكر، وعمر، وبلال -رضي الله عنهم- من الصحابة، وسعيد بن المسيب، وعطاء، وغيرهم من التابعين، واستدلوا بالعديد من الأدلة، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا دَخَلَتِ العَشْرُ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِهِ وبَشَرِهِ شيئًا”،[4] فجعل الحديث الأمر مفوضًا إلى الإرادة، وروي عن أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- أنهم كانوا لا يضحون السنة والسنتين.

وقيل إنها سنة عين؛ فلا تجزئ الأضحية الواحدة عن الشخص وأهل بيته أو غيرهم، وهو قول أبي يوسف، ومنهم من يقول إنها سنة عين حكمًا؛ فلو ضحى الشخص عن نفسه وعن أهل بيته سقط الطلب عمن أشركهم معه، ومنهم من يجعلها سنة عين في حق الفرد، وسنة كفاية في حق أهل البيت الواحد، وهو قول الشافعية والحنابلة، واستدلوا بفعل الصحابة الكرام من غير إنكار من النبي -صلى الله عليه وسلم- عليهم، وذهب المالكية إلى القول بالكراهة لمن تركها مع قدرته عليها.

القول الثاني

أنها واجبة في كل عام مرة على القادر إلا في حق الحاج بمنى، وهو قول أبو حنيفة، وجاء عن الماوردي أنها واجبة في حق المقيم فقط، واستدلوا على ذلك بالعديد من الأدلة، كقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}،[5] فجاءت كلمة النحر بصيغة الأمر، ومطلق الأمر للوجوب، وقول جندب بن عبد الله رضي الله عنه: “شَهِدْتُ الأضْحَى مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ بالنَّاسِ نَظَرَ إلى غَنَمٍ قدْ ذُبِحَتْ، فَقالَ: مَن ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلْيَذْبَحْ شَاةً مَكَانَهَا، وَمَن لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ، فَلْيَذْبَحْ علَى اسْمِ اللَّهِ”،[6] وفيه أمر بإعادة الذبح لمن ضحى قبل الصلاة، وذلك يدل على الوجوب.

نرشح لكم أيضًا قراءة المقالات التالية:

الحكمة من مشروعية الأضحية

وقبل أن نختم الحديث عن حكم من اخذ من شعره وهو يريد ان يضحي، سنتحدث عن الحكمة من مشروعية الأضحية، فقد شرعت الأضحية في السنة الثانية من الهجرة النبوية، ومن حكم مشروعية الأضحية:[7]

  • شكر الله تعالى على نعمة الحياة.
  • إحياء سنة إبراهيم الخليل عليه السلام: حين أمره الله -عز وجل- بذبح الفداء عن ولده إسماعيل -عليه السلام- في يوم النحر، وأن يتذكر المؤمن أن صبر إبراهيم وإسماعيل-عليهما السلام- وإيثارهما طاعة الله ومحبته على محبة النفس والولد كانا سبب الفداء ورفع البلاء، فإذا تذكر المؤمن ذلك اقتدى بهما في الصبر على طاعة الله، وتقديم محبته عز وجل على هوى النفس وشهوتها.
  • أن في ذلك وسيلة للتوسعة على النفس وأهل البيت: وإكرام الجار والضيف، والتصدق على الفقير، وهذه كلها مظاهر للفرح والسرور بما أنعم الله به على الإنسان، وهذا تحدث بنعمة الله تعالى، كما قال تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}.[8]
  • أن في الإراقة مبالغة في تصديق ما أخبر به الله عز وجل: من أنه خلق الأنعام لنفع الإنسان، وأذن في ذبحها ونحرها، لتكون طعامًا له.

وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا، الذي تحدثنا فيه عن حكم من اخذ من شعره وهو يريد ان يضحي، وعن الحكمة من منع المضحي من قص شعره، وعن حكم الأضحية ومشروعيتها.

المراجع

  1. islamweb.net , أقوال العلماء في نهي المضحي عن قص شعره وظفره إذا دخل العشر , 06/06/2024
  2. saaid.net , إمساك المضحي عن ظفره وشعره في العشر , 06/06/2024
  3. islamweb.net , مذاهب الفقهاء في حكم الأضحية , 06/06/2024
  4. صحيح مسلم , مسلم، أم سلمة أم المؤمنين، 1977، صحيح.
  5. سورة الكوثر , الآية 2
  6. صحيح مسلم , مسلم، جندب بن عبد الله، 1960، صحيح.
  7. dorar.net , ذَبحُ الأضْحِيَّةِ , 06/06/2024
  8. سورة الضحى , الآية 11

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *