حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة للمضحي

حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة للمضحي هو ما سيتناوله المقال، فمع اقتراب دخول شهر ذي الحجّة، واقتراب عيد الأضحى تكثر الأسئلة من قبل من ينوون التّضحية في أيّام العيد، عن أحكام الضّحيّة وشروط قبولها، وما يجب للمسلم أن يفعل ليهيئ نفسه لأضحية العيد، ويهتمّ موقع المرجع بإخبارنا عن حكم الأضحية ومشروعيّتها وشروطها، كذلك يعرّفنا على ما يجب على المسلم فعله، خلال العشر الأوائل من ذي الحجّة إن نوى الأضحية، كذلك سيبيّن لنا أهميّة الأضحية وفضلها في الإسلام.

الأضحية في الإسلام

قبل الحديث عن حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة، لا بدّ من التّعريف بالأضحية في دين الإسلام، الأضحية اسمٌ يطلق على ما يذبحه المسلم من الأنعام، في عيد الأضحى، لينال بها رضا الله تعالى وقربه، والأجر والجزاء منه تبارك وتعالى، وقد قال معظم الفقهاء والعلماء أنّ الأضحية سنّةٌ مؤكّدةٌ على المسلمين المستطيعين، وهذا قول المذهب المالكيّ والحنفيّ والشّافعيّ والظّاهريّ.

وفي السّنّة المباركة الكثيرة من الأدلّة الّتي تفيد بأنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يضحّي ويذبح الأنعام في عيد الأضحى، ومن هذه الأدلّة نذكر ما روته عائشة أمّ المؤمنين  -رصي الله عنها- حيث قالت: “أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَمَرَ بكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ في سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ في سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ في سَوَادٍ، فَأُتِيَ به لِيُضَحِّيَ به، فَقالَ لَهَا: يا عَائِشَةُ، هَلُمِّي المُدْيَةَ، ثُمَّ قالَ: اشْحَذِيهَا بحَجَرٍ، فَفَعَلَتْ: ثُمَّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الكَبْشَ فأضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قالَ: باسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِن مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بهِ”.[1]وقد اتّبع الصّحابة الكرام رضوان الله عليهم، هدي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-  وكانوا يضّحون ويذبحون الأنعام في عيد الأضحى، مبتغين بذلك وجه الله تعالى ورضاه، والله أعلم.[2]

اقرأ أيضًا: الحكمة من صيام العشر من ذي الحجة

حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة للمضحي

لا بدّ للمسلم إن أراد أن يضحّي خلال عيد الأضحى، أن يبحث عن أحكام الأضحية، وما يجب فعله قبل مجيء وقت الأضحية، كما يجب عليه أن يقتدي بأفعال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأفعال أصحابه الكرام والتّابعين من بعدهم، ومن أحكام الأضحية، عدم جواز أخذ شيءٍ من شعر الرأس أو الجسد، وعدم جواز قصّ الأظافر أو أخذ شيءٍ منها خلال العشر الأوائل من ذي الحجّة، وحتّى وقت الّذبح، وقد أمر بذلك النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بذلك، كما فعل ذلك أيضاً، وإنّ ما دل ّعلى هذه المسألة حديث أمّ سلمة -رضي الله عنها- فيما روته عن النّبيّ، حيث قال: “مَن كانَ له ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فإذا أُهِلَّ هِلالُ ذِي الحِجَّةِ، فلا يَأْخُذَنَّ مِن شَعْرِهِ، ولا مِن أظْفارِهِ شيئًا حتَّى يُضَحِّيَ”.[3]

وإنّ هذا الحكم منطبقٌ على الذّكور والإناث على حدٍّ سواء، كما أنّه لا ينطبق على من أراد أن يضحّي أيّة أحكام أخرى سوى هذا الحكم، كذلك أفاد أهل العلم بأنّ من أراد أن يضحّي فإنّه يُحرم عليه قصّ اظافره أو شعره، ويكون هذا له وحده، دون بقيّة أهله، ودون من وكّله بالذّبح، وقد قيل بأنّ حكم المضحّي كحكم المحرم في بيت الله تعالى، لكنّ هذا الاعتقاد خاطئ، حيث أنّ المضحّي يُمنع عن الجماع والطّيب ولبس المخيط من الثّياب، لكنّ المضحّي لا حرم عليه شيءٌ من هذا، ولكن إذا فعل المسلم الّذي قد نوى الذّبح وأخذ من شعره أو أظافره، سواءً نسياناً أو عمداً، فلا يترتّب عليه إلّا الاستغفار والتّوبة لله تعالى، ولا يكون عليه فديةٌ أو كفّارة، وقد يتساءل المسلم من الغرض والحكمة من هذه المسألة، وقد أجاب الشّوكانيّ عن هذا السّؤال، حيث أفاد بأنّ الحكمة والغاية من ذلك، أنّه يجب أن تبقى أجزاء الجسم كاملةً لتعتق من النّار وهذا ما أفاد به النّوويّ رحمه الله، ، كذلك قال النّوويّ بأنّ الغرض من ذلك التّشبّه بالمحرم، لكن حسب قول الشّافعية، فهذا أمرٌ مغلوط، والله أعلم.[4]

اقرأ أيضًا: هل صيام العشر من ذي الحجة فرض

سنن ذبح الأضحية في الإسلام

قد ذكرنا سابقاً حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة للمضحي، وفيما يأتي سنعرض سنن ذبح الأضحية في الإسلام، حيث أنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- سنّ بعض الأمور يجب على المسلم أن يفعلها تأدّباً وتأسيّاً بأمره، وهذه السّنن والآداب هي:[5]

  • شحذ شفرة السّكّين وتحديدها.
  • تمرير السّكّين بقوّةٍ على عنق البهيمة، ليكون ذبحها أسهل.
  • استقبال الموكّل بالذّبح للقبلة، ويستحبّ أن توجّه الذّبيحة نحو القبلة أيضاً، بقوائمها أو عنقها أو ببدنها كلّه.
  • التّسمية قبل الذّبح والتّكبير ثلاثاً.
  • يستحبّ النّحر للإبل أي قطع المنطق الواقعة تحت العنق، والذّبح للبقر والأغنام، وهو قطع المنطقة الواقعة فوق العنق، ولو صار العكس حلّت الّذبيحة.
  • يستحبّ أن يتمّ نحر الإبل وهو قائمٌ على ثلاث، ويستحبّ أن يذبح البقر والغنم بعد أن تضّجع على جانبها الأيسر، فتربط قوائمها الثّلاثة، وتترك الرّجل اليمنى محرّرةً دون قيد.
  • عند الّذبح وقطع العنق، يجب على الذّابح أن يترك الذّبيحة، حتّى تخرج روحها من جسدها، فلا يكسر لها عظماً ولا يسلخ لها جلداً، ولا يقطع لها رأسها تماماً، بل يتركها حتّى تموت.
  • عرض الماء على الذّبيحة قبل الذّبح، وسوقها للمذبح برفق، ومراعاة عدم شحذ الشّفرة أمامها، ولا ذبح الأضاحي مقابل بعضها البعض.
  •  يستحبّ الدّعاء عند الذّبح بقول اللهمّ منك وإليك اللهمّ تقبّل منّي.

اقرأ أيضًا: فضل كل يوم من عشر ذي الحجة

فضل الأضحية والحكمة من مشروعيتها

ورد فيما سبق حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة للمضحي، لكن ما هو فضلها؟ وما الحكمة من شرعيّتها؟ فقد ورد فضلها في القرآن الكريم وذلك في قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}.[6] فالأضحية شعيرةٌ من شعائر الله تعالى، وفي السّنّة النّبويّة المباركة، روى البراء بن عازب -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: “خَطَبَنَا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ النَّحْرِ، قَالَ: إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ به في يَومِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ ذلكَ فقَدْ أصابَ سُنَّتَنَا”.[7] فالفضيلة أنّه سنّةٌ نبويّةٌ مؤكدّة ومن فعلها فقد أصاب أجراً كبراً ورضاً من الله تعالى، في من العبادات الجليلة، والقربات العظيمة، الّتي ينال بها العبد الأجر الجزيل من الله تعالى وينال رضاه وقربه ومحبّته. أّمّا عن الحكمة المستفادة من الأضحية فهي كما يأتي:[8]

  • تعدّ حمداً وشكراً لله -سبحانه وتعالى- على نعمه الكثيرة والوفيرة.
  • تعدّ الأضحيّة من وسائل التّوسيع على النّفس، وعلى أهل البيت.
  • تعدّ الأضحية صدقةً على الفقراء والمحتاجين.
  • تعدّ الأضحية من مظاهر الفرح والسّرور بنعم الله تعالى.
  • تعدّ الأضحية من وجوه إحياء سنّة خليل الله إبراهيم عليه السّلام.
  • تعدّ الأضحية تصديقاً لما أمر به الله تعالى وأخبر عنه، بأنّ الأنعام مسخّرةٌ للإنسان يأكل منها وينتفع فيها.

اقرأ أيضًا: هل يجوز قطع صيام العشر من ذي الحجة

شروط صحة الأضحية

كذلك الخوض في ذكر حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة للمضحي يقتضي الخوض في الحديث عن شروط صحة الأضحية، فإنّ صحة الأضحية وقبولها يعتمد على ستّة شروطٍ، ويجب على المسلم أن يلتزمها، لتكون ذبيحته مقبولةً بإذن الله تعالى، وهذه الشّروط السّتّه هي:[9]

  • أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام، أي من الإبل أو البقر أو الغنم، قال الله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}[10]
  • أن تبلغ الأضحية السّن المنصوص عليه في الشّريعة الإسلاميّة، وقت بيّنت السّنّة هذا السنّ، وذلك في الحديث: “لا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعْسُرَ علَيْكُم، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ”.[11]
  • أن تكون الأضحية تخلو من الآفّات والعيوب الخلقيّة، والأمراض والأسقام، قال رسول الله: “أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحيِّ فقالَ العوراءُ بيِّنٌ عورُها والمريضةُ بيِّنٌ مرضُها والعرجاءُ بيِّنٌ ظلعُها والكسيرُ الَّتي لا تَنقى”.[12]
  • أن تكون الأضحية كلكٌ للمضحّي، فلا يجوز أن تكون مسروقةً أو مغصوبة وغيرها من الحرام.
  • أن يضحّي المالك بالأضحية بعد صلاة العيد إلى آخر يومٍ من أيّام العيد، ولا تصحّ أضحية من ضحّى قبل الصّلاة، أو بعد مضيّ أيّام العيد الأربعة.

اقرأ أيضًا: فضل صيام عشر ذي الحجة

هل يجوز للمسلم أن يضحّي عن والديه

يجوز للمسلم أن يضحّي عن والديه وعن أقاربه، وعن أهل بيته الأحياء منهم والأموات، وكلّ ذلك يجزئ بإذن الله تعالى، فليس لنيّة الأضحية حدّ، وقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يذبح اثنتين من الأنعام، واحدةٌ عنه وعن أهل بيته، والثّانية عن أمّته جميعها، عليه أفضل الصّلاة والسّلام، والله أعلم.[13]

قد قدّمنا لكم في هذا المقال  حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة للمضحي، العديد من أحكام الأضحية، كتعريفها وفضلها والحكمة من مشروعيّتها، كما تحدّثنا عن أهميّتها وشروطها، وعلى المسلم أن يقتدي بسنّة رسول الله إن كان متمكّناً ومستطيعاً، وان يضحّي ويقدّم قرابينه لله تعالى، لينال بها حبّ الله تعالى ورضاه والفضل العظيم منه تبارك وتعالى، ونسأل الله تعالى أن ينفعنا وإيّاكم بهذا المقال، وأن يكون محلّ فائدةٍ وقيمة.

المراجع

  1. صحيح مسلم , مسلم/عائشة أم المؤمنين/1967/صحيح
  2. dorar.net , ذَبحُ الأضْحِيَّةِ , 06/06/2024
  3. صحيح مسلم , مسلم/أم سلمة أم المؤمنين/1977/صحيح
  4. islamqa.info , ما الذي يمتنع عنه من أراد أن يضحي؟ , 06/06/2024
  5. islamweb.net , فصل في سنن الذبح وآدابه سواء الأضحية وغيرها , 06/06/2024
  6. سورة الحج , الآية 32
  7. صحيح البخاري , البخاري/البراء بن عازب/968/صحيح
  8. dorar.net , ذَبحُ الأضْحِيَّةِ , 06/06/2024
  9. islamqa.info , شروط الأضحية , 06/06/2024
  10. سورة الحج , الآية 34
  11. صحيح مسلم , مسلم/جابر بن عبدالله/1963/صحيح
  12. صحيح أبي داود , الألباني/عبيد بن فيروز الديلمي/2802/صحيح
  13. binbaz.org.sa , حكم الأضحية عن الحي والميت والذبح للصدقة , 06/06/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *