ما حكم صلاة التراويح في المسجد والبيت ، وجميع الأحكام الشرعية المتعلقة بالتراويح

حكم صلاة التراويح في المسجد والبيت هو ما سيتناوله موضوع هذا المقال، فصلاة التراويح أو قيام الليل في شهر رمضان المبارك هي من الأمور التي يتزيّن بوجودها وتسابق المسلمين إليها هذا الشهر الكريم، لذا يهتمّ موقع المرجع عبر هذا المقال ببيان حكمها وجميع الأحكام الشرعية المتعلقة بالتراويح .

حكم صلاه التراويح

إنّ حكم صلاة التراويح هو أنّها من النوافل المسنونة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد عرفت هذه الصّلاة الكريمة على أنّها نافلةٌ بعد العشاء في شهر رمضان المبارك، وقد سنّ فيها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الصلاة في المسجد، ثمّ تركها خشية أن تفرض على أمّة الإسلام، وقد ورد في الصحيح من الحديث عن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: “أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ لَيْلَةً مِن جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى في المَسْجِدِ، وصَلَّى رِجَالٌ بصَلَاتِهِ، فأصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَاجْتَمع أكْثَرُ منهمْ فَصَلَّى فَصَلَّوْا معهُ، فأصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَصَلَّى فَصَلَّوْا بصَلَاتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عن أهْلِهِ، حتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أقْبَلَ علَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ، ولَكِنِّي خَشِيتُ أنْ تُفْتَرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْهَا، فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والأمْرُ علَى ذلكَ”،[1] وقد رغّب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقيامها إيمانًا واحتسابًا لله، فمن قامها غفر له ما تقدّم من ذنبه والله ورسوله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: رابط التسجيل للاعتكاف في المسجد الحرام رمضان

حكم ترك صلاة التراويح

إنّ صلاة التراويح من السنن المستحبة والمؤكدة وليست من الواجبات، لذا فلا يأثم تارك هذه الصلاة ولو كان متعمدًا، إلّا أن من تركها فقد فرّط بالأجر العظيم الذي خصّه الله تعالى بهذه العبادة، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”.[3]

شاهد أيضًا: كم عدد ركعات صلاة التراويح وكيف تصلى

حكم صلاة العشاء مع التراويح

أمّا عن حكم صلاة العشاء خلف من يصلي التراويح فهو جائز في شريعة الإسلام، فقد بيّن أهل العلم أنّه لا بأس لمن فاتته صلاة الجماعة في المسجد أن يصلي وحده أو أن يصلي معهم في الجماعة من صلاة التراويـح بنيّة أداء صـلاة العشاء، فقد ثبت في الصحيحين عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أنّه كان يقيم صـلاة العشاء فرضه مع النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ كان يذهب معاذ -رضي الله عنه- فيصلي بجماعته صلاة العشاء نافلةً له، وهي فرضه، ولم يمنعه الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- من ذلك، والله ورسوله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: دعاء التراويح مكتوب مختصر افضل ادعية صلاة التراويح مكتوبة

حكم صلاة التراويح في البيت

يجوز للمسلم أن يصلي التراويح في بيته ولكن الأفضل له أن يصليها في جماعة في بيوت الله تعالى، فقد صلّاها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأصحابـه الكرام رضي الله عنهم عدّة ليال، ثمّ صلاها في بيته ولم يخرج إليهم، وفي عهد عمر الفاروق رضي الله عنه جمع المسلمين إلى إمامٍ واحد، وظلّت تقام في المساجد إلى يومنا هذا، وفيما يأتي ندرج لكم بعض أقوال أهل العلم في حكم صلاة التراويح في البيت:[5]

• قال الإمام البهوتي رحمه الله: “وَالتَّرَاوِيحُ بِمَسْجِدٍ أَفْضَلُ مِنْهَا بِبَيْتٍ، لأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ النَّاسَ عَلَيْهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ مُتَوَالِيَةً، كَمَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ… وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ)”.
• قال الإمام الشوكاني رحمه الله: “قَالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا، قَالَ: وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الأَفْضَلَ صَلاتُهَا فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا أَمْ فِي جَمَاعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ: الأَفْضَلُ صَلاتُهَا جَمَاعَةً كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَالصَّحَابَةُ رضي الله عنهم، وَاسْتَمَرَّ عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ”.
• قال الإمام النووي رحمه الله: “صَلاةُ التَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ… وَتَجُوزُ مُنْفَرِدًا وَجَمَاعَةً، وَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ… الصَّحِيحُ بِاتِّفَاقِ الأَصْحَابِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ أَفْضَلُ”.

شاهد أيضًا: كم عدد ركعات قيام الليل

حكم صلاة التراويح للمراة في البيت

إنّ حكم صلاة التراويح للنساء في البيت هو من السنن المؤكدة، والأفضل كما بيّن أهل العلم أن تقيم النسوة صلاة الليل في بيوتهنّ، وذلك ما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “لا تَمنَعوا نساءَكُمُ المساجِدَ وبيوتُهنَّ خيرٌ لَهُنَّ“،[6] وقد بيّن أهل العلم أنّه كلّما كانت صلاة المرأة في موضعٍ أكثر خصوصيّةٍ لها كان أفضل، وذلك استنادًا لما روى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “صلاةُ المرأةِ في بيتِها أفضلُ من صلاتِها في حُجرتِها وصلاتُها في مَخدعِها أفضَلُ مِن صلاتِها في بيتِها“،[7] كذلك روت أمّ حميد امرأة أبي حميد الساعدي -رضي الله عنهما- قالت: “أنها جاءَتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالتْ: يا رسولَ اللهِ إني أحبُّ الصلاةَ معَكَ. قال: قد علِمتُ أنكِ تحبينَ الصلاةَ معي وصلاتُكِ في بيتِكِ خيرٌ مِن صلاتِكِ في حجرتِكِ وصلاتُكِ في حجرتِكِ خيرٌ مِن صلاتِكِ في دارِكِ وصلاتُكِ في دارِكِ خيرٌ مِن صلاتِكِ في مسجدِ قومِكِ وصلاتُكِ في مسجدِ قومِكِ خيرٌ مِن صلاتِكِ في مسجدي”.[8]

شاهد أيضًا: دعاء قبل الافطار في رمضان .. 10 من أجمل أدعية قبل الإفطار في

حكم تأخير صلاة التراويح إلى آخر الليل

أمّا عن حكم تأخير صلاة التراويح إلى آخر الليل فقد بيّن ذلك الإمام ابن باز -رحمه الله- لمّا سئل عن هذا الحكم:[9]

نعم، لا بأس، إذا تيسر هذا فهو أفضل آخر الليل، إذا تيسر هذا فآخر الليل أفضل، ولكن المسلمين يصلونها في أول الليل؛ لأنه أنشط لهم، وأقرب إلى القيام بها؛ لأن كثير من الناس لو نام ما قام في آخر الليل، فالمقصود إنه إذا تيسر أن تؤدى في آخر الليل فذلك أفضل. نعم.

شاهد أيضًا: دعاء السحور في رمضان مكتوب

حكم صلاة سنة العشاء بعد التراويح

إنّ من صلّى سنّة العشاء عقب صلاة التراويح أو أثنائها فقد أجزأه ذلك كما بيّن الفقهاء وأهل العلم، ولكن الأولى أن تصلى هذه السنة عقب العشاء وقبل التراويح، وفي ذلك قال الإمام البهوتي -رحمه الله- في كتاب كشاف القناع:[10]

ووقتها أي التراويح بعد صلاة العشاء وبعد (سنتها) قال المجد في شرحه: لأن سنة العشاء يكره تأخيرها عن وقت العشاء المختار فكان إتباعها لها أولى… وإن صلى التراويح بعد العشاء وقبل سنتها صح جزما؛ ولكن الأفضل فعلها بعد السنة على المنصوص.

شاهد أيضًا: متى يبدأ القيام في رمضان

هل حكم صلاة التراويح سنة مؤكدة

قد يتساءل البعض حول هل حكم صلاة التراويح سنة مؤكدة أم لا؟ وإجابة ذلك أنّها سنّة مؤكدة، وقد استدلّ أهل العلم بذلك من السنّة النبويّة الشريفة ونقل الإجماع على سنيتها:[11]

• روى أبو هريرة -رضي الله عنه- في الصحيح من الحديث قال: “كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِن غيرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فيه بعَزِيمَةٍ، فيَقولُ: مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ. فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَالأمْرُ علَى ذلكَ، ثُمَّ كانَ الأمْرُ علَى ذلكَ في خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَصَدْرًا مِن خِلَافَةِ عُمَرَ علَى ذلكَ”.[12]
• كذلك روت أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: “أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى في المَسْجِدِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّى بصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، أَوِ الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إليهِم رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، قالَ: قدْ رَأَيْتُ الذي صَنَعْتُمْ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ علَيْكُم. قالَ: وَذلكَ في رَمَضَانَ”.[13]

شاهد أيضًا: دعاء صلاة التراويح مكتوب مختصر

حكم الجمع بين صلاة التراويح والتهجد

لا حرج ولا مانع شرعي للدمج والجمع بين صلاة التراويح والتهجد، وكذلك تأخيرهما جائز في شريعة الدين الإسلاميّ الحنيف، والله ورسوله أعلم.[14]

شاهد أيضًا: دعاء العشر الاواخر من رمضان مكتوب

حكم سماع الاغاني وقت التراويح

إنّ الاستماع للأغاني وقت صلاة التراويح أو عقبها لا يغير من حكمه شيئًا، وقد بيّن أهل العلم أنّ الغناء المصحوب بالآلات الموسيقية غير الدف، هو التحريم بالإجماع، كذلك يحرم الاستماع لصوت المرأة من الرجال الأجانب، أو إن كانت ألفاظ الأغنية تشتمل على الحرام، وفيما عدا ذلك فهو مباح، ولكن يكره الإكثار منه في هذا الشهر الفضيل والله ورسوله أعلم.[15]

شاهد أيضًا: دعاء اخر الليل قصير مكتوب

حكم صلاة التراويح مع الاستدلال

كما سلف ذكره سابقًا أنّ حكم صلاة التراويح هو سنة مؤكدة، ودليل ذلك ما روي في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- في الصحيح من الحديث قال: “كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِن غيرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فيه بعَزِيمَةٍ، فيَقولُ: مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ. فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَالأمْرُ علَى ذلكَ، ثُمَّ كانَ الأمْرُ علَى ذلكَ في خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَصَدْرًا مِن خِلَافَةِ عُمَرَ علَى ذلكَ”.[12]

إلى هنا نصل إلى نهاية هذا المقال والذي بيّن ما حكم صلاة التراويح في المسجد والبيت ، وجميع الأحكام الشرعية المتعلقة بالتراويح في ضوء هدي الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم في قيام شهر رمضان المبارك