حكم طواف الوداع للحاج ابن باز

حكم طواف الوداع للحاج ابن باز وهو ما سيتناوله موضوع هذا المقال، فهو يعد إحدى المسائل الفقهية المهمة التي تتعلَّق بأركان الحج وواجباته، ولذلك لا بدّ للمسلم أن يتفقه بأحكام الحجّ التي جعل الله -سبحانه وتعالى- لها من الفضل العظيم والمكانة الكبيرة في شريعة الدين الإسلامي، حيثُ إن الحج له أعمال مخصوصة في أوقات مخصوصة وكيفية معيّنة، لذا يهتم موقع المرجع عبر هذا المقال ببيان حكم طواف الوداع للشيخ ابن باز -رحمه الله-، بالإضافة إلى معرفة مفهوم طواف الوداع.

طواف الوداع

وهو الطواف الواجب عند الانتهاء من مناسك الحجّ والعمرة، ويكون وقته قبل الخروج من مكة المكرمة، وذلك عند غالبية أهل العلم، وهذا الطواف هو واجبٌ على الحاج بإجماع الفقهاء، فالنّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أمر المسلمون أن يكون آخر عهدهم بالبيت، وقد ورد عن عبد الله بن عبّاس أنّه قال: “كانَ النَّاسُ ينصرِفونَ في كلِّ وجهٍ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: “لا ينفِرنَّ أحدٌ حتَّى يَكونَ آخرُ عَهْدِهِ الطَّوافَ بالبيت”[1]، ومن الجدير بالّذكر أنّ طواف الوداع خُفّف عن الحائض، فلا حرج على الحائض إن لم تطف طواف الوداع، وخرجت من مكّة وغادرتها؛ لأن الطّواف يحتاج الطّهارة.[2]

حكم طواف الوداع للحاج ابن باز

أوضح الشيخ ابن باز -رحمه الله- أن حكم طواف الوداع واجب في حق الحاجّ، ودليل ذلك ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:(لا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حتَّى يَكونَ آخِرُ عَهْدِهِ بالبَيْتِ)[1]، فقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- المسلمين الخروج من البيت الحرام إلا بعد أن يطوفوا بالبيت، فعند انتهاء الحاج من مناسك الحج وُجب عليه أن يطوف بالبيت سبعة أشواط دونَ سعي، ويصلي ركعتين، ثم ينصرف إلى أهله، وهذا اقتداءً بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد كان يفعل ذلك عندما يفرغ من حجه.[3]

شاهد أيضًا: دعاء الطواف حول الكعبة ، أدعية العمرة كاملة مكتوبة

حكم طواف الوداع عند الشافعية

اختلف الشافعية في حكم طواف الوداع، فقد ورد في كتاب الأم بوجوب طواف الوداع للحاج، وورد في الإملاء بأن طواف الوداع سنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد كانت ثمرة الخلاف بأن وجوبه يتطلب على من تركه دم، وقول استحبابه لا يجب الدم على من تركه، حيثُ إنّ الأصح عند الشافعية بأن طواف الوداع واجب، بحيث يجب على من تركه دم كقول الجمهور، وهو اختيار الشيخين ـ الرافعي والنووي، فقد قال النووي في المنهاج: “وإذا أراد الخروج من مكة طاف للوداع، ولا يمكث بعده، وهو واجب يجبر تركه بدم، وفي قول سنة لا يجبر”.[4]

متى يكون طواف الوداع وبماذا يدعو الحاج

إنّ طواف الوداع يكون وقته قبل الخروج من مكة المكرمة، أما دعاء الحاجّ فهو يستطيع أن يدعو بما شاء من خيري الدّنيا والآخرة، كما ينبغي الإكثار من ذكر الله -سبحانه وتعالى-، وأن يختم كلّ شوطٍ من أشواطه بتلاوة قوله تعالى: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار)[5]، كما يستطيع أن يدعوا بالدعاء المأثور الذي ورد عن ابن عبّاس وهو:

“اللَّهُمَّ إنِّي عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك، حَمَلْتنِي عَلَى مَا سَخَّرْتَ لِي مِنْ خَلْقِكَ، وَسَيَّرْتنِي فِي بِلاَدِك حَتَّى بَلَّغْتنِي بِنِعْمَتِكَ إلَى بَيْتِكَ، وَأَعَنْتنِي عَلَى أَدَاءِ نُسُكِي، فَإِنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضًا، وَإِلاَّ فَمِنَ الآنَ فَارْضَ عَنِّي قَبْلَ أَنْ تَنْأَى عَنْ بَيْتِكَ دَارِي، فَهَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إنْ أَذِنْتَ لِي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِك وَلاَ بِبَيْتِك، وَلاَ رَاغِبٍ عَنْك وَلَا عَنْ بَيْتِك، اللَّهُمَّ فَأَصْحِبْنِي الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي، وَالصِّحَّةَ فِي جِسْمِي، وَالْعِصْمَةَ فِي دِينِي، وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي، وَارْزُقْنِي طَاعَتَك مَا أَبْقَيْتنِي، وَاجْمَعْ لِي بَيْنَ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إنَّك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِي”.

شاهد أيضًا: هل يوجد ركعتين بعد طواف الوداع

هل يجوز النوم بعد طواف الوداع

لا يجوز، فإذا نام الحاج بعد طواف الوداع بشكلٍ متعمد فإن ذلك يلزم الإعادة للطواف، وذلك لما ورد في الحديث الصحيح بأنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-قال:(لا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حتَّى يَكونَ آخِرُ عَهْدِهِ بالبَيْتِ)[1]، فقد أمر رسول الله الناس أن يكون الطواف بالبيت هو آخر العهد لهم في مكة المكرمة، فمن نام عامدًا بعد الوداع عليه إعادة الطواف، وأمّا من تعرقل سيره بسبب مشكلةٍ أو ظرفٍ طارئ فلا حرج عليه أن ينام بعد الوداع في مكة المكرمة والله ورسوله أعلم.[6]