حكم زيارة القبور للرجال

حكم زيارة القبور للرجال حكم شرعي يتساءل عنه الرجال بعد وفاة قريب لهم، ومما يخفف من شعور الفقد بحسب ظن الشخص هو زيارة من فارق الحياة في قبره، ولهذا ستتم الإجابة في موقع المرجع على حكم زيارة القبور للرجال، وما حكم زيارة القبور، وما حكم زيارة القبور يوم الجمعة، وهل يشعر الميت بم يزوره كل ذلك في هذا المقال.

زيارة القبور

إنَّ زيارة القبور سنة مؤكدة من فعل النبي-صلى الله عليه وسلم- وقوله؛ وهذا لما فيها من التذكير بالموت، والتذكير بالآخرة، ومن السنة أن يزورها المؤمن بخشوع ورحمة للأموات والدعاء لهم؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- “زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة”، فكان رسول الله يزورها بين وقت وآخر في الليل والنهار يزورها ويسلم عليهم ويدعو لهم ويقول: “السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، يغفر الله لنا ولكم”، وعليه فإنه يُسن للمسلم أن يزورها ويتبع الآداب الآتة لينال الأجر والثواب:[1]

  • أن لا يصلي عند القبور؛ فالصلاة عندها بدعة، إنما يسلم بخشوع ورغبة في الآخرة، وخوف من عذاب الله، وبقصد علاج قلبه حتى لا يموت؛ فزيارة القبور تلين القلوب، وتذكرها بالآخرة وبالموت، فيكون ذلك من أسباب الاستعداد والحذر من الركون إلى الدنيا، لكن لا يصلي عندها.
  • لا يطوف بها، أما الطواف بها فشرك بالله،لا سيما إذا طاف بنية التقرب إلى أصحاب القبور فهذا شرك أكبر.
  • لا يطلب الدعاء، كدعائها والاستغاثة بأهلها، والنذر لهم، والذبح لهم هذا شرك أكبر، كما يفعل عند بعض القبور. يقول: يا سيدي انصرني أو اشف مريضي، أو أنا في حسبك، أو اشفع لي أو ما أشبه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر.
  • لا يقرأ عندها؛ فالقراءة عندها بدعة، والجلوس عندها للدعاء بدعة.
  • لا يجلس عند قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عند قبر الصحابة ولا عند غيرهم، إنما يسلم عليهم ويدعو لهم، يقول: “السلام عليكم أهل القبور .. السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية”.
  • لا يقف على قبر المنافقين؛ بدليل قوله تعالى: {وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}؛[2] فهذا نهي لرسول الله عن الوقوف على قبور المنافقين والصلاة عليهم، أما المسلم يوقف على قبره ويدعى له بعد الدفن، حيث إذا دفن يوقف عليه ويسأل له التثبيت والمغفرة، لقول النبي عليه الصلاة والسلام إذا فرغ من دفن الميت: “استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت”.

شاهد أيضًا: هل البكاء على الميت يعذبه في قبره

حكم زيارة القبور للرجال

يجوز ويستحب للرجال زيارة القبور، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية والمالية، والشافعية والحنابلة، ومما ورد في الاجماع، وقد ودت الأدلة في السنة النبوية الشريفة؛ فعن  بريدة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نَهَيْتُكُمْ عن زِيارَةِ القُبُورِ فَزُورُوها“،[3] وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: “زارَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ قبرَ أمِّهِ فبَكى وأبْكى من حولَهُ وقالَ استأذنتُ ربِّي عزَّ وجلَّ في أن أستغفِرَ لَها فلم يؤذَن لي واستأذَنتُ في أن أزورَ قبرَها فأذنَ لي فزُوروا القبورَ فإنَّها تذَكِّرُكمُ الموتَ“،[4] وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: “كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، كُلَّما كانَ لَيْلَتُهَا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَخْرُجُ مِن آخِرِ اللَّيْلِ إلى البَقِيعِ“،[5] هذه الأدلة يستدل بها على جواز واستحباب زيارة القبور للرجال، فذلك من اتباع الهدي المحمدي، ففي زيارة المقابر نفعًا للحي وللميت؛ للحي بتذكره الموت والآخرة، وللميت بالدعاء له.[6]

شاهد أيضًا: ما حكم زيارة القبور للنساء

حكم زيارة القبور يوم الجمعة

لا يجوز تخصيص يوم الجمعة لزيارة القبور، حيث ذكرنا فيما سبق أن زيارة القبور مشروعة وسنة مؤكدة للرجال، ولكنها شُرعت زيارتها في أي وقت، ولم يرد دليل يخصص يوم الجمعة أو غير يوم الجمعة بزيارتها فيه، فقد روى الإمام مسلم عن سليمان بن بريدة عن أبيه -رضي الله عنهم- قال‏:‏ “كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا‏:‏ ‏”‏السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية‏”، ولم يحدد لها وقت محدود لا في الليل ولا في النهار، فالنبي عليه الصلاة والسلام زارها ليلًا وزارها نهارًا، فمتى تيسر للعبد زيارتها فليس لها يوم محدود، لا جمعة ولا غيرها، متى تيسرت الزيارة وفرغ للزيارة أو وفقه الله للزيارة القبر في أي وقت في يوم العيد أو في يوم الجمعة أو في السبت أو في الليل أو في النهار فكل جائز.

وأما أن يخص لها وقتًا كيوم العيد أو يوم الجمعة تحديدًا، فهذا لا أصل له لكن يزورها متى تيسر، وقد قال الشيخ ابن عثيمين في ذلك: “تخصيص ذلك بيوم الجمعة لا وجه له؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “زوروا القبور فإنها تذكر الموت”، وثبت عنه أنه زار البقيع ليلًا كما في حديث عائشة الطويل المشهور، وعلى هذا فتخصيص معرفته للزائر بيوم الجمعة لا وجه له، كذلك روى أصحاب السنن بسند صححه ابن عبد البر وأقره ابن القيم في كتاب الروح ، أنه: “ما من رجل يسلم على مسلم يعرفه في الدنيا إلا رد الله عليه روحه فرد عليه السلام ” في أي وقت”.[7]

شاهد أيضًا: دعاء للميت قصير جدا وجميل مكتوب

هل يشعر الميت بمن يزوره

إنّ الموت من الغيبيات والتي تدخل في عالم البرزخ؛ وهو من عالم الغيب الذي لا سبيل إلى العلم بتفاصيله إلا من الكتاب والسنة النبوية، وقد جاء فيهما الكثير من التفاصيل التي تتحدث عن ما يواجهه الإنسان بعد الموت، ومن ذلك: أن الميت يتعرف إلى من يزوره من الأحياء إذا كان يعرفهم في الدنيا، روى ذلك ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي الله -صلى الله عليه وسلم-:
“ما من أحد مر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا ، فسلم عليه ، إلا عرفه ورد عليه السلام”، قال ابن القيم: “والسلف مجمعون على هذا، وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به”، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
“الروح تشرف على القبر، وتعاد إلى اللحد أحيانًا ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام”، والميت قد يعرف من يزوره”.

فالحاصل أنه سواء عرف الميت الزائر أو لم يعرف الزائر المهم أنه يزوره ويدعو له، النبي عليه الصلاة والسلام قال: “زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة”؛ فالمهم أنها تنفع الحي، وتعينه على ذكر الآخرة وذكر الموت حتى يستعد للقاء الله، وتنفع الميت من جهة أن الزائر يدعو له ويترحم عليه، ففي الزيارة للقبور مصالح للحي والميت جميعًا، يزورهم ويسلم عليهم ويدعو لهم ثم ينصرف، لا يتمسح بقبورهم ولا يصلي عند قبورهم، ولا يسأل الله بهم، ولكن يدعو لهم يقول: “اللهم اغفر لهم اللهم ارحمهم”، حيث كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: “السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية” وفي رواية أخرى: “يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد”، يدعو لهم عليه الصلاة والسلام هكذا أمته تتأسى به، فتدعو للأموات، وتسأل الله لهم المغفرة والعافية، وهذا هو المشروع، ويكفي هذا للمؤمن أن يفعل ما شرعه الله وأن يقف عند الحد الشرعي.[8]
ومن هنا نصل إلى مقال حكم زيارة القبور للرجال، وقد تعرفنا على جواز واستحباب ذلك، لما ورد عن رسول الله في قوله وفعله، وتحدثنا عن آداب زيارة القبور، ومن ثم حكم زيارة القبور يوم الجمعة، وتطرقنا للإجابة عن هل الميت يشعر بمن يزوره أم لا.

المراجع

  1. binbaz.org.sa , آداب زيارة القبور , 04/09/2021
  2. سورة التوبة , الآية84
  3. صحيح مسلم , مسلم، أبو موسى الأشعري، 977، صحيح
  4. صحيح النسائي , الألباني، أبو هريرة، 2033، صحيح
  5. صحيح مسلم , مسلم، عائشة أم المؤمنين، 974، صحيح
  6. dorar.net , حكم زيارة الرجال للقبور , 04/09/2021
  7. al-eman.com , حكم زيارة القبور يوم الجمعة , 04/09/2021
  8. islamqa.info , هل الميت يعرف من يزوره , 04/09/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *