ما حكم زيارة القبور للنساء

ما حكم زيارة القبور للنساء حكم شرعي لا بُد من معرفته؛ لا سيما و أن المرأة قد تحتاج إلى زيارة قبر من فقدت بين الحين والآخر، ولهذا سيتم التعرف في موقع المرجع على معنى زيارة القبور، وما حكم زيارة القبور للنساء، وما آداب الزيارة وحكم السفر لأجل زيارة القبور، وكل ذلك في هذا المقال.

تعريف زيارة القبور

إنَّ زيارة القبور من الأمور التي يجر عليها العبد المسلم، وعليه فقد علينا أن نعلم المعنى الصحيح لزيارة القبور؛ فقد جاءت المقابر في اللغة لجمع مقبُرة، أو مقبَرة -بفتح الباء وضمها- قال ابن فارس: “القاف والباء والراء أصل صحيح، يدل على غموض في شيء وتطامن”، والمقابر: جمع قبر، وهو مدفن الإنسان يقال: قبر الميت، إذا دفنه، ويقال: أقبر الميت: إذا أمر بدفنه، وكذلك فسر أهل العلم قوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ}؛[1] أي جعله مقبورًا أي مدفونًا، ولم يجعله مما يلقى على وجه الأرض للطير والسباع تأكله، أما المقابر شرعًا؛ فهي مدافن الأموات، وهي ديار الموتى ومنازلهم، وعليها تنزل الرحمة على محسنهم، فإكرام هذه المنازل واحترامها من تمام محاسن الشريعة الإسلامية، وأما الزيارة: فهي قصد المزور إكرامًا له، واستئناسًا به، وعليه فزيارة المقابر؛ القصد منها السلام على الأموات والدعاء لهم وأخذ العظة من تلك الزيارة؛ وهي على نوعين:[2]

  • النوع الأول: الزيارة الشرعية؛ وتكون بالسلام على الميت، والدعاء له، وهذه هي الزيارة التي وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما زار أهل البقيع.
  • النوع الثاني: الزيارة البدعية؛ وهي زيارة أهل الشرك، وأهل البدع الذين يقصدون دعاء الأموات والاستغاثة بهم، وطلب الحوائج، وهذا لم يفعله أحد من السلف الصالح من الصحابة والتابعين وغيرهم.

شاهد أيضًا: دعاء للميت قصير جدا وجميل مكتوب

آداب زيارة القبور

إنَّ زيارة القبور سنة نبوية قد رغّبَ الشرع فيها، وهذا لأنها تُذكر ب‏الموت والآخرة، وتجعل العبد المسلم يُحمل على قصر الأمل، والزهد في الدنيا، وترك الرغبة لما فيها من ملذات؛ ‏ولزيارة القبور آداب متعددة منها ما يأتي:‏[3]

  • السلام على أهلها المؤمنين، والدعاء لهم، وهذا لما ورد عن بريدة قال كان النبي -صلى الله عليه ‏وسلم- يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول: “السَّلَامُ علَيْكُم أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وإنَّا، إنْ شَاءَ اللَّهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ”.[4]
  •  عدم الجلوس عليها، وهذا لما روي عن أبي هريرة -رضي الله- عنه حيث قال: :قال رسول الله صلى ‏الله عليه وسلم ” لأَنْ يَجْلِسَ أحَدُكُمْ علَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيابَهُ، فَتَخْلُصَ إلى جِلْدِهِ، خَيْرٌ له مِن أنْ يَجْلِسَ علَى قَبْرٍ”.[5]
  • أن لا يمشي بين المقابر بنعال سبتية، وهي المدبوغة بالقرظ قد سميت بذلك؛ لأن شعرها قد سبت عنها، أي حلق وأزيل، فعن بشير بن الخصاصية “أنَّ النَّبيَّ – صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ – رأى رجلًا يمشي في نعلينِ بينَ القبورِ فقالَ : يا صاحبَ السِّبتيَّتينِ ألقِهما[6] لأن هذه النعال تعتبر من لباس أهل الترفه والتنعيم، وزائر القبور ينبغي أن يكون على زي التواضع ولباس أهل الخشوع.‏
  • عدم تحديد وقت مخصوص لزيارة القبور، إذ أنه ليس لزيارتها وقت محدد تستجب فيه، وتقييد زيارتها بأوقات مخصوصة على الاستحباب من البدع والمحدثات، إلا أنَّ ظاهر الأحاديث تدل على مشروعية زيارة القبور، وعدم هجرانها من غير تحديدها بزمن معين.

ما حكم زيارة القبور للنساء

حكم زيارة القبور للنساء مكروه وهذا ما أجمع عليه المذهب الشافعي، حيث إن زيارة القبور للنساء مسألة خلافية بين أهل العلم، وهذا لأن المرأة إذا علمت من نفسها أنها إذا زارت المقابر، صدر عنها ما لا يجوز من قول، أو فعل مثل تجديد بكاء ونياحة، وتضييع لحق زوجها، وتبرج وسفور، وحصول فتنة لها أو لغيرها فتكون هذه الزيارة مكروه وقد نهى عنها أهل العلم؛ أما إذا خلت الزيارة مما سبق، فإن للعلماء في حكم الزيارة ثلاثة أقوال:[7]

  • القول الأول: أن زيارة المقابر للنساء لا تجوز؛ وهو قول عند الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عن أحمد.
  • القول الثاني: إن زيارة النساء للقبور مكروهة؛ وهو قول عند الحنفية والمالكية وقال به جمهور الشافعية وهو المذهب عند الحنابلة.
  • القول الثالث: أن زيارة النساء للقبور مباحة، وهو الأصح في مذهب الحنفية، وقال به بعض المالكية وبعض الشافعية.

وعليه فإن يكره ذهاب النساء لزيارة القبور حيث قال الخطيب الشربيني: “تكره زيارتها -يعني القبور- للنساء؛ لأنها مظنة لطلب بكائهن، ورفع أصواتهن، لما فيهن من رقة القلب، وكثرة الجزع، وقلة احتمال المصائب”، ولكنها لم تحرم لأنه النبي -صلى الله عليه وسلم- قد “مَرَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بامْرَأَةٍ عِنْدَ قَبْرٍ وهي تَبْكِي، فَقالَ: “اتَّقِي اللَّهَ واصْبِرِي”،[8] فلو كانت الزيارة حرامًا لنهى عنها، ولقد روي عن عائشة ر-ضي الله عنها- أنها قالت: “كيف أقول يا رسول الله؟ يعني إذا زرت القبور، قال: قولي: “السَّلَامُ علَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ المُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وإنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بكُمْ لَلَاحِقُونَ”،[9] ومحل جميع هذه الأقوال لزيارة القبور؛ في غير زيارة قبر سيد المرسلين محمد -صلى الله عليه وسلم- فزيارة قبره من أعظم القربات ونيل الأجر والثواب سواء أكان للرجال والنساء.[10]

شاهد أيضًا: دعاء زياة قبر الرسول مكتوب أجمل أدعية زيادة قبر الرسول الصحيحة

حكم السفر من أجل زيارة القبور

إنَّ السفر لأجل زيارة القبور لا يجوز على الصحيح من قول أكثر أهل العلم، وهي مسألة خلافية حيث نشأ الخلاف فيها في القرون المتأخرة بعد عصر الصحابة والتابعين وتابعيهم، وذلك على يد بعض المبتدعة من الرافضة، وقد وضعوا الأحاديث في السفر لزيارة القبور فهم أهل بدع وضلال، وجاءت المسألة على قولين:[11]

  • القول الأول: أن السفر لزيارة القبور لا يجوز مطلقًا؛ وهذا القول المختار عند الحنفية وهو قول مالك، ووقال به بعض الشافعية، وهو رواية عند الحنابلة.
  • القول الثاني: أن السفر إلى زيارة القبور جائز شرعًا؛ وقال بذلك بعض من المتأخرين؛ من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وقد ذهبت طائفة منهم إلى أن السفر لأجل ذلك أمر مستحب.

شاهد أيضًا: هل الميت يشعر بمن يبكي عليه

شروط جواز زيارة النساء للقبور

ذكرنا أنه قد أجاز بعض العلماء زيارة القبور للنساء؛ ولكن يشترط لجواز ذلك أن تاتي المرأة بأمور حتى تحق لها الزيارة وتنال بها الأجر والثواب؛ ومنها ما يأتي:[10]

  • أن لا تخرج متزينة متعطرة، بل متسترة محتشمة باللباس الشرعي.
  • أن لا تختلط بالرجال.
  • أن تذهب مع أحد محارمها؛ إذا كانت المقبرة نائية أو بعيدة أو موحشة.
  • أن تلتزم بالسكينة والوقار في المقبرة، فتعتبر من غير صوت ولا عويل ولا صراخ نياحة.
  • أن يكون الغرض من زيارة القبور العظة والاعتبار والنظر في المآل.
  • أن لا تخرج المرأة بغير إذن زوجها، ولا سيما المعتدة فهي لا تخرج لزيارة القبور أثناء عدتها؛ لو كان قبر زوجها.

ومن هنا نصل إلى ختام مقال ما حكم زيارة النساء للقبور؛ وتعرفنا على أنها مسألة خلافية تجمع بين الجواز والكراهية، وتعرفنا على تعريف زيارة القبور لغة اصطلاحًا، ثم انتقلنا لمعرفة آداب زيارة القبور وما حكم السفر لأجل زيارتها، وما هي الشروط المعتبرة لزيارة النساء للقبور.

المراجع

  1. سورة عبس , الآية 21
  2. al-maktaba.org , تعريف زيارة القبور , 26/08/2021
  3. islamweb.net , آداب زيارة القبور، وهل يشعر الميت بمن يزوره ؟ , 26/08/2021
  4. صحيح مسلم , مسلم، بريدة بن الحصيب الأسلمى، 975، صحيح
  5. صحيح مسلم , مسلم، أبو هريرة، 971، صحيح
  6. الصحيح المسند , الوادعي، بشير بن معبد بن الخصاصية، 187، صحيح
  7. al-maktaba.org , حكم زيارة القبور للنساء , 26/08/2021
  8. صحيح البخاري , البخاري، أنس بن مالك، 1252، صحيح
  9. صحيح مسلم , مسلم، عائشة أم المؤمنين، 974، صحيح
  10. aliftaa.jo , حكم زيارة النساء للمقابر , 26/08/2021
  11. al-maktaba.org , حكم السفر من أجل زيارة القبور , 26/08/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *