حكم رش الماء على القبر

حكم رش الماء على القبر مما يتساءل عنه العبد المسلم عند زيارة القبور، ولأن الشرع الإسلامي لم يترك أمرًا بلا دليل، فقد وجب الإشارة إلى ذلك، وهذا لأنه عند زيارة القبور يحصل العديد من الأمور التي تحتاج إلى بيان الحكم الشرعي فيها، ولذلك سيتم التعرف في موقع المرجع على حكم زيارة القبور، وحكم رش الماء على القبر، وما حكم زرع الشجر فوق القبر، وما هي آداب زيارة القبور في هذا المقال.

حكم زيارة القبور

إن زيارة القبور سنة مؤكدة في الشرع الإسلامي، وهي من فعل النبي -صلى الله عليه سلم- وقوله؛ وهذا لما فيها من التذكير بالموت، والتذكير بالآخرة، ومن السنة أن يزورها العبد المسلم بخشوع ورغبة في الآخرة، وقصد للاعتبار والذكر، ورحمة للأموات والدعاء لهم؛ وهذا لما ورد عن رسول الله في قوله -صلى الله عليه وسلم-: “زوروا القبورَ فإنَّها تذَكِّرُكمُ الآخرةَ“،[1] حيث كان النبي عليه الصلاة والسلام يزورها بين وقت وآخر؛ وفي أي وقت شاء، في الليل والنهار يزورها ويدعو للأموات ويقول: “السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، يغفر الله لنا ولكم”، فالمؤمن من السنة أن يزور القبور؛ لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ولقوله، ففي كل زيارة للعبد المؤمن زيادة في الاستعداد للآخرة، وحرصًا على القيام بالطاعات على أتم وجه.[2]

شاهد أيضًا: دعاء للميت قصير جدا وجميل مكتوب

حكم رش الماء على القبر

يستحب رش القبر بالماء بعد الدفن، وهذا بإجماع أهل العلم؛ وذكروا علة ذلك: بأن الماء يساعد على تثبيت تراب القبر من أن تنسفه الريح، وذكروا أيضًا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد فعل ذلك عندما دفن ابنه إبراهيم، وقد ذكر الشيخ زكريا الأنصاري: “وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَشَّ الْقَبْرُ بِالْمَاءِ؛ لِئَلَّا يَنْسِفَهُ الرِّيحُ؛ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ بِقَبْرِ ابْنِهِ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ”.

وعليه فإن رش القبر بالماء الأصل فيه أن يكون بعد الدفن مباشرة، ولكن إذا كان هنالك حاجة لفعله ولو بعد مدة؛ فلا حرج في هذه الحال أن يعاد رش الماء على القبر مرة أخرى؛ أما إذا كان الرش بدون سبب، ويقوم به الإنسان عند كل زيارة، فهذا لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من أصحابه، وعليه؛ فإنه لا يشرع فعل ذلك بل هو أقرب إلى البدعة، خاصة إذا ظن الإنسان أن ذلك يفيد الميت أو يخفف عنه أو يروح له في قبره، فكل هذا باطل لا أصل له في الدين الإسلامي.[3]

شاهد أيضًا: حكم زيارة القبور للرجال

حكم زرع الشجر على القبر

لا يجوز غرس الشجر على القبور، ولا أي نوع من الأشجار؛ هذا لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم يأمر أصحابه بذلك، وأما ما فعله رسول الله مع القبرين اللذين أطلعه الله على عذابهما من غرس الجريدة فهذا خاص به وبالقبرين، حيث قال الشيخ ابن باز: “لا يشرع ذلك بل هو بدعة؛ لأن الرسل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما وضع الجريدة على قبرين أطلعه الله سبحانه على عذاب أصحابهما ولم يضعها على بقية القبور، فعلم بذلك عدم جواز وضعها على القبور؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ”، وقال الشيخ محمد ابن إبراهيم: “أما تشجير المقبرة، فهو لا يجوز، وفيه تشبه بعمل النصارى الذين يجعلون مقابرهم أشبه ما تكون بالحدائق، فيجب إزالتها وإزالة صنابير الماء التي وضعت لسقيها ، ويبقى من الصنابير ما يحتاج إليه للشرب وتليين التربة”، وكذلك لا تجوز الكتابة على القبور ولا وضع الزهور، حيث نهى رسول الله عن تجصيص القبور والبناء عليها والقعود عليها والكتابة عليها”.[4]

شاهد أيضًا: ما حكم زيارة القبور للنساء

آداب زيارة القبور

ذكرنا أن زيارة القبور سنة مشروعة، وهذا لأنها تذكر ‏بالموت والآخرة، وفي ذلك ما يحمل على قصر الأمل، والزهد في الدنيا، ولزيارة القبور آداب متعددة منها ما يأتي:[5]

  • ‏السلام على أهلها المؤمنين، والدعاء لهم، لما جاء عن بريدة قال: “كان النبي صلى الله عليه ‏وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر، فكان قائلهم يقول: “السَّلَامُ علَى أَهْلِ الدِّيَارِ، وفي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ،: السَّلَامُ علَيْكُم أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وإنَّا، إنْ شَاءَ اللَّهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ.”.[6]
  • عدم الجلوس عليها، وذلك لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى ‏الله عليه وسلم “لأن يجلِسَ أحدُكم على جَمرةٍ فتحرِقَ ثيابَه، حتَّى تخلُصَ إلى جلدِه، خيرٌ لَهُ من أن يجلِسَ على قبرٍ”.[7]
  • أن لا يمشي بين القبور بنعال سبتية، وهي المدبوغة بالقرظ سميت بذلك لأن شعرها قد سبت عنها.
  • لا يحدد لزيارة القبور يوم معين، وتقييد زيارتها بأوقات مخصوصة على الاستحباب من البدع والمحدثات، فلا تشرع في الأعياد والجمع، وإنما في كل وقت وحين.
  • يحرم عند المقبرة الذبح ولو قُصِد به وجه الله تعالى؛ لأنه لم يرد عن رسول الله.
  • يحرم الصلاة إلى القبور؛ لقوله – صلَّى الله عليه وسلَّم-: “لا تُصلُّوا إلى القبور، ولا تَجلسوا عليها”.[8]
  • يحرم بناء المساجد على القبور؛ فعن عائشة وابن عباس – رضي الله عنهما – قالا: لَمَّا نُزِل برسول اللَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم – طَفِق يَطرح خميصةً له على وجهه، فإذا اغتمَّ بها، كشَفها عن وجهه، فقال – وهو كذلك: “لعنة اللَّه على اليهود والنصارى؛ اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجدَ”.[9]
  • لا يجوز اتِّخاذ القبور عيدًا ومواسم تقصد؛ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول اللَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم -: “لا تجعلوا بيوتَكُم قبورًا، ولا تجعلوا قَبري عيدًا، وصلُّوا عليَّ فإنَّ صلاتَكُم تبلغُني حَيثُ كنتُمْ“.[10]
  • يَحرُم السفر وشدُّ الرحال إلى القبور؛ لقوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: “لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إلى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هذا، وَمَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأقْصَى“.[11]
  • لا يجوز نبْشُ قبور المسلمين؛ قال النووي: “وأمَّا نبْشُ القبر، فلا يجوز لغير سببٍ شرعي باتِّفاق الأصحاب، ويجوز بالأسباب الشرعيَّة”.

ومن هنا نصل إلى ختام مقال حكم رش الماء على القبر، وتوصلنا فيه إلى استحباب الرش عند الدفن وبعده ولو بمدة، وتعرفنا على حكم زيارة القبور في الشرع الإسلامي، ومن ثم حكم زرع الشجر على القبر حيث ورد عدم الجواز ذلك، ومن ثم تطرقنا لآداب زيارة القبور.

المراجع

  1. صحيح ابن ماجه , الألباني، أبو هريرة، 1285، صحيح
  2. binbaz.org.sa , مشروعية زيارة القبور , 08/09/2021
  3. islamqa.info , هل يشرع رش القبر بالماء , 08/09/2021
  4. islamqa.info , لا يشرع غرس الشجر على القبر , 08/09/2021
  5. alukah.net , زيارة القبور , 08/09/2021
  6. صحيح مسلم , مسلم، بريدة بن الحصيب الأسلمى ، 975، صحيح
  7. صحيح أبي داود , الألباني، أبو هريرة، 3228، صحيح
  8. صحيح مسلم , مسلم، أبو مرثد الغنوي، 972، صحيح
  9. صحيح البخاري , البخاري، عبدالله وعائشة، 3453، صحيح
  10. صحيح أبي داود , الألباني، أبو هريرة، 2042، صحيح
  11. صحيح مسلم , مسلم، أبو هريرة، 1397، صحيح

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *