دعاء الاضحية عند السنة الصحيح

دعاء الاضحية عند السنة الصحيح هو ما سيتناوله المقال، فكثيراً ما يبحث النّاس عند إقبال موسم الأضاحي، عن الدّعاء المسنون لذبح الأضحية، والأضحية من أعظم وأهمّ الأعمال الصّالحة الّتي يمكن للمسلم أن يفعلها في عيد الأضحى المبارك، لا فيها من فضائل عظيمة، وخيراتٍ كثيرة، ويساعدنا موقع المرجع على معرفة الدّعاء الصّحيح الّذي سنّه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عند ذبح الأضحية، بالإضافة إلى تعريفنا على بعض الأحكام المتعلّقة بالأضحية.

دعاء الاضحية عند السنة الصحيح

إنّ الأضحية هي من أحبّ الأعمال عند الله تعالى، ولقد ثبت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قد ذبح وضحّى في عيد الأضحى، وأنّه كان يأمر بها ويحثّ عليها، لما فيها من فضائل وخيرات عظيمة، فقد ورد عن السّيّدة عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: “أنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- أَمَرَ بكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ في سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ في سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ في سَوَادٍ، فَأُتِيَ به لِيُضَحِّيَ به، فَقالَ لَهَا: يا عَائِشَةُ، هَلُمِّي المُدْيَةَ، ثُمَّ قالَ: اشْحَذِيهَا بحَجَرٍ، فَفَعَلَتْ: ثُمَّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الكَبْشَ فأضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قالَ: باسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِن مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بهِ”.^[1]

أمّا عن دعاء الأضحية عند السنة الصحيح، فكما تبيّن من الحديث السّابق، أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد قال عندما ذبح أضحيته، بسم الله اللّهم تقبّل من محمّد وآل محمد وأمّة محمد، فهو قد ذبح عن نفسه وأهله وعن أمّته أيضاً، فالمسلم يقول: بسم الله، اللهمّ تقبّل من فلان (أي يقول اسمه) وعن آل فلان، كذلك صحّ عن رسول الله أنّه قال عند ذبح الأضحية بسم الله والله أكبر، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: “ضحَّى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بكبشين أملحين أقرنين، ذبَحَهما بيدِه، وسمَّى وكبَّر، ووضع رجلَه على صَفاحِهما”.^[2] فالمشروع للمسلم التّسمية وسؤال الله القبول، وكذلك يجوز له أن يسمّي ويكبّر، كما ورد عن النّوويّ -رحمه الله- أنّه قال في شرحه للحديث: أن يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى أن يتقبّل منه؛ وقد أشار أهل العلم إلى جواز قول المسلم بعد التّسمية والتّكبير عند ذبح الأضحية، اللهمّ هذا منك ولك اللهمّ تقبّل منّي، والتّسمية واجبة عند الذّبح، فلا تحل ذبيحةٌ، دون أن يذكر اسم الله -تبارك وتعالى- عليها والله أعلم.^[3]

اقرأ أيضًا: الأضحية في عيد الأضحى

ماذا يقال عند ذبح الأضحية

قد تحدّثنا سابقاً عن دعاء الأضحية عند السنة الصحيح، وماذا يجوز للمسلم أن يقول عند ذبح الأضحية في يوم النحر، ولكن ما الّذي ورد أيضاً في السّنّة، وماذا يقال عند ذبح الأضحية؟ فقد ورد عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّه قال: “ضحَّى بكبشينِ أملحَينِ فلمَّا وجَّهَهما قرأ {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ}”.^[4] كما يجوز للمسلم أن يدعو بما يشاء ويريد عند ذبح أضحيته، كأن يقول:

• اللهم تقبّل منّي، وفرّج بها كرباتي، واقضِ بها حاجاتي، واغفر بها ذنوبي، اللهمّ اكتب لي فيها أجراً عظيماً.
• لا إله إلّا أنت سبحانك إنّي كنت من الظّالمين، اللهمّ هذا منك ولك، اللهمّ أوزعني أن أشكر نعمتك الّتي منت بها عليّ وعلى أهلي، وأعنّي يا الله على عبادتك وطاعتك والقيام لك، آمين.
• الله أكبر الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد، اللهمّ ذبحت الأنعام قرباناً لك، وطلباً لعفوك ورضاك، وطلباً للتقرّب منك، أنت العظيم الحليم، ارضّ عنّي واغفر لي ذنوبي، أنت الغفور الرّحيم.
• اللهمّ ربّي، تقبّل منّي ومن أهلي، واجعلها في ميزان حسناتي وميزان حسناتهم، اللهمّ ارزقنا رضاك وعفوك، وزدنا من فضلك، وارحمنا برحمتك، أنت رحمن الدّنيا ورحيم الآخرة.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الأضحية عن الميت

حكم الأضحية في الإسلام

قد ورد معنا في السّطور السّابقة دعاء الأضحية عند السنة الصحيح، حيث ذكرنا الأقوال والأدعية الواردة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في حديثه المبارك، وبعضاً من الأدعية الحسنة الّتي يجوز للمسلم أن يدعو بها، عند ذبح أضحيته، لكن ما هو حكم الأضحية في الإسلام؟ فلقد ذهب أهل العلم إلى قولين، وهما:^[5]

• القول الأوّل: وهو مذهب جمهور العلماء والمذاهب الفقهيّة الشّافعيّة والمالكيّة والحنبليّة في روايةٍ عن أحمد، حيث قالوا إن الأضحية سنّةٌ نبويّةٌ مؤكّدة، حيث ربط أهل هذا القول الأضحية بالإرادة، وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم: “إذا رأيتُم هلالَ ذي الحجَّةِ، وأراد أحدُكم أن يُضَحِّيَ فلْيُمْسِكْ عن شعرِه وأظفاره”.^[6] فالرّسول بيّن في هذا الحديث، أنّ الأضحية ليست واجبة، فمن أراد أن يضحّي فله ذلك، ومن لم يرد ذلك، فلا حرج عليه، ثمّ إنّه قد ورد عن الصّحابة الكرام كأبي بكرٍ وعمر -رضي الله عنهما- أنّهما كانا لا يضحيّان دائماً، خشية أن يظنّ النّاس بأنّ الأضحية واجب.
• القول الثّاني: أنّ الأضحية واجبةٌ على المقتدر، وهو قول بعض أهل العلم، ومذهب أبي حنيفة، والأوزاعيّ واللّيث، وروايةٍ أخرى عن أحمد، واستندوا فيه على قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَنْ وَجَد سَعَةً، فلم يُضَحِّ فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلاَّنا”.^[7] لكنّ الرّاجح من القول هو القول الأوّل والله أعلم.

اقرأ أيضًا: حكم الأضحية في المذاهب الأربعة

آداب ذبح الأضحية

كذلك الخوض في ذكر دعاء الأضحية عند السنة الصحيح يقتضي الحديث عن آداب ذبح الأضحية، فإنّ لذبح الأضحية آداباً وسنناً مستحبّة، وينبغي للمسلم أن يتّبع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في سنّته، وسنذكر تباعاً آداب ذبح الأضحية، وهي:^[8]

• شحذ شفرات الذّبح، أو السّكاكين الّتي ستستخدم للنّحر والّذبح.
• تمرير السّكين عند الّذبح بقوّة ٍلكيلا يكون عسيراً على البهيمة.
• عدم ذبح الأضاحي قبالة بعضها البعض، وعدم شحذ الشّفرات أمامها.
• استقبال الّذابح للقبلة وتوجيه وجه أو عنق أو أطراف البهيمة للقبلة.
• يجب على الذّابح أن يسمّي ويكبّر ثلاثاً عند الّذبح، وأن يذكر اسم صاحب الأضحية.
• الإمساك عند نحر الأضحية حتّى تستكين، وتفيض روحها تماماً من جسدها.
• ترك البهيمة تضطّرب وتنازع عند خروج روحها، وعدم تثبيتها.
• يستحبّ نحر الإبل أي قطع ما تحت عنقه، ويستحبّ ذبح البقر والغنم وهو قطع ما فوق عنقها.
• يستحبّ الدّعاء عند ذبح الأضحية بأحد الأدعية المسنونة أو غيرها.

اقرأ أيضًا: حكم الأخذ من الشعر لمن أراد أن يضحي

كيفية توزيع الأضحية

كما ينبغي ذكر كيفية توزيع الأضحية بعد ذكر دعاء الأضحية عند السنة الصحيح، حيث ورد في السّنّة المباركة أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يقسم أضحيته لثلاثة أقسامٍ متساوية، فيأكل وأهله ثلثها، ويعطي المحتاجين والفقراء من جيرانه، ويعطي الثّلث الأخير للسّائلين، ومن العلماء من اتّبع سنّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في تقسيم الأضحية، ومنهم من قال أن يقسم المسلم أضحيته نصفين، يأكل وأهله نصفاً، ويتصدّق ويوزّع النّصف الآخر على الفقراء ومن أراد من النّاس، والله أعلم.^[9]

اقرأ أيضًا: هل يجوز الاشتراك في ثمن الأضحية ؟ 

ماذا يُستحبّ للمسلم أن يفعل قبل الأضحية

قد ذكرنا دعاء الأضحية عند السنة الصحيح فيما سبق، أمّا هنا فسيتمّ الحديث عن العمل الّذي يستحبّ للمسلم أن يفعله قبل الأضحية، وهذا العمل هو أن يمسك عن أخذ شعر بدنه أو رأسه، وأن يمسك أيضاً عن قصّ أظفاره أو أخذ شيءٍ منها، وهذا ما صحّ عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأمّا من لم يفعل ذلك، فلا يجب عليه إلّا أن يستغفر الله تعالى على مخالفة السّنّة، وأن يتوب إليه، وقال أهل العلم بأنّ أضحيته صحيحةٌ بإذن الله تعالى.^[10]

اقرأ أيضًا: هل يجوز الحلق قبل ذبح الأضحية

شروط الأضحية

إنّ الإسلام قد اشترط عدّة أمورٍ لأضحية العيد، حيث يجب على المسلم أن يراعيها في أضحيته لتكون صحيحة ومقبولةً بإذن الله تعالى، وبعد ذكر دعاء الأضحية عند السنة الصحيح، لا بدّ من ذكر شروط الأضحية:^[11]

• أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام، أي من البقر أو الإبل أو الغنم، قال الله تعالى: {لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}.^[12]
• أن تكون الأنعام خاليةً من العيوب البدنيّة والخلقيّة، وكلّ خطرٍ يهدّد حياتها، كذلك الأمراض والعلل، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحي العوراءُ البيِّنُ عَوَرُها والمريضةُ البيِّنُ مرَضُها والعرجاءُ البيِّنُ ظَلَعُها والكسيرةُ التي لا تُنقِي”.^[13]
• أن تُذبح الأضحية بعد انتهاء صلاة العيد وليس قبلها، فالرّسول قال عمّن ذبح قبل صلاة العيد، أنّه قد ذبح لنفسه، وليس لله تعالى.
• أن يعيّن المضحّي نيّته عند الذبح، فتعيين النّيّة شرطٌ لصحّة الأضحية، وواجبٌ عل المضحّي لتكون الأضحية قربةً لله سبحانه.
• أن تكون الأضحية ملكاً خاصّاً للمضحّي، وليست مسروقةً أو مغصوبةً، أو فيها حقٌّ لأحدٍ غير الله تعالى.
• أن تكون الأضحية قد بلغت السّنّ الشّرعيّة ليجوز ذبحها، وهي ستّة أشهرٍ للضأن، وسنتان للبقر، وسنةٌ للغنم وخمس سنواتٍ للإبل، والله أعلم.

اقرأ أيضًا: هل يجوز ذبح الأضحية في بلد آخر

أفضل وقت لذبح الأضحية

تحدّثنا فيما سبق عن دعاء الأضحية عند السنة الصحيح، كما ذكرنا شروط الأضحية، وأحد الشّروط ينصّ على الوقت الصّحيح لذبح الأضحية، وهو بعد انتهاء صلاة العيد، ويمتدّ وقت الّذبح حتّى غروب شمس اليوم الثّالث عشر من ذي الحجّة، أي أنّ أيّام النّحر أربع، يوم الأضحى وثلاثة أيام بعده، لكنّ الوقت الأنسب والأفضل، هو أن يذبح المسلم مباشرةً بعد انتهائه من صلاة العيد، فلقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يذبح أضحيته بعد صلاة العيد مباشرةً، ويجوز للمسلم أن يذبح أضحيته في غير هذا الوقت، سواءً كان ليلاً أو نهاراً، وكلّما عجّل بذبحها كان أفضل وأكثر فضلاً وخيراً، ومن ذبح أضحيته بعد غروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجّة، لم تصحّ أضحيته، والله أعلم.^[14]

وفي ختام مقال دعاء الاضحية عند السنة الصحيح لا بدّ من التّذكير بأنّ الأضحية من الشّعائر الإسلاميّة العظيمة، وأنّ فضلها كبيرٌ وخيرها كثير، وعلى المسلم أن يتحرّى كل ّالطّاعات والأعمال الّتي تقرّبه من الله تعالى وترفع درجاته عنده.