الدعاء عند ذبح الاضحية والادعية الواردة عند الذبح

الدعاء عند ذبح الاضحية والادعية الواردة عند الذبح أقوالٌ سنها النّبيّ المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم- ليردّدها المسلمون عند ذبح الأضاحي، فمع اقتراب موعد عيد الأضحى المبارك، لا بدّ للمسلم أن يلمّ بأحكام الأضحية إن أراد أن يضحّي لله تعالى في العيد، ويهتمّ موقع المرجع بمعرفة أحكام الأضحية ومفهومها، والحديث عن الدّعاء الوارد في السّنّة المباركة عند الّذبح، كذلك معرفة فضل الأضحية وشروطها وآدابها.

تعريف الأضحية وأحكامها

قبل بدء الحديث عن الدعاء عند ذبح الاضحية والادعية الواردة عند الذبح، يجدر بنا الحديث عن مفهوم الضّحيّة وتعريفها، وذكر بعض أحكامها الهامّة والرّئيسيّة، ومفهوم الضّحيّة في لغةً: هي كلّ البهائم من الأنعام الّتي يذبحها المسلمون في عيد الأضحى بأيّامه الأربعة، فيضحّي بها، أمّا تعريفها اصطلاحاً وشرعاً: فهي البهائم الّتي يضحّي بها المسلم فينحرها أو يذبحها، بنيّة التّقرّب لله سبحانه وتعالى فيها، وتعدّ قرباناً لله تعالى لنوال الأجر والرّضا منه تبارك وتعالى،  وهي من الشّعائر الإسلاميّة العظيمة، ولقد أفاد أهل العلم بالإجماع على مشروعيّة الأضاحي، ونُقل ذلك عن ابن قدامة وابن دقيق العيد وابن حجرٍ والشّوكاني، أمّا عن حكم الأضاحي فقد ذهب جمهور العلماء إلى أنّ الأضحية سنّةٌ مؤكّدة على المسلمين، وأيّد هذا القول الكثير من الفقهاء والعلماء المسلمين، وتعلّق حكم الأضحية برغبة العبد وإرادته، فإن أراد أن يضحّي فله ذلك، وإن لم يرد، لن يكون عليه حرجٌ ولا بأس، فقد روت أمّ سلمة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- فقالت: “إذا دخلَ العَشرُ وأرادَ أحدُكم أن يضحِّيَ فلا يمسَّ من شعرِهِ ولا بَشَرِهِ شيئًا”.[1] وقد بيّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم في غير حديثٍ طريقة وآداب ذبح الأضحية، والله أعلم.[2]

الدعاء عند ذبح الاضحية والادعية الواردة عند الذبح

قد عرّفنا سابقاً الأضحية وبيّنّا مفهومها وحكمها، لكن ما هو الدعاء عند ذبح الاضحية وما هي الادعية الواردة عند الذبح في السّنّة المباركة، وقبل الإجابة عن هذين السّؤالين، يجب علينا أن نتحدّث عن حكم الدّعاء عند الذّبح، فكما ورد عن أهل العلم، أنّ الدّعاء عن الذّبح سنّةٌ نبويّةٌ مباركة، وهو من آداب ذبح الأضحية، وليست واجباً أو شرطاً من شروط صحّة الأضحية، فإن لم يدعُ المسلم عند الذّبح فليس عليه حرجٌ ولا باسٌ بإذن الله تبارك وتعالى، لكنّ الدّعاء واتّباع ما فعله الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- هو أفضل وأولى من تركه، فيكسب به المسلم أجر الدّعاء وأجر اتّباع السّنّة الشّريفة، أمّا عن الدعاء عند الذّبح وما ورد في السّنّة المباركة فهو قول: بسم الله والله أكبر، اللهمّ هذا منك ولك هذا عنّي، وإن كان قد ذبح لنفسه وغيره، فيقول هذا عني وعن فلان.

وممّا ورد من دعاء رسول الله، ما روته عائشة رضي الله عنها: “أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَمَرَ بكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ في سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ في سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ في سَوَادٍ، فَأُتِيَ به لِيُضَحِّيَ به، فَقالَ لَهَا: يا عَائِشَةُ، هَلُمِّي المُدْيَةَ، ثُمَّ قالَ: اشْحَذِيهَا بحَجَرٍ، فَفَعَلَتْ: ثُمَّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الكَبْشَ فأضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قالَ: باسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِن مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بهِ”.[3] كذلك قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: ” شَهدتُ معَ النَّبِيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلم الأضحى بالمصلَّى فلمَّا قضى خطبتَهُ نزلَ عن منبرِهِ فأتى بِكبشٍ فذبحَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليه وسلم بيدِهِ وقالَ بسمِ اللَّهِ ، واللَّهُ أَكبرُ ، هذا عنِّي وعمَّن لم يضحِّ من أمَّتي”.[4] كما روى أنس بن مالك رضي الله عنه: ” أن نبيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضحَّى بكبشيْن أقرنيْن أملحيْن ، يطؤُ على صِفاحِهما ويذبحُهما ، ويسمِّي ويكبرُ”.[5] ونجد من الأحاديث النّبويّة أنّ ما يقال عند الذّبح هو البسملة والتّكبير، وما زاد على ذلك مستحبٌّ ولا بأس فيه بإذن الله  تبارك تعالى، والتّسمية على الّذبيحة قبل ذبحها واجبةٌ كما أفاد أهل العلم، فيدعو المسلم بعد أن يكبّر والله ورسوله أعلم.[6]

شاهد أيضًا: دعاء الاضحية عند السنة الصحيح

هل يجب ذكر اسم المضحي عند الذبح

بعد الحديث عن الدعاء عند ذبح الاضحية والادعية الواردة عند الذبح، وجب علينا أن نجيب عن السّؤال المطروح الّذي يقول، هل يجب ذكر اسم المضحي عند الذبح؟ والإجابة هي أنّه يجب على الذّابح أن يذكر اسم صاحب الذّبيحة، فقد قال الشّيخ ابن عثيمين رحمه الله: أنّ ترك تسمية صاحب الذّبيحة عند الذّبح غير جائز، بل يجب تعيين صاحبها، والتّعميم في الّذبح يبطل الأضحية فلا يصل أجرها، ومن واجب المضحّي أن يحضر ويشهد ذبح ضحيّته على يد من وكّله بذبحها، فيسمّي الله ويكبّر، ثمّ يقول هذه عن نفسي وعن من يريد التّضحية من أجله كأهله أو أولاده أو زوجته، أو أيّاً كان، وعلى الّذابح أيضاً أن يسمّي الله تعالى ثمّ يكبّر، ومن بعدها يقول هذه عن فلان أي صاحب الذّبيحة، فهذه الطّريقة الصّحيحة والمجزئة.

وقد تطرّق بعض الفقهاء والشّيوخ إلى مسألة الشّركات الّتي تأخذ الهدي من الحجّاج لذبحها توزيعها، وغالباً ما لا تعيّن هذه الشّركات أسماء أصحاب الهدي والذّبائح، وهذا الفعل غير جائز، ومن الممكن لصاحب الذّبائح أن يكتب اسمه بورقةٍ ويعلّقها برقبة ذبائحه، ليقول اسمه الذّابح عند ذبح الضّحيّة، وبذلك يتمّ التّعيين، وتكون الضّحية مجزئةً بإذن الله تعالى، كما يمكن للمسلم الّذي يحجّ في بيت الله الحرام أن يوكّل أناساً ثقات ليذبحوا عنه فيضمن التّعيين في ذبيحته، كذلك يمكنه أن يذهب في مكّة المكرّمة إلى المسلخ فيذبح أضاحيه ويشهد على ذلك فيكون قد تمّ التّعيين فيها وتُقبل بإذن الله تعالى، والله أعلم.[7]

شاهد أيضًا: هل يجوز قص الاظافر في العشر الاوائل من ذي الحجة

آداب ذبح الضحية

قد سنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعضاً من الآداب الّتي ينبغي اتّباعها عن ذبح الأضحية في عيد الأضحى، وذلك إلى جانب الدعاء عند ذبح الاضحية والادعية الواردة عند الذبح في السّنّة المباركة، ونذكر هذه الآداب تباعاً وهي:[8]

  • تحديد الشّفرة أو السّكين المستخدم للذّبح وشحذه جيّداً.
  • تمرير السّكين عند الذّبح بقوّةٍ وتحامل، ليكون أسهل للّذبح.
  • يستقبل الذّابح القبلة ويوجّه الّذبيحة إليها، ويمكن له أن يوجّه عنقها فقط نحو القبلة، أو أن يوجّه جسدها كلّه، أو أن يوجّه قوائمها فقط، وهذه هي الأشكال الثّلاثة المسنونة.
  • إخلاص النّيّة في الّذبح لله سبحانه وتعالى، فيسمّي الله تعالى عند الذّبح، ولا يقول باسم الله ومحمد، أو باسم محمّد، فذلك شركٌ بالله تعالى والعياذ بالله منه، ومن سمّى بغير الله تعالى، فذبيحته باطلةٌ ولا تحلّ إطلاقاً.
  • يستحبّ للإبل النّحر، وهو قطع ما تحت العنق، منطقةٌ تسمّى اللّبة، أمّا الأبقار والأغنام، فيستحبّ لها الذّبح، وهو قطع منطقة البلعوم هي ما فوق العنق، ويجوز التّبديل ما بينهما ولا حرج في ذلك.
  • يستحبّ عند نحر الإبل أن ينحر قائماً على ثلاث، ويكون معقول الرّكبة، أو أن يكون باركاً، أمّا البقر والأغنام، فتربط لها ثلاث قوائم، وتترك الرّجل اليمنى حرّة، ويجب أن تُضجع على يسارها وتُذبح.
  • يجب على الذّابح عند الّذبح والنّحر أن ينتظر حتّى تخرج الرّوح تماماً من الضّحيّة، ويتركها تنازع روحها وتضطرب، ولا يجب عليه أن يمسكها أو يثبّتها.
  • من واجب الذّابح عند قطع العنق، أن ينتظر موت الضّحيّة تماماً، فلا نزع رأسها كاملاً، ولا يكسر عظمها، أو يسلخ جلدها، أو يزيل شيئاً من أعضاءها.
  • يجب ألّا تُشحذ الشّفرات والسّكاكين أمام الأضاحي، ولا يجب أن تُذبح مقابل بعضها البعض، ويجب أن تُساق الضّحيّة إلى المذبح برفق، وأن يعاملها الذّابح برفقٍ ولين.
  • يستحبّ أن يُعرض الماء على الذّبيحة قبل ذبحها.

شاهد أيضًا: طريقة تقسيم الاضحية

شروط الضحية

قد ورد سابقاً الدعاء عند ذبح الاضحية والادعية الواردة عند الذبح، أمّا فيما يأتي فسيتمّ الحديث عن شروط الضحية، وما يجب أن تكون عليه الأضحية لتكون صحيحةً ومقبولةً ومجزئةً بإذن الله تعالى:[9]

  • أن تكون الضّحيّة من بهيمة الأنعام ومن المعروف عند العرب بأنّ الأنعام هي الأبقار والأغنام والإبل، قال الله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}.[10]
  • أن تكون الضّحيّة قد بلغت السّن المطلوبة في الشّريعة، وهي ستّ أشهرٍ للضأن، وسنتان للبقر وسنةٌ للغنم، وخمس سنواتٍ للإبل، وهذا ما نصّ عليه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم- حيث قال: “لا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعْسُرَ علَيْكُم، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ”.[11]
  • أن تكون الضّحيّة خاليةً من العيوب الخلقيّة والهاهات، والأمراض والأسقام والأخطار، فقد قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ” أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحي العوراءُ البيِّنُ عَوَرُها والمريضةُ البيِّنُ مرَضُها والعرجاءُ البيِّنُ ظَلَعُها والكسيرةُ التي لا تُنقِي”.[12]
  • أن تكون الضّحيّة ملكاً للمضحّي فلا تكون مسروقةً ولا مغصوبةً ولا مأخوذةً بدعوى باطلة، بل يجب أن تكون ممّا نلكه المضحّي، أو ما اشتراه بمالٍ طيّبٍ حلال.
  • ألا تكون في الأضحية حقٌّ لغير الله تعالى، كأن تكون الضّحيّة رهناً لدَين أحدهم، فلا تجزئ بالرّهينة التّضحية، ولا تكون مقبولة.
  • أن يذبح المضحّي الأضحية بعد انقضاء صلاة العيد والانتهاء منها، وأيّام الذّبح نكون في أوّل أيّام عيد العيد وثلاثة ايّامٍ تليه، ويجوز الّذبح في اللّيل والنّهار، ومن ذبح قبل صلاة العيد فلا تجزئ ضحيّته، وعليه أن يذبح غيرها بعد الصّلاة والله أعلم.

شاهد أيضًا: هل يجوز اشتراك الأب والابن في الأضحية؟

فضل الأضحية

بعد التّعرّف على الدعاء عند ذبح الاضحية والادعية الواردة عند الذبح، لا بدّ من معرفة فضل الأضحية في الإسلام، وما ذكر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في فضلها، فهي من القربات العظيمة الّتي يتقرّب بها المسلم من الله -تبارك وتعالى- وأفضل القربات عنده سبحانه هي ذبح الأضاحي، ولقد ذكرها في العديد من المواضع في القرآن الكريم، ليبيّن عظم شأنها، ومكانتها العظيمة في الشّريعة الإسلاميّة، ولقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “ما عمِلَ ابنُ آدمَ من عملٍ يومَ النَّحرِ أحبَّ إلى اللَّهِ من هِراقةِ الدَّمِ وإنَّهُ لتأتي يومَ القيامةِ بقرونِها وأشعارِها وأظلافِها وإنَّ الدَّمَ ليقعُ منَ اللَّهِ بمَكانٍ قبلَ أن يقعَ بالأرضِ فطِيبوا بِها نفسًا”.[13]

وقد رويت بعض الأحاديث الضّعيفة الّتي تفيد بأنّ الأضحية تغفر ذنوب المضحّ جميعها مع أوّق قطرة دمٍ تنزل منها عند الذّبح، وفي الأضحية إحياءٌ لسنّة نبيّ الله إبراهيم عليه السّلام، عندما أمره الله تعالى بذبح ابنه إسماعيل ليكون قرباناً له، فامتثل لأمر الله تعالى، وجزاه الله تعالى بأن ترك له ابنه إسماعيل وفداه بكبشٍ عظيم، كذلك فيها اتّباعٌ لسنّة الرّسول -عليه أفضل الصّلاة والسّلام- ومن ضحّى وذبح لله تعالى، فذلك دليلٌ على تقواه وعظم الإيمان في قلبه وصدقه في عبادة وحبّ الله تعالى، والله أعلم.[14]

شاهد أيضًا: اضحية البقر عن كم شخص

الدعاء عند ذبح الاضحية والادعية الواردة عند الذبح هو ما تحدّث عنه المقال، حيث قدّمنا فيه جميع الأحكام المتعلّقة بالأضحية من فضلٍ ومشروعيّةٍ وحكمٍ وآدابٍ وشروط، وذكرنا الدعاء عن ذبح الاضحية والادعية الواردة في السّنّة المباركة عند الذّبح، عسى أن يكون هذا المقال مصدر نفعٍ وفائدة لجميع المسلمين.

المراجع

  1. صحيح ابن ماجه , الألباني/أم سلمة أم المؤمنين/2565/صحيح
  2. dorar.net , ذَبحُ الأضْحِيَّةِ , 05/06/2024
  3. صحيح مسلم , مسلم/عائشة أم المؤمنين/1967/صحيح
  4. صحيح الترمذي , الألباني/جابر بن عبد الله/1521/صحيح
  5. صحيح النسائي , الألباني/أنس بن مالك/4430/صحيح
  6. islamqa.info , ماذا يقول عند ذبح الأضحية ؟ , 05/06/2024
  7. islamqa.info , يشترط تعيين صاحب الهدي من قبل الوكيل عنه في الذبح , 05/06/2024
  8. islamweb.net , فصل في سنن الذبح وآدابه سواء الأضحية وغيرها , 05/06/2024
  9. islamqa.info , شروط الأضحية , 05/06/2024
  10. سورة الحج , الآية 34
  11. صحيح مسلم , مسلم/جابر بن عبدالله/1963/صحيح
  12. شرح البخاري , ابن الملقن/البراء بن عازب/665/26/صحيح
  13. تخريج مشكاة المصابيح , ابن حجر العسقلاني/عائشة أم المؤمنين/132/2/حسن كما قال في المقدمة
  14. dorar.net , ذَبحُ الأضْحِيَّةِ , 05/06/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *