طريقة حساب نصيب الزوجة من الميراث في الإسلام

طريقة حساب نصيب الزوجة من الميراث في الإسلام هي من أهم المسائل الفقهية التي يجب على جميع المسلمين أن يكونوا على علم بها ودراية بكلّ آراء العلماء في هذا الصدد حتَّى لا يقع الخطأ في توزيع الميراث، وفي هذا المقال سوف يتحدَّث موقع المرجع عن تعريف الميراث والآيات التي ورد فيها ذكر الميراث في القرآن الكريم، وسيتحدث عن مقدار نصيب الزوجة من ميراث زوجها وعن كيفية حساب نصيب الزوجة من الميراث، كما سوف نلقي الضوء على بعض المسائل الفقهية التي تتعلق بموضوع الميراث في الإسلام.

ما هو الميراث

إنَّ الميراث في اللغة هو ما تبقى من شيء ما، وهو المال أو الأشياء الثمينة التي يتركها الإنسان بعد موته، أمَّا في الإسلام فالميراث هو ما يبقى من مال البيت بعد مماته ويكون حقًا للأشخاص المستحقين لهذا المال بحسب ما ورد في ضوابط الشريعة الإسلامية، ويُعرَّف الميراث أيضًا في الشرع بأنَّه المال الذي يصير حلالًا للحيّ من الميت، وقد حرصت الشريعة الإسلامية على ضبط كلِّ الأشياء المتعلقة بالميراث حتَّى لا يكون الميراث سببًا للاختلاف بين الورثة ويكون بابًا يفضي إلى الكثير من النزاعات والخلافات بين المسلمين، وفيما يأتي سوف نضع الآيات القرآنية الكريمة التي تحدثنا عن الميراث في القرآن الكريم.

آيات الميراث في القرآن

لقد ورد الميراث في كثير من آيات الله تعالى، وفيما يأتي نضع بعض الآيات القرآنية التي تحدَّثت عن الميراث: [1]

  • قال تعالى في سورة النساء: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.[2]
  • قال تعالى في سورة النساء أيضًا: {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا * وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا}.[3]
  • قال تعالى في سورة النساء: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا}.[4]

مقدار نصيب الزوجة من ميراث زوجها

حرصتِ الشريعة الإسلامية على تحديد مقدار نصيب الزوجة من الميراث الذي يتركه زوجها الميت بشكل دقيق؛ وذلك من أجل ألَّا يقع المسلمون بالخلافات في توزيع التركة أو الميراث بعد وفاة صاحب المال، ويختلف مقدار نصيب الزوجة من ميراث زوجها بعد وفاته إذا كان للزوج ولد أو لم يكن للزوج ولد، وفيما يأتي نضع احتمالات نصيب الزوجة من ميراث زوجها:

  • إذا كان للزوج ولد: مقدار نصيب الزوجة في هذه الحالة هو الثمن مما ترك الزوج.
  • إذا لم لكن للزوج ولد: مقدار نصيب الزوجة في هذه الحالة هو الربع مما ترك الزوج.

ولا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ هذا المقدار وارد في الشريعة الإسلامية في القرآن الكريم، قال تعالى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم ۚ مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[5] قال الدردير في هذه المسألة الفقهية المهمة للغاية: “والثمن لها أو لهن بفرع لاحق بالزوج من ولد أو ولد ابن ذكرًا أو أنثى منها أو من غيرها”،  وجدير بالقول إنّ هذا التقسيم يُتّبع في حال كان للزوج أكثر من زوجة واحدة، أمَّأ إذا كان للزوج زوجة مسلمة وأخرى كتابية، فإنَّ الإرث تأخذ المسلمة ولا يحلّ للكتابية أن تأخذ شيئًا من مال الزوج. [6]

طريقة حساب نصيب الزوجة من الميراث في الإسلام

إنَّ حساب نصيب الزوجة من الميراث في الإسلام أمر يسير، فبعد النظر فيما إذا كان للزوج المتوفى فرع وارث أو لم يكن له فرع وارث، يتم حساب نصيب الزوجة من الميراث على النحو الآتي:

نصيب الزوجة من الميراث إذا كان للزوج ولد

إذا كان للزوج المتوفّى ولد؛ أي فرع وارث يرثه فإنَّ نصيب الزوجة من ميراث زوجها في هذه الحالة هو الثمن من ماله فقط، فإذا ترك الرجل 1000 ريال سعودي على سبيل المثال، فإنَّ نصيب الزوجة من ميراث زوجها يُحسب على النحو الآتي: 1000 ÷ 8 = 125، أي أنَّ الثمن لها وهو ما يساوي 125 ريال سعودي تُؤخذ من المال الذي تركه المتوفى، والدليل هو قول الله تعالى في سورة النساء: {فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم ۚ مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[5] والله تعالى أعلم.

نصيب الزوجة من الميراث إذا لم يكن للزوج ولد

إذا لم يكن للزوج المتوفى ولد فإنَّ نصيب الزوجة من ميراث زوجها يساوي الربع في هذه الحالة، فإذا ترك المتوفى 1000 ريال سعودي على سبيل المثال، فإنَّ نصيب زوجته من الميراث في هذه الحالة يُحسب على النحو الآتي: 1000 ÷ 4= 250، أي أنّ الثمن أو نصيب الزوجة في هذه الحالة هو 250 ريال سعودي، والدليل قول الله تعالى في سورة النساء: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ}[5] والله تعالى أعلم.

قد يهمّك أيضًا: كيف يوزع الميراث بعد وفاة الأب

نصيب الزوجة الثانية التي ليس لها ولد من الميراث

يتمَّ تحديد نصيب الزوجة الثانية التي ليس لها ولد من ميراث زوجها بالنّظر فيما إذا كان للزوج ولد من بقية أزواجه، فإذا كان له ولد فإنَّ الزوجة الثانية وجميع الزوجات تشتركن في الثّمن من الميراث الذي تركه الزوج المتوفى، وإذا لم يكن للزوج ولد منها أو من غيرها من زوجاته فإنَّ الزوجة الثانية وغيرها من الزوجات يشتركن معًا في الربع مما ترك الزوج المتوفى، فالآية القرآنية الكريمة ذكرت الزوجات بصيغة الجمع ولم تذكر بصيغة المفرد بمعنى أنّ نصيب الزوجة يُوزّع على الزوجات بالتساوي في حال كان للرجل المتوفى أكثر من زوجة، قال تعالى في سورة النساء: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم ۚ مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[5] والعلم عند الله تعالى.

ما هي الحالات التي لا ترث فيها الزوجة

لقد أجمع أهل العلم على أنَّ الزوجة وغيرها ممن يستحقون الميراث لا يرثون إذا وجد فيهم مانع من موانع الميراث في الإسلام، وهذه الموانع ثلاثة وهي القتل أو الأمة أو اختلاف الدين، فإذا شاركت الزوجة في قتل زوجها فإنَّها تُمنع من الأخذ من الإرث الذي خلَّفه وراءه، فهي في هذه الحالة تكون قد وقعت في مانع من موانع الميراث في الإسلام، وإذا كانت الزوجة أمة مملوكة فإنها لا ترث أيضًا، وإذا كانت على غير دين الإسلام فإنَّها أيضًا لا ترث من مال زوجها، وقد جُمعت هذه الموانع الثلاث في بيتين من الشعر، نذكرهما فيما يأتي: [7]

ويمنعُ الشَّخصَ من المِيراثِ      واحدةٌ مــن عِــلَـلٍ ثــلاثِ

رقٌّ وقتلٌ واختلافُ ديــــنِ          فافهمْ فليس الشَّكُّ كاليقينِ

أسباب الميراث في الإسلام

إنَّ للميراث في الإسلام أسبابًا ثلاثة، محصورة هذه الأسباب فيما يأتي:

  • النكاح: عقد النكاح أو الزواج هو سبب من أسباب الميراث، فإذا تمَّ هذا العقد صار الزوج وارثًا من مال زوجته إذا توفيت وصارت الزوجة وارثة من مال زوجها إذا مات.
  • النسب: النسب هو أساس أسباب الميراث، فالإنسان يورث أمه وأباه وأبناءه وإخوته من مال بشروط وضوابط موضوعة في الشريعة الإسلامية.
  •  الولاء: في حال قام الرجل بالإنعام على عبده بالعتق والحرية، فإنه في هذه الحالة يصبح وارثًا لعبده المعتوق لأنه أنعم عليه بالعتق.

قد يهمّك أيضًا: كيفية حساب الميراث بالرياضيات

ما هي شروط الميراث في الإسلام

لقد أجمع أهل العلم من المسلمين على أنَّ شروط الميراث في الإسلام محصورة فيما يأتي:

  • أن يتمَّ التأكد من وفاة الشخص قبل أن يتمَّ توريث ماله للمستحقين.
  • أن يتمَّ التأكّد من أنَّ الوارث ما زال على قيد الحياة قبل إعطائه ماله الموروث.
  • أن يتمَّ التعرف على السبب الذي يعطي الشخص حقَّ الإرث من مال الميت، مثل: النسب والزواج والولاء وغير ذلك.

ما هي موانع الميراث في الإسلام

إنَّ موانع الميراث في الإسلام ثلاثة، إذا وقعت إحداهنَّ في شخص ما فقد مُنع من الميراث ومنع من أخذ إرث أبيه، ومنعت الزوجة أيضًا من أخذ إرث زوجها والأم من إرث ابنها أو أخيها والأخت من الإرث الذي يحل لها، وهذه الموانع هي:

  • الرّقّ: وهو أن يكون الوارث عبدًا أو مملوكًا، والسبب هو أنَّ الرقيق في حال العبودية وهو مملوك فلا يمكن أن يملك شيئًا.
  • القتل: وهو أن يقوم الإنسان بإزهاق روح الإنسان، فإذا أزهق الوارث روح الموروث فليس له من ماله شيئًا.
  • الاختلاف في الدين: يعني أنَّه الوارث لا يرث من الموروث إذا اختلفا في الدين، فالمسلم لا يرث الكافر، والكافر لا يرث المسلم.

الحكمة الإلهية في تقسيم الميراث

إنَّ الله -سبحانه وتعالى- جعل الإنسان خليفة في هذه الأرض، قال تعالى في سورة البقرة: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[8] وقد أمره بأن يكون سببًا في بنائها وإعمارها، وأن تخذ كافة الأسباب ليحافظ على استمرار البشر في هذا العالم، ولمَّا كان المال عصب الحياة الدنيا وأساسها، جعل الله تعالى الميراث حقًا للوارثين من الموروثين، وذلك لكي يستفيدوا من المال الذي تركه من انتهى أجله وصعدت روحه إلى رب العالمين، وقد قامت الشريعة الإسلامية بالتفصيل في كافّة الأحكام التي تتعلق بالميراث منعًا لحدوق النزاعات والخلافات بين البشر، وليكون كلّ شيء واضحًا في هذا الموضوع المهم بالنسبة لجميع الناس.

وتتجلّى حكمة الله رب العالمين في مسألة الميراث في أنَّه أوجب على المورّث أن يكون ماله للوارث، فلا يحق له حرمان أحد الورثة من ماله بعد مماته، ومن حكمته أن قسّم الميراث على أحسن تقسيم، فيكون الأبناء أحق الناس بمال أبيهم بسبب حاجتهم لهذا المال، وعلى هذا الأساس تمَّ التقسيم الإلهي للميراث، والله تعالى أعلم.

إلى هنا نصل إلى ختام هذا المقال الذي عرفنا في مطلعه الميراث ووضعنا بعض الآيات التي تتحدث عن الميراث في الإسلام، ثمَّ سلطنا الضوء على طريقة حساب نصيب الزوجة من الميراث في الإسلام ومررنا على بعض المسائل الفقهية التي تتعلق بالميراث في الإسلام أيضًا وختمنا المقال بالحديث عن الحكمة الإلهية في تقسيم الميراث.

المراجع

  1. wikiwand.com , الإرث في الإسلام , 19/10/2021
  2. سورة النساء , الآية 176.
  3. سورة النساء , الآية 7، 8.
  4. سورة النساء , الآية 11.
  5. سورة النساء , الآية 12.
  6. islamweb.net , نصيب الزوجة من الميراث , 19/10/2021
  7. islamweb.net , امرأة مات زوجها ولم يكن لها نصيب في التركة , 19/10/2021
  8. سورة البقرة , الآية 30.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *