حكم محبة غير الله كمحبة الله

حكم محبة غير الله كمحبة الله هو موضوع هذا المقال، فالله -عزّ وجل- خلق الإنس والجنّ ليعبدوه ويصرفوا له أنواع العبادة كلّها، فالعبادة هي الغاية الأولى من خلق الناس والتي خلقهم الله من أجلها، وهي ليست طقسًا يُمارس بهوى الإنسان وكيفما شاء وأراد، إنّما هي واجبٌ وحقٌّ من حقوق الله على عباده، وهي التي تُنظّم جوانب حياة العباد كلّها، وهي أقوال وأفعال وحركات ظاهرة وباطنة ترتقي بالعبد درجات في الدّنيا والآخرة، وفي هذا المقال يُطلعنا موقع المرجع على حكم صرف حقٍّ من حقوق الله لغير الله كحب العبد للمخلوقات كحبّه لله.

حكم محبة الله

إنّ محبّة الله -سبحانه وتعالى- واجبة على كلّ مسلم ومسلمة، ويجب على كلّ مسلم أن يُحبّ الله من كلّ قلبه، فمحبّة الله من أكبر وأعظم العباداة والقربات إلى الله -سبحانه وتعالى- فهي من أقصر الدروب التي تدفع المسلم إلى حبّ العبادة كلّها، وإن أحب العبد العبادة أقبل على الله بروحه وقلبه وجميع جوارحه، وهي سببٌ أساسي لكي يشعر المسلم بحلاوة الإيمان وجمال طعمه، وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حَلَاوَةَ الإيمَانِ: مَن كانَ اللَّهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا سِوَاهُمَا، ومَن أحَبَّ عَبْدًا لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ عزَّ وجلَّ، ومَن يَكْرَهُ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ، بَعْدَ إذْ أنْقَذَهُ اللَّهُ، منه كما يَكْرَهُ أنْ يُلْقَى في النَّارِ”.[1] ولذلك من واجب المسلم أن يحبّ الله سبحانه.[2]

شاهد أيضًا: ان يعتقد الانسان أن أحد يشارك الله في الخلق والملك والتدبير

حكم محبة غير الله كمحبة الله

إنّ محبة الله أمرٌ واجبٌ لا نقاش فيه، وعلى كلّ مسلم أن يحبّ الله ورسوله، لكن ماذا لو صرف العبد حبًّا لغير الله كحبّه لله، فما حكم محبة غير الله كمحبة الله؟

  • معصيةٌ وشرك، وتعدّ شركًا أكبر.

فمحبّة الله ورسوله لا بدّ أن تكون أعظم محبّة في قلب العبد، فقد قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ}.[3] وقد ورد عن ابن تيمية أنّ من أحب شيئًا غير الله كما يحب الله فهو من المشركين لا المؤمنين، فلا يجوز أن يحبّ المسلم من المخلوقات مثل حبّه لله، والواجب على من فعل ذلك التّوبة والإنابة والاستغفار.[4]

شاهد أيضًا: حكم مراقبة الله تعالى في السر، والعلن

من أنواع الشرك شرك المحبة

بعد معرفة حكم محبة غير الله كمحبة الله أنّها من الشرك، وهي من أنواع الشّرك الأكبر التي لا تُغفر إن مات عليها صاحبها، ولكن لو تاب فإنّ الله يقبل التّوبة، فشرك المحبّة من أنواع الشّرك التي يغفرها الله بقول بعض أهل العلم، وهذه المحبّة هي المقصود من الخلق وهي من أصل دعوة الرّسل، فمحبّة الله أصل التّوحيد والعبادة، ولا يجوز للعبد أن يُشرك بحبّ المعبودية المستلزمة للذل والخضوع والتعظيم وكمال الطاعة.[5]

علامات حب العبد لله

إنّ محبّة الله لا تكون بالقول فقط بل لا بدّ أن يرافقها أفعال وإيمانٌ بالقلب مع القول باللسان، فمن جعل محبّة الله مقصده ومبتغاه ظهرت عليه علامات، ومن علامات حب العبد لله ما يأتي:[6]

  • إن العبد الذي يحبّ الله فسيحب معه رسوله -صلى الله عليه وسلم- فلا تكون محبّة الله من دون محبّة رسوله.
  • محبّة الله تجعل العبد يحب عباد الله الذين يحبّهم الله من الصالحين والأخيار.
  • يرضا من يحب الله بما يرزقه ربّه به، وما يعطيه ويمنعه، فلا يسخط ولا يتأفف ولا يقنط.
  • تدفع محبّة الله لمحبّة كلامه والانشغال بقرآته وتلاوته على الدّوام.
  • يُكثر من يحب الله الأعمال الصالحة والحسنة والأخلاق الحميدة.
  • يكون مُحبّ الله موحّدًا خالصًا لله، يجمع بين أنواع التّوحيد جميعها، ويعبد الله ربّه على أكمل وجه.
  • يتلذّذ بعبادة الله ومناجاته والتذلل بين يديه والتضرّع والتوسل إليه.
  • يشعر من يحبّ الله بالحسرة والنّدامة إذا فاتته طاعة أو تركها كانقطاعه عن صلاة الجماعة أو تفويته لصلاة الفجر أو غير ذلك.

شاهد أيضًا: حكم دعاء غير الله تعالى من الأولياء والصالحين

علامات حب الله للعبد

حكم محبة غير الله كمحبة الله أمرٌ غير جائز وهو يبلغ منزلة الشرك بالله، فمحبّة الله منزلةٌ يتنافس فيها المتنافسون، فمن أحبّ الله يُحبّه الله، ومن يحبّ الله يكون كما ورد في الحديث القدسي، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: “يقولُ اللهُ تعالى: ولا يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أحبَّهُ، فإذا أحببتُهُ كنتُ سمعَهُ الَّذي يسمَعُ بِهِ وبصرَهُ الَّذي يبصرُ بِهِ ويدَهُ الَّتي يبطِشُ بها ورجلَهُ الَّتي يمشي بها، فبي يسمَعُ وبي يُبصِرُ وبي يبطِشُ وبي يسعى، ولئن سألني لأعطينَّهُ، ولئنِ استعاذني لأعيذنَّهُ، وما تردَّدتُ عَن شيءٍ أنا فاعلُهُ تردُّدي عن قَبض نفسِ عَبدي المؤمنِ يَكرَهُ الموتَ وأكرَهُ مَساءتَهُ، ولابد لَهُ منْه”.[7]  فلا يسمع ولا يرى إلا ما يحب الله، ولا يعمل بيده إلا ما يرضاه الله ولا يذهب إلا لما يحبّه الله، ودعاءه مسموع وسؤاله مُعطى، وإنّ الله يحفظه من كلّ الشرور.[8]

شاهد أيضًا: عدد انواع الشرك الاكبر

بهذا نختتم مقالنا حكم محبة غير الله كمحبة الله حيث تعرفنا على الحكم الشّرعيّ لمحبّة أحدٍ كمحبّة الله جلّ وعلا، وتحدّثنا فيه عن حكم محبّة الله تعالى والعلامات الدّالة على حبّه جلّ وعلا، كذلك وردت علامات حبّه الله تعالى لعبادة، وأنواع شرك المحبة.

المراجع

  1. صحيح البخاري , البخاري، أنس بن مالك، 21، صحيح.
  2. ar.islamway.net , محبة الله تعالى , 17/11/2021
  3. سورة البقرة , الآية 165.
  4. islamweb.net , محبة غير الله كمحبة الله شرك , 17/11/2021
  5. islamweb.net , معنى شرك المحبة وحكمه , 17/11/2021
  6. alukah.net , عشر من علامات حب العبد لربه , 17/11/2021
  7. مجموع الفتاوى , ابن تيمية، أبو هريرة، 2/371، أصح حديث روي في الأولياء
  8. islamqa.info , ما هي علامات حب الله للعبد ؟ , 17/11/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *