إسبال الثياب محرم على النساء والرجال معاً

إسبال الثياب محرم على النساء والرجال معاً، جاءَ كتاب الله -سبحانه وتعالى- شاملاً لكافة الأحكام والعبادات الإسلامية، وجاءت سنة رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- مفسرة ومفصلة لكل ما في الكتاب الحكيم، أما المرتبة الثالثة في تفسير أحكام جديدة فهيّ الإجماع، ومن خلال موقع المرجع سنتعرف على معنى إسبال الثوب، وحكمهُ، والأحاديث النبوية الذاكرة له.

معنى إسبال الثوب

الإسبال بمعنى الترك والإرخاء بغرض الكبر والمباهاة، وقد نهى الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الحكيم عن التكبر والخيلاء في القول والفعل، حيث قال -جل علاه- في سورة لقمان على لسانِه: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)[1]، فالاستعلاء على الخلق والتكبر عليهم منهيّ شرعًا، ومن وسائل التكبر والتعالي على الناس التباهي بما جَمُل من الثياب، ومن ذلك ما كان يفعله أهل الجاهلية، فقد كانوا يجرون ثيابهم وراءهم للتباهي بها، وإظهار الغنى الفاحش.

شاهد أيضًا: حكم لبس الأحمر للرجال إسلام ويب

إسبال الثياب محرم على النساء والرجال معاً

روى أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ، ولا يَنْظُرُ إليهِم ولا يُزَكِّيهِمْ ولَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ قالَ: فَقَرَأَها رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- ثَلاثَ مِرار، قالَ أبو ذَرٍّ: خابُوا وخَسِرُوا، مَن هُمْ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: المُسْبِلُ، والْمَنَّانُ، والْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بالحَلِفِ الكاذِبِ)[2]، وتفسيرُ الصنف الأول من الحديث هو:

  • المسبل هو من يطيل ثيابه من باب التكبر والخيلاء والتعجب على الفقراء، وهو فعل بالإجماع حرام، ومن كبائر الذنوب، أما إسبال النساء فقد رخص رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- لهن بإرخاء ذيول ثيابهن شبرًا، استحبابًا، لستر القدمين، ويرخين ذراعًا إن احتجن لذلك، وإسبال النساء جائز بالإجماع، بل هو مشروع لستر القدمين.

ودليلُ ذلك للنساء عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: (يُرْخِينَ شِبْرًا)، فَقَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِفَ أَقْدَامُهُنَّ، قَالَ:” (فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ).

شاهد أيضًا: ما حكم الحج بدون لبس الاحرام

حكم إسبال الثوب

اتفق الفقهاء على حرمة إسبال الثوب بقصدِ  الكِبر والخيلاء، وذلك لثبوت النّهي عنها من حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث روي عنه أنه قال: (مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لم ينظُرِ اللهُ إليه يومَ القيامةِ، فقال أبو بكرٍ: إنَّ أحدَ شِقَّيْ ثوبي يَسْتَرْخِي، إلا أن أتعاهدَ ذلكَ منه؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنكَ لَنْ تَصْنَعَ ذلِكَ خُيَلاء، قال مُوسى: فقُلْتُ لِسَالمٍ: أذَكَرَ عبدُ اللهِ مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ؟ قال: لَمْ أَسْمَعْهُ ذَكَرَ إِلَّا ثَوْبَهُ)[3]، أما إذا كان القصد من إسبال الثّوب غير التكبر والخيلاء، فقد اختلف الفُقهاء في ذلك على عدة أقوال بيانها ما يأتي:

جواز إسبال الثوب

أجاز جمهور أهل العلم، والفُقهاء، بالإضافة إلى أصحاب المذاهب الأربعة في الراجح عندهم إسبال الثوب، استدلالاً بحديث نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم- عندما قال له أبو بكر: (إنَّ أحدَ شِقَّيْ ثوبي يَسْتَرْخِي، إلا أن أتعاهدَ ذلكَ منه؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنكَ لَنْ تَصْنَعَ ذلِكَ خُيَلاءً)[4]، والإيجازُ فيه إن لم يُقصد به التكبر والخيلاء، وذلك بأن النصوص الواردة عن النهي عن إسبال الثياب في الكتاب والسنة إنما كانت محصورة بقصد التكبر، فيكون التحريم مقيدًا بنية من أسبل ثوبهُ، فإن أسبله خيلاء حرم عليه ذلك إجماعًا، وإن أسبله لغير ذلك جاز.

كراهة إسبال الثوب

قال النووي في شرح مسلم: (لا يجوز إسباله تحت الكعبين إن كان للخيلاء، فإن كان لغيرها فهو مكروه، وظواهر الأحاديث في تقييدها بالجر خيلاء تدل على أن التحريم مخصوص بالخيلاء)، وهكذا نص الشافعي على الفرق.

تحريم إسبال الثوب

القول الأخير أن الإسبال محرم مطلقًا، فإن كان خيلاء فهو أشد حرمة، ومن الأدلة الواردة في ذلك:

  • ما رواه عبد الله بن عُمر -رضي الله عنهما-، قال: (كَساني رسولُ اللهِ -صلى اللهُ علَيهِ وسلمَ- حلةً من حلَلِ السِّيَرَاءِ أَهدَاهَا لَهُ فَيروزُ، فَلبِستُ الإِزارَ فَأَغرَقَني طُولا وعرْضًا فَسحَبْتُهُ وَلَبِسْتُ الرِّداءَ، فَتَقَنَّعْتُ بِهِ، فَأَخَذَ رسولُ اللهِ -صلى اللهُ علَيه وسلمَ- بِعاتِقي فقال: يا عبدَ اللهِ بنَ عمرَ، ارفعِ الإزارَ، فَإنَّ ما مَسَّتِ الأرضُ من الْإِزارِ إِلَى ما أسفلَ من الكعبينِ في النارِ قَال عبدُ اللهِ بن محمدٍ فلم أر إنسانًا قطُّ أشدَّ تشميرًا من عبدِ اللهِ بنِ عمرَ).
  • ما رواه الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث قال حُذيفة: (أخذ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- بعَضَلَةِ ساقِي أو ساقِهِ، فقال : هذا مَوْضِعُ الإزارِ، فإن أبيتَ فأسفلُ، فإن أبيتَ فلا حَقَّ للإزارِ في الكعبينِ).

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا إسبال الثياب محرم على النساء والرجال معاً، حيثُ سلطنا الضوء على أوجه التفاوت في حرمانية إسبال الثوب، مع العلم أنه محرم بالإجماع إن كان بقصد التكبر والخيلاء.

المراجع

  1. سورة لقمان , الآية 18
  2. سنن أبي داود , أبو داود، أبو ذر الغفاري، 4087، سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]
  3. صحيح النسائي , الألباني، عبدالله بن عمر، 5350، صحيح
  4. صحيح النسائي , الألباني، عبدالله بن عمر، 5350، صحيح

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *