ماذا تفعل في ايام العشر من ذي الحجة

ماذا تفعل في ايام العشر من ذي الحجة ذات الفضل العظيم، ففيها تكثر الخيرات، وتتضاعف الحسنات، ويستحب فيها الإكثار من الطاعات، وأقسم الله بها في كتابه، وذلك لعظيم شأنها، فلا يقسم العظيم إلا بعظيم، لذلك يهتم موقع المرجع في الحديث عن الأعمال التي يستحب فعلها في ايام العشر من ذي الحجة، كالصيام والتكبير والحج والأضحية وصلاة العيد وسائر الطاعات.

ماذا تفعل في ايام العشر من ذي الحجة

تعد العشر الأوائل من شهر ذي الحجة من أفضل الأوقات وأعظمها عند الله، وفضل العبادة فيها عظيم، فقد أقسم الله تعالى بها وفضلها على غيرها من الأيام، قال تعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}،[1] ومن فضائل هذه الأيام أنها جمعت أمهات العبادات فرضها ونفلها في زمان واحد، من صلاة وصيام وحج، وما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله ‏عليه وسلم: “ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ”،[2] وتتعدد الأعمال الصالحة في العشر من ذي الحجة تبعًا لاختلاف الأيام، واختلاف حال الأفراد من حجيج وغيرهم، ومن الأعمال التي يستحب فعلها في ايام العشر من ذي الحجة:

الصيام

يستحب صيام الأيام التسع الأوائل من ذي الحجة، فقد أخرج أبو داود في سننه، والنسائي في سننه، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ”،[3] وعن حفصة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: “أربعٌ لم يكُنْ يدَعُهنَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: صيامَ يومِ عاشوراءَ والعَشْرَ وثلاثةَ أيَّامٍ مِن كلِّ شهرٍ والرَّكعتَيْنِ قبْلَ الغَداةِ“.[4]

والمراد التسعة الأولى من ذي الحجة، أي يكون الصيام منذ أول ذي الحجة وحتى اليوم التاسع منه، وهو يوم عرفة، وصيام يوم عرفة آكد من صيام باقي الأيام، ويكفر سيئات سنتين سنة سابقة وسنة قادمة، فعن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ“،[5] ولا يصام اليوم العاشر من ذي الحجة، لأن اليوم العاشر يكون عيد يحرم صيامه، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: “نَهَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن صَوْمِ يَومِ الفِطْرِ والنَّحْرِ”.[6][7]

اقرأ أيضًا: فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة

التكبير وذكر الله

يبدأ التكبير منذ بداية شهر ذي الحجة وحتى نهاية اليوم الثالث عشر من الشهر، قال تعالى: {لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ}،[8] أي ايام العشر من ذي الحجة، وقال تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ}،[9] أي أيام التشريق الثلاثة، وقد كان ابن عمر وأبو هريرة رض الله عنهما، يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، وكان عمر بن الخطاب وابنه عبدالله رضي الله عنهما، يكبران في أيام منى في المسجد وفي الخيمة ويرفعان أصواتهما بذلك حتى ترتج منى تكبيرًا، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن جماعة من الصحابة، التكبير في أدبار الصلوات الخمس من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم الثالث عشر من ذي الحجة، وهذا في حق غير الحاج، أما الحاج فيشتغل في حال إحرامه بالتلبية حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر، وبعد ذلك يشتغل بالتكبير.

ويكون التكبير على صورتين؛ التكبير المقيد: هو التكبير الذي يكون بعد الصلوات، ويبدأ التكبير من صباح يوم عرفة، وحتى عصر آخر يوم من أيام التشريق، التكبير المطلق: هو التكبير الذي يبدأ من بداية رؤية هلال ذي الحجة، وينتهي في آخر آيام التشريق، ويكون في كل الأوقات والأماكن، فيمكن أن يكون في الأسواق، والبيوت، والمساجد، وغيرها.[10]

اقرأ أيضًا: فضل صيام يوم عرفة لغير الحاج

الأضحية

الأضحية: هي ما يذبح يوم العيد من الأنعام، بغية التقرب إلى الله تعالى، سواء كانت من الإبل، أو البقر، أو الغنم، أو المعز، وهي سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُضَحِّي بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ويَضَعُ رِجْلَهُ علَى صَفْحَتِهِما ويَذْبَحُهُما بيَدِهِ”،[11] وتذبح الأضحية خلال أربعة أيام من ذي الحجة، وهي يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة، أي منذ اليوم العاشر من بعد صلاة العيد، إلى اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، ويستحب أن تقسم الأضحية إلى ثلاثة أقسام، يتصدق بالأول، ويهدى الثاني، أما الثالث فيكون للمضحي، وأهله.[12]

الحج

الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ”،[13] ويؤدى الحج في ستة أيام من شهر ذي الحجة، وبيانها كما يلي:[14]

  • اليوم الأول: وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، ويسمى بيوم التروية.
  • اليوم الثاني: وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، ويسمى بيوم عرفة.
  • اليوم الثالث: وهو اليوم العاشر من ذي الحجة، ويسمى بيوم النحر، وهو أول أيام عيد الأضحى.
  • اليوم الرابع: وهو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة، ويسمى بيوم القر، وهو ثاني أيام عيد الأضحى، وأول أيام التشريق.
  • اليوم الخامس: وهو اليوم الثاني عشر من ذي الحجة، ويسمى بيوم النفر الأول، وهو ثالث أيام عيد الأضحى، وثاني أيام التشريق.
  • اليوم السادس: وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، ويسمى يوم النفر الثاني، وهو رابع أيام عيد الأضحى، وثالث أيام التشريق.

اقرأ أيضًا: متى يبدأ الحج ومتى ينتهي

صلاة العيد

ثبتت مشروعية صلاة العيد في القرآن الكريم، بقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}،[15] وفي السنة النبوية بما أخرجه البخاري في صحيحه عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: “شَهِدْتُ العِيدَ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأَبِي بَكْرٍ، وعُمَرَ، وعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمْ، فَكُلُّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ قَبْلَ الخُطْبَةِ”،[16] وبإجماع المسلمين، ويكمن فضل صلاة عيد الأضحى في كونها تؤدى في أعظم الأيام عند الله تعالى، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القُرِّ”.[17]

اقرأ أيضًا: هل يجوز صيام يوم الجمعة في عشر ذي الحجة

كثرة الطاعات

إن أيام العشر من ذي الحجة هي أيام فاضلة ويستحب فيها الإكثار من الطاعات، من دعاء، وذكر، وصدقة، وقراءة القرآن، وتدبره، وقيام الليل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما من أيَّامٍ أحبُّ إلى اللَّهِ أن يُتعبَّدَ لَه فيها من عشرِ ذي الحجَّةِ يعدلُ صيامُ كلِّ يومٍ منها بصيامِ سنةٍ وقيامُ كلِّ ليلةٍ  منها بقيامِ ليلةِ القدرِ”، وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: “كان يقالُ في أيامِ العشرِ: بكلِّ يومٍ ألفُ يومٍ ويومُ عرفةَ عشرةُ آلافِ يومٍ”، ويقول الأوزاعي: “بلغني أنَّ العملَ في اليومِ من أيامِ العشرِ ؛ كقدرِ غزوةٍ في سبيلِ اللهِ ، يُصامُ نهارُها ويحرسُ ليلُها، إلا أن يختصَّ امرؤٌ بشهادةٍ”، ويشترك في خير هذه الأيام الحاج وغير الحاج، فالعمل الصالح فيها، أفضل عند الله، وأحب إليه من العمل في غيرها.[18]

اقرأ أيضًا: افضل الاعمال في العشر ذي الحجة

التاسع من ذي الحجة

بعد أن تحدثنا عن ماذا تفعل في ايام العشر من ذي الحجة، سنتحدث عن اليوم التاسع من أيام شهر ذي الحجة، ويسمى بيوم عرفة، وهو يوم عظيم عند الله تعالى، ففي هذا اليوم يقف الحجاج على جبل الرحمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الحجُّ عرفةُ، فمن أدرك عرفةَ فقد أدرك الحجَّ“،[19] وهو اليوم الذي أكمل الله تعالى فيه الدين، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}،[20] وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامه أنه يكفر ذنوب سنتين سنة سابقة وسنة قادمة، فعن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ،  وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ”.[5]

والدعاء في هذا اليوم خير من الدعاء في غيره، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خيرُ الدعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ”،[21] وهو يوم عيد للمسلمين، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يومُ عرفةَ ويومُ النَّحرِ وأيَّامُ التَّشريقِ عيدُنا أهلَ الإسلامِ وهي أيَّامُ أكلٍ وشربٍ”،[22] وهو يوم مغفرة وعتق من النار، فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟”.[23][24]

اقرأ أيضًا: متى يبدأ صيام العشرة من ذي الحجة

العاشر من ذي الحجة

وفي ختام الحديث عن ماذا تفعل في ايام العشر من ذي الحجة، سنتحدث عن اليوم العاشر من ذي الحجة، ويسمى بيوم النحر، وهو تاج هذه الأيام العشر وأفضلها، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القُرِّ”،[25] أي أول أيام عيد الأضحى ثم اليوم الذي يليه، وهذا اليوم يكون بعد عبادة الحج ووقوف الحجيج على جبل عرفة، وقد أقسم الله تعالى بهذا اليوم فيقول: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}،[1] فالشفع هو يوم الأضحى والوتر هو يوم عرفة، ويسمى هذا اليوم بعيد الاضحى لأن المسلمين فيه يتقربون إلى الله بذبح الأضاحي، ونحر الهدي، فينحر الحاج هديه، يقول تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}،[26] أي لينحروا هديهم، وينحر غير الحاج أضحيته، يقول تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}،[25] ونحر الأضحية هي سنة أبينا إبراهيم وولده اسماعيل عليهما السلام، حينما فداه الله بكبش عظيم.[27]

وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا، الذي تحدثنا فيه عن ماذا تفعل في ايام العشر من ذي الحجة، كالصيام والتكبير والحج والأضحية وصلاة العيد وسائر الطاعات، وكذلك تحدثنا عن اليوم التاسع من ذي الحجة، أي يوم عرفة، واليوم العاشر أيضًا، أي يوم النحر.

المراجع

  1. سورة الفجر , الآيات 1-2-3
  2. صحيح البخاري , البخاري، عبدالله بن عباس، 969، صحيح.
  3. سنن أبي داود , أبو داود، بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، 2437، سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح].
  4. صحيح ابن حبان , ابن حبان، حفصة أم المؤمنين، 6422، أخرجه في صحيحه.
  5. صحيح مسلم , مسلم، أبو قتادة الحارث بن ربعي، 1162، صحيح.
  6. صحيح البخاري , البخاري، أبو سعيد الخدري، 1991، صحيح.
  7. islamweb.net , فضل صيام التسع الأول من ذي الحجة , 22/05/2024
  8. سورة الحج , الآية 28
  9. سورة البقرة , الآية 203
  10. binbaz.org , التكبير المطلق والمقيد , 22/05/2024
  11. صحيح البخاري , البخاري، أنس بن مالك، 5564، صحيح.
  12. dorar.net , ذَبحُ الأضْحِيَّةِ , 22/05/2024
  13. صحيح البخاري , البخاري، عبدالله بن عمر، 8، صحيح.
  14. alukah.net , الأيام التي تؤدى فيها مناسك الحج ستة , 22/05/2024
  15. سورة الكوثر , الآية 2
  16. صحيح البخاري , البخاري، عبدالله بن عباس، 962، صحيح.
  17. dorar.net , حُكمُ صَلاةِ العِيدَينِ , 22/05/2024
  18. al-eman.com , فضل العمل الصالح في أيام العشر من ذي الحجة , 22/05/2024
  19. البدر المنير , ابن الملقن، عبدالرحمن بن يعمر الديلي، 6/230، صحيح.
  20. سورة المائدة , الآية 3
  21. تخريج مشكاة المصابيح , الألباني، جد عمرو بن شعيب، 2531، حسن لغيره وهو مرسل صحيح الإسناد.
  22. صحيح أبي داود , الألباني، عقبة بن عامر، 2419، صحيح.
  23. dorar.net , التعريفُ بيومِ عَرَفةَ، والفَرْقُ بين عَرَفةَ وعَرَفاتٍ، وفضائِلُ هذا اليومِ , 22/05/2024
  24. صحيح أبي داود , الألباني، عبدالله بن قرط، 1765، صحيح.
  25. سورة الحج , الآية 29
  26. islamqa.info , فضل يوم النحر , 22/05/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *