من هو صاحب سر الرسول

من هو صاحب سر الرسول هو السؤال الذي سوف نتعرف عليه تاليًا، حيثُ أطلِقَ لقب صاحب سرِّ رسول الله على أحد الصحابة الكرام، وهذا ما حدث مع العديد من الصحابة إذ اختص رسول الله كل واحد منهم بلقب، وسوف نعرف في موقع المرجع من هو أمين سر الرسول ولماذا سمي حذيفة بن اليمان صاحب سر الرسول، ونتعرف على سيرة حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.

من هو صاحب سر الرسول

إنَّ صاحب سر الرسول صلى الله عليه وسلم هو الصحابي حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وأرضاه، وقد عُرِف حذيفة بن اليمان رضي الله عنه بلقب صاحب سر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منذ أن أطلقه عليه الصحابي الجليل أبو الدرداء رضي الله عنه، وذلك عندما ذهب علقمة رضي الله عنه إلى أبي الدرداء رضي الله عنه، وعند ذلك سأله أبو الدرداء رضي الله عنه: ” أليس فيكم صاحب سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ “[١] مشيرًا في هذا القول إلى حذيفة بن اليمان عليهم رضوان الله أجمعين .[2]

اقرأ أيضًا: من هو الصحابي الذي اعطاه الرسول مفتاح الكعبه

لماذا سمى حذيفة بن اليمان صاحب سر رسول الله

إنَّ سبب تسمية حذيفة بن اليمان صاحب سر الرسول هو إسرار رسول الله صلى الله عليه وسلّم إليه بأسماء المنافقين وأنسابهم، بالإضافة إلى إخباره بالفتن التي سوف تواجهها الأمّة وتمرّ بها فيما بعد، وكان ذلك يوم قام حذيفة رضي الله عنه بحماية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من جماعة من الناس حاولوا أن يقتلوه من خلال إسقاطه عن راحلته وهو نائم عليه الصلاة والسلام، فما كان من حذيفة إلا أن منعهم من الوصول إلى الرسول عن طريق رفع صوته بالقراءة حتى أيقظ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فانتبه إلى ذلك، بعد ذلك أخبر حذيفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأسماء الذين حاولوا قتله عندما سأله عنهم، وقد أعلمه رسول الله أنهم منافقون، ولكنه أمره ألا يُطلِع أحدًا على ذلك، وكان سبب ائتمان الرسول صلّى الله عليه وسلّم لحذيفة على ذلك السرّ هو قربه منه،وثقته العالية به ومكانته المتميّزة التي يحظى بها عند رسول الله.[3]

شاهد أيضًا: من هو الصحابي الذي اشار على النبي صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق

من هو حذيفة بن اليمان

الصحابي حذيفة بن اليمان أبو عبد الله، والده حسيل بن جابر بن ربيعة بن عمرو بن جروة بن الحارث بن قطيعة بن عبس، وقد لقب باسم اليمان، أما أمّه فهي الرباب بنت كعب بن عدي بن كعب بن عبد الأشهل، كان حذيفة رضي الله عنه أحد كبار الصحابة رضي الله عنهم، وقد شهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جميع الغزوات والمعارك والمشاهد عدا غزوة بدر، كما عُرِف حذيفة بشدة تقواه وورعه وكثيرة نقله لِأحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد أمَّره عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه على المدائن، توفّي رضي الله عنه في المدائن في عام ست وثلاثين للهجرة وكان ذلك بعد استشهاد عثمان بن عفان رضي الله عنه.[4]

عمر بن الخطاب يسأل حذيفة بن اليمان

كان حذيفة بن اليمان أمين سر الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان عمر بن الخطاب يسأل حذيفة بن اليمان دائمًا عن المنافقين، وكان عمر رضي الله عمه لا يشهد جنازة إذا لم يشهدها حذيفة رضي الله عنه، وبعد أن أمره على المدائن استدعاه حتى ينظر في حاله بعدما تولى أمر الناس وأقبلت عليه الدنيا بالكثير من الأموال والغنائم والثروات هناك، وقد عاد حذيفة رضي الله عنه إلى عمر بالبغلة نفسها التي ذهب بها إلى إمارته، عند ذلك سارع عمر رضي الله عنه باحتضانه قائلًا: ” أنت أخي وأنا أخوك “>[4]

اقرأ أيضًا: من هو الصحابي الذي ختم القرآن في ركعة واحدة

مواقف حذيفة بن اليمان في الجهاد

لقد شارك حذيفة بن اليمان في جميع الغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم عدا غزوة بدر كما سبق، وتوجد العديد من المواقف التي تُظهر جهاد حذيفة رضي الله عنه ومواقفه في سبيل الله والدعوة إليه، وسيتم ذكر بعض تلك المواقف فيما يأتي:[5]

• مشاركة حذيفة رضي الله عنه وأبيه في غزوة أحد، والشجاعة الكبيرة التي أبدياها في القتال لِنيل الشهادة، فنالها أبوه حيث قتله بعض الصحابة خطئا، فقد جرت العادة أن يَعمَد أفراد الجيش إلى ستر وجوههم وحمايتها بما معهم من الدروع في الحرب، وهذا قد يؤدي إلى قتل الجيش بعض الأفراد عن طريق الخطأ، وعندما رأى حذيفة أباه مقتولًا، صاح قائلًا: ” أبي، أبي، إنه أبي “، ولكن الأوان كان قد فات وقتل والده، فتنازل عن ديّة قتل أبيه مُتصدّقًا بها على المسلمين .
• مشاركة حذيفة رضي الله عنه في جميع فتوحات العراق ضد الفرس، وشارك في معركة نهاوند الكبرى التي كان فيها جيش الفرس قرابة مئة وخمسين ألف مقاتل في مواجهة ثلاثين ألف مقاتل من جيش المسلمين .
• من الفتوحات التي كانت على يدي حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فتح بلاد همدان والري والدينور .

شاهد أيضًا: من هو الصحابي الذي أدى فريضة الحج بسرية تامة؟

تعامل الرسول مع أصحابه

كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحسن الناس خلقًا على الإطلاق، وقد كان يظهر ذلك جليًّا وواضحًا في تعامله مع أصحابه الكرام رضوان الله عليهم، وذلك من خلال الحرص على أن يكون إلى جانبهم دائمًا في أفراحهم وفي أحزانهم، وفي قوّتهم وفي ضعفهم، وهذا ما كوَّن علاقةً قويةً تجمعهم به وتدلّ على مدى حبّه لهم وحبهم له صلى الله عليه وسلم، وتوجد العديد من الصور التي تُبرز حسن معاملة الرسول صلّى الله عليه وسلّم مع صحابته، وسيتم ذكر بعض منها فيما يأتي:[6]

منح الألقاب والصفات للصحابة

حرص رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بشكل دائم على تمكين أواصر المحبة والألفة والود مع أصحابه الكرام جميعهم، وذلك من خلال منحهم الألقاب وإطلاق الصفات الحسنة والحميدة عليهم، كوصف الزبير بن العوام بحواري الرسول، ووصف أبي بكر وعمر بوزيرَيه، ووصف أبي عبيدة بن الجراح بأمين الأمّة ووصف حذيفة بن اليمان بلقب أمين سر الرسول وغير ذلك.

مشاركة الطعام والشراب

كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعمل على تعزيز أواصر الصحبة والرفقة مع من حوله من خلال مشاركتهم في المأكل والمشرب والطعام، ودليل ذلك الحديث الذي أخرجه مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنّه قال: ” كُنْتُ جَالِسًا في دَارِي، فَمَرَّ بي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأشَارَ إلَيَّ، فَقُمْتُ إلَيْهِ، فأخَذَ بيَدِي، فَانْطَلَقْنَا حتَّى أَتَى بَعْضَ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَدَخَلَ ثُمَّ أَذِنَ لِي، فَدَخَلْتُ الحِجَابَ عَلَيْهَا، فَقالَ: هلْ مِن غَدَاءٍ؟ فَقالوا: نَعَمْ، فَأُتِيَ بثَلَاثَةِ أَقْرِصَةٍ، فَوُضِعْنَ علَى نَبِيٍّ، فأخَذَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قُرْصًا، فَوَضَعَهُ بيْنَ يَدَيْهِ، وَأَخَذَ قُرْصًا آخَرَ، فَوَضَعَهُ بيْنَ يَدَيَّ، ثُمَّ أَخَذَ الثَّالِثَ، فَكَسَرَهُ باثْنَيْنِ، فَجَعَلَ نِصْفَهُ بيْنَ يَدَيْهِ، وَنِصْفَهُ بيْنَ يَدَيَّ، ثُمَّ قالَ: هلْ مِن أُدُمٍ؟ قالوا: لا إلَّا شيءٌ مِن خَلٍّ، قالَ: هَاتُوهُ، فَنِعْمَ الأُدُمُ هُوَ “.[7]

إدخال السرور والبهجة على قلوب الصحابة

كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدخل البهجة والسرور إلى قلوب أصحابه من خلال مشاركتهم المزاح واللهو ولطيف الكلام، ودليل ذلك مزاحه مع رجل كان اسمه زاهر بن حزام، وقد كان دميمًا، حيث يروي أنس بن مالك رضي الله عنه تلك القصة في الحديث فيقول: ” أنَّ رجلًا من أَهْلِ الباديةِ كانَ اسمُهُ زاهرَ بنَ حِزامٍ ، أو حَرامٍ ، قالَ : وَكانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يحبُّهُ ، وَكانَ دميمًا ، فأتاهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يومًا وَهوَ يبيعُ مَتاعَهُ ، فاحتَضَنَهُ من خلفِهِ وَهوَ لا يبصرُهُ فقالَ : أرسِلني ، مَن هذا ؟ ، فالتفتَ ، فعرفَ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، فجعلَ لا يألو ما ألزقَ ظَهْرَهُ بصَدرِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حينَ عرفَهُ ، وجعلَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ : من يشتَري العبدَ ؟ ، فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ ، إذًا واللَّهِ تَجِدُني كاسدًا ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : لَكِن عندَ اللَّهِ لَستَ بِكاسِدٍ ، أو قالَ : لَكِن عندَ اللَّهِ أنتَ غالٍ “.[8]

مشاركة الصحابة الجوع والألم

كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم- يركز على مشاركة أصحابه الألم ومواقف الشدة والجوع، وقد دعاهم وهم يعانون الجوع في غزوة الخندق إلى الطعام الذي كان قد جهّزه له الصحابي جابر بن عبد الله رضي الله عنه حتى يُشاركوه فيه رغم قلّته، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في ذلك الوقت: ” يا أَهْلَ الخَنْدَقِ، إنَّ جَابِرًا قدْ صَنَعَ لَكُمْ سُورًا فَحَيَّ هَلًا بكُمْ “.[9]

مشاركة الصحابة حل المشاكل

كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يحرص على مشاركة أصحابه في حلول المشاكل التي كانت تواجههم في مختلف مناحي الحياة، وذلك من خلال بث روح التفاؤل في نفوسهم وتبشيرهم بنعيم الآخرة ولذاتها، أو بمشاركة إيجاد الحل معهم عمليًّا، كأمره لِأصحابه بالتّصدق على الصحابي الذي جاء يشتكي دَينه بقوله صلّى الله عليه وسلّم: ” تَصَدَّقُوا عليه، فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عليه، فَلَمْ يَبْلُغْ ذلكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِغُرَمَائِهِ: خُذُوا ما وَجَدْتُمْ، وَليسَ لَكُمْ إلَّا ذلكَ “.[10]

وصلنا إلى نهاية مقال من هو صاحب سر الرسول وقد عرفنا من هو كاتم سر الرسول صلى الله عليه وسلم وعرفنا لماذا لقب حذيفة بن اليمان كاتم سر الرسول كما تعرفنا على السر الذي قاله النبي لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه.