من هو امير الشعراء في العصر الجاهلي

من هو امير الشعراء في العصر الجاهلي ؟ ذلك الشعر الذي بلغ من الشهرة وذيوع الاسم ما لم يبلغه أيّ شاعر آخر عبر التاريخ، حتى صار اسمه علمًا من أعلام الأدب العربي في العصر الجاهلي، وصار طلاب العلم يحفظون قصائده عن ظهر قلب لما فيها من جمال وعذوبة، وفي هذا المقال يتوقف موقع المرجع مع بيان اسم ذلك الشاعر والتعريف بشخصيته، والوقوف على بعض الموضوعات الأخرى المتعلقة به.

شعراء المعلقات

إنّ المعلقات هي سبع قصائد أو عشر على اختلاف الروايات، وذكروا أقوالًا كثيرة في سبب تسميتها بهذا الاسم، فمنهم من قال إنّها سميت بهذا الاسم لأنّها كتبت بماء الذهب وعلّقت على أستار الكعبة، ولكن هذا القول ضعّفه أكثر أهل العلم، ومنهم من قال سميت بهذا الاسم لأنّها تشبه العقود التي تعلق في نحور النساء الحِسان، وقيل سميت بذلك لأنّها سريعة الحفظ والعلوق في القلب، وهذه الأقوال ليس هنالك من جزم بصحّتها،[1] وشعراء المعلقات هم:[2]

  • امرؤ القيس.
  • النابغة الذبياني.
  • زهير بن أبي سلمى.
  • الأعشى.
  • طرفة بن العبد.
  • لبيد بن ربيعة.
  • عمرو بن كلثوم.
  • عنترة بن شداد.
  • الحارث بن حلزة اليشكري.
  • عبيد بن الأبرص.

شاهد أيضًا: من هو عميد الأدب العربي

من هو امير الشعراء في العصر الجاهلي

إنّ أمير الشعراء في العصر الجاهلي هو امرؤ القيس بن حجر الكندي المعروف بالملك الضلّيل أو ذي القروح، وهو شاعر عربي من شعراء الطبقة الأولى في العصر الجاهلي، اسمه الحقيقي جندح بن الحارث الكندي، وامرؤ القيس لقب له، قيل إنّ القيس هو صنم تعبده العرب وتنسب نفسها إليه.[3]

حياة امرئ القيس امير الشعراء في العصر الجاهلي

يعود نسب امرئ القيس إلى قبيلة كندة، كان والده وأعمامه يحكمون العرب، ويدينون بالولاء لملوك حمير في اليمن، كان ينشد الشعر الجيد والعذب الذي يُعد من عيون قصائد الشعر العربي، ولكن نظرًا لتهتّكه في الشعر وقوله الشعر الماجن الذي يصف فيه النساء العاريات فإنّ والده طرده من القبيلة لأنّ تصرفاته لا تليق بابن ملك.[3]

وذات يوم ثار بنو أسد على والده وقتلوه، فعندما بلغ الخبر امرأ القيس قال: “ضيعني أبي صغيرًا، وحملني دمه كبيرًا. لا صحو اليوم ولا سُكْرَ غدًا، اليوم خمر وغدًا أمر”، فجمع حلفاءه من بني تغلب وبكر وأدرك بني أسد وقتل منهم خلقًا كثيرًا، وعندما هرب بنو أسد تبعهم غير أنّ بني بكر وتغلب رفضوا إكمال الحرب معه بدعوى أنّه قد بلغ ثأره، فلمّا رفضوا استأجر رجالًا من قبائل صغيرة وأعطاه أحد الحميريين 500 رجل أدرك بهم ثأره، ولكن بعد هذه الحوادث أرسل المنذر بن ماء السماء يطلب رأس امرئ القيس، فدار على العرب يطلب منهم المدد لقتال جيوش المنذر ولكنّهم رفضوا، ولا سيّما أنّ جيوش المنذر مدعومة من الفرس، ولذلك سمي امرؤ القيس بالملك الضليل.[3]

فهرب إلى قيصر يطلب منه العون والمدد ضد جيوش النعمان، وكان سفره إلى قيصر الروم في القسطنطينية بوساطة من السموءل الشاعر اليهودي المعروف، فعند وصل امرؤ القيس إلى قيصر أكرمه ووافق على إمداده بجيش من البيزنطيين، ولكن يُقال إنّ أحد الحاضرين عند قيصر كان عدوًّا لامرئ القيس فأخبر قيصر أنّ امرأ القيس قد قال شعرًا ماجنًا بابنته، فعندها غضب قيصر وأرسل حلّة فيها سمّ لامرئ القيس، فعندما لبسها أصاب جسده قروح مات بسببها، بينما تشير روايات أخرى إلى أنّ امرأ القيس عاد من القسطنطينية من دون أن يوافق قيصر على طلبه، ولكن في الطريق أصابه الجدري وتقرّح جسده ومات بمكان في مدينة أنقرة التركيّة، ولذلك سمّي بذي القروح.[3]

شاهد أيضًا: من هو الشاعر الذي هجا نفسه وامه وزوجته

معلقة امرئ القيس امير الشعراء

يُجمع الباحثون والدارسون للأدب العربي على أنّ أجود أشعار امرئ القيس هي معلّقته التي يفتتحها بقوله: “قفا نبكِ”، وأمّا سبب نظمها فمُختلفٌ فيه فمنهم من يرى أنّ نظمها كان بسبب حادثة “دارة جلجل” حينما كشف ستر ابنة عمّه “عنيزة” وصويحباتها وهنّ يسبحنَ في الغدير، وقيل غير ذلك، ولكن المهم أنّ المعلّقة تعدّ من قلائد الشعر العربي الجاهلي، ومن القصائد المقدّمة على غيرها من القصائد الجاهلية والعربية عمومًا، وتنقسم إلى عدة أقسام في وصف الليل والحصان والرحلة واللقاء بابنة عمه وحواره معها وغير ذلك من الموضوعات التي تطرّق إليها امرؤ القيس في معلّقته، ومن أبرز ما تطرّق إليه امرؤ القيس في معلقته:[4]

الوقوف على الأطلال

تبدأ معلقة انرئ القيس بالوقوف على الأطلال كعادة الشعراء القدامى في افتتاح قصائدهم، يقول في افتتاح المعلقة:[4]

قِفا نَبْكِ مِنْ ذِكرَى حبيبٍ ومنزِلِ
بِسِقطِ اللِّوى، بينَ الدَّخُولِ، فحَوْمَلِ

فتُوضِحَ فالمِقْراةِ لم يَعفُ رَسْمُها
لَما نَسجَتْها مِن جَنُوبٍ وشَمألِ

رخاءً تَسُحُّ الرّيحُ في جَنَباتِها
كَساها الصَّبا سَحْقَ المُلاءِ المُذَيّلِ

تَرَى بَعَرَ الآرامِ في عَرصَاتِها
وَقيعانِها، كأنَّهُ حَبُّ فُلْفُلِ

كأنّي غَداةَ البَينِ، يَومَ تَحَمَّلُوا
لدَى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنظَلِ

وُقُوفًا بها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهُمْ
يَقولونَ: لا تَهلِكْ أَسًى، وتجَمَّلِ

الحديث على يوم دارة جلجل

يوم دارة جلجل هو اليوم الذي هتك فيه امرؤ القيس ستر عنيزة وصويحباتها حينما سرق ثيابهن وهنّ يغتسلن في الغدير وأجبرهن على الخروج عرايا، ثمّ ركب مع ابنة عمه عنيزة على البعير ودار حديث بينهما، يقول:[4]

أَلا رُبَّ يَومٍ لي مِنَ البِيضِ صالحٍ
ولا سِيّما يومٍ بِدَارِةِ جُلْجُل

وَيومَ عَقَرْتُ للعَذَارَى مَطِيَّتي
فَيا عَجَبًا مِنْ رَحْلِها المتَحَمَّلِ

ويَومَ دَخَلتُ الخِدْرَ، خِدْرَ عُنَيزَةٍ
فقالتْ: لَكَ الوَيلاتُ إنَّكَ مُرْجِلي

تَقولُ، وَقَدْ مالَ الغَبِيْطُ بنا مَعًا:
عَقَرْتَ بَعيرِي، يا امَرأ القيسِ، فانْزِلِ

فقُلتُ لها: سِيري وأَرْخي زِمامَهُ،
ولا تُبعِديني مِنْ جَنَأكِ المُعَلَّلِ

دَعي البَكرَ لا تَرثي لهُ من رِدافِنا،
وهاتي أذِيقينَا جَنَاةَ القَرَنْفُلِ

بِثَغرٍ كَمِثلِ الأُقحُوانِ مُنَوِّرٍ
نَقيِّ الثّنايا أشنَبٍ غَير أثْعَلِ

فمِثلِكِ حُبْلى قدْ طَرَقتُ ومُرْضِعٍ،
فألهَيْتُها عنْ ذي تمائِمَ مُغْيَلِ

إذا ما بكَى من خَلفِها انصَرَفَتْ لَهُ
بِشِقِّ وَتَحتي شِقُّها لم يُحَوَّلِ

وصف الليل

يصف امرؤ القيس الليل الثقيل على الذي ينتظر أمرًا ما، ويصف النجوم والثريا وغيرها، يقول:[4]

ولَيلٍ كَمَوجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدولَهُ
عَليّ بأَنْواعِ الهُمُومِ ليَبتَلي

فَقُلْتُ لَهُ لمّا تَمَطَّى بِجَوْزِهِ
وَأَرْدَفَ أَعْجازًا ونَاءَ بكَلْكَلِ

أَلا أَيُّها اللّيلُ الطّويلُ ألا انْجَلِ
بِصُبْحٍ، وما الإصْبَاحُ مِنْكَ بِأَمْثَلِ

فَيا لَكَ مِنْ لَيْلٍ كَأَنَّ نُجُومَهُ
بِكُلِّ مُغَارِ الفَتْلِ شُدّتْ بِيَذْبُلِ

كأنّ الثُّرَيّا عُلّقَتْ في مَصابِها
بأمراسِ كَتّانٍ إلى صُمّ جَنْدَلِ

وصف رحلة الصيد والخيل

في هذا المقطع من المعلقة يصف امرؤ القيس رحلة الصيد ومتى يطلق إليها ويصف حال فرسه وسرعته وقوته وأصالته وغير ذلك، يقول امرؤ القيس:[4]

وقد أغتَدي والطّيرُ في وُكُناتِها
بمُنجَردِ قَيْدِ الأوابِدِ هَيْكَلِ

مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعًا
كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ

كُمَيتٍ يَزِلُّ اللِّبْدُ عن حاذِ مَتْنِهِ
كَمَا زَلَّتِ الصّفْوَاءُ بِالمُتَنَزِّلِ

على العَقْبِ جَيَّاشٍ كأَنَّ اهْتِزامَهُ
إذا جاشَ فيهِ حَمْيُهُ غَلْيُ مِرْجَلِ

مِسَحٍّ إذا ما السَّابِحَاتُ على الوَنَى
أَثَرْنَ غُبَارًا بالكَدِيدِ المُرَكَّلِ

يُزِلُّ الغُلامَ الخِفَّ عَنْ صَهَواتِهِ
ويُلْوي بأَثوابِ العَنيفِ المُثَقَّلِ

دَريرٍ كَخُذْرُوفِ الوَليدِ أَمَرَّهُ
تَتابُعُ كَفَّيْهِ بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ

لَهُ أَيْطَلا ظَبْيٍ وَساقَا نَعَامَةٍ
وإرْخَاءُ سِرْحانٍ وتَقْرِيبُ تَتْفُلِ

ضَليعٍ إذا استدبَرْتَهُ سَدَّ فَرجَهُ
بِضَافٍ فُوَيقَ الأرضِ لَيسَ بِأَعْزَلِ

كأنّ سَراتَهُ لدَى البَيتِ قَائمًا
مَداكُ عَرُوسٍ أَوْ صَلايَةُ حَنْظَلِ

كأنّ دِماءَ الهادِيَاتِ بِنَحْرِهِ
عُصارَةُ حِنَّاءٍ بِشَيْبٍ مُرَجَّلِ

فَعَنَّ لَنَا سِرْبٌ كَأَنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَوَارٍ في مُلاءٍ مُذَيَّلِ

أَدْبَرْنَ كَالجِزْعِ المُفَصَّلِ بَيْنَهُ
بِجِيْدٍ مُعَمٍ في العَشِيرَةِ مُخَوَلِ

فأَلْحَقَنَا بالهَادياتِ وَدُونَهُ
جواحِرُها في صَرَّةٍ لَمْ تَزَيَّلِ

فَبَاتَ عَلَيْهِ سَرْجُهُ وَلِجَامُهُ
وَبَاتَ بِعَيْنيَ قَائِمًا غَيْرَ مُرْسَلِ

شعر امرئ القيس في الغزل

لقد كان امرؤ القيس من أكثر الشعراء قولًا لشعر الغزل في الجاهلية، وله في هذا الميدان شعر كثير منه:[5]

ألا عِمْ صَبَاحًا أيهَا الطلَلُ البَالي
وَهل يَعِمَنْ مَن كان في العُصُرِ الخاليْ

وَهَل يَنعمَنْ إلا سَعِيدٌ مُخَلَّد
قليل الهموم ما يَبيتُ بأوجالِ

وَهَل يَنعمَنْ مَن كان أحدثُ عَهدِه
ثَلاثِينَ شهرًا في ثَلاثَةِ أحوَال؟

دِيارٌ لسَلمَى عَافِيَاتٌ بذِي خَا
لٍ ألَحَّ عَلَيها كُلُّ أسْحَمَ هَطَّالِ

وتحسبُ سلمى لا تزالُ ترى طَلا
من الوَحشِ أوْ بَيضًا بمَيثاءِ مِحْلالِ

وتحسبُ سلمى لا نزالُ كعهدنا
بوَادي الخُزَامى أوْ على رَسِّ أوْعالِ

لَيَاليَ سَلَمى إذْ تُرِيكَ مُنَصَّبًا
وجيدًا كجيد الرئم ليس بمعطالِ

ومن شعره في الغزل كذلك ما ورد في المعلقة وهو قوله:[5]

أفاطمُ مهلًا! بعضَ هذا التدلُّل
وإن كنتِ قد أزمعت صَرْمِي فأجْملي

وإن تك قد ساءتك مني خليقة
فسُلِّي ثيابي من ثيابك تنسل

أغرك مني أن حبك قاتلي
وأنك مهما تأمري القلب يفعل؟!

وما ذرفت عيناك إلا لتضربي
بسهميك في أعشار قلب مقتَّل

وبيضة خدر لا يُرام خباؤها
تمتعتُ من لهو بها غير معجل

تجاوزت أحراسًا وأهوال معشر
عليَّ حِراصًا لو يُسِرُّون مقتلي

أهم شعراء العصر الجاهلي

لقد لمع في سماء الشعر الجاهلي عدد كبير من الشعراء، الذين سطّروا أسماءهم بماء الذهب على جبين الشعر العربي، ومن أشهر من لمع من شعراء العصر الجاهلي إضافة لأصحاب المعلقات هناك:[4]

  • مهلهل بن ربيعة.
  • عامر بن الطفيل.
  • أبو كبير الهذلي.
  • دريد بن الصمة.
  • السموءل.
  • حاتم الطائي.
  • عروة بن الورد.
  • الشنفرى.
  • السليك بن السلكة.
  • تأبط شرًّا.
  • صخر الغي الهذلي.
  • أمية بن أبي الصلت.
  • المرقش الأكبر.
  • المرقش الأصغر.
  • الأفوه الأودي.
  • جذيمة الأبرش.
  • عمرو بن قميئة.
  • علقمة الفحل.
  • المثقب العبدي.
  • المنخل اليشكري.
  • معن بن أوس.
  • النابغة التغلبي.
  • النابغة العدواني.
  • النابغة الغنوي.
  • أوس بن حجر.
  • سويد بن أبي كاهل.
  • قيس بن الخطيم.
  • أم الأغر بنت ربيعة التغلبية.
  • جليلة بنت مرة.
  • الخرنق بنت بدر.
  • ليلى العفيفة.
  • هند بنت أسد الضبابية.
  • هند بنت النعمان.
  • ليلى بنت المهلهل.

شاهد أيضًا: من هو الشاعر المخضرم

شعراء العصر الجاهلي في الغزل

لقد برز من بين شعراء العصر الجاهلي كثير من الشعراء الذين اشتهروا بقول شعر الغزل أكثر من غيره، واختلف هذا الغزل بين العفيف وبين الفاحش، ومن أولئك الشعراء:

  • امرؤ القيس.
  • عنترة بن شداد.
  • المنخل اليشكري.
  • الأعشى.
  • المرقش الأكبر.
  • طرفة بن العبد.
  • زهير بن أبي سلمى.
  • مهلهل بن ربيعة.
  • أبو كبير الهذلي.

شاهد أيضًا: من هو حاتم الطائي ولماذا قيل أكرم من حاتم الطائي

وإلى هنا نصل إلى نهاية مقال من هو امير الشعراء في العصر الجاهلي بعد أن وضّحنا فيه من هو ذلك الشاعر، إضافة إلى الوقوف على حياته والإضاءة على المعلقة التي كتبها والظروف التي كان فيها آنذاك، وأخيرًا وقفنا مع نبذ من أشعاره في الغزل، وختامًا سلّطنا الضوء على أشهر الشعراء الجاهليين عمومًا وفي الغزل خصوصًا.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *