نبذة مختصرة عن صلاح الدين الأيوبي
جدول المحتويات
نبذة مختصرة عن صلاح الدين الأيوبي صاحب السيرة العَطرة، والتي تحتاج منّا لمُجلدات لا لمُختصر في سردها؛ لكن لقيمة الوقت واختصارً وتسهيلًا على قُراء موقع المرجع سنحاول خلال هذا المقال أن نغطي أبرز المراحل في حياة صلاح الدين، عبر موجز مُختصر عن سيرة القائد والمجاهد يوسف بن أيوب، والمعروف بصلاح الدين الأيوبي، صاحب الأمجاد ومُخضع الرقاب وصانع النهضة من بعد الرماد، وفاتح بيت المقدس الذي دنسته الحملات الصليبية لعقود.
نبذة مختصرة عن صلاح الدين الأيوبي
صلاح الدين الأيوبي هو اللقب الذي عُرف به يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدُيني التكريتي، مؤسس الدولة الأيوبية والتي نُسبت إلى اسم أبيه أيوب بن شاذي، وولدَ صلاح الدين بمدينة تكريت بالعراق في العام 532 هجرية الموافق 1138 ميلادية، وهو ابن القائد نجم الدين الذي انتقل بأسرته من العراق حين عُين والي على مدينة بعلبك السورية، ومنها إلى دمشق التي تربى صلاح الدين بين ربوعها في قصر الأمير نور الدين زنكي، وتلاقى علومه بها حيث تبحر في علوم الدين والفقه وعلم التاريخ والأنساب. [1]
بروزه وتفوقه العسكري
مع اكتمال نضج صلاح الدين الأيوبي وبداية ظهور قدراته القتالية ونبوغه العسكري وتفوقه، كانت الدولة العباسية تُنازع الرمق الأخير، حيث تفتت الخلافة إلى دويلات متفرقة، وبدأت الدولة الفاطمية بمصر تُنازعها مُلكها، فبدأت بخلع رداء الدولة العباسية عن مصر وإلباسها الرداء الفاطمي العبيدي الشيعي، وأول ما بدأت به تلك الدولة الفتية هو إلغاء الدعاء للخليفة العباسيين من على منابر المساجد، بالإضافة إلى ألزام الدعاة بالدعاء لحكام الدولة الفاطمية.
انقلاب ضرغام على الوزير شاور
وفي تلك الأثناء برمضان عام 558 ميلادية، قَدمَ إلى الشام الوزير شاور السعدي فارًا من بطش الوزير ضرغام بن عامر اللخمي، الذي انقلب عليه وانتزع منه الوزارة وقتل أبنه، مستغيثًا بالملك نور الدين زنكي طالبًا مساعدته، فأمر نور الدين قائده الشجاع أسد الدين شيركوه بن شاذي عم صلاح الدين بأن يتوجه إلى مصر بجيشه وكان صلاح الدين من بين قوام ذلك الجيش، وكان لنور الدين زنكي من هذه الحملة هدفين، هما مساعدة شاور لكي يستعيد وزارته كونه استغاث به، والهدف الأخر هو تفقد أحوال مصر في ظل الحكم الشيعي ومحاوطة الصليبين لها، ولهذا أوفد إليها قائده أسد الدين شيركوه ليسيطر على أمورها، وكنبذة مختصرة عن صلاح الدين الأيوبي ودوره في هذه الحملة من الممكن أن نصف دوره بالثانوي خلال هذه الفترة.[2]
دور صلاح الدين في الاستلاء على مصر
بعد أن استتب الأمر وأُرجعت الوزارة للوزير شاور بعد قتل ضرغام، توجس خيفة من بقاء جيش شيركوه بمصر فخاف على سلطته؛ فبدأ بمراسلة الصليبين مستعينًا بهم في حصار جيش شيركوه وصلاح الدين، ونتيجة لهذا الحصار والضغط نجح أسد الدين بجيشه الصغير أن ينسحب إلى دمشق، وعندما عاد إلى دمشق أمر نور الدين بتجهيز جيش كبير وعين كالعادة أسد الدين على رأسه بمساعدة صلاح الدين الأيوبي.
بروز نَجم صلاح الدين
وخلال الحملة الثانية على مصر برز دور صلاح الدين بقوة، وذلك خلال المعركة الأولى مع الفاطميين والفرنجة، حيث عينه شيركوه على قلب الجيش الشامي وتولى هو الميمنة، وأبلى صلاح الدين الأيوبي في تلك المعركة بلاءً حسنا وأسر صاحب قيسارية كأحد القادة الصليبين عند مهاجمته لقلب الجيش المسلم، ونال جيش الشام من جيش شاور والفرنجة وأنزل بهم شر هزيمة.
ولاحقًا توالت المنورات بين الفرنجة وجيش أسد الدين بمعاونة ابن أخيه، بأكثر من معركة وموقع أبرزها حصار إسكندرية، ونذكر منها نبذة مختصرة عن صلاح الدين الأيوبي ودوره في الدفاع عنها حين استخلفه أسد الدين عليها، بعد أن تسلل منها آملًا على أن ينقشع الحصار عن المدينة على إثر خروجه وجزء من الجيش منها لملاحقتهم، ولاحقًا استطاع شيركوه عقد صُلح مع عموري الأول قائد الجيش الصليبي على أن يُسلم له المدينة شريطة ألَا يُعاقب أهلها اللذين فتحوا له أبوابها مرحبين.
اقرأ أيضًا: نبذة شخصية جاهزة للنسخ للسيرة الشخصية
صلاح الدين وتأسيس الدولة
في ربيع الأول عام 564 هجرية عاد أسد الدين من دمشق لمصر مرة أخرى؛ نتيجة لتخلف شاور عن دفع الجزية، فسار إليها بجيشه ولمّا عَلمَ الصليبين بهذا أرادوا أن يقطعوا الطريق على جيش شيركوه ومباغتته قبل الوصول لمصر عند السويس، فلمّا فَطن أسد الدين لحيلته فاتجه جنوبًا مجاوزًا الفخ، وليدخل القاهرة في السابع من ربيع الآخر من نفس العام، حينها علمَ الصليبين أن لا وجود لهم بأرض مصر فرحلوا عنها، وأطبق أسد الدين على شاور وقبض عليه في السابع عشر من ربيع الآخر ومن ثم قتله بأمر الخليفة الفاطمي العاضد لدين الله، وعَينهُ العاضد بدلًا منه كوزير على البلاد حتى وفاته.[3]
وبعد وفاة أسد الدين شيركوه أوكل الخليفة الفاطمي الوزارة لصلاح الدين خلفًا لعمه، وبعد توليه الوزارة بشهور حاول بعض الجنود والأمراء الفاطميين اغتياله بتحريض من مؤتمن الخليفة طمعًا في الحكم، والذي قبض عليه صلاح الدين بعد الحادثة وأعدمه ليقوم بقمع وكسر شوكة الثأرين من تابعيه، بالإضافة إلى التخلص من حرص قصر الخليفة العاضد لدين الله واستبدلهم بجنود موالين له.
حصار دمياط
في غرة صَفر عام 565 هجرية بدأ الصليبين بمحاصرة دمياط، فوجه صلاح الدين قادته شهاب الدين محمود وابن أخيه بجماعة من الجنود للدفاع عنها، كما قام بمراسلة نور الدين زنكي برسالة فحواها كالآتي: “إن تأخرت عن دمياط ملكها الإفرنج، وإن سرت إليها خلفني المصريون في أهلها بالشر، وخرجوا من طاعتي، وساروا في أثري، والفرنج أمامي؛ فلا يبقى لنا باقية”، فعلى إثرها بدأ نور الدين بمهاجمة حصون الصليبين على تخوم الشام للتخفيف من ضغطهم على مصر، بالإضافة إلى دفاع حامية دمياط التي دافعت ببسالة عن المدينة مما دفع الصليبين إلى فك الحصار الذي دام قرابة الخمسين يومًا وانسحابهم، فلاحق صلاح الدين فلولهم إلى غزة ودارت بينهم معركة في دير البلح عام 1170 ميلادية، ومن ثم فتح قلعة إيلات.
نهاية الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين
بعد انسحاب الصليبين من مصر وانتصار صلاح الدين في معركة دير البلح، ثُبتت أقدام الزنكيون بمصر أكثر، وأثناء هذه الفترة كانت الدولة الفاطمية تلفظ أنفاسها الأخيرة، فأمر صلاح الدين بالدعاء للخليفة العباسي بدلًا من الخليفة الفاطمي، وبذلك تمكن صلاح الدين من إحكام قبضته على مصر، وهنا نذكر نبذة مختصرة عن صلاح الدين الأيوبي ودوره في إنهاء تواجد الدولة الفاطمية العبيدية بعد حكم استمر قرابة 262 عام، وبدأ الخطوة تلو الخطوة في القضاء على كافة المظاهر الشيعية من عزل قضاة الشيعة، وإلغاء الأذان الشيعي، وأسس المدارس السنية كالمدرسة الناصرية والكاملية.
فتح دمشق وتوحيد مصر والشام
بعد وفاة نور الدين زنكي واستخلاف ابنه الملك الصالح إسماعيل الذي لم يتجاوز إحدى عشر ربيع على حكم دمشق، وطمع الممالك الصليبية بدمشق ومهاجمتها وما حولها، وُضعَ صلاح الدين بين خيارين إحداهما أمرّ من الآخر، فإما أن يهاجم الصليبين من مقر حكمه بمصر وتتعرض مصر لهجمات الصليبين المعادية، وإمّا أن يبسط سيطرته على دمشق ويضمها تحت حكمه ويتجهز لملاقاة الصليبين، بالأخص بعد نقل الصالح إسماعيل لإمارة حلب وتولي مقاليد دمشق كمشتكين كبير الجنود الزنكيون، الذي وضِعَ كوصي على الصالح إسماعيل لكنه سريعًا ما طمع وبدأ يوسع نفوذه، ولهذا السبب تجهز صلاح الدين الأيوبي بجيشه وزحف بتجاه دمشق في الأول من ربيع الأول عام 570 هجرية وأستولى عليها.
بطولات ومعارك صلاح الدين ضد الصليبين
خاض صلاح الدين الأيوبي العديد من المعارك والمناورات بعد إخضاع دمشق لسيطرته نذكر منها بعد المعارك الفاصلة على سبيل الذكر لا الحَصر:
معركة تل الجزر
تلك المعركة التي لحق بجيش الأيوبيين فيها بالهزيمة على يد بلدوين الرابع بن عموري بقيادة مجموعة ضخمة من القادة المخضرمين واللذين شنوا هجوم مفاجئ على جيش صلاح الدين.
معركة حصن يعقوب
بالعام 1179 ميلادية أقدم بلدوين الرابع على بناء جسر فوق نهر الأردن، ولم يأخذ بتحذير صلاح الدين فما كان منه إلّا أن سار بجيشه إلى ببانياس وأستدرج الصليبين وأنقض عليه وأسر كبار فرسانهم.
معركة أرسوف
كانت بالعام 1191 ميلادية أنتصر فيها صلاح الدين على جيش الصليبين بقيادة ريتشارد قلب الأسد، وانتصر فيها المسلون بعد قتال عنيف مع الجيش الصليبي.
معركة حطين
تلك المعركة الأبرز في قتال صلاح الدين ضد الصليبين وكانت في 25 من ربيع الثاني عام 583 هجرية بقرية المجاودة بفلسطين، والتي تحررت على إثرها القدس، وأغلب الأراضي التي استولى عليها الصليبيون كعكا وصيدا وقيسارية وطبرية وعسقلان، بالإضافة إلى الخسائر الفادحة التي تكبدها الصليبيون حيث أُسر كلا من (ملك بيت المقدس، وصاحب الكرك، والكثيرين من قادة الصليبين).
وهناك العديد من البطولات والمعارك الجانبية الأخرى في تاريخ جهاد صلاح الدين الأيوبي ضد الصليبين ولكن لا يسعنا الوقت لذكرها جميعًا وأكتفينا بما ذكرنا.
وفاة صلاح الدين الأيوبي
بعد توقيع معاهدة الرملة من جانب صلاح الدين الأيوبي وريتشارد قلب الأسد، لم يلبث طويلًا صلاح الدين حتى أصيب بالحمى الصفراوية، وبدأ المرض يفتك بجسده، وبعدها بأيام في فجر السابع والعشرون من صفر عام 589 هجرية فاضت روح القائد والمجاهد وسيف الدين والدولة صلاح الدين الأيوبي إلى ربه، وكان فاجعة المسلون به عظيمة فبكاه المسلمون في شتى البقاع، وتم دفع جثمانه بالمدرسة العزيزية بدمشق بجوار الملك نور الدين زنكي.[4]
وبهذا نكون قد ذكرنا نبذة مختصرة عن صلاح الدين الأيوبي وجهاده ضد الصليبين، بدأ من نشأته، مرورًا بدوره البارز في بسط نفوذه على مصر، وتأسيس الدولة الأيوبية، ومعاركه ضد الصليبين حتى فتح بيت المقدس وتحرير الأراضي المسلمة، نهايةً بوفاته.
التعليقات