بعد طواف الوداع هل يجوز المبيت في مكه

بعد طواف الوداع هل يجوز المبيت في مكه سؤالٌ شرعيٌّ متعلّقٌ بفريضة الحجّ، فالحجّ هو زيارة بيت الله الحرام وأداء العديد من المناسك بصفاتٍ مخصوصةٍ عيّنها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وقد أمرنا بأن نأخذها عنه، ونؤدّيها كما أدّاها هو -عليه الصّلاة والسّلام -في حجّة الوداع، ويساهم موقع المرجع في بيان إجابة السّؤال المطروح، وبيان بعض أحكام طواف الوداع في فريضة الحج، كذلك بيان حكم من ترك ركناَ من أركان العمرة.

حكم طواف الوداع

إنّ الله تعالى فرض الحجّ على النّاس وجعل هذه الفريضة ركناً من أركان الإسلام، والّتي أخبرنا عنها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في سنّته المباركة، وجعل الإسلام لهذه الفريضة العظمة، أركاناً وواجباتٍ وسننٍ عديدة، ومن الواجبات التي يُكره للمسلم ترك فعلها في الحجّ هو طواف الوداع، فطواف الوادع واجبٌ عند جمهور العلماء، أي عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة، فقد رُوي عن ابن عبّاس رضي الله عنه أنّه قال: “أُمِرَ النَّاسُ أنْ يَكونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بالبَيْتِ، إلَّا أنَّه خُفِّفَ عَنِ الحَائِضِ”.[1] وبذلك فإنّ من واجب الحاجّ أن يطوف في البيت الحرام قبل خروجه من مكّة مباشرةً، وقد خُفّف ذلك عن الحائض، لأنّ الحيض يمنع عن الطّواف، فالطّواف يحتاج الطّهارة، فلا حرج على الحائض إن لم تطف طواف الوداع وخرجت من مكّة وغادرتها، أمّا طواف الوداع في العمرة، فهو غير واجب، وذلك ما اتّفقت عليه المذاهب الفقهيّة الأربعة، الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة، حيث لم يرد شيءٌ عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يوجب على المسلمين أن يطوفوا طواف الوداع في العمرة قبل الخروج من مكّة المكرمة، والله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: دعاء طواف الوداع للحاج والمعتمر

بعد طواف الوداع هل يجوز المبيت في مكه

بعد طواف الوداع لا يجوز المبيت في مكه، حيث أخبر أهل العلم أنّه لا يجوز للحاجّ أن يطوف طواف الوداع ثمّ يبيت في مكّة المكرّمة، بل عليه أن يكون آخر أعماله في مكّة المكرّمة هو الطّواف في البيت العتيق، وهذا ما أمر به رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حيث قال: “لا ينفِرنَّ أحدٌ حتَّى يَكونَ آخرُ عَهْدِهِ الطَّوافَ بالبيتِ”.[3] فلا يجوز أن يقوم الحاج بطواف الوداع، ثمّ يذهب للتّنزّه أو العمل أو غيرها من الأمور في مكّة المكرّمة، بل من واجبه أن ينفر من مكّة المكرّمة ويخرج منها بعد طواف الوداع مباشرةً، ومن تأخّر بعد طواف الوداع ولم يخرج من مكّة وبقي فيها، لعذرٍ شرعيٍّ كدواعي السّفر وتجهيز معدّاته والأمتعة وغيرها، فلا حرج عليه بذلك بإذن الله تعالى، أمّا من تأخّر دون سببٍ أو عذرٍ شرعيّ، فيجب عليه ذبح شاةٍ فديةً لذلك، أو إعادة الطّواف في البيت الحرام، فذلك مجزئٌ أيضاً بإذن الله تعالى، وإنّ الحكمة من طواف الوداع هي أن يكون آخر ما يراه الحاج و بيت الله الحرام، فترتسم في ذهنه صورةٌ تبقى خالدةً في ذهنه، كذلك من حِكم تشريع طواف الوداع، هو شكر الله تعالى على ما آتى عبده من النّعم، وأن رزقه بزيارة بيته الحرام ونوال الفضل والاجر الجزيل والعظيم، كما أنّه وداعٌ للبيت العتيق بنظراتٍ وعبادةٍ أخيرةٍ فيه، ويعدّ طواف الوداع استئذانٌ من الله تعالى لمغادرة البيت الحرام ومكّة المكرّمة، والله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: حكم تأخير طواف الافاضة مع الوداع

شروط طواف الوداع

بعد طواف الوداع هل يجوز المبيت في مكه هو ما تمّ بيانه في المقال، ولذلك سيتمّ المرور على شروط طواف الوداع، فطواف الوداع واجبٌ على الحاج ومستحبٌّ للمعتمر، إلّا أنّه يرتبط بشروط لابدّ من توافرها حتّى يكون واجباً أو مستحبّاً، وإذا خلّت أحد الشّروط سقط طواف الوداع عن المسلم، ومن تلك الشّروط:[5]

  • على الحاج أن لا يكون من أهل مكّة أو ينوي الإقامة بها بعد انتهاء حجّه، فإن كان من أهل الآفاق وجب عليه طواف الوداع وإن كان من أهل مكّة سقط عنه، فالوداع يكون توديعاً للبيت الحرام وأهل مكّة والمقيمين فيها لا يودّعوه لأنّهم غير مفارقيه.
  • على المرأة أن تكون طاهرة من دم  الحيض والنّفاس، فإن لم تكن كذلك يسقط طواف الوداع عنها، ولو طهرت قبل أن تفارق بنيان مكّة وجب عليها العودة والقيام به.
  • على المسلم أن يحرص على جعل طواف الوداع آخر عهده بالبيت الحرام، فيقوم به بعد انتهاء جميع نسكه.

شاهد أيضًا: هل يجوز تأخير طواف الافاضة مع الوداع

من واجبات الحج

بعد أن عرف القارئ الكريم بعد طواف الوداع هل يجوز المبيت في مكه لا بدّ من أن يتعرّف بواجبات الحجّ وأركانه، حتّى لا يفوت المسلم شيءٌ منها أثناء حجّه، فعليه أن يحرص كلّ الحرص على إتمامها والقيام بها، فالحجّ له أربعة أركانٍ هي الإحرام والطّواف والسّعي والوقوف بعرفة وله سبع واجبات، وهي:

  • الإحرام من الميقات، فعلى المسلم أن يُحرم من الميقات الذي يمرّ عليه، فإن اجاوزه ولم يحرم منه وجب على الحاج دمٌ يذبحه في مكّة، حتّى لو تركه ناسياً أو جاهلاً أو متعمّداً.
  • على الحاج أن يبيت في مزدلفة ليلة يوم النحر، وذلك بعد أن ينصرف من عرفات، وقد أمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بذلك.
  • من واجب الحاج أن يقف بعرفة إلى غروب شمس يوم عرفة، وأن لا ينصرف منه حتّى تغرب الشّمس.
  • المبيت في منى في الليلتين الحادية عشرة والثّانية عشرة، فعليه أن يجتهد بأن يجد لنفسه مكاناً يبيت فيه بمنى، فإن لم يجد سقط عنه هذا الواجب.
  • من الواجبات في الحج رمي الجمرات، ويكون ذلك يوم العيد والسنّة أن تُرمى الجمرات نهار العيد.
  • من واجب الحاج الحلق أو التّقصير، فإن كان له هديٌ ينحر هديه بعد أن يرمي الجمرات، ثمّ يحلق وهذا التّرتيب من السّنة.
  • الواجب السّابع هو طواف الوداع، فإذا فرغ الحاج من كلّ أعمال الحجّ فإنّه يطوف الوداع، وقد أمر به رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فإذا فرغ الحاج من الرّمي وكلّ شيء يطوف بالبيت الحرام سبعاً من غير رمي.

شاهد أيضًا: هل نصلي ركعتين بعد طواف الوداع

ما حكم من ترك ركناً من أركان العمرة

قد يتسائل المسلمون ما حكم من ترك ركناً من أركان العمرة، فأركان العمرة الإحرام والسّعي والطّواف والتّحلل، وحكم من ترك ركناً من أركانها لم يحل من إحرامه حتّى يأتي به، فمن عاد لبلده قبل انتهائه من العمرة يبقى محرماً، ويجب عليه الرّجوع وإتمام أركان عمرته، وعليه أن لا يرتكب في فترة ذهابه لبلده أيّاً من المحظورات التي تُحظر على المُحرم، كمثالٍ عنها قصّ الشّعر أو التطيّب أو الجماع، فلو أتى محظوراً فسد النّسك وفسدت العمرة، وعلى المسلم أن يقضي عمرته عندما يتمكّن من ذلك والله ورسول أعلم.[6]

اقرأ أيضًا: هل يجوز ترك طواف الوداع

ما حكم من ترك ركناً من أركان الحج

إنّ حكم من ترك ركناً من أركان العمرة يختلف عن حكم من ترك ركناً من أركان الحجّ، فمن ترك رمي الجمرات أو أنقصه يكون عليه دم، وهو ذبيحةٌ يذبحها في مكّة للفقراء وذلك بعد أن يتوب إلى الله، فالرّمي لا يُقضى لأنّ وقته يكون قد فات، أمّا لو ترك الحاجّ الطّواف عليه أن يرجع ويطوف وذلك في طواف الوداع أو طواف الإفاضة، وليس للحاج أن يترك الطّواف أبداً، أمّا إن كان الحاج قد أتى أمراً محظوراً من محظورات الإحرام كأن يأتي زوجته، فيكون بذلك عليه دمٌ يذبحه في مكّة والله ورسوله أعلم.[7]

قدّمنا لكم في هذا المقال إجابة سؤال بعد طواف الوداع هل يجوز المبيت في مكه، وبيّنا الإجابة وحكم العلماء فيها، كما عرضنا الكثير من أحكام طواف الوداع كشروطه وحكمه والحكمة منه، وتحدّثنا كذلك عن حكم من ترك ركناً من أركان الحجّ أو أركان العمرة، وعددنا أيضاً واجبات الحجّ، ونرجو للجميع الاستفادة من هذا المقال.

المراجع

  1. صحيح البخاري , البخاري/عبدالله بن عباس/1755/صحيح
  2. dorar.net , حُكْمُ طوافِ الوَداعِ للحاجِّ والمُعتَمرِ , 23/07/2021
  3. صحيح أبي داود , الألباني/عبدالله بن عباس/2002/صحيح
  4. aliftaa.jo , لم نغادر مكة بعد طواف الوداع فما الحكم؟ , 23/07/2021
  5. dorar.net , شُروطُ طَوافِ الوداعِ , 23/07/2021
  6. aliftaa.jo , من ترك ركناً من أركان العمرة لم يحل من إحرامه , 23/07/2021
  7. binbaz.org.sa , كيف يمكن جبر من ترك ركن من أركان الحج , 23/07/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *