هل الغرغرة بالماء والملح تبطل الصيام

هل الغرغرة بالماء والملح تبطل الصيام؟ وما حكم بلع الصائم لريقه بعد المضمضة أو الغرغرة في رمضان؟ حيث يرغب الكثير من الأشخاص في معرفة إجابة هذا السؤال نظرًا لأن أحكام الصيام عادة ما يعيرها المسلمون في كل بقاع الأرض اهتمامًا كبيرًا لعظيم ثواب رمضان وكبر ذنب الإفطار فيه، لذلك سوف يقوم موقع المرجع في هذا المقال بتوضيح حكم الغرغرة بالماء والملح أثناء صيام رمضان.

ما هي الغرغرة؟

على الرغم من أن تلك المفردة لا تعد من المفردات الشائعة إلا أنها مفردة عربية تمامًا يتم التعبير بها عن الأدوية التي تستخدم عن طريق الإيصال لداخل الحلق ثم إخراج الهواء منه لتحريك هذا الدواء السائل بغرض تطهيره هو والفم وإزالة الألم منهما، وبعد أن يتم فعل تحريك الماء في الحلق والمضمضة يتم بصق الدواء مرة أخرى خارج الفم، ويسمى هذا النوع من الأدوية بالغَرُور سواء أكان طبيعيًا أم كيميائيًا لأنه يتم الغرغرة به ولا يتم ابتلاعه.

ما هي الغرغرة؟

شاهد أيضًا: اسباب رائحة الفم الكريهة وكيفية التخلص منها نهائياً

هل الغرغرة بالماء والملح تبطل الصيام؟

إن الفقهاء قد اختلفوا في إجابة هذا السؤال اختلافًا كبيرًا واتخذ كل منهم أدلة قوية في مواجهة الفرق الأخرى، لذلك سوف نقوم فيما يلي بتوضيح أدلة كل فريق ثم ذكر الرأي الراجح منهم الذي اتفق عليه إجماع الأمة الإسلامية:

رأي المالكية في إفساد الغرغرة بالماء والملح للصيام

يرى المالكية أنه لا يجوز للمسلم أن يتغرغر بالماء والملح في نهار رمضان أيًا كانت الأسباب سواء وصل الماء لجوفه أم لم يصل، لأن علة إبطال الصيام عند المالكية هي وصول الماء إلى الحلق مما يعني أنه لدى المالكية يستوي وصول الماء إلى الحلق بوصوله للجوف، لأنه من المتعذر إخراج جميع الماء من الحلق بعد وصوله إليه، مما يعني أن الغرغرة تبطل الصيام عند المالكية.[1]

رأي الحنفية والشافعية في إفساد الغرغرة بالماء والملح للصيام

يرى الحنفية والشافعية أنه يمكن التسامح مع ماء الغرغرة بشرط تأكد الصائم أن لا يتسرب أي من هذا الماء إلى داخل جوفه تنفيذًا لحديث الرسول ﷺ الذي يقول فيه ” وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا ” لذلك فإن الغرغرة عند الحنفية والشافعية لا تبطل الصيام إلا في حالتين وهما:[2]

  • إذا تسرب ماء الغرغرة إلى داخل الجوف،
  • إذا بالغ الصائم في الغرغرة قياسًا على الاستنشاق.

رأي الحنابلة في إفساد الغرغرة بالماء والملح للصيام

يرى فقهاء الحنابلة أن ماء الغرغرة لا يفطر الصائم سواء أبالغ فيه أم لم يبالغ وسواء دخلت قطرات منه إلى الجوف أم لا، واستندوا في ذلك إلى ما يلي:[3]

  • أن الغرغرة تقاس على المضمضة فكما أن ذهاب قطرات من ماء المضمضة لا يفطر فكذلك الغرغرة لا تفطر لأنها أمر علاجي.
  • أن دخول قطرات من ماء الغرغرة إلى الجوف هو أمر لا يمكن التحرز عنه لصعوبته الشديدة وعدم منطقيته، لذلك فيدخل في عموم قول رسول الله ﷺ الذي قال فيه ” إنَّ اللهَ تعالى وضع عن أُمَّتي الخطأَ ، والنسيان ، وما اسْتُكرِهوا عليه”[4].

شاهد أيضًا: علاج البلغم العالق في الحلق والصدر بطرق طبيعية

الرأي الراجح فقهًا في مسألة إفساد الغرغرة بالماء والملح للصيام

إن الرأي الراجح فقهًا هو رأي الحنابلة القائل بأن الغرغرة بهدف العلاج لا تفسد الصيام، وقد أخذ الإجماع الفقهي الحالي برأي الحنابلة استنادًا إلى ما يأتي:[5]

  • إن الرسول ﷺ لم يدع المضمضة مما دل على جوازها للمسلم حتى لو تدافعت أثناءها قطرات من الماء إلى داخل فمه، لذلك فيمكن أن تقاس الغرغرة على المضمضة في حكم الإبطال للصيام من عدمه.
  • قول رسول الله ﷺ الذي قال فيه ” إنَّ هذا الدينَ يسرٌ، ولن يشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبهُ، فسدِّدوا وقارِبوا وأبشِروا ويسِّروا”[6] وهو ما يدل على أنه ينبغي التيسير على المسلمين لا تعقيدهم وتكريههم في الدين، فالغرغرة هي أمر علاجي بحت لا يجوز منع المسلمين عنه أثناء الصيام.
  • أنه إذا أجاز الرسول للصائم الاستنشاق والمضمضة مع إمكانية دخول قطرات ماء إلى الحلق فلئن يجاز للمسلمين إمكانية المداواة من المرض بطرق شبيهة للمضمضة أولى.

شاهد أيضًا: علاج رائحة الفم في رمضان

حكم بلع الصائم لريقه بعد المضمضة أو الغرغرة في رمضان

إذا قام الصائم ببلع ريقه بعد المضمضة أو الغرغرة في رمضان فإن صيامه صحيح ولا يبطل صيامه بهذا الفعل نظرًا لأن الشرع يجيز دائمًا للمسلم الأفعال التي لا يمكن له الاحتراز عنها تنفيذًا لقول رسول الله ﷺ ” إنَّ اللهَ تعالى وضع عن أُمَّتي الخطأَ ، والنسيان ، وما اسْتُكرِهوا عليه”[7] فوجود بعض القطرات من آثار المضمضة أو الغرغرة في لعاب المسلم يعد من قبيل الإكراه الذي لا يمكن للمسلم أن يتجنبه وليس من العادل أن يُحاسب عليه.

حكم بلع المسلم لريقه

لقد قمنا في هذا المقال بتوضيح إجابة سؤال هل الغرغرة بالماء والملح تبطل الصيام؟ حتى يستطيع كل شخص مصاب بمرض في حلقه تلزمه الغرغرة لعلاجه أن يعرف أن هذا الفعل لا يقوم بإفساد صيامه ويقوم بتناول دوائه بلا قلق من ضياع أجر صيام يوم في الشهر المعظم.

المراجع

  1. مواهب الجليل , فصل الصيام صفحة 350
  2. بدائع الصنائع , فصل الصيام صفحة 145
  3. شرح المنتهي , فصل الصيام صفحة 365
  4. صحيح الجامع , الألباني ، عبد الله بن عباس، 1836 ، حديث صحيح
  5. قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي , صفحة 214
  6. صحيح النسائي , الألباني ،أبوهريرة ، 5049 ، صحيح
  7. صحيح الجامع , الألباني ،عبد الله بن عباس ، 1836 ، حديث صحيح

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *