كيف نحقق كمال الحب وكمال الذل في الصلاة

كيف نحقق كمال الحب وكمال الذل في الصلاة هو العنوان الذي سيناقشه هذا المقال، حيث أنّ الصلاة هي الرّكن الثاني من أركان الإسلام، وهي عماد الدّين ذروة سنام الجهاد في سبيل الله، وقد فرضها الله -عزّ وجلّ- كلّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ، وفُرضت على النبيّ محمّدٍ -صلى الله عليه وسلم- في ليلة الإسراء والمعراج، ويهتم موقع المرجع ببيان الكيفيّة التي يمكننا من خلالها أن نحقق الكمـال في الحبّ والكمـال في الذلّ في الصلاة، وكذلك بيان ما هو فضل الخشوع فيها.

الخشوع في الصلاة

قبل كل شيء وقبل الخوض في بيان كيف نحقق كمال الحب وكمال الذل في الصلاة لا بدّ من الحديث عن الخشوع في الصلاة، فالخشوع في الصلاة من أهم أسباب صحّة الصلاة وقبولها، يقول تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُون * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُون}،[1] والخشوع في الصلاة يعني أن يستحضر المصلّي قلبه وعقله وفكره ويضعه بين يدي الله، فلا يشغله شيء حينها عن عظمة الله ورحمته، فيصلّي له حبًّا وتذلّلًا لينال بذلك الرضا والقبول، وقد قال ابن القيّم رحمه الله: “علَّق اللهُ فلاحَ المُصَلِّين بالخشوع في صلاتهم، فدلَّ على أنَّ مَن لم يَخْشَعْ فليس مِن أهل الفلَاح، ولو اعتدَّ له بها ثوابًا، لكان مِن المفلحين”.[2]

شاهد أيضًا: كم عدد واجبات الصلاة

كيف نحقق كمال الحب وكمال الذل في الصلاة

نحقق كمال الحب وكمال الذل في الصلاة من خلال المحافظة والالتزام بأداء الصلاة في وقتها، والاجتهاد في طلب الخشوع، واستحضار عظمة الخالق وتدبر الآيات القرآنية في الصلاة، يقول الله تعالى في سورة المعارج: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُون}.[3] فالصلاة قرّة عينٍ كما كان يراها رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- فالصلاة ليست مجرّد حركاتٍ وقيامٌ بالجوارح، وإنّما هي حضورٌ للقلب وإظهارٌ للحبّ والتذلّل بين يدي الله عزّ وجلّ، فيتحقق بها الراحة والسكينة والطمأنينة، وفيما يأتي نذكر ما قد يعين المسلم على الخشوع في صلاته:[4]

  • اللجـوء إلى أصدقاء الخير ومن يوفّـق للخيـر.
  • الحرص على التجهّز لأداء الصلاة قبل دخول وقتها.
  • الحرص على فعل الطاعات التي تسبق الصلاة، كحضور دروس العلم أو تلاوة القرآن.
  • الصلاة في المسجد مع الجماعة، وإذا صلّى المرء منفردًا حرص على اختيار مكانٍ هادئ وثوب فضفاض ونظيف.
  • الحرص على ملئ النفس من حاجاتها البشرية كالأكل والشرب والحاجة للدخول إلى الحمام.
  • إزالة كل العوائق التي يمكنها أن تشغل المرء في صلاته من جهة القبلة.
  • استشعار عظيم الوقوف بين يدي المولى عزّ وجلّ.
  • استشعار عظيم معاني الألفاظ للصلاة كالتكبير والتسبيح.
  • تدبّر الأدعية التي تقال في الصلاة والآيات التي تتلى فيها.
  • مجاهدة النفس وعدم اليأس.

شاهد أيضًا: من امثلة شعب الايمان المتعلقة بالقلب

أعمال لتحقيق كمال الحب والذل لله في الصلاة

بعد أن تحدثنا عن كيف نحقق كمال الحب وكمال الذل في الصلاة لا بدّ من ذكر الأعمال التي تساعدنا في تحقيق كمال الحب والذل في الصلاة فيما يأتي:[2]

  • استحضار عظمة الخالق والوقوف بين يديه: وذلك لقول الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.[5]
  • تدبر القرآن الكريم وأدعية الصلاة:  وذلك لقول الله تعالى في سورة محمد: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}.[6]
  • النظر موضع السجود: فعن أبي ذر الغفاريّ -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “لا يَزَالُ اللهُ مُقْبِلًا على العبدِ وهو في صلاتِه ما لم يَلْتَفِتْ ، فإذا صَرَف وَجْهَهُ انصرف عنه“.[7]
  • ذكر الموت خلال الصلاة: فقد روي في حديثٍ ضعيف الإسناد عن أبي أيوب الأنصار -رضي الله عنه- قال: “جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال: عِظْني وأوْجِزْ، فقال: إذا قُمتَ في صَلاتِكَ فَصَلِّ صَلاةَ مُودِّعٍ، ولا تَكلَّمْ بكَلامٍ تَعتَذِرُ منه غَدًا، واجْمَعِ الإياسَ ممَّا في يَدِ النَّاسِ“.[8]
  • مجاهدة النفس على الخشوع: قال تعالى في سورة العنكبوت: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}.[9]
  • استشعار ثواب الخشوع: روى عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في الصحيح من الحديث قال: “كُنْتُ عِنْدَ عُثْمانَ فَدَعا بطَهُورٍ فقالَ سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: يقولُ ما مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاةٌ مَكْتُوبَةٌ فيُحْسِنُ وُضُوءَها وخُشُوعَها ورُكُوعَها، إلَّا كانَتْ كَفَّارَةً لِما قَبْلَها مِنَ الذُّنُوبِ ما لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وذلكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ“.[10]
  • تهيئة النفس للصلاة: فقد روت أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في الصحيح من الحديث: “تَحَدَّثْتُ أنَا والْقَاسِمُ، عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حَدِيثًا وكانَ القَاسِمُ رَجُلًا لَحَّانَةً وكانَ لِأُمِّ ولَدٍ، فَقالَتْ له عَائِشَةُ: ما لكَ لا تَحَدَّثُ كما يَتَحَدَّثُ ابنُ أخِي هذا، أما إنِّي قدْ عَلِمْتُ مِن أيْنَ أُتِيتَ هذا أدَّبَتْهُ أُمُّهُ، وأَنْتَ أدَّبَتْكَ أُمُّكَ، قالَ: فَغَضِبَ القَاسِمُ وأَضَبَّ عَلَيْهَا، فَلَمَّا رَأَى مَائِدَةَ عَائِشَةَ، قدْ أُتِيَ بهَا قَامَ، قالَتْ: أيْنَ؟ قالَ: أُصَلِّي، قالَتْ: اجْلِسْ، قالَ: إنِّي أُصَلِّي، قالَتْ: اجْلِسْ غُدَرُ، إنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا صَلَاةَ بحَضْرَةِ الطَّعَامِ، ولَا هو يُدَافِعُهُ الأخْبَثَانِ. [وفي رواية]: عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، بمِثْلِهِ ولَمْ يَذْكُرْ في الحَديثِ قِصَّةَ القَاسِمِ“.[11]

شاهد أيضًا: أجمل دعاء صلاة الظهر مكتوب ومستجاب

حكم تحقيق الخشوع في الصلاة

إنّ بيان كيف نحقق كمال الحب وكمال الذل في الصلاة يدفع إلى ذكر حكم تحقيق الخشوع في الصلاة، فالصلاة فرضٌ على كلّ مسلم، وأمّا الخشوع فيها فقد اختلف فيه العلماء وانقسموا لفريقين:

  • الفريق الأول: قالوا أنّ الخشوع في الصلاة سنّة، وتركه لا يبطلها، وهذا ما اتفق عليه أكثر العلماء.
  • أمّا الفريق الثاني: فقالوا أنّ الخشوع في الصلاة واجبٌ، ولا تصح الصلاة بدون خشوع.

والغالب هو أنّ الصلاة تقبل لو كانت بدون خشوع ولكن يقل أجرها، فبقدر خشوع المصلي يكون أجره، يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “أولُ مما يُحاسبُ عليه العبدُ الصَّلاةُ، فإنْ صَلَحتْ، فقد أفلَحَ وأنجَحَ، وإنْ فَسَدتْ، فقد خابَ وخَسِرَ”،[12] فيجب على المسلم أن يجاهد دائمًا ويسعى في تحقيق الخشوع لينال الأجر والثواب الكبير، وعليه إن أتته أفكار وشواغل أثناء الصلاة أن يبعدها ويصرفها عن فكره ويستحضر قلبه بين يدي الله وأن يسعى للوصول لكمال الحبّ والذلّ ليحقق الخشوع.[13]

شاهد أيضًا: صلاة من الصلوات الخمس المفروضة تقرأ سرا والصلاة التي قبلها جهرا والتي بعدها جهرا

فضل الخشوع في الصلاة

كذلك الخوض في بيان كيف نحقق كمال الحب وكمال الذل في الصلاة يدفعنا إلى ذكر فضل الخشوع في الصلاة، فالخشوع في الصلاة سبب لدخول الجنّة، والخاشعين هم الفائزون والفالحون في الدنيا والآخرة، وهو دليلٌ على صلاح العبد وسلامة قلبه، ومما يحصّله المسلم من الخشوع في الصلاة:[14]

  • الخشوع يورث السكينة للقلوب والطمأنينة والأنس.
  • الخشوع يجعل في قلب المسلم خوفًا ورهبةً من الخالق -عزّ وجلّ-مما يجعله يراقب سلوكه ويحرص على إتقان عبادته.
  • ينال الخاشع الأجر الكبير والثواب العظيم والقرب من الله.
  • كذلك فالخشوع هو أحد أهمّ أسباب القبول في الصلاة.
  • يدفع الخشوع العقوبة عن العبد وكذلك العذاب الأليم في الآخرة.
  • كما يدلّ الخشوع على صلاح العبد وطهارته واستقامته على الصراط المستقيم.

شاهد أيضًا: الإقامة هي الإعلام بدخول وقت قيام الصلاة بذكر مخصوص

وختامًا كيف نحقق كمال الحب وكمال الذل في الصلاة هو الموضوع الذي ناقشه هذا المقال، وعرّف ما هو الخشوع في الصلاة وبيّن الكيفيّة التي يمكننا من خلالها أن نحقق كمال الحبّ والذّلّ في الصــلاة، وكيف نحققه قبل الصلاة، وبيّن حكم تحقيق الخشوع في الصلاة، وفضله.

المراجع

  1. سورة المؤمنون , الآية 1،2
  2. alukah.net , الخشوع في الصلاة , 22/10/2021
  3. سورة المعارج , الآية 34
  4. islamweb.net , كيفية تحقيق الخشوع في الصلاة؟ , 22/10/2021
  5. سورة الزمر , الآية 67
  6. سورة محمد , الآية 24
  7. ضعيف الجامع , الألباني/أبو ذر الغفاري/6345/ضعيف
  8. تخريج المسند , شعيب الأرناؤوط/أبو أيوب الأنصاري/23498/إسناده ضعيف
  9. سورة العنكبوت , الآية 69
  10. صحيح مسلم , مسلم/عثمان بن عفان/228/صحيح
  11. صحيح مسلم , مسلم/عائشة أم المؤمنين/560/صحيح
  12. تخريج العواصم والقواصم , شعيب الأرناؤوط/أبو هريرة/132/9/حديث صحيح بشواهده
  13. islamweb.net , حكم ترك الخشوع في الصلاة , 22/10/2021
  14. alukah.net , فوائد الخشوع في الصلاة , 22/10/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *