هل يجوز للزوجين النوم عاريان

هل يجوز للزوجين النوم عاريان من الأسئلة التي تدور في ذهن الكثير من المسلمين، فالزّواج في الإسلام من أعظم العلاقات وأطهرها، وهو من أكثر العلاقات التي نظّمها الإسلام وشرّع فيها الكثير من الأحكام لتكون سليمة ولضمان حقوق كلٍّ من الزّوج والزّوجة، وضمان تأدية واجبات أحدهما تجاه الآخر وتجاه المسلمين، وكذلك لتكون أسس العلاقة الزوجية بما تضمّنه من مفاهيم سليمة وراقية، ولذلك قد جُعل الزواج من الأمور التي يكسب فيها الزوجان الأجر والصدقة ورفعة المنزلة، وفي هذا المقال يبيّن موقع المرجع حكم هل يجوز للزوجين التجرّد من الثياب حال النوم وهل يجوز لهما النوم عاريان وبيان أثر ذلك على الطهارة، وسيبيّن عدّة أحكامٍ هامّة في العلاقة الزّوجية.

هل يجوز للزوجين النوم عاريان

إنّ حكم نوم الزوجين عاريان معًا جائزٌ في الإسلام ولا حرج عليهما بذلك باتّفاق أهل العلم، فقد أمر الله -سبحانه وتعالى- عباده أن يحفظوا فروجهم إلا عن الزّوجة وملك اليمن، فلا ملامة عليهم بذلك وهذا يأتي في عموم الرّؤية واللمس والمخالطة، وقد قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ}.[1] وقد استدلّ أهل العلم في جوابهم على ما ورد في السّنة النّبوية الشّريفة أن النّبي -صلى الله عليه وسلم- والسّيدة عائشة -رضي الله عنها- كانا يغتسلان من إناءٍ واحد، فاستدلوا بذلك على جواز النظر لكل من الزوجين لعورة الآخر، ونوم الرّجل عريانًا مع زوجته ونوم المرأة عريانةً مع زوجها من الأمور التي لم يرد فيها نصٌّ يمنعها، فلا حرج عليهما إن فعلا ذلك مطلقًا فكلاهما مباحٌ للآخر ولا مانع من ذلك والله أعلم.[2]

هل يجوز للزوجين النوم عاريان في نهار رمضان

في جواب أهل العلم هل يجوز للزوجين النوم عاريان في نهار رمضان، فإنّ الغالب في القول أنّه يجوز ذلك، فللرّجل في نهار رمضان أن يستمتع بزوجته وهو صائم ما لم يجامع أو ينزل، واستدلّوا بذلك بما ورد في الحديث النبوي الشريف الذي روته السّيدة عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: “كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقَبِّلُ ويُبَاشِرُ وهو صَائِمٌ، وكانَ أمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ”. [3] والمراد بهذا أن يمسّ البشرة وليس المباشرة بالجماع، وقد ورد عن الشيخ ابن عثيمين أنّه قال: ” الصائم صوماً واجبا لا يجوز له أن يستعمل مع زوجته ما يكون سبباً لإنزاله، والناس يختلفون في سرعة الإنزال ، فمنهم من يكون بطيئاً ، وقد يتحكم في نفسه تمامًا، ومنهم من لا يملك نفسه، فهذا يحذر من الملامسة والتقبيل والنوم عريانًا” فالأمر جائز لكن الأسلم للمسلم والأصلح لصيامه أن يتركه والله أعلم.[4]

هل يجوز للزوجين النوم عاريان والزوجة حائض

إنّ مما يرد الأسئلة حول النّوم العاري بين الزوجين هل يجوز للزوجين النوم عاريان والزوجة حائض، وقد فصّل أهل العلم في هذا الأمر، بدايةً لا بدّ لكلّ مسلم أن يعلم أنّ جماع الزوجة في الحيض محرّمٌ بالإجماع، أمّا استمتاع الرّجل بزوجته أثناء حيضها بما دون الجماع من فوق السّرة ودون الركبة فهو جائز بلا خلاف، واختلف أهل العلم في مباشرتها بين السرة والركبة من غير جماع، وبهذا فإنّ النوم مع الزوجة عاريان مُباح دون جماع، وللرجل أن يفعل مع زوجته ما يشاء إلا الجماع، والأفضل للزوجة أن تشدّ تأتزر منعًا للأذى.[5]

إذا نام الزوجان عاريان هل يجلب ذلك الشياطين

أباح الشّرع للزوجين أن يناما عاريان، وأباح لها النّظر والتّمتع كلٌّ منهما بجسد الآخر والاستمتاع به، وذلك بمجرّد عقد النكاح الصحيح، فيجوز للمرأة أن تنام مع زوجها من غير لباس في غير وقت الجماع ليلًا أو نهارًا، ولو كانت تستر عورتها أو لا، ولم يرد نصًّا أو دليلًا على أنّ هذا الفعل يطرد الملائكة أو يجلب الشياطين، فالمرأة لو تعرّت أمام زوجها، ولو تعرّى الرّجل أمام زوجته، فذلك لا يجلب الشّيطان مع ذلك فعليهما أن يستعيذا بالله من الشّيطان وأن يذكرا الله قبل ذلك فذكر الله من الأمور المستحبّة قبل كلّ عمل. [6]

شاهد أيضًا: لماذا امر الرسول الزوجين بالاستحمام معا

حكم النوم بدون ملابس

بعد معرفة هل يجوز للزوجين النوم عاريان، فسيتمّ توضيح حكم النوم بدون ملابس ولو لغير المتزوّجين، فلا حرج على المسلم أن يضع عنه ثيابه أثناء نومه وأن ينام عاريًا في غرفة نومه الخاصّة، وذلك مشروطٌ بأن يؤمن بأن لا يطّلع عليه أحد، وأن لا يخشى في غرفته اطّلاع أحدٍ ممّ لا يحلّ لهم النطر لعورته، وهم الزّوج أو الزّوجة أو ما ملكت أيمانكم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “احفَظ عورتَكَ إلَّا من زوجتِكَ، أو ما ملَكَت يمينُكِ”. [7] وقد أمر الإسلام الأطفال والخدم بالاستئذان وقت النوم والقيلولة وهي أوقات مظنّة وضع الثياب، فالأمر جائز لكن الأولى للمسلم أن يغطي عورته في كلّ الظروف والله أعلم.[8]

حكم الطهارة عند نوم الزوجين عاريان

قد أباحت الشّريعة للرّجل أن ينام مع زوجته عريانًا، وأُبيح للمرأة أن تنام مع زوجها عريانًا، وهذا ممّا لا خلاف فيه، لكن قد يترتب على هذا الأمر بعض المسائل في الطّهارة، ومن واجب المسلم معرفة حكم الطهارة عند نوم الزّوجين عاريان، فقد بيّن أهل العلم أنّ المعانقة أثناء النّوم في حال التعري أو غيره فإنها لو لم يترتب عليها إنزالٌ للمني ولم يحصل نتيجةً لها جماع، فلا يلزم على الزّوج والزوجة أن يتطهرا ولا يجب عليهما الغسل، أمّا لو ترتّب عن ذلك المذي فالواجب على الرّجل غسل فرجه ذكره وأنثييه وعلى المرأة أن تغسل فرجها ويجب عليهما الوضوء فقط، أما لو أنزل الرجل أو أنزلت المرأة أو جامع الرّجل زوجته بموجب نومهما عاريان وجب عليهما الغسل.[2]

شاهد أيضًا: طريقة الاغتسال من الجنابة

حكم مجامعة الزوجة دون غطاء وثياب

يجوز للزوجين النوم عاريان باتّفاق أهل العلم، أمّا في حكم مجامعة الزوج لزوجته دون غطاء وثياب فإنّ جمهور أهل العلم من الأحناف والشافعية والمالكيّة ذهبوا إلى أنّه يجوز للزّوج أن يجامع زوجته من غير ثياب ومن غير غطاء، فلهما أن يتجامعا من غير استتارٍ بينهما حال الجماع، وقد استدلّوا على الكثير من الأحاديث الصحيحة الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والتي تدلّ على جواز ذلك، أمّا أصحاب المذهب الحنبلي ذهبوا إلى أنّه يكره التّجرد من الثّياب وعدم الاستتار حال الجماع، وقد استدلّوا بذلك على أحاديث ضعيفة وبعضها غير صحيح، فالصّحيح أنّه لا يصحّ الاستلال بالأحاديث الضعيفة على الحكم الاستتار أثناء الجماع، فلم يصحّ نصٌّ في النهي والأصل في ذلك الحلّ والله أعلم.[9]

شاهد أيضًا: هل من السنة اتروش مع زوجي

حكم اغتسال الرجل مع زوجته

يجوز في الإسلام للزّوجين أن يغتسلا معًا، وذلك لو كان الاغتسال من جماعٍ أو من غيره، فقد وردت الكثير من الأحاديث في السّنة النبوية الشريفة التي تؤكّد جواز ذلك، منها ما ورد عن أمّهات المؤمنين عائشة وميمونة بنت الحارث رضي الله عنهما: “أنَّها كانت تَغتَسِلُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في إناءٍ واحِدٍ”.[10] فالغسل في إناءٍ واحد للرجل والمرأة جائزٌ بإجماع أهل العلم لوضوح الأدلة فيه، فالاغتسال للزوجين معًا يجوز وبأيّ طريقة ولا شكّ في ذلك والله أعلم.[11]

شاهد أيضًا: هل يجوز مجامعة الزوجة عبر الهاتف

حكم مجامعة الزوجة عبر الهاتف

إنّ ممّا ورد عن أهل العلم أنّه يجوز للرجل مجامعة الزوجة عبر الهاتف والحديث معها في أمور المتعة بينهما والمعاشرة وغيره من علاقتهما الجنسية، على أن يتمّ ضبط ذلك بعدّة ضوابط وأحكام، ومنها أن يأمن الزّوجان عدم اطّلاع أحد على المحادثات بينهما أو المكالمات، وأن يحرصا أن يندفعا وراء أمرٍ محرّم، فلو علما أن ذلك سيجرّهما لما حرّمه الله، فمن باب أولى ترك ذلك من باب سدّ الذريعة، ولو كان ذلك فلا بدّ أن يكون من غير تصويرٍ وما شابهه بل اقتصاره على الكلام، والأولى للمسلم أن يجامع زوجته في الواقع لا عن طريق الهاتف، ولو تعذّر عليه ذلك لبعدٍ بينهما فعليه بالصوم فهو له وجاء، وأن يشغل نفسه بما يرضي الله.[12]

هل يجوز للزوج أن يلمس عورة زوجته

بمعرفة هل يجوز للزوجين النوم عاريان يتساءل المسلمون هل يجوز للزوج أن يلمس عورة زوجته أو الزوجة أن تلمس عورة زوجها، فالصّحيح كما ورد عن أهل العلم، أنّ مسّ العورة والنّظر إليها بين الزّوجين مباحٌ ولا حرج فيه، فالإسلام أباح الجماع والجماع أعظم من المس، فأن يمس الرّجل عورة زوجته أو مسها عورته فلا بأس بذلك، وكذلك النّظر إلى فرجها، فالمباح للزوّجين في الاستمتاع كلّ شيء إلا إتيان الدّبر والجماع أثناء الحيض.[13]

شاهد أيضًا: حكم مداعبة الزوجة في نهار رمضان وخروج المذي

هل يجوز تذوق الزوجة مني الرجل

إنّ مما لا شكّ فيه أنّ استعمال المني في الأكل والشرب أو تذوّقه أو ابتلعه من الأمور التي تنافي الفطرة السليمة، والتي لم تكن موجودة قبل أن يصل حال النّاس إلى ما وصلوا إليه في هذا الزّمان، ولم يرد في الشّرع أيّ نصٍّ في حكم تذوق المني أو ابتلاعه أو ما معناه، لكن الكثير من أهل العلم ذهبوا إلى حرمة تذوّقه وأكله بكونه من الخبائث، فمما ورد عن النووي أنّه لا يحلّ لأنّه مستخبث والله -سبحانه حرّم الخبائث على عباده، أمّا الأحناف والمالكيّة فيرون أنّه المني نجي فبالتّالي لا يجوز تذوقه أو ابتلاعه لأن ذلك يكون تلبّسًا بالنّجاسة لغير الحاجة وهو حرام والله أعلم.[14]

هل يجوز للزوجين لعق وتقبيل الأعضاء التناسلية

قبل ختام هل يجوز للزوجين النوم عاريان لا بدّ من توضيح حكم لعق وتقبيل الفرج بين الزّوجين، وهو من الأمور التي لم يرد نصٌ صريحٌ في تحريمها، وللزوجين أن يستمتعا ببعضهما كيفما يشاءان، إلا أن يقربا ما حرّم الله من الإتيان في الدّبر والجماع عند المحيض والنفاس، ولكنّ المعاشرة بين الزّوج والزّوجة لا بدّ أن تكون معاشرة حسنة ومحدّدة بآداب وضوابط وأخلاق، ومصّ العضو أو تقبيله أو لعقه للزوج أو للزوجة يعدّ من الأمور المافية للفطرة السليمة وللآداب الرفيعة فالأحوط تركه، وقد ذكر أهل العلم أنّ فيه مظنّة ملامسة النّجاسة وقد يترتب عليه بعض الأمراض، فلو ترفّع المسلم عنه لكان أفضل له بالرّغم من عدم نصٍّ يحرّمه والله أعلم.[15]

هنا نصل لختام مقال هل يجوز للزوجين النوم عاريان، والذي بيّن حكم نوم الزوجان عاريان في نهار رمضان وفي حال كانت الزوجة حائضًا، وكذلك بيّن إن كان هذا الفعل يجلب الشياطين، وبيّن حكم النوم عاريًا بشكلٍ عام، ووضّح حكم الطهارة إن نام الزوجان عاريان، وقد وضّح المقال الكثير من الأحكام الشّرعية الهامّة فيما يخصّ مسألة العلاقة الجنسية بين الزوج والزوجة والجماع بينهما.