هل يجوز تربية الكلاب في المنزل وما حكم ملامستها

هل يجوز تربية الكلاب في المنزل سواء أكان للحراسة أم للزينة، فهذا مما يتساءل عنه البعض، حيث إن العديد من البلدان والأشخاص تستخدم هذا الكائن الذكي للعديد من الأمور، ولهذا ستتم الإجابة في موقع المرجع عن سؤالنا بهل يجوز تربية الكلاب في المنزل وما حكم ملامستها، وسنتعرف على حكم تربيتها للزينة وما مفهوم النجاسة وما حكم تربية الكلاب الصغيرة كل ذلك في هذا المقال.

الرفق بالحيوان

جاء الرفق والرحمة مع الحيوان في الشريعة الإسلامية واتباعًا لهدي الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فقد انطلق الهدي النبوي للرحمة بالحيوان في توازن يجمع بين منفعة الإنسان، وبين الرحمة والرفق، فكان ذلك يأمر الإنسان برحمة للحيوان وعدم القسوة معه، ولا يتجاهل احتياجات الإنسان الغذائية والمعيشية التي تتطلب الانتفاع به، وبذلك لا يسمح بالعبث بالحيوانات أو إيذائها أو تكليفها ما يشق عليها، ومن الرحمة بالحيوان والطير في هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لا يجوز تعذيبها ولا تجويعها، أو تكليفها ما لا تطيق، ولا اتخاذها هدفًا يرمى إليه، بل وتحريم لعنها، هذا وقد شدد النبي -صلى الله عليه وسلم- المؤاخذة على من تقسو قلوبهم على الحيوان ويستهينون بآلامه، وقد بين أن الإنسان على عِظم قدره وتكريمه على كثير من الخلق، فإنه قد يدخل النار في إساءة يرتكبها مع الحيوان سواء بالتعذيب أو التجويع أو الاستخدام الخاطئ، فقد دخلت النار امرأة في هِرَّة، حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي أطلقتها، أو يدخل الجنة في رحمته للحيوان، فقد دخلت الجنة امرأة بغي في كلب سقته، بدليل قول أبو هريرة -رضي الله عنه- حيث قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:” بيْنَما كَلْبٌ يُطِيفُ برَكِيَّةٍ قدْ كادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ، إذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِن بَغايا بَنِي إسْرائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَها، فاسْتَقَتْ له به فَسَقَتْهُ إيَّاهُ، فَغُفِرَ لها بهِ“.[1]

شاهد أيضًا: هل يجوز الترحم على الحيوانات

هل يجوز تربية الكلاب في المنزل

لا يجوز اقتناء الكلاب في المنزل إلا لأغراض مشروعة، وهذا يكون باقتناءها للحراسة بشكل عام، أوالصيد المباح، وأما اقتناؤها لغير حاجة فيحرم ولا يجوز على قول أكثر أهل العلم، وهذا بدليل قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ إِلَّا كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ”[2] وفي رواية: “إِلَّا كَلْبَ غَنَمٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ صَيْدٍ”، ولذلك الكلب مهما كان السبب وراء  اقتنائه فهو نجس، يجب أن يغسل ما لامسه سبع مرات إحداهن بالتراب، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ”.[3]

حكم تربية الكلاب للزينة

لقد نص أهل العلم على حرمة تربية الكلاب للزينة، ولا سيما وأن الزينة مما لا يرخص في اتخاذ الكلاب لأجلها، حيث أجمع أهل العلم على حرمة ذلك، فقال النووي في ذلك: “اتفق أصحابنا وغيرهم على أنه يحرم اقتناء الكلاب لغير حاجة، مثل أن يقتني كلبًا إعجابًا صورته أو للمفاخرة به، فهذا حرام بلا خلاف”، وأما على خلق كلاب الزينة فلا شك أنها خلقت لحكمة، مثلها مثل كل دواب الأرض فإذا لم ندرك شيئًا منها فلا يقدح هذا في وجودها، وعليه فلا يجوز تربية الكلاب للزينة؛ فهذه من الأمور المنهي عنها في الشرع الإسلامي.[4]

شاهد أيضًا: ما هو الحيوان الذي لم يصعد الى سفينة نوح

حكم لمس الكلاب

إن كان مسّه بدون رطوبة فإنه لا ينجّس اليد، وإن كان مسّه برطوبة فإن هذا يوجب تنجس اليد على رأي كثير من أهل العلم، ويجب غسل اليد بعده سبع مرّات إحداها بالتراب، أما الأواني فإنه إذا ولغ الكلب في الإناء؛ أي شرب منه فيجب غسل الإناء سبع مرّات إحداها بتراب، كما ثبت ذلك في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إذا ولغَ الكلبُ في الإناءِ فاغسِلوهُ سبعَ مرَّاتٍ الأولى بالتُّرابِ”،[5] والأفضل من ذلك أن يكون التراب في الغسلة الأولى.

نجاسة الكلاب

لقد ذكر أهل العلم كلامًا مفصلًا حول نجاسة الكلب، ولا فرق عندهم  بين الولوغ وغيره إذا كانت علة الغسل سبعًا هي النجاسة، فعند الشافعية والحنابلة يجب الغسل سبعًا لكل موضع أصابته نجاسة الكلب من ريق أو غيره سواء كان ثوبًا أو بدنًا أو غيرهما حيث يستوي الحكم في ذلك مع حكم الولوغ في الإناء، أما عند المالكية أن الحكم مقصور على الإناء الذي ولغ في الكلب، حيث إن ريق الكلب عندهم غير نجس، وعليه فإن لعاب الكلب ورطوبة أنفه وكل ما يخرج من الكلب نجس، ولذلك لو شم كلبٌ ثوب شخص وعلق به شيء من ذلك؛ فيلزمه غسله سبع مرات إحداهن بالتراب؛ بدليل ما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- حيث قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا”،[5] وهذا مما يدل على غلظ نجاسة لعاب الكلب، وأما إذا شم الثوب عن بعد بدون مماسة أو مسه ولم يعلق به شيء من لعابه أو مخاطه لكون الجزء الذي مس به الثوب كان جافًا فلا يلزم غسل الثوب، لأن مجرد ملاقاة النجاسة الجامدة لمثلها لا تنجسه.

شاهد أيضًا: انواع الكلاب الصغيرة

هل تربية الكلاب الصغيرة حرام

لا يجوز تربية الكلاب الصغيرة المسماة بالجراء بإجماع أهل العلم، فالأصل أنه لا يجوز تربيتهم؛ وهذا لما ذكرناه سابقًا، ولكن أجاز بعض العلماء تربية الكلاب الصغيرة إن كان تربيته لأجل الانتفاع به فيما يباح فيه اقتناء الكلب، حيث قال ابن قدامة: “فأما تربية الجرو الصغير لأحد الأمور الثلاثة، فيجوز في أقوى الوجهين؛ لأنه قصده لذلك، فيأخذ حكمه”،  لمآله إلى الانتفاع. ولأنه لو لم يتخذ الصغير، ما أمكن جعل الكلب للصيد، إذا لا يصير معلما إلا بالتعليم، ولا يمكن تعليمه إلا بتربيته، واقتنائه مدة يعلمه فيها. قال الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّه} ولا يوجد كلب معلم بغير تعليم. والوجه الثاني لا يجوز؛ لأنه ليس من الثلاثة”، وقال الشافعي -رضي الله عنه-: ” لا يجوز اقتناء الكلب إلا لصيد، أو ماشية، أو زرع، وما في معناها، هذا نصه”، واتفق العلماء على جواز اقتنائه لهذه الثلاثة، وعلى اقتنائه لتعليم الصيد ونحوه، وتربية الجرو لذلك، حيث قيل: “ويجوز تربية الجرو لذي يتوقع تعليمه (لذلك) أي للصيد، ولحفظ الماشية ونحوهما، لا قبل تملكها”. وأما تربية الكلاب الصغيرة من أجل بيعها فلا يحوز، ولا سيما أن حكم بيع الكلاب على قول جمهور العلماء حرام شرعًا؛ ولو كانت مما يباح اقتناؤها، والقول بجواز بيع الكلاب التي يباح اقتناؤها، لا يظهر أنه مستلزم لجواز تربية الجراء لبيعها لذلك، لا سيما إن كان ذلك في البيوت، فالحنفية نصوا أنه لا ينبغي اتخاذ الكلاب التي يباح الانتفاع بها في البيوت، مع إباحتهم لبيعها.[6]

وبهكذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال حكم تربية الكلاب في المنزل، وتعرفنا على حرمة ذلك إلا إن كان لصيد أو  حراسة، وتعرفنا على مفهوم الرفق بالحيوان، وعلى حكم لمس الكلاب وما هي النجاسة المعتبرة عند الكلاب، ومن ثم تطرقنا للحديث عن حكم تربية الكلاب الصغيرة وكلاب الزينة أيضًا.

المراجع

  1. صحيح مسلم , مسلم، أبو هريرة، 2245، صحيح
  2. صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 2322، صحيح
  3. صحيح مسلم , مسلم، أبو هريرة، 279، صحيح
  4. islamweb.net , الحكمة من خلق كلاب الزينة , 28/08/2021
  5. ضعيف أبي داود , الألباني، أبو هريرة، 73، صحيح
  6. islamweb.net , أحكام تربية الكلاب والجراء الصغيرة وبيعها , 28/08/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *