هل يجوز ذبح الأضحية في الليل

هل يجوز ذبح الأضحية في الليل فالأضحية كغيرها من العبادات لها أوقات مخصوصة بها، لذلك يهتم موقع المرجع في الحديث عن هل يجوز ذبح الأضحية في الليل، وعن متى يبدأ الذبح في عيد الاضحى ومتى ينتهي، وعن أفضل وقت لذبح الأضحية، وعن حكم ذبح الأضحية.

هل يجوز ذبح الأضحية في الليل

يجوز ذبح الأضحية ليلًا، وهو مذهب: الحنفية، والشافعية، وقول للحنابلة، واختيار ابن حزم، والصنعاني، والشوكاني، وابن عثيمين، ودليل ذلك من الكتاب، قول الله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}،[1] والأيام تطلق لغة على ما يشمل الليالي، ودليل ذلك من السنة: عن جبير بن مطعم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كلُّ أيَّامِ التَّشريقِ ذَبْح”،[2] فذكر الأيام في الحديث وإن دل على إخراج الليالي بمفهوم اللقب، لكن التعبير بالأيام عن مجموع الأيام والليالي، والعكس مشهور متداول بين أهل اللغة، لا يكاد يتبادر غيره عند الإطلاق، والليل زمن يصح فيه الرمي، وداخل في مدة الذبح، فجاز فيه كالأيام، وقد أباح الله ذبح الحيوان في أي وقت، والقول بالكراهة يحتاج إلى دليل.[3]

شاهد أيضًا: هل يجوز الجمع بين العقيقة والاضحية

بداية وقت الذبح في عيد الاضحى

يبدأ وقت الأضحية بعد صلاة العيد، وهذا مذهب الحنفية، والحنابلة، واختاره الطحاوي، والشوكاني، وابن عثيمين، ولا يصح الذبح قبل الصلاة، عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فقال: “إنَّ أوَّلَ ما نبدأُ مِن يَوْمِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثم نرجِعَ فنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقد أصابَ سُنَّتَنا، ومَن نَحَر فإنَّما هو لحْمٌ يقَدِّمُه لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ”،[4] وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه، قال: “ضَحَّيْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أضْحِيَّةً ذاتَ يومٍ، فإذا أُناسٌ قد ذبحوا ضحاياهم قبلَ الصَّلاةِ، فلما انصَرَفَ رآهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّهم قد ذبَحوا قبل الصَّلاةِ، فقال: من ذَبَحَ قبل الصَّلاةِ فلْيَذْبَحْ مكانَها أخرى، ومَن كان لم يَذْبَحْ حتى صَلَّيْنا فلْيَذْبَحْ على اسْمِ اللهِ”،[5] وعن أنس رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنْ ذَبَحَ قبل الصَّلاةِ فلْيُعِدْ”،[6] ويبدأ وقت الأضحية لمن كان بمحل لا تصلى فيها صلاة العيد كأهل البوادي: بعد قدر فعل صلاة العيد بعد طلوع الشمس قيد رمح، وهذا مذهب الحنابلة، واختاره ابن عثيمين؛ وذلك لأنه لا صلاة في حقهم تعتبر، فوجب الاعتبار بقدرها.[3]

شاهد أيضًا: حكم من اخذ من شعره وهو يريد ان يضحي

نهاية وقت الذبح في عيد الأضحى

اختلف الفقهاء في نهاية وقت الذبح في عيد الأضحى، على قولين:

  • القول الأول: ينتهي الذبح في عيد الأضحى بنهاية اليوم الثاني عشر من ذي الحجة، فتكون أيام التضحية ثلاثة: يوم العيد واليومان الأولان من أيام التشريق، وهذا مذهب الجمهور: الحنفية، والمالكية، والحنابلة، ودليلهم قول ابن عمر رضي الله عنهما، “أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى أن تُؤكَلَ لُحومُ الأضاحيِّ بعد ثلاثٍ”،[7] فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام، ولو كان اليوم الرابع يوم ذبح، لكان الذبح مشروعًا في وقت يحرم فيه الأكل، وورد عن الصحابة رضي الله عنهم تخصيصه بالعيد ويومين بعده: منهم عمر، وعلي، وابن عمر، وابن عباس، وأبو هريرة، وأنس، رضي الله عنهم، ولا يعرف لهم من الصحابة مخالف، وقد ثبت الفرق بين أيام النحر وأيام التشريق؛ ولو كانت أيام النحر أيام التشريق لما كان بينهما فرق، وكان ذكر أحد العددين ينوب عن الآخر.
  • القول الثاني: ينتهي الذبح في عيد الأضحى بنهاية اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، أي يبقى وقت التضحية إلى آخر أيام التشريق، وهو مذهب الشافعية، وقول للحنابلة، وهو قول طائفة من السلف، واختاره ابن تيمية، وابن القيم، والشوكاني، وابن باز، وابن عثيمين، فعن جبير بن مطعم رضي الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: “كلُّ مِنًى منحَرٌ، وكلُّ أيَّامِ التَّشريقِ ذَبْح”،[2] فالحديث نص في الدلالة على أن كل أيام منى أيام نحر، وعن نبيشة الهذلي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أيَّامُ التَّشريقِ أيَّامُ أكْلٍ وشُرْبٍ وذِكْرٍ للهِ عَزَّ وجَلَّ”،[8] والأيام الثلاثة التي تلي يوم النحر تختص بكونها أيام منى، وأيام الرمي، وأيام التشريق، وأيام تكبير وإفطار، ويحرم صيامها؛ فهى إخوة في هذه الأحكام، فكيف تفترق في جواز الذبح بغير نص ولا إجماع؟!.[3]

شاهد أيضًا: إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك

أفضل وقت لذبح الأضحية

أن أفضل وقت لذبح الأضحية هو بعد صلاة العيد مباشرة، كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم يكون أول ما يأكل يوم العيد من أضحيته، حيث يستحب المبادرة في ذبح الأضحية بعد دخول وقتها، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة،لما في الأمر من المبادرة إلى الخير، والخروج من الخلاف، ولأن الله جل شأنه أضاف عباده في هذه الأيام بلحوم القرابين، فكانت التضحية في أول الوقت من باب سرعة الإجابة إلى ضيافة الله جل شأنه.[3]

شاهد أيضًا: متى يحلق المضحي غير الحاج

حكم ذبح الأضحية

اختلف الفقهاء في حكم الأضحية، حيث انقسموا إلى قسمين، فمنهم من قال بأنها سنة مؤكدة، ومنهم من قال بأنها واجبة، وبيان أقوالهم فيما يأتي:[9]

القول الأول

أنها سنة مؤكدة، وهو قول الشافعية، والحنابلة، والأصح عند المالكية، وقال به أبو بكر، وعمر، وبلال -رضي الله عنهم- من الصحابة، وسعيد بن المسيب، وعطاء، وغيرهم من التابعين، واستدلوا بالعديد من الأدلة، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا دَخَلَتِ العَشْرُ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِهِ وبَشَرِهِ شيئًا”،[10] فجعل الحديث الأمر مفوضًا إلى الإرادة، وروي عن أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- أنهم كانوا لا يضحون السنة والسنتين.

وقيل إنها سنة عين؛ فلا تجزئ الأضحية الواحدة عن الشخص وأهل بيته أو غيرهم، وهو قول أبي يوسف، ومنهم من يقول إنها سنة عين حكمًا؛ فلو ضحى الشخص عن نفسه وعن أهل بيته سقط الطلب عمن أشركهم معه، ومنهم من يجعلها سنة عين في حق الفرد، وسنة كفاية في حق أهل البيت الواحد، وهو قول الشافعية والحنابلة، واستدلوا بفعل الصحابة الكرام من غير إنكار من النبي -صلى الله عليه وسلم- عليهم، وذهب المالكية إلى القول بالكراهة لمن تركها مع قدرته عليها.

القول الثاني

أنها واجبة في كل عام مرة على القادر إلا في حق الحاج بمنى، وهو قول أبو حنيفة، وجاء عن الماوردي أنها واجبة في حق المقيم فقط، واستدلوا على ذلك بالعديد من الأدلة، كقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}،[11] فجاءت كلمة النحر بصيغة الأمر، ومطلق الأمر للوجوب، وقول جندب بن عبد الله رضي الله عنه: “شَهِدْتُ الأضْحَى مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ بالنَّاسِ نَظَرَ إلى غَنَمٍ قدْ ذُبِحَتْ، فَقالَ: مَن ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلْيَذْبَحْ شَاةً مَكَانَهَا، وَمَن لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ، فَلْيَذْبَحْ علَى اسْمِ اللَّهِ”،[12] وفيه أمر بإعادة الذبح لمن ضحى قبل الصلاة، وذلك يدل على الوجوب.

شاهد أيضًا: حكم الأضحية في المذاهب الأربعة

وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا، الذي تحدثنا فيه عن هل يجوز ذبح الأضحية في الليل، وعن متى يبدأ الذبح في عيد الاضحى ومتى ينتهي، وعن أفضل وقت لذبح الأضحية، وعن حكم ذبح الأضحية.

المراجع

  1. سورة الحج , الآية 28
  2. السنن الكبرى , البيهقي، جبير بن مطعم، 5/239، مرسل.
  3. https://dorar.net/ , ذَبحُ الأضْحِيَّةِ , 02/06/2024
  4. صحيح البخاري , البخاري، البراء بن عازب، 5560، صحيح.
  5. صحيح البخاري , البخاري، جندب بن عبد الله، 5500، صحيح.
  6. صحيح البخاري , البخاري، أنس بن مالك، 954، صحيح.
  7. صحيح مسلم , مسلم، عبد الله بن عمر، 1970، صحيح.
  8. صحيح مسلم , مسلم، نبيشة الخير الهذلي، 1141، صحيح.
  9. islamweb.net , مذاهب الفقهاء في حكم الأضحية , 02/06/2024
  10. صحيح مسلم , مسلم، أم سلمة أم المؤمنين، 1977، صحيح.
  11. سورة الكوثر , الآية 2
  12. صحيح مسلم , مسلم، جندب بن عبد الله، 1960، صحيح.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *