إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك

إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك حيث يستحب للمضحي أن يمسك عن أخذ شيء من شعره وظفره، وقد ورد في ذلك العديد من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذلك يهتم موقع المرجع في الحديث عن إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك، وعن حكم حلق الشعر وقص الأظافر للمضحي، وعن متى يحلق المضحي ويقص أظافره، وعن الحكمة من منع المضحي من قص شعره وأظافره، وعن أحكام قص الشعر والأظافر للمضحي.

إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك

جاء في صحيح مسلم عن أمة سلمة -أم المؤمنين- رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: “إذا رَأَيْتُمْ هِلالَ ذِي الحِجَّةِ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عن شَعْرِهِ وأَظْفارِهِ”،[1] فالأضحية من المسلم صدقة، وقرض لله، إن تمت وفق الشرع ووفق أهدافه ضاعفها الله للمسلم وغفر له، مصداقاً لقوله تعالى {إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ}،[2]وفي الآثار أنه يعتق بكل عضو منها عضو من المضحي، وعلى هذا كان على المضحي أن يحافظ على أعضائه كاملة، حتى على شعوره وأظافره، فلا يقطع، ولا يطرح شيئًا منها في العشر الأوائل من ذي الحجة وحتى يضحي، ليشمل العتق من النار هذه الأجزاء.

ثم إن الله تعالى يحب أن يرى عباده الحجاج في حالة الشعث، لما في ذلك من مظاهر التضرع والتذلل إليه، في وقت العبادة الفريدة، التي تجب مرة واحدة في العمر، فيتشبه من حرم الأماكن المقدسة بمن سعد بها، ويتذلل ويتضرع إلى الله، وهو في وطنه وبين أهله، بأن يبقى في هذه الأيام العشر ممسكًا لشعره وظفره، فلا يأخذ في هذه الأيام من شعره، ولا من أظفاره شيئًا، فيستشعر بذلك ما هم عليه من حال، ويتذكر ما هم فيه من رحمة ورضوان، فيسأل الله من فضله، ويرجو رحمته، ويخشى عذابه.[3]

اقرأ أيضًا: حكم من اخذ من شعره وهو يريد ان يضحي

حكم حلق الشعر وقص الأظافر للمضحي

بعد أن تحدثنا عن إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك، سنتعرف على حكم قص الشعر والأظافر للمضحي، حيث تعددت آراء الفقهاء في ذلك، ويمكن إجمال أقوال العلماء على النحو الآتي:[4]

الرأي الأول

ذهب جمهور الفقهاء إلى استحباب الإمساك عن أخذ شيء من شعر أو ظفر من أراد الأضحية في العشر الأولى من شهر ذي الحجة حتى يضحي، وهذا مذهب المالكية، والشافعية، وهو قول للحنابلة، ونقل الإمام السيوطي عن جمهور أهل العلم أن النهي الوارد في الحديث إنما هو نهي تنزيه، لا نهي تحريم، والحكمة التشريعية من هذا الفعل المأخوذ على وجه الاستحباب أن تبقى كامل أجزاء المضحي عرضة للعتق من النار، وقيل في الحكمة منه استحباب تشبه المضحي بحال المحرمين في الحج، فلو قص المضحي شعره أو حلقه قبل أن يضحي فلا حرج عليه وتصح أضحيته، وينالها القبول بإذن الله تعالى.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الجمع بين العقيقة والاضحية

الرأي الثاني

ترى طائفة من أهل العلم، أن من أراد أن يضحي فلا يجوز له أن يأخذ من شعره شيئًا، لا من شعر رأسه، ولا من إبطه، ولا من عانته، ولا من شاربه، حتى يضحي، وهذا مذهب الحنابلة، ووجه للشافعية، واختاره ابن حزم، وابن القيم، وابن باز، وابن عثيمين، فإذا دخل شهر ذي الحجة، وهل هلاله حرم على المضحي، رجلًا أو امرأة أخذ شيء من الشعر من سائر البدن، أما إن كان المضحي قد وكل أحدهم بالذبح، وأخذ الوكيل من شعره فلا حرج عليه، لأنه ليس مضح، ويجري الحكم بمنع الأخذ من الشعر على من وكله، وهو المضحي الحقيقي، وذهب الشيخ ابن عثيمين، إلى عدم الحرج بقص الشعر لمن احتاج إلى أخذ شيء منه، كأن يكون أصابه جرح، فاحتاج إلى قص الشعر عن موضع الإصابة.

اقرأ أيضًا: حكم الأضحية في المذاهب الأربعة

متى يحلق المضحي ويقص أظافره

يحلق المضحي غير الحاج، بعد أن يفرغ من ذبح أضحيته مباشرةً، حيث يسن لمن يريد التضحية ولمن يعلم أن غيره يضحي عنه ألا يزيل شيئًا من شعر رأسه أو بدنه بحلق أو قص أو غيرهما، ولا شيئًا من أظفاره بتقليم أو غيره، ولا شيئًا من بشرته، وذلك من ليلة اليوم الأول من ذي الحجة إلى الفراغ من ذبح الأضحية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “مَن كانَ له ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فإذا أُهِلَّ هِلالُ ذِي الحِجَّةِ، فلا يَأْخُذَنَّ مِن شَعْرِهِ، ولا مِن أظْفارِهِ شيئًا حتَّى يُضَحِّيَ”،[5] قال الإمام النووي في المجموع: “ومن دخلت عليه عشر ذي الحجة وأراد أن يضحى فالمستحب أن لا يحلق شعره ولا يقلم أظفاره حتى يضحي”، فعلى من أراد أن يضحي أن لا يأخذ شيئًا من شعره سواء كان شعر الرأس أو شعر الإبط أو العانة، ولا من أظفاره سواء كان ظفر يد أو رجل، حتى يذبح أضحيته، وذلك احترامًا للأضحية وتشبهًا بالمحرم، فكما أن المحرم لا يأخذ شيئًا من الشعور أو الأظفار، فكذلك غير المحرم له نصيب من شعائر النسك، فأمره ألا يأخذ شيئًا من شعره وأظفاره.[6]

اقرأ أيضًا: متى يحلق المضحي غير الحاج

الحكمة من منع المضحي من قص شعره وأظافره

عند الحديث عن إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك، لا بد من التعرف على الحكمة من منع المضحي من قص شعره وأظافره، حيث لم يرد في السنة الصحيحة ذكر للحكمة من النهي عن قص الأظفار والشعر للمضحي. وقد حاول بعض الفقهاء التماس الحكمة فمنهم من قال نهي المضحي عن ذلك تشبيهًا بالمحرم بالحج فكما شارك المحرم في ذبح القربان ناسب أن يشاركه في شيء من خصائص الإحرام، وقال بعضهم الحكمة توفير الشعر والظفر ليأخذه مع الأضحية فيكون ذلك من تمام الأضحية عند الله، وقيل لتشمل المغفرة والعتق من النار جميع أجزاءه، وأصل الحكمة التعبد لله بالإمساك وتعظيم الله وإظهار التذلل له والله أعلم، ولا يشرع للمضحي أن يمسك عن شيء آخر غير ظفره وشعره وجلده ولا ينهى عن الطيب أو مباشرة النساء أو غيره لأنه لم يرد، وما شاع من تحريم النساء وغيره على المضحي قياسًا على المحرم بالحج قول محدث ليس له أصل في الشرع ولا علاقة في الأحكام بين المضحي والمحرم بالحج.[7]

نرشح لكم أيضًا قراءة المقالات التالية:

أحكام قص الشعر والأظافر للمضحي

وقبل أن نختم حديثنا عن إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك، سنتعرف على بعض الأحكام التي تتعلق بحلق الشعر للمضحي، على شكل سؤال وجواب:

  • هل يشترط لصاحب الأضحية عدم أخذ شيء من أظافره وشعره قبل ذبحها؟
    لا يجوز لمن أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئًا، بعد دخول شهر ذي الحجة حتى يضحي.
  • هل النهي لمن أراد أن يضحي أن يمسك عن شعره وأظفاره وبشرته للتحريم؟
    الأصل في نهي النبي التحريم، حتى يرد دليل يصرفه إلى الكراهة أو غيرها ، فيحرم على من أراد أن يضحي أن يأخذ في العشر من شعره، أو ظفره، أو بشرته شيئًا، حتى يضحي.
  • هل يعم التحريم في الامساك عن الشعر والظفر والبشرة للمضحي جميع أهل البيت الذي ضحى عنهم؟
    هذا الحكم خاص بمن يضحي أما من يضحي عنه فلا يتعلق به هذا الحكم لأن النبي كان يضحي عن أهل بيته ولم ينقل عنه أنه أمرهم بالإمساك عن ذلك.
  • هل يمسك من أراد أن يضحي لوصية شخص ميت؟
    هذا ليس مضحيًا في الحقيقة، ولكنه نائب عن غيره، فلا يتعلق به حكم الأضحية ويثاب عليها ثواب المحسن الذي أحسن إلى أمواته، وقام بتنفيذ وصاياهم.
  • حكم من تعمد قص شعره أو ظفره في عشر ذي الحجة هل تجزئ أضحيته؟
    إذا أخذ شيئًا من ذلك عمدًا فهو عاص لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لكن الأضحية مجزئة.
  • من يحلق لحيته هل تجزئ أضحيته؟
    إعفاء اللحية من هدي النبي وحلقها من هدي المشركين، فتضحي ولو عصيت الله بحلق اللحية لأن الأضحية شيء، وحلق اللحية شيء اخر.
  • من لم ينو الأضحية إلا بعد دخول العشر وقد أخذ من شعره فهل تجزئ أضحيته؟
    لا حرج عليه أن يضحي ولا يكون آثمًا بأخذ ما أخذ من أظفاره وشعره لأنه قبل أن ينوي.
  • إلى متى يمتد النهي عن الأخذ من الشعر والظفر والبشرة في عشر ذي الحجة؟
    يمتد إلى أن يضحي، فإذ ضحى زال النهي.
  • هل يلزم الوكيل ما يلزم الموكل (صاحب الأضحية) من تجنب الأخذ من الشعر والظفر والبشرة؟
    أحكام الأضحية تتعلق بالموكل (صاحب الأضحية) فلا يلزم الوكيل تجنب الأخذ من الشعر والظفر والبشرة.
  • حكم من من احتاج إلى أخذ الشعر والظفر والبشرة فأخذها وهو يريد أن يضحي؟
    لا حرج عليه ، مثل : أن يكون به جرح فيحتاج إلى قص الشعر عنه، أو ينكسر ظفره فيؤذيه فيقص ما يتأذى به، أو تتدلى قشرة من جلده فتؤذيه فيقصها.
  • ما حكم مشط الشعر للمرأة في شهر ذي الحجة قبل ذبح الأضحية؟
    إذا احتاجت المرأة إلى المشط في هذه الأيام وهي تريد أن تضحي فلا حرج عليها، لكن تكده برفق فإن سقط شيء من الشعر بغير قصد فلا إثم عليها.

وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا، الذي تحدثنا فيه عن إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك، وعن حكم حلق الشعر وقص الأظافر للمضحي، وعن متى يحلق المضحي ويقص أظافره، وعن الحكمة من منع المضحي من قص شعره وأظافره، وعن أحكام قص الشعر والأظافر للمضحي

المراجع

  1. صحيح مسلم , مسلم، أم سلمة أم المؤمنين، 1977، صحيح.
  2. سورة التغابن , الآية 17
  3. islamqa.info , ما الذي يمتنع عنه من أراد أن يضحي؟ , 21/05/2024
  4. islamweb.net , حكم حلق المضحي شعره في العشر الأول من ذي الحجة , 21/05/2024
  5. صحيح مسلم , مسلم، أم سلمة أم المؤمنين، 1977، صحيح.
  6. saaid.net , إمساك المضحي عن ظفره وشعره في العشر , 21/05/2024
  7. islamweb.net , الحكمة من منع المضحي من قص شعره وأظافره , 21/05/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *