هل يجوز لبس الكمامة في العمرة

هل يجوز لبس الكمامة في العمرة واحدٌ من الأسئلة الّتي يمكن أن تطرحها عقول المسلمين عند الذّهاب لأداء العمرة، في ظلّ انتشار الوباء في العالم، فمن المعروف أنّ للحجّ والعمرة أحكامٌ كثيرة، تصل حتّى إلى اللّباس، فاللّباس يكون عند الإحرام بصفةٍ مخصوصةٍ ومعيّنة، وساعدنا موقع المرجع على معرفة حكم لبس الكمامة أثناء أداء العمرة، وكذلك بين إن كان حكمها يختلف بين الرّجال والنّساء، كذلك يعرّفنا بحكم العمرة وصفتها.

حكم العمرة

إنّ العمرة هي زيارة بيت الله الحرام بصفةٍ ووجهٍ مخصوصين، وتتمثّل العمرة بالإحرام والتّلبية والطّواف، ثمّ السّعي بين الصّفا والمروة، والحلق أو التّقصير، أمّا عن حكمها، فقد ورد في الحكم قولان اثنان، وهما أنّ العمرة واجبة ٌعلى كلّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ مستطيع، وهي مرّةٌ في العمر، وهذا المشهور عن الإمام أحمد وعن الإمام الشّافعي رحمهما الله، كذلك أخذ بهذا الحديث بعضٌ من أهل الحديث، حيث اعتمدوا في قولهم هذا على الآية القرآنيّة الكريمة، قال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}.[1] والحديث النّبويّ المبارك أنّ وافد بني المنتفق يسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “قلتُ يا رسولَ اللهِ ، إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ لا يستطيعُ الحجَّ ، قال حُجَّ عن أبيكَ واعتَمرْ”.[2] أمّا القول الثّاني فهو أنّ العمرة ما هي إلّا سنّةٌ مؤكّدة وليست واجباً، وبهذا القول قال ابن تيميّة ومالك وأبي حنيفة رحمهم الله تعالى وكذلك أخذ به بعض العلماء أيضاً، والقول الثّاني اصحّ من الأوّل، وذلك لورود الكثير من الأدلّة الشّرعيّة منها ومنه ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه حيث قال: “أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سُئلَ عن العمرةِ أواجبةٌ هِي قال لا وأن تَعتَمروا فهو أفضلُ”.[3] كذلك ورود الكثير من الآيات القرآنيّة الّتي تفرض الحجّ وتوجبه دون العمرة، والله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: دعاء الطواف حول الكعبة ، أدعية العمرة كاملة مكتوبة

هل يجوز لبس الكمامة في العمرة

يجوز لبس الكمامة للمحرم الذّكر فقط، وذلك عند الحاجة والضّرورة فقط، فمن المعروف في أحكام الإحرام للحجّ أو العمرة، أنّه يُحرم على الرّجل خاصّةً بعض الأشياء، وهي تغطية الرّأس ولبس المخيط من الثّياب وتغطية الوجه ولبس الخفّين، وكلّ ما خيط على حجم الجسد، كذلك الطّيب، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لا يَلْبَسُ القَمِيصَ، ولَا العِمَامَةَ، ولَا السَّرَاوِيلَ، ولَا البُرْنُسَ، ولَا ثَوْبًا مَسَّهُ الوَرْسُ أوِ الزَّعْفَرَانُ، فإنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْهُما حتَّى يَكونَا تَحْتَ الكَعْبَيْنِ”.[5] وقد قال بعض أهل العلم أنّ تغطية الرّجل لوجهه أو بعضٍ من وجهه غير جائز، وذلك ولورود حديثٍ نبويٍّ من رواية مسلم، يشير إلّا عدم جواز تغطية الرّأس أو الوجه، حيث أمر ذلك رسول الله بعد أن توفيّ رجلٌ وهو محرم، فأمرهم بعدم تغطية وجهه ورأسه، والحديث هو: “أنَّ رَجُلًا أَوْقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ وَهو مُحْرِمٌ فَمَاتَ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: اغْسِلُوهُ بمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْهِ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ، فإنَّه يُبْعَثُ يَومَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا”.[6] ويجوز ذلك عند الضرورةٍ قصوى، كالمرض أو الخوف من انتشار العدوى، أو الرّائحة الكريهة أو الحساسيّة للرّوائح، فعند إذنٍ يجوز للمسلم المحرم الذّكر أن يستخدم الكمامة أثناء أداء مناسك الحجّ أو العمرة، لكن يجب عليه دفع فديةٍ لذلك، ومن لبسها لغير حاجةٍ فقد أثم، ووجبت عليه الفدية، ومن لبسها عن جهلٍ وعن غير علم، فلا إثم عليه ولا فدية، والله أعلم.[7]

اقرأ أيضًا: هل يجوز تأخير طواف الافاضة مع الوداع

هل يجوز لبس الكمامة في العمرة للنساء

قد ذكرنا فيما سبق إجابة السّؤال هل يجوز لبس الكمامة في العمرة، وسنجيب الآن عن السّؤال الّذي يقول هل يجوز لبس الكمامة في العمرة للنساء، فلقد نهى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن انتقاب المرأة أو لبسها للّثام أو اللّفام -وهو ما يوضع على الفم فقط- كذلك لبسها للنّقاب والبرقع وتغطية وجهها بشكلٍ عامّ أثناء الإحرام وأداء مناسك العمرة أو الحج، وذلك مذكور في قوله صلّى الله عليه وسلّم: “ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ”.[8] وعلى المرأة المحرمة أن تكشف وجهها وكفّيها، ويجوز لها أن تسدل شيئاً من حجابها على وجهها إذا مرّ بجانبها رجالٌ أجانب، لكن دون أن تغرزه بإبرة، وأمّا عن لبس الكمامة، فيجوز لها ذلك في حال المرض أو الخوف من انتقال الأمراض إليها أو وجود نوعٍ من أنواع الحساسيّة لديها، لكن مع ذلك تجب عليها الفدية، أمّا إن كانت تلبس الكمامة لغير ضرورة، وبقصد تغطية وجهها والانتقاب بها، فهذا فيه إثمٌ وتجب عليها الفدية، لأنّها ارتكبت واحدةً من محظورات الإحرام، والله أعلم.[9]

اقرأ أيضًا: ما حكم ترك الحج مع القدرة مع الدليل

حكم لبس الشراب في العمرة للنساء

إنّ ستر المرأة لجميع بدنها عدا كفّيها ووجهها، أمرٌ واجبٌ ومفروضٌ عليها، فقد أمر الله تعالى النّساء بالحجاب، والحجاب هو ستر سائر البدن إلّا ما ظهر منه، أي الوجه والكفّين، أمّا الأقدام فلا يجوز للمسلمة أن تكشفهما أمّام الرّجال الأجانب، وسترهما واجبٌ عليها، ولبس الشّراب في العمرة أو الحجّ جائزٌ لها، كذلك يجوز لها لبس الخفّين، وذلك لستر قدميها وعدم إظهارهما لغير المحارم، وقد أجاز لها الإسلام لبس المخيط من الثياب، ولبس الّذهب والسّاعة والخاتم، أثناء الإحرام، لكن يجب عليها أن تستر زينتها، وألّا تبديها إلّا أمام محارها، سواءً كان ذلك في حجٍّ أو عمرة، أو في غيرهما، أمّا الرّجال فلا يجوز لهم لبس الجوارب، إلّا عند الضّرورة كالمرض، وهنا يجب عليه الافتداء والاستغفار، والله اعلم.[10]

كفارة لبس الكمامة

إنّ لبس الكمامة للرّجال والنّساء جائزٌ عند الضّرورة فقط، أي أنّ في الظّروف الّتي يمرّ بها العالم الآن، وفي ظلّ انتشار الوباء، يجوز للمسلم سواءً كان رجلاً أو امرأة، لبس الكمامة أثناء تأدية المناسك، لكن رغم ذلك تجب عليهم الفدية، وذلك لارتكابهم لأمرٍ محظورٍ وقت الإحرام، وهذه الفدية هي صيام ثلاثة أيّامٍ، أو إطعام ستّة مساكين لكلّ منهم نصف صاع، أو ذبح شاة، ويمكن للمسلم أن يختار التّي يقدر عليها، والله تعالى يغفر ويعفو عمّن يشاء، والله أعلم.

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال هل يجوز لبس الكمامة في العمرة ، حيث بيّنا الحكم للرّجال والنّساء كلّ على حدة، كما بيّنا حكم لبس الشراب للنّساء، وكفّارة لبس الكمامة في العمرة للرجال والنساء.

المراجع

  1. سورة البقرة , الآية 196
  2. المهذب , الذهبي/أبو رزين العقيلي لقيط بن عامر/1709/4/رواه أرباب السّنن من وجوه عن شعبة
  3. تحفة المحتاج , الترمذي/جابر بن عبدالله/130/2/حسن
  4. alukah.net , تعريف العمرة وحكمها , 05/08/2021
  5. صحيح البخاري , البخاري/عبدالله بن عمر/134/صحيح
  6. صحيح مسلم , مسلم/عبدالله بن عباس/1206/صحيح
  7. islamqa.info , هل يجوز للمحرم لبس الكمامة؟ , 05/08/2021
  8. صحيح البخاري , البخاري/عبدالله بن عمر/1838/صحيح
  9. islamqa.info , حكم لبس المرأة المحرمة للكمامة , 05/08/2021
  10. islamqa.info , لبس الجوارب في الإحرام للرجل والمرأة , 05/08/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *