ما حكم من اراد ان يضحي وقص شعره

ما حكم من اراد ان يضحي وقص شعره ؟ يعد هذا السؤال من الأسئلة الشائعة في هذه الأيام ونحن مقبلون على عيد الأضحى المبارك، الذي يسن فيه للمسلم القادر أن يضحي بشاة، وهناك مجموعة من الشروط لمن أراد أن يضحي، وحكمها محل خلاف بين العلماء. وحرصًا منا في موقع المرجع على بيان الأحكام الشرعية التي يبحث عنها المسلمون تجنبًا للوقوع في الخطأ، فإننا سوف نضع لكم في هذا المقال إجابة وافية عن هذا السؤال إن شاء الله.

ما حكم من اراد ان يضحي وقص شعره

حسبما ورد عن السادة الشافعية والحنفية والمالكية؛ إن من أراد أن يضحي وقص شيئًا من شعره، فأضحيته صحيحة ومقبولة بإذن الله. والله أعلم. [1] على الرغم من أن هذه من المسائل التي خالف فيها الحنابلة الجمهور بتحريم قص الشعر وتقليم الأظافر على من أراد الأضحية، ولكل فريق في  المسألة حجج معتبرة. فقد ورد عن أم سلمة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فَإِذَا أُهِلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ” [رواه مسلم]. [2]

أخذ الحنابلة هذا الحديث على الوجوبـ. أما الإمام الشافعي، فقد أخذ حديث أم سلمة على كراهة قص الشعر وتقليم الأظفار؛ لوجود حديث آخر للسيدة عائشة معارض له، وهو: “كانَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُهْدِي مِنَ المَدِينَةِ، فأفْتِلُ قَلَائِدَ هدية، ثُمَّ لا يَجْتَنِبُ شيئًا ممَّا يَجْتَنِبُهُ المُحْرِمُ”، [3] فعلق الشافعي على حديث عائشة ما معناه أن البعث أبلغ من الهدي، فيدل ذلك على عدم الحرمة. أما الإمام مالك، فلم يأخذ بحديث أم سلمة لحجة معتبرة عنده. [4]

اقرأ أيضًا: هل يجوز للمرأة أن تذبح الأضحية

هل قص الشعر يبطل الأضحية

حسب ما عليه الجمهور كما ذكرنا عدم بطلاب أضحية من قص شيء من شعره أو قلّم شيئًا من أظافره، على الرغم من أن السادة الحنابلة أفتوا بحرمة قص الشعر لمريد الأضحية، فخالفوا بذلك الجمهور، إلا أن ما ذكره الشيخ ابن عثيمين من الحنابلة أن قص الشعر يجوز في حالة: وهي إن كان عدم الأخذ من شعر الموجود على الشارب يسبب شينا -عيبًا- ظاهرًا، أو يسبب أذىً وحرجًا مثلًا؛ بسبب وجود موضع لا يمكن أن ينبت فيه الشعر، فما يظهر – والله أعلم – جواز الأخذ من شعر الشارب في هذه الحالة؛ دفعًا للحرج. [5]

وكذلك ورد في فتوى للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أن من احتاج لأخذ شيء من الشعر والظفر والبشرة، فقام بالأخذ منها فلا حرج عليه كأن يكون المضحي به جرحاً، فيحتاج بسببه إلى قص الشعر عن الجرح، أو ينكسر شيء من ظفره، فيؤذيه ذلك فيقص ما يتأذى به، أو تتدلى قشرة من جلد المضحي، فتؤذيه فيقوم بقصها، فلا حرج عليه في شيء من ذلك كله. [5]

اقرأ أيضًا: هل قص الشعر والأظافر يبطل الأضحية

سبب عدم قص الشعر والأظافر للمضحي

نَبَّه عدد من العلماء على سبب عدم قص من أراد أن يضحي من شعره أو التقليم في شيء أظفاره، فمما ورد في كتاب شرح صحيح مسلم للإمام النووي -رحمه الله- مقطع بين فيه الحكمة من عدم قص مريد الأضحية لشعره وأظفاره، فقال: “قال أصحابنا: والحكمة في النهي أن يبقى كامل الأجزاء ليعتق من النار”. [6]

كما ورد في فيض القدير مقطع معناه أن؛ مما ينبغي على المضحي أن يجتنبه هو؛ قص شيء من شعر نفسه، حتى يبقى المسلم كامل الأجزاء؛ وبذلك يعتق كله من النار. كما وضع التوربيشي أيضًا قولًا في هذا الأمر هو: “كأن سر ذلك أن المضحي يجعل أضحيته فدية لنفسه من العذاب حيث رأى نفسه مستوجبة العقاب وهو القتل، ولم يؤذن فيه، ففداها وصار كل جزء منها فداء كل جزء منه، فلذلك نهى عن إزالة الشعر والبشر لئلا يفقد من ذلك قسط ما عند تنزل الرحمة وفيضان النور الإلهي لتتم له الفضائل، وينزه عن النقائص والرذائل”. [6]

اقرأ أيضًا: أسعار الأضاحي في السعودية 

ما الذي يمتنع عنه من أراد أن يضحي؟

يجب على من أراد التضحية أن يمتنع عن قص الشعر عن كل الجسم، بما في ذلك الشارب واللحية والعانة، وشعر الرأس وغير ذلك، على الوجوب أو على الاستحباب كما ذكرنا. وأما التطيب والجماع أي معاشرة النساء، فهذا مما لا يحرم، كما أنها لا تكره على من أراد أن يضحي، وتكون الكراهة خاصة فقط بقلم الأظفار وقص الشعر لما بيناه. والمرأة فيما ذكرنا مثل الرجل لعموم الأحاديث الواردة في ذلك. [1]

اقرأ أيضًا: حكم الأضحية في عيد الأضحى

حديث أم سلمة عن الأضحية

حكم المنع من قص الشعر والظفر الوارد في حديث أم سلمة أم المؤمنين زوجة الرسول -صلى الله علي- وسلم- عن الأضحية هو محل الخلاف بين العلماء، فهناك من أخذ به، واعتبر أن قص الشعر وتقليم الأظافر لمريد الأضحية من المحرمات وهم الحنابلة، ومنهم من جمع بينه وبين حديث السيدة عائشة -رضي الله عنه- فأخذ المنع من قص الشعر والأظافر على الاستحباب، وهناك من لم يأخذ بحديث أم سلمة لحجة معتبرة عنده وهو الإمام مالك. [4] ونص الحديث هو: “مَن كانَ له ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فإذا أُهِلَّ هِلالُ ذِي الحِجَّةِ، فلا يَأْخُذَنَّ مِن شَعْرِهِ، ولا مِن أظْفارِهِ شيئًا حتَّى يُضَحِّيَ.”. [2]

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام هذا المقال، وقد ذكرنا لكم فيه الحكم الشرعي للمسألة الواردة في بداية المقال، وهي: “ما حكم من أراد أن يضحي وقص شعره؟” بالإضافة إلى بيان مجموعة من الأحكام الأخرى التي ينبغي على المضحي أن يلم بها.

المراجع

  1. aliftaa.jo , حكم قص الشعر والظفر لمريد التضحية , 06/06/2024
  2. صحيح مسلم , أم سلمة أم المؤمنين، مسلم، 1977، صحيح
  3. صحيح البخاري , عائشة أم المؤمنين، البخاري، 1698، صحيح
  4. كتاب بغية الأريب / الدكتور أمجد رشيد , فصل أسباب اختلاف المجتهدين، السبب الثالث
  5. islamqa.info , هل يجوز للمضحي أن يأخذ من شعره قبل أن يضحي لعذر ؟ , 06/06/2024
  6. islamweb.net , الحكمة من منع المضحي من قص شعره وأظافره , 06/06/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *