حكم خروج المرأة بدون محرم
جدول المحتويات
حكم خروج المرأة بدون محرم من الأحكام الشرعية التي لا بُد من أن تتطرق لها المرأة المسلمة؛ ولهذا يجب أن تعلم حكم هذه الأمور التي من الممكن أن تقوم بها يوميًا؛ ولذلك سيتم التعرف في موقع المرجع ابتداءً على مكانة المرأة في الإسلام وحكم خروج المرأة بدون محرم سواء من بيتها أو إلى العمرة، وما هي الضوابط الإسلامية للمرأة في هذا المقال.
مكانة المرأة في الإسلام
إنَّ للمرأة مكانة عظيمة جدًا في الإسلام؛ بعد أن كانت مهدورة الكرامة في الجاهلية، حيث صوّر الله -عزّ وجلّ- لنا حالها في الجاهلية تصويرًا بديعًا في قوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ*بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [1] فما كان لها أي كرامة تذكر، ومن الجدير بالذكر أن الرجل إذا تزوج امرأة في الجاهلية ومات عنها جعلها ملكًا لأوليائه أو لورثته، بحيث يرثها أخوه أو أبوه، أو قد تصبح جارية، أو يتزوجها أخوه، لا سيما وأنها لا يمكن أن تنفك عنهم بأي حال من الأحوال، ثم بعد ذلك جاء الإسلام وعظمَّ مكانة المرأة وقيمتها وكرامتها، وقد أحيا فيها الأخلاقيات السامية مثل؛ الحياء وغيره فأراد الإسلام أن يجعل المرأة في مكان عظيم، ويوقر مكانتها، ويبين احترامها لنفسها ولغيرها، ولذلك أعطاها منزلة رفيعة، وأمرها بآداب وأخلاق؛ ليكون بها صلاحها وصلاح المجتمع الإسلامي، ولكنها إن لم تتحلَّ بها فقد تقع في مخالفات شرعية منها؛ التبرج في اللباس والنقاب، وخروجها متعطرة إلى المساجد أو غيرها.[2]
حكم خروج المرأة بدون محرم
يجوز للمرأة الخروج بدون محرم لقضاء الحوائج وليس لسفرِِ، فإذا أمنت المرأة الطريق للخروج وحدها فلا حرج في ذلك؛ بشرط أن لا يكون خروجها هذا سفرًا، وهذا بدليل ما ورد عن نساء الصحابة؛ فقد كانوا يخرجن إلى المسجد ويأتين النبي -صلى الله عليه وسلم- يستفتينه، ولم يكن معهن محارم، كما في حديث خولة لما جاءت تسأل عن الظهار، وغيره من الأحاديث والروايات التي ذكرت بعد سؤال نساء الصحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أننا ننبه على أن الأصل هو قرار المرأة في بيتها لقول الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}،[3] مع القول بجواز خروجها للحاجة، كما في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “قدْ أذِنَ اللَّهُ لَكُنَّ أنْ تَخْرُجْنَ لِحَوائِجِكُنَّ“.[4] [5]
حكم خروج المرأة إلى السوق
لا يجوز الذهاب في كل الحالات إلا لضرورة شديدة؛ حيث إنَّ الذي حثت عليه الشريعة الإسلامية من المرأة؛ هو البقاء في بيتها والقيام بأعماله وتربية الأولاد ورعايتهم؛ حيث إنها راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها؛ بدليل قوله تعالى: {وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ}؛[3] أي: الزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة؛ وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك أيضًا: “إنما النساءُ عورةٌ ، وإن المرأةَ لتخرجُ من بيتِها وما بها بأسٌ ، فيستشرفُها الشيطانُ”،[6] ولا سيما أن الفتن في هذا الزمان كثيرة؛ وليست معرفة الجديد من السلع حاجة تبرر لها الخروج من بيتها؛ إلا وإن خرجت المرأة مع امرأة أخرى ثقة؛ فهذا أفضل بكثير من ذهابها منفردة؛ وقال الشيخ ابن جبرين: “إن لم تجد من ينوب عنها في شراء حوائجها الخاصة، أو لا يعرف ما تريده غيرها، ومتى خرجت فلابد أن تكون في غاية الاحتشام والتستر ، وتغطية جميع بدنها ، ولا يجوز لمن دخلت الأسواق أن تبدي شيئًا من جسدها أمام الرجال ، كالكفين والوجه والقدمين وغيرها، لأنها عورة ، وهكذا لا تبدي الحلي على يديها ، ولو كانت مستورة بالجوارب ، وهكذا لا تدخل الأسواق وهي متطيبة بطيب له رائحة ظاهرة ، ولابد أيضاً أن تصحب محرمها وهو زوجها أو من تحرم عليه من أقاربها أو أصهارها ، وهكذا ، وقد يجوز إذا صحبت نسوة ثقات وأمنت المفسدة ، والتزمت الاحتشام التام ، والبعد عن الأخطار وأسبابها”.[7]
شاهد أيضًا: صفات المرأة الزهرية
حكم خروج المرأة بدون محرم للعمرة
لا يجوز للمرأة أن تسافر بمفردها سواء لعمرة أو لغيرها، وعلى هذا لا بُد من وجود محرم أو زوج معها، وهذا بدليل قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ أنْ تُسافِرَ مَسِيرَةَ يَومٍ ولَيْلَةٍ ليسَ معها حُرْمَةٌ“،[8] ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: “لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بامْرَأَةٍ إلَّا وَمعهَا ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا تُسَافِرِ المَرْأَةُ إلَّا مع ذِي مَحْرَمٍ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ امْرَأَتي خَرَجَتْ حَاجَّةً، وإنِّي اكْتُتِبْتُ في غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، قالَ: انْطَلِقْ فَحُجَّ مع امْرَأَتِكَ“،[9] فهذه الأحاديث من الأحاديث التي تدل على تحريم سفر المرأة بغير محرم، وهذا لم يخصص سفر عن سفر، ولم يستثني من ذلك السفر للعمرة ولا غيره؛ ومن الجدير بالذكر أن بعض الفقهاء كالمالكية والشافعية أجازوا سفر المرأة المأمونة مع الرفقة الآمنة في الحج دون محرم، لأنه فرض، فأقاموا الرفقة في هذا مقام المحرم، ولكن لا يكفي وجود مجموعة من النساء في السفر لأجل العمرة، فيجب أن يكون الزوج أو محرم.[10]
شاهد أيضًا: هل يسقط الحج عن المرأة بدون محرم
الضوابط الإسلامية للمرأة
إنَّ من الضوابط العديدة التي لا بُد للمرأة أن تتحلى بها: أن تقر في بيتها ولا تخرج إلا لحاجة، حيث قال الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى}،[3] وقد بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أفضل العبادات على الإطلاق هي الصلاة التي هي صلة بين العبد وبين الله -عزّ وجلّ- وقد ذكر رسول الله أن مكانة الصلاة في المساجد، وأن المرأة لا تُمنع منها إن أتت بالضوابط الشرعية حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “لا تَمْنَعُوا إماءَ اللهِ مَساجِدَ اللَّهِ “[11] ثم بين لهن الخيرية في ذلك وهو صلاتهن في بيوتهن، فقال عليه الصلاة والسلام: “وبيوتُهنَّ خيرٌ لهن“،[12] ولما رأت عائشة في زمن أواخر الصحابة ما تفعله النساء، قالت: لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما تفعل النساء ما رخص لهن بالخروج في المساجد، فما منعت نساء بني إسرائيل من المساجد إلا لذلك، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- جعل للمرأة ضوابط للخروج من البيت إلى المسجد، فلابد للمرأة أن تتحلى بها.
إلا أن المخالفات التي تقع فيها النساء عظيمة جدًا عند الخروج في بعض الأحيان، فالمرأة تأثيرها على الرجل بالبصر وبالشم، وهي لا تتأثر بالرجل إلا باللمس أو بالهمس، فالمرأة من قوة تأثيرها على الرجال؛ فإنها تحركها بمجرد البصر، ولأن المرأة حباها الله -عزّ وجلّ- من مقومات في شخصيتها وفي جسدها يمكن أن يتأثر بها الرجل، وأما المرأة فلا تتأثر إلا بالغزل أو بالكلام الطيب، فخطورة المرأة على الرجل أشد من خطورة الرجل على المرأة، وهذا هو الذي جعل بعض العلماء يقول: إنه يجوز للمرأة أن تنظر للرجال بشرط أن يكون نظرًا عامًا لا نظرًا فيه شهوة، ودليل ذلك؛ المرأة الخثعمية: “التي وقفت تسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت تنظر للفضل بن عباس والفضل ينظر لها، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم فأدار وجه المرأة الخثعمية بعصاه، وأدار وجه الفضل بيده، ولم ينكر على المرأة”، فهذا فيه دلالة على أن المرأة لها أن تنظر إلى الرجل نظرًا عامًا.[13]
حكم خروج المرأة دون إذن وليها
لا يجوز أن تخرج المرأة دون إذن وليها باتفاق الفقهاء، وقد عدّوا خروج الزوجة دون إذن زوجها؛ بالزوجة الناشزة، حيث قال ابن حجر الهيتمي: “وإذا اضطرت امرأة للخروج، لزيارة والد: خرجت بإذن زوجها ، غير متبرجة”، وعلى المرأة أن تأخذ الإذن من لي أمرها، إما أن يأذن لها في الخروج من بيته، أو لا يأذن؛ وهذا خاصة مع فساد الزمان وتغير الأحوال، بل الواجب أيضًا على الولي سواء أكان أبًا أم أخًا أن يتحمل هذه المسؤولية، ويحفظ أمانته التي عنده، حتى يلقى الله تعالى وقد أدب ابنته وعلمها وأحسن إليها ، والواجب على الفتاة؛ أن لا تخرج من بيتها إلا بإذن وليها، وعليه فقد أجمع العلماء على حرمة خروج النساء بغير إذن أوليائهن، وسواء في ذلك أكُنَّ متزوجات أم غير متزوجات.[14]
شاهد أيضًا: هل صوت المرأة عورة مع الدليل
شروط خروج المرأة من بيتها
إن خروج المرأة من بيتها لغير ضرورة أو من غير إذن زوجها أو لسفر فهو غير جائز باجماع العلماء، أما إن كان لحاجة ضرورية أو لعمل أو هدف فقد أجاز العلماء ذلك بالشروط الآتية:[15]
- أن يكون خروجها لعمل مباح.
- أن يكون الخروج لحاجة شخصية أو حاجة المجتمع.
- أن تأخذ إذن الزوج أو الولي.
- عدم التفريط في حق الزوج أو الأولاد.
- ملائمة العمل لطبيعة المرأة.
- الالتزام باللباس الشرعي.
- عدم مس الطيب وهو العطر.
- الاعتدال في المشي.
- أمن الفتنة.
- عدم الخلوة أو الاختلاط بالرجال.
وهنا نصل إلى ختام مقال حكم خروج المرأة بدون محرم، وتعرفنا على جواز خروجها لقضاء حوائجها، وعدم الجواز إن كان لسفر أو عمرة، ثم تتطرقنا للحديث عن الضوابط العامة للمرأة المسلمة.
المراجع
- سورة التكوير , الآية 8-9
- al-maktaba.org , مكانة المرأة في الإسلام , 25/08/2021
- سورة الأحزاب , الآية 33
- صحيح البخاري , البخاري، عائشة أم المؤمنين، 5237، صحيح
- islamweb.net , حكم خروج المرأة من بيتها بغير محرم , 25/08/2021
- صحيح الترغيب , الألباني، عوف بن مالك بن نضلة أبو الأحوص، 348، صحيح موقوف
- islamqa.info , هل تخرج إلى السوق وحدها؟ , 25/08/2021
- صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 1088، صحيح
- صحيح مسلم , مسلم، عبدالله بن عباس، 1341، صحي
- islamweb.net , لا تسافر المرأة إلى العمرة بغير محرم , 25/08/2021
- صحيح مسلم , مسلم، عبدالله بن عمر، 442، صحيح
- إرواء الغليل , الألباني، أب هريرة، 515، صحيح
- al-maktaba.org , الضوابط الإسلامية للمرأة المسلمة , 25/08/2021
- islamqa.info , يحرم خروج المرأة من غير إذن وليها , 25/08/2021
- saaid.net , ضوابط خروج المرأة للعمل , 25/08/2021
التعليقات