حكم العدة للارملة فوق الخمسين

حكم العدة للارملة فوق الخمسين من الأحكام التي يبحث عنها المسلمون في ضوء ما ورد في تشريع الدّين الإسلاميّ، فقد يتعرّض بعض النسوة إلى فقدان أزواجهنّ وهنّ في عمرٍ يناهز الخمسين، وذلك بأسبابٍ مختلفة قد يكون طلاقًا وقد يكون موتًا، والبحث في الأحكام الشرعيّة للمرأة من أجل عدّتها من الأمور الواجبة على الأمّة الإسلاميّة، لذا يهتمّ موقع المرجع عبر هذا المقال ببيان حكم الشريعة الإسلاميّة لعدّة الأرملــة التي ناهزت الخمسين من عمرها.

حكم العدة للارملة فوق الخمسين

إنّ حكم العدة للارملة فوق الخمسين هي أنّ النساء اليائس وغيرهن من النساء يعتدن لمدّة أربعة أشهرٍ وعشر أيّام إذا كانت العدّة من وفاة، وأمّا في حال الطلاق تعتدّ اليائس ثلاث أشهر، وذلك ما جاء في قوله تعالى من سورة الطلاق: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}،[1] والمرأة التي تجاوزت الخمسين لا يشترط أن تكون من اليائسات، إنّما يكون اليأس مع انقطاع الحيض، وفي ذلك قال ابن قدامة: “وإن رأت الدم بعد الخمسين على العادة التي كانت تراه فيها فهو حيض في الصحيح، لأن دليل الحيض الوجود في زمن الإمكان وهذا يمكن وجود الحيض فيه وإن كان نادراً، وإن رأته بعد الستين فقد تيقن أنه ليس بحيض لأنه لم يوجد ذلك”، وأمّا ما ورد في تلك التي لم تبلغ سنّ اليأس وانقطع عنها الحيض أنّ عدّتها سنة كاملة كما حكم الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والله ورسوله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: عدة المتوفي عنها زوجها وهي حامل

أقوال الفقهاء في العدة للأرملة فوق الخمسين

كذلك الخوض في بيان حكم العدة للارملة فوق الخمسين يدفع إلى ذكر أقوال الفقهاء في هذا الصدد فيما يأتي:

  • قال ابن القيم: “وأما عدة الوفاة فتجب بالموت سواء دخل بها أو لم يدخل اتفاقاً كما دل عليه عموم القرآن والسنة”.
  • كذلك قال ابن كثير: “قال بعموم نص الآية على كافة النساء ولا تخرج من تلك الأحكام سوى المرأة المتوفى عنها زوجها وهي حامل فتنتهي عدتها بوضع حملها”.
  • القرطبي: “عدة الوفاة تلزم الحرة والأمة والصغيرة والكبيرة والتي لم تبلغ المحيض، والتي حاضت واليائسة من المحيض والكتابية – دخل بها أو لم يدخل بها إذا كانت غير حامل – وعدة جميعهن إلا الأمة أربعة أشهر وعشرة أيام؛ لعموم الآية في قوله تعالى: { يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً }”.

شاهد أيضًا: متى يكون للرجل عدة الزواج

الأرملة ما لها وما عليها

بعد بيان حكم العدة للارملة فوق الخمسين لا بدّ من بيان شروط العدّة للمرأة، وبيان ما يكون لها وما عليها في ضوء الكناب والسنّة النبويّة الشريفة فيما يأتي:[3]

ما يكون للزوجة التي توفى عنها زوجها

فأمّا ما يكون للزوجة التي توفي عنها زوجها فإنّ لها ما يأتي:

  • الإرث: الربع إن كانت مسلمة ولم يترك زوجها فرعًا، والثمن في حال ترك فرع، قال تعالى في سورة النساء: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ}.[4]
  • السكنة في البيت: حيث يحقّ للمرأة أن تبقى في بيت زوجها حتّى تنهي عدتها، وفي ذلك قال ابن قدامة: “فهي أحق بسكنى المسكن الذي كانت تسكنه من الورثة والغرماء، فإن تعذر المسكن فعلى الوارث أن يكتري لها مسكناً من مال الميت، فإن لم يفعل أجبره الحاكم، وليس لها أن تنتقل من مسكنها إلا لعذر”.

شاهد أيضًا: الطلاق الرجعي في المحكمة وحكمه وكيفية اثباته

ما يكون على الزوجة التي توفى عنها زوجها

وأمّا ما يكون على الزوجة التي توفى عنها زوجها، فإنّ عليها ما يأتي:

  • العدة: قال تعالى في سورة البقرة: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً}.[5]
  • الحداد: ويكون بترك الزينة فقد روت نسيبة بنت كعب -رضي الله عنها- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “لا تُحِدُّ المرأةُ فوقَ ثلاثَةِ أيامٍ ، إلا على زوجِها فإنها تُحِدُّ أربعةَ أشهرٍ وعشرًا ، ولا تلبَسُ ثوبًا مصبوغًا إلا ثوبَ عَصْبٍ ، ولا تكتَحِلُ ولا تختَضِبُ ، ولا تَمَسُّ طِيبًا إلا إذا طَهُرَتْ من حَيضِها ، نُبذَةً من قُسْطٍ أو أظفارٍ“.[6]

شاهد أيضًا: كم عدة المطلقة قبل الدخول

كيف تحسب العدة للأرملة

كذلك لا بدّ من بيان كيفية حساب العدة للأرملة بعد الخوض في بيان حكم العدة للارملة فوق الخمسين ، حيث تحسب العدّة للأرملة على حالاتٍ مختلفة ننقلها إليكم كما نشرت عنها دار الإفتاء على موقعها الرسمي فيما يأتي:[7]

  • عدة الوفاة بعد الدخول أو الخلوة للحامل: “عدة المرأة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا فعدتها تكون بوضع حملها، لقوله تعالى: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) الطلاق/4، ولحديث: (أَنَّ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَجَاءَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَنْكِحَ فَأَذِنَ لَهَا فَنَكَحَتْ)”.
  • عدة الوفاة بعد الخلوة أو الدخول لغير الحامل: “عدة المرأة المتوفى عنها زوجها غير الحامل أربعة أشهر وعشرة أيام تبدأ من يوم الوفاة؛ لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) البقرة/ 234”.
  • عدة الطلاق بعد الخلوة أو الدخول للحامل: “عدة المطلقة الحامل تنتهي بوضع حملها سواء كان الحمل كاملاً، أم غير كامل، بإسقاطه في أي مرحلة من مراحل الحمل لقوله تعالى: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) الطلاق/4، ولحديث: (أَنَّ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَجَاءَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَنْكِحَ فَأَذِنَ لَهَا فَنَكَحَتْ) رواه البخاري”.
  • عدة الطلاق بعد الخلوة أو الدخول لغير الحامل: فهي بحسب إذا كانت من ذوات الحيض أو لم تر الحيض أو بلغت سن اليأس ونحو ذلك من الأمور المختلفة، فهي ثلاث أشهر لمن بلغت سن اليأس وسنة كاملة لمن رأت الحيض مرة أو مرتين.
  • عدة الوفاة قبل الدخول أو الخلوة: “وفاة الزوج بعد العقد الصحيح (كتب الكتاب) ولو قبل الدخول تترتب عليه جميع آثار عقد الزواج وحقوق الزوجة, فيجب علي الزوجة العدة أربعة أشهر وعشرة أيام، لقوله تعالى:( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (البقرة/234)”.
  • عدة الطلاق قبل الدخول أو الخلوة: “إذا طلق الزوج زوجته قبل الدخول أو الخلوة الصحيحة فلا عدة عليها لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا) الأحزاب /49.
    الخلوة الصحيحة في عقد الزواج يقصد بها اختلاء الزوج بزوجته بعد العقد في مكان يمكنه فيه الدخول بزوجته دون وجود مانع يمنع من ذلك”.

شاهد أيضًا: الزوجة تريد الطلاق والزوج لا يريد

الحكمة من عدة الأرامل

إنّ الخوض في بيان حكم العدة للارملة فوق الخمسين يدفع إلي بيان الحكمة من مشروعية العدة فيما يأتي:[8]

  • فيها تعظيمٌ لعقد النكــاح ورفعةُ لقـدره وشرفــه.
  • فيها رعايةٌ لحقّ الزوج على زوجته بعد وفاته أو طلاقها.
  • فيها علمٌ ببراءة الأرحام كيلا تختلط الأنساب في بعضها البعض.

شاهد أيضًا: هل يجوز ارجاع الزوجه بعد الطلقه الاولى بدون علمها

هل تعيد المعتدة فوق الخمسين العدة إن شاهدت أجنبي أو شاهدها؟

كذلك الخوض في بيان حكم العدة للارملة فوق الخمسين يدفع البعض إلى التساؤل فيما إذا شاهدت أجنبيًّا أو شاهدها أجنبي، وقد بيّن الشيخ ابن باز رحمه الله إجابة هذا السؤال بقوله: “هذا غلط لا وجه له، لو شاهدها أجنبي أو شاهدت أجنبيًا فليس عليها إعادة العدة عليها التكميل فقط، والمشاهدة للأجنبي إذا كان مع الحجاب لا حرج فيه، كونها تشاهده ترد عليه السلام، يسلم عليها كابن عمها، كأحد جيرانها لا بأس، يسلم عليها، يعزيها، يسألها عن حاجة، تسأله عن حاجة لا حرج في ذلك، ولكن مع الستر، مع الحجاب وعدم الخلوة”.[9]

حكم العدة للارملة فوق الخمسين مقالٌ فيه تمّ ذكر بعض أقوال الفقهاء في الحكم الشرعي لعدّة المرأة التي بلغت الخمسين وما فوق من عمرها، كما بيّن المقال الحكمة من وجوب العدّة للأرامل، والشروط التي افترضها الدّين الإسلاميّ لعدتهنّ.

المراجع

  1. سورة الطلاق , الآية 4
  2. islamweb.net , عدة من بلغت سن اليأس وسبب نقصان عدة الطلاق عن الوفاة , 02/01/2022
  3. islamweb.net , الأرملة ما لها وما عليها , 02/01/2022
  4. سورة النساء , الآية 12
  5. سورة البقرة , الآية 234
  6. السنن الصغير للبيهقي , البيهقي/أم عطية نسيبة بنت كعب/3/164/صحيح
  7. aliftaa.jo , حساب عدة الطلاق والوفاة , 02/01/2022
  8. dorar.net , الحِكْمةُ مِن مَشروعيَّةِ العِدَّةِ , 02/01/2022
  9. binbaz.org.sa , هل تعيد المعتدة العدة إذا شاهدت أجنبي أو شاهدها؟ , 02/01/2022

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *