الحكمة من صيام عشر ذي الحجة

الحكمة من صيام عشر ذي الحجة من الأمور التي يتساءل عنها الكثير من الناس، فقد اعتاد المسلمون على صيام الأيام التسع الأوائل من شهر ذي الحجة والإكثار فيهن من العمل الصالح رغبةً فيما عند الله سبحانه وتعالى من الأجر والثواب العظيم، وذلك لأن الله تعالى فضّل هذه الأيام على غيرها من أيام العام. وحرصًا من موقع المرجع على تزويدكم بكل ما يهمكم من فضائل الأعمال وما يساعد في إحياء شعائر الدين الإسلامي، نسرد لكم في هذا المقال الحكمة من صيام عشر ذي الحجة وعدد من الأحكام المتعلقة بها.

الحكمة من صيام عشر ذي الحجة

ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يصوم العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، وكان كذلك يحافظ على صيام هذه الأيام؛ فقد روي عن أم المؤمنين السيدة حفصة رضي الله عنها أنها قالت: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ” رواه أحمد والنسائي وابن حبان وصححه، وقد ورد عن المحدثن في عدد من الأسانيد أحاديث عن فضل صوم العشر من شهر ذي الحجة. [1]

لم يثبت في صيام عشر ذي الحجة حديث صحيح، إلا أن هذا الأمر لا يمنع من فضل صوم الأيام العشر؛ وذلك لدلالة حديث للبخاري رحمه الله على عموم فضل الأعمال الصالحة فيها والصيام من فضائل الأعمال. وعلى ذلك؛ يندب للمسلم صيام الأيام العشر من شهر ذي الحجة بقدر ما يستطيع؛ لأن أجر صوم التطوع عظيم عند الله سبحانه وتعالى، فإذا اجتمعت فضيلة الصيام مع فضيلة هذه الأيام المباركة صار الأجر مضاعفًا بإذن الله، وعلى فرض أنه لم يثبت أيّ حديث صحيح عن صوم الرسول -صلى الله عليه وسلم- للأيام العشر من ذي الحجة، فذلك لا يستلزم أنه لا فضل لصومها. والله أعلم. [2]

شاهد أيضًا: فضل صيام يوم عرفة لغير الحاج

فضل صيام 9 أيام من ذي الحجة

الأيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة هي أفضل أيام الدنيا وأعظمها أجرًا، وليس هناك من أيام يكون العمل الصالح فيها أفضل من هذه الأيام العشر، وقد ورد في فضل هذه الأيام أحاديث متعددة صحيحة. أما الصيام في عشر ذي الحجة فيعد من جنس العمل الصالح المندوب في هذه الأيام. وقد ورد في فضل الصيام فيها، على وجه الخصوص، حديث أخرجه أبو داود في “سننه” (2436) ، والنسائي في “سننه” (2417) ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ”. وهذا الحديث صححه الشيخ الألباني في “صحيح سنن أبي داود” (2106). [3]

شاهد أيضًا: صحة الحديث من صام 9 ذي الحجة كمن تعبد عامين

أفضل العبادات في شهر ذي الحجة

العبادات والأعمال الصالحة كلها مستحبة في الأيام العشرة من ذي الحجة، ويمكن أن يتقرب المسلم من ربه -جلّ في علاه- من خلال الكثير من العبادات التي يستطيع أداءها، إلا أن هناك مجموعة من العبادات التي يستحب للمسلم أن يقوم بها في هذه الأيام خاصةً، نسرد لكم بعضًا منها فيما يأتي: [4]

• الحج والعمرة: وتعد أفضل ما يمكن أن يقوم به المسلم في عشرة ذي الحجة، ومن يسّر الله -تعالى- له الحج إلى بيته الحرام أو أداء مناسك العمرة على الهيئة المطلوبة فإن جزاؤه الجنة بإذن الله تعالى.
• الصيام في عشر ذي الحجة: وهو من ضمن الأعمال الصالحة، بل إنه يعد من أفضل الأعمال، فقد أضافه الله -تعالى- إلى نفسه لعلو شأنه وعظم قدره، وقد ذكرنا فضل صيام هذه الأيام المباركة. مع العلم أن النبي -عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم- خصّ عرفة بالصيام من بين الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة بالعناية، وبين فضله.
• الصلاة في عشر ذي الحجة: الصلاة من أحسن الأعمال وأعظمها فضلاً، وعلى المسلم أن يحافظ على الصلوات في وقتها مع الصلاة في جماعة، وأن يكثر من أداء النوافل في الأيام المباركة، لأنها من أحسن القربات.
• التكبير والتحميد والتهليل والذكر: يستحب للمسلم أن يجهر بالتكبير في هذه الأيام المباركة من ذي الحجة وأن يرفع صوته بالتكبير.
• الصدقة في عشر ذي الحجة: وتعد من الأعمال الصالحة التي يندب للمسلم أن يكثر منها في الأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة، لما ورد من أحاديث وآيات في فضل الصدقة.

شاهد أيضًا: أفضل العبادات في شهر ذي الحجة

حكم الإفطار في صيام عشر ذي الحجة

ورد عن السيدة حفصة رضي الله عنها أنها قالت: “أربعٌ لم يكن يدَعهنَّ رسولُ اللهِ : صيامُ عاشوراءَ والعشرُ ، وثلاثةُ أيامٍ من كلِّ شهرٍ ، والركعتان قبل الغداةِ”. [5] رواه أحمد والنسائي وابن حبان وصححه، وفي هذا الحديث دلالة على استحباب صيام الأيام العشرة الأوائل من شهر ذي الحجة. وعلى الرغم من ورود أحاديث أخرى ورد فيها عدم صيام النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أنه قد يكون للحديث تأويلات معينة، وهي بالتالي لا تمنع من استحباب صيام هذه الأيام. كما أن الصيام من جملة الأعمال الصالحة التي يتقرب بها العبد إلى الله -سبحانه وتعالى- في عشر ذي الحجة التي ما من أيام أحب إلى الله أن يعمل فيهن العبد من الصالحات منها. [6]

وحسب ما ورد عن العلماء يعدّ صيام الأيام التسعة الأولى من شهر ذي الحجة -دون يوم العيد- من الأمور المسنونة؛ أي أن صوم الأيام التسعة من السنة وليس فرضًا، وآكد هذه الأيام في الندب هو يوم عرفة لغير الحاج، ثم يليه في ذلك يوم التروية، أي اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، ثم يليها الباقي. وبناءً على ذلك فإن الإفطار في عشر ذي الحجة ليس حرامًا لأن الصيام مندوب، أي أن الصائم يؤجر على صيامه، والمفطر لا يعاقب، لكن على الإنسان أن يحرص على التزام سنة الرسول صلى الله عليه وسلم. والله أعلم. [6]

شاهد أيضًا: هل يجوز قص الاظافر في العشر الاوائل من ذي الحجة

هل يجب صيام العشر من ذي الحجة كاملة

صيام الأيام العشر من ذي الحجة مندوب عدا اليوم العاشر وهو يوم عيد الأضحى فمن المعروف أنه صيام يوم عيد الأضحى حرام؛ وعلى المسلم أن يصوم من هذه الأيام العشرة ما استطاع، لأن هذه الأيام من الأيام الفضيلة التي يستحب فيها الإكثار من العمل الصالح، إلا أن الصيام غير واجب وكذلك التقييد بصيامهنّ كاملات للحصول على الأجر ليس واجبًا، فإن استطاع المسلم صيام الأيام كلها فله الأجر بإذن الله ومن لم يستطع صام ما قدر عليه وله الأجر على الأيام التي صامها. مع التنبيه إلى أن أحب الأيام في الصيام لغير الحاج يوم عرفة، فعلى المسلم أن يحرص على صيامه. [7]

شاهد أيضًا: أحاديث فضل العشر الأوائل من ذي الحجة

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام هذا المقال، وقد بينّ فيه الحكمة من صيام عشر ذي الحجة وفضل الصيام في هذه الأيام الفضيلة، كما بيّنا أفضل العبادات والأعمال الصالحة التي يستطيع المسلم أن يقوم بها في عشر ذي الحجة، وأحكام أخرى متعلقة بها.