ما هي معايير الكفاءة المعتبرة في النكاح

ما هي معايير الكفاءة المعتبرة في النكاح هي الأمور التي سيتمّ بيانها عبر هذا المقال، فالزواج هو سنّة الله في خلقه، وهو السبب الذي يتمّ فيه تحقيق الغاية من الاستخلاف في الأرض، وهو الاستمرار وإعمارها إلى أن يشاء الله ربّ العالمين، فاقتران الزوج بزوجةٍ تعينه ويعينها يساعد على ذلك، ويكون بينهما مودة ورحمة وتآلف وتقاطع في المصالح والمنافع، وقد جعل الإسلام للزواج ضوابط عديدة لتنظيمه وجعله مناسبًا وسليمًا وشريفًا، ومن خلال موقع المرجع سيتم معايير الكفاءة في الزواج وأثرها في الأسرة وحكمها.

مفهوم الكفاءة في الزواج

إن مفهوم الكفاءة في الزواج في اللغة العربية يعني المماثلة والمساواة في القوة والشرف، وهي تعني أن يكون الرجل مساويًا للمرأة التي يريد أن يتزوجها في عددٍ من الأمور، وتعدّ الكفاءة في الزواج من الأمور التي لا اتّفاق عليها عند أهل العلم، وقد ذكر أهل العلم أنّه مما لا شك فيه أنّه كلما كانت حياة الرجل مساويةً لحياة المرأة ومكانتها كلّما كان ذلك أدعى لنجاح الحياة الزوجية وأحفظ لها من الفشل والإخفاق، والكفاءة في الزواج ذهب بعض أهل العلم لعدم اعتبارها، كابن حزم، فإذا لم يكن المسلم زانيًا فله أن يتزوج أيّة مسلمة، وآخرون من أهل العلم قالوا لا بدّ من الكفاءة ليكون أكمل للزواج وأدوم.[1]

شاهد أيضًا: ما هو التحميض في الزواج في الإسلام

ما هي معايير الكفاءة المعتبرة في النكاح

ذهب بعض أهل العلم أنه لا اعتبار للكفاءة في النكاح ما دام الرجل ليس بزانٍ فله أن يتزوج من شاء من المسلمات، وأخذ بعض أهل العلم أنّ اعتبار الكفاءة يكون بالاستقامة والخلق والصلاح، وهو مذهب المالكية، أمّا جمهور أهل العلم فيرون أنّ معايير الكفاءة المعتبرة في النكاح هي النسب، والحرية  والإسلام والحرفة والمال والسلامة من العيوب، فقد ذهب ابن حزم لقوله: “أي مسلم – ما لم يكن زانيا – فله الحق في أن يتزوج أية مسلمة، ما لم تكن زانية، وأهل الإسلام كلهم إخوة لا يحرم على إبن من زنجية لغية نكاح لابنة الخليفة الهاشمي” أمّا المالكية فقالوا لا اعتبار لنسل ولا لمال ولا لغير ذلك إلا الكفاءة بالاستقامة والخلق، فيجوز للرجل الصالح الذي لا نسب له ولا مال أن يتزوج من المرأة النسيبة، ولصاحب الحرفة الدنيئة أن يتزوج رفيعة القدر، فالناس كلّهم متساوون في القيمة الإنسانية ولا أحد أكرم من الآخر إلا بالتقوى، وفيما يأتي سيتمّ للأمور المعتبرة في الكفاءة في عقد النكاح عند جهور الفقهاء:[1]

الكفاءة في النسب

فقد قال أهل العلم أنّ العرب أكفّاءٌ لبعض، وقريش أكفّاءٌ لبعضهم، والأعجمي لا يكون كفئًا للعربية، والعربي لا يكون كفئًا للقرشية، ولكن لم يصحّ في اعتبار الكفاءة والنسب أيّ حديثٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان اختلاف أهل العلم في التفاضل بين القرشيين، فالأحناف يرون أنّ القرشي كفء للهاشمية، والشافعية يرون أنّه ليس كفئًا للهاشمية والمطّلبية، فرسول الله صلى الله عليه وسلم زوج ابنتيه من قرشيين، وعندهم يطغى شرف العلم على كلّ شرف ونسب، فالعالم كفءٌ لكل امرأة مهما كانت مكانتها ونسبها.

شاهد أيضًا: شي يتوقف عن فعل الازواج بعد الزواج

الكفاءة في الحرية

حيث يرى أهل العلم أنه من الضروري أن يكون الرجل مكافئًا لزوجته في الحرية، فالعبد ليس بكفء للحرة، ولا العتيق لحرة الأصل ولا من مسّ الرق أحد آبائه يكون كفئًا لمن لم يمسّها رق ولا لأحدٍ من آبائها، فالحرة يلحق بها العار إن تزوجت العبد.

معيار الكفاءة في الإسلام

إنّ الإسلام واحدٌ من الأمور التي وضعها جمهور أهل العلم حينما أجابوا عن مسألة ما هي معايير الكفاءة المعتبرة في النكاح، وقد أشاروا أنّه التكافؤ في إسلام الأصول، وهو ما يكون معتبراً في غير العرب، أما العرب فلا يعتبر فيهم، لأنّهم اكتفوا بالتفاخر بأنسابهم، ولا يتفاخرون بإسلام أصولهم، فلو كانت المرأة مسلمة وآباءها وأجدادها مسلمين، فلا يكافئها المسلم الذي ليس له في الإسلام أبٌ ولا جد.

معيار الكفاءة في الحرفة

فلو كانت المرأة من عائلة تمارس مهنةً كريمة وحرّة وشريفة، فلا يكون صاحب الحرفة الدنيئة كفئًا لها، ولو تقاربت الحرف فلا اعتبار للتفاوت بينها، والعرف هو من يحدد ذلك، فقد تكون حرفةً ما شريفة في مكانٍ وزمنٍ معينين، ثمّ تكون دنيئةً في زمان آخر ومكانٍ مختلف، والله أعلم.

معيار الكفاءة في المال للنكاح

وقد كان بين أهل العلم خلافٌ في اعتباره فبعض الشافعية قالوا يعتبر، فالفقير ليس بكفءٍ للموسرة، ولأنّ نفقة الفقير دون نفقة الموسرة، ومنهم من قال إن المال لا يكون معتبرًا في النكاح، لأنّ الماء غادٍ ورائح، أما الأحناف فقالوا يُعتبر المال، وأقلّه أن يكون مالكًا للمهر قادرًا على النفقة، ولأنّ على الموسرة ضرراً في إعسار زوجها، لأنّ الناس يعتبرون الفقر نقصًا ويتفاضلون فيه كتفاضلهم في النسب.

شاهد أيضًا: الفرق بين شروط النكاح والشروط في النكاح

معيار السلامة من العيوب

فقد ذكر أصحاب المذهب الشافعي أنّ السلامة من العيوب من شروط الكفاءة في عقد النكاح، فمن يكون فيها عيبًا مثبتٌ للفسخ فهو ليس بكفء للسليمة من المسلمين، فإن لم يكن مثبتًا للفسخ وكان منفرًا كالعمى والقطع والتشوه ففيه خلاف، منهم من قال إنه ليس بكفء، وآخرون قالوا أنّه كفء، وفي المغني لابن قدامة ورد: “أما السلامة من العيوب فليس من شروط الكفاءة، فإنه لا خلاف في أنه لا يبطل النكاح بعدمه، وكلنها تثبت الخيار للمرأة دون الأولياء، لأن ضرره مختص بها، ولوليها منعها من نكاح المجذوم، والأبرص والمجنون” والله ورسوله أعلم.

هل الكفاءة شرط في النكاح

اختلف أهل العلم في ما هي معايير الكفاءة المعتبرة في النكاح، واختلفوا في إن كانت الكفاءة شرطًا في النكاح، فقد ذكر في روايةٍ عن الإمام أحمد أنّها شرطٌ للزواج ولصحّة النكاح، وفي روايةٍ أخرى له أنّها ليست شرطًا في النكاح، وهذا ما قال به أكثر أهل العلم، والغالب في القول أنّ الكفاءة ليست مشترطة، وما ورد فيها من الروايات يدلّ على اعتبارها في الجملة لكنّ لا يلزم اشتراطها، فالكفاءة كما ورد حقٌّ لجميع ولاة أمر الفتاة، فقد ذكر الشافعي في بعض رواياته أنّ الزواج باطل إذا لم تتحقق الكفاءة، وقال صحيح، وأمّا أبو حنيفة قال لو رضيت المرأة وبعض ولاة أمرها لمن يكن لباقي الأولياء فسخ، فيجوز للأولياء أن يطالبوا بفسخ النكاح لو زوّجت المرأة بغير كفء، فالراجح أنّها غير مشروطة والله ورسوله أعلم.[2]

من النصوص الدالة على وجوب مراعاة الكفاءة بين الزوجين

توجد العديد من النصوص القرآنيّة والأحاديث النّبويّة الّتي تنّ على وجوب مراعاة الكفاءة بين الزّوجين، ومنها نذكر الآتي:

  • قال الله جلّ وعلا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.[3]
  • قال الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}.[4]
  • قال الله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}.[5]
  • قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “يا أيُّها الناسُ إنَّ ربَّكمْ واحِدٌ ألا لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ ولا لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ ولا لأحمرَ على أسْودَ ولا لأسودَ على أحمرَ إلَّا بالتَّقوَى إنَّ أكرَمكمْ عند اللهِ أتْقاكُمْ”.[6]
  • قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “إذا جاءكُم من ترضونَ دينَهُ وخلُقهُ فأنْكحوهُ، إلا تفعلوا تكن فِتنةٌ في الأرض وفسادٌ. قالوا: يا رسولَ اللهِ! وإن كانَ فيهِ؟ قال: إذا جاءكُم من ترضونَ دينهِ وخُلقهُ فأنْكحوهُ. ثلاث مرات”.[7]

شاهد أيضًا: حكم تزويج المرأة نفسها

صفات الزواج الناجح

إنّ الزّواج النّاجح الّذي يرضي الله تعالى ويرضي رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- له العديد من الصّفات والميّزات الّتي تميّزه نذكر منها:

  • الاستقرار الأُسريّ.
  • هدوء نفسيّات أفراد العائلة وسكينتها.
  • مشكلاته قصيرة الأمد حيث تُحل من فورها.
  • يشجّع أفراد الأسرة بعضهم بعضًا على فعل الطّاعات.
  • يتعاون أفراد الأسرة على البرّ والتّقوى.
  • البشاشة دائمًا هي سمة أفراد الأسرة.
  • ينشأ أطفال هذا الزواج تنشئة صالحة.
  • قلة المشاكل الأسرية وندرتها.
  • الاهتمام والرعاية المتبادلة بين أفراد الأسرة.
  • الراحة النّفسية والشّعور بالأمان.

شاهد أيضًا: شروط فسخ عقد النكاح في السعودية

بهذا نصل لنهاية مقال ما هي معايير الكفاءة المعتبرة في النكاح، الذي عرّف بمفهوم الكفاءة في الزواج، وبين إن كانت شرطًا للزواج، كما ذكر النصوص الدالة على الكفاءة، والتي اعتمد عليها أهل العلم، وختم ببيان صفات الزواج الناجح.

المراجع

  1. al-eman.com , مفهوم الكفاءة في الزواج , 09/03/2022
  2. saaid.net , الكفـــاءة في النكــاح , 09/03/2022
  3. سورة الحجرات , الآية 13
  4. سورة التوبة , الآية 71
  5. سورة آل عمران , الآية 195
  6. غاية المرام , الألباني/جابر بن عبدالله/313/صحيح
  7. سنن الترمذي , الترمذي/أبو حاتم المزني/1085/حسن غريب

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *