ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل من القائل

ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل من القائل وهو من أكثر أبيات الشعر شهرةً، والذي ذُكر في قصيدة (لامية العجم)، وفيها الشاعر كان يهدف إلى محاكاة قصيدة لامية العرب، والتي كتبها الشنفري الأزدي، حيث إن فن المحاكاة في الشعر كان من أشهر الغايات قديمًا، مع اختلاف العصور وحياة الشعراء، لذلك، فإنه عبر موقع المرجع سوف يتم ذكر من قائل ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.

ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل من القائل

إن قائل هذا البيت هو الشاعر الوزير الحسين بن علي بن عبدالصمد الأصفهاني الطغرائي، والذي تُوفي في عام 515هـ، الموافق 1121م، وكان هذا البيت ضمن قصيدة لامية العجم، ومن ثم تناقلها الرواة، كما اهتم بها الأدباء، بالإضافة إلى تسميتها (لامية العجم) لتشابهها مع (لامية العرب) للشنفرى التي كان مطلعها:

أقيموا بني أُمّي صُدورَ مطيكم        فإنّـي إلى قومٍ سـواكـم لأَميـلُ

وذلك كونها تضاهيها من ناحية الحكمة والأمثال، وكذلك، فإنها تشبهها من جهة التعبير عن وضع صاحبها، إلى جانب قيام الطغرائي بتنظيم لاميته في عام 505هـ ببغداد، وكان حينها يمر بضائقة مالية ويعاني من مشكلات نفسية، لذلك وضع فيها إجمالي تجاربه التي مر بها في الحياة، من بعد تقلبه في العديد من الأعمال، وتولي منصب الوزارة عدة مرات، وأيضًا فقد تعرض للكثير من المضايقات والمكائد المتتالية، لذا ركز قصيدته حول نفسه، وعبر بها عن طموحاته وآلامه، إضافةً إلى المثل الأعلى الذي يطمح إليه بنبرة يائسة من أن يُنصف بواسطة زمانه.[1]

شاهد أيضًا: صاحب لامية العجم من 19 حرف

لامية العجم

لقد قام الشاعر الأصفهاني الطغرائي بنظم قصيدته الشهيرة بلامية العجم، حتى يعبر فيها عن وضعه، بجانب شكوته من أهل زمانه، علاوةً على قيامه فيها بمعارضة قصيدة (لامية العرب) للشنفرى، والذي عُرف بكونه واحدًا من الشعراء الصعاليك، الذين اشتهروا في العصر الجاهلي، ويقول الطغرائي في قصيدته:[2]

أصالةُ الرأي صانتْنِي عن الخَطَلِ      وحِليةُ الفضلِ زانتني لدَى العَطَلِ

       مجدي أخيراً ومجدِي أوّلاً شَرَعٌ        والشمسُ رأْدَ الضُحَى كالشمسِ في الطَفَلِ

فيمَ الإقامُة بالزوراءِ لا سَكَني        بها ولا ناقتي فيها ولا جَملي

نَاءٍ عن الأهلِ صِفْرُ الكفِّ منفردٌ      كالسيفِ عُرِّيَ متناهُ من الخَللِ

فلا صديقَ إليه مشتكَى حزَنِي      ولا أنيسَ إليه منتَهى جذلي

طالَ اغترابيَ حتى حنَّ راحلتي    ورحُلها وقرَى العَسَّالةِ الذُّبلِ

شرح لامية العجم

يمكن تقديم شرح للامية العجم التي قالها الطغرائي فيما يلي:[1]

أصالة الرأي صانتني عن الخطل        وحلية الفضل زانتني لدى العطل

لقد بدأ الطغرائي لاميته بواسطة الحديث عن ذاته، بالإضافة إلى شكوى الدهر، والثناء بالغزل، ومن ثم رجع مرة أخرى إلى شكوى حاله، وكذلك أهل زمانه، ومن بعدها تم سرد مجموعة من الحكم التي أصبح جزءً منها أمثالًا يضربها الناس.

تنام عيني وعين البخم ســاهرة       وتستحيل وصبغ الليـل لم يـحل
إني أريد طروق الحي من إضم         وقد حماه رمـاة من بنـي ثعـل
فالحب حيث العدا والأسد رابضة       حول الكناس لها غاب من الأسل
لا أكره الطعنة النجلاء قد شفعـت      برشقة من نبـال الأعيـن النجل

يظهر هنا الغزل في القصيدة، إلى جانب النسيب الملفّق من المعاني والصور المأخوذة عن القدماء، وأيضًا، فقد أخذ فيها منحى من التقليد والبداوة، ليمنح قصيدته الفخامة، الجزالة، والأصالة التي وضعتها في مكانة متميزة عند أهل الأدب.

حب السـلامة يثني همّ صاحبـه       عن المعالي ويغري المرء بالكسل
أعلل النفس بالآمـال أرقبها مـا         أضيق العيش لولا فسحة الأمـل
مـا كنت أوثر أن يمتد بي زمني         حتى أرى دولة الأوغـاد والسفل
تقدمتني أنـاس كان شوطــهم          وراء خطوي إذ أمشي على مهل
غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت       مسافة الخلف بين القول والعمل

بينما تتضح الشكوى فيتم ظهورها من حيث شعوره بالاغتراب، إضافةً إلى معاناته من الفقر، وكذلك شعوره بسوء الحظ وعناد الدهر له، وذلك يعود لتقدم من يظن أنهم أقل منه عليه، في حين أن أموره لم تتم كما يشتهي، ولم يظل في المكانة التي بلغها من قبل.

أعدى عدوك أدنى من وثقت به         فحاذر الناس واصحبهم على دخل
وإنما رجل الدنيا وواحدهـا              من لا يعول في الدنيا على رجل
وحسن ظنك بالأيام معجـزة           فظن شراً وكن منها على وجـل

الحكمة هنا جلية، وهي مستوحاة من الثقافة العميقة التي امتلكها من تجاربه الشخصية، وهي عبارة عن نظرات تأملية بالحياة، تضمنتها دعوة من أجل الابتعاد عن الكسل، وأيضًا المخاطرة ليتم الوصول إلى الغايات، حتى يتم العيش بكرامة وعزة، ولذا تعتبر القصيدة من الشعر الذي ينتقد أحوال الناس في زمانه.

مجدي أخيراً ومجدي أوَّلاً شرع        وسـؤددي ذاع فـي حـل ومـرتحـل
وهمتي في الغنى والفقر واحدة          والشمس رأد الضحى كالشمس في الطَفَلِ

يتضح هنا قيام الطغرائي بالجمع في أسلوب لاميته بين الصنعة البديعية والمكونات التراثية، لذلك ظهر أسلوبه بمظهر متين مستساغ، ولكنه لم يبلغ إلى حد إغراب القدماء، ولا تكلّف أهل الصنعة، بجانب جعله التشبيه عبارة عن طريقة تعبيرية منحت معانيه الشاعرية المرغوبة، علاوةً على توفير إيقاع ظاهر في قصيدته من خلال كثرة التقسيم والموازنة ضمن الأبيات.

شاهد أيضًا: قصيدة الطين ايليا ابو ماضي

إعراب ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

في الآتي يتم ذكر إعراب مفصل لبيت الشعر الشهير للشاعر الطغرائي:

  • ما: تُعرب نكرة تامة تعجبية، وهو اسم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
  • أضيق: إعرابها فعل ماض جامد مبني على الفتح الظاهر، كما أن الفاعل: ضمير مستتر تقديره هو.
  • العيش: الإعراب مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.
  • لولا: يُعرب حرف شرط غير جازم.
  • فسحة: إعرابها مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.
  • الأمل: وهو مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة، بالإضافة إلى كونه خبر لمبتدأ محذوف وجوباً تقديره (موجود).

هنا نكون قد بلغنا نهاية مقالنا بعد التعرف على ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل من القائل، إلى جانب ذكر لامية العجم، وشرح لامية العجم، وأيضًا تناولنا إعراب ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.

المراجع

  1. marefa.org , لامية العجم , 17/03/2022
  2. aldiwan.net , أصالة الرأي صانتني , 17/03/2022

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *