من هو مؤسس علم الاجتماع

من هو مؤسس علم الاجتماع ؟ يبحث عن إجابة هذا السؤال المختصين بدوائر علم الاجتماع والمهتمين بالتاريخ والثقافة العامة، كون أن هذا العلم من العلوم الأساسية التي يُعتد بها في بناء وتقدم المجتمعات وتطورها؛ لاختصاصه بدراسة النظم والظواهر الاجتماعية، وكما عودناكم بموقع المرجع على الإجابة باستفاضة عن كل ما يشغل فكر قُراء موقعنا، سنتحدث خلال الأسطر التالية عن مؤسس علم الاجتماع وجوانب مختلفة من حياته.

علم الاجتماع

علم الاجتماع هو العلم المختص بدراسة المجتمع وأنماط العلاقات الاجتماعية والتفاعل الاجتماعي، وثقافة الحياة اليومية، هذا لأن الإنسان لا يولد منعزلًا ولا يبقى منفصلًا بذاته عن الآخرين؛ لكنه لا بد أن يتعامل مع أفراد المجتمع داخل إطار الجماعات الاجتماعية المحيطة به، بمعنى أن كل علاقة يقوم بها الفرد منّا مرهونة بالمجتمع المحيط به، حتى ردود أفعالنا والمظاهر السلوكية النابعة أحيانًا تكون نتيجة لتوقعات أفراد المجتمع الآخرين، بجوار التفاعل الاجتماعي بيننا أيضًا، وهذا ما يجعلنا نتوقع سلوك أو تصرُف معين من المحيطين بنا، وكذلك توقع الآخرين لسلوكيات وردود فعل معينة بالمواقف المختلفة، وهذا الشكل العام للحياة النمطية التي نعيشها ودراسة هذه الأشكال والسلوكيات تحتاج لوقتٍ طويل، ولهذا اختص علم الاجتماع بدراسة الحياة الاجتماعية بين الأفراد داخل المجتمعات.[1]

تاريخ علم الاجتماع

بدأ ظهور علم الاجتماع بشكله العلمي وبصياغته العلمية مع بدايات القرن التاسع عشر الميلادي، وهو توجه أكاديمي حديث بين مجموعة من العلوم الأخرى مثل، (علم السياسة، وعلم الاقتصاد، وعلم النفس، والتاريخ…)؛ وهذا نتيجة للتطور والحداثة التي أصبحت ملازمة للسلوك الإنساني في العصر الحديث الذي أصبحت فيه حياة الأفراد أكثر عزلة وانفرادية، مما دفع العلماء المتخصصين في هذا الشأن لمحاولة فهم هذه التحولات التي ظهرت بشكل مفاجئ على المجتمعات، في سبيل إيجاد علاج لهذا التفكك الاجتماعي، وعلم الاجتماع ذو أصول قديمة ترجع إلى القرن الثالث عشر الميلادي حيث وضعت أسس هذا العلم على يد مؤسس هذا العلم الذي سنتناول حياته عن قرب خلال الأسطر التالية، ومن العلماء الذين لهم بصمة واضحة في هذا العلم هم:

  • أوجست كونت فهو أوصل ما أطلق مصطلح علم الاجتماع على ها العلم بعام 1830 م، وربط هذا المصطلح بالكلمة اللاتينية Socius والتي لاحقًا أصبحت Society أي مجتمع، وكان يأمل كونت لتوحيد جميع الدراسات البشرية من علم نفس وتاريخ واقتصاد؛ معتقدًا بأن الأنماط الاجتماعية لجميع الشعوب في بقاع الأرض جميعها مرّتْ بنفس المراحل التاريخية.
  • هيربرت سبينسر وضع أول كتاب متخصص في علم الاجتماع بمنتصف القرن التاسع عشر بالولايات المتحدة الأمريكية.
  • لورانس وضع كتاب (فصل علم الاجتماع المستمر الأقدم في أمريكا وقسم التاريخ في الاجتماع أُسّسا في 1891 م)
  • ألبيون دبيلو أنشأ أول قسم مستقل لعلم الاجتماع داخل أروقة جامعة شيكاغو في الولايات المتحدة عام 1892 م.
  • إميل دوركايم قام بتأسيس قسم مستقل لعلم الاجتماع في الجانب الأوروبي داخل جامعة بوردو بعام 1896 م.
  • ماكس فيبر أسس قسم علم الاجتماع داخل جامعة لودفيج ماكسيميليانز بمدينة ميونخ بألمانيا عام 1919 م.[2]

قضايا علم الاجتماع

يدور علم الاجتماع حول العديد من القضايا والنظريات كونه علم مختص بالعلاقات والمجتمعات، ومن بين أهم تلك القضايا التي يهتم بها هذا العلم كلٌ من:

  • دراسة المقارنة بين الظواهر والحقائق الاجتماعية المختلفة.
  • الاهتمام بدراسة العلاقات الاجتماعية المتبادلة بين الناس، هذا عبر دراسة عمليات التفاعل الاجتماعي، والتوصل لمعرفة الاختلاف والتماثل.
  • دراسة مكونات المجتمع والأبنية الاجتماعية المختلفة كالجماعات.
  • بالإضافة إلى التعمق في دراسة المجتمع ووظائفه وظواهره وبناؤه.

من هو مؤسس علم الاجتماع

قام بتأسيس علم الاجتماع عالم الاجتماع المُسلم ابن خالدون وهو مؤرخ شمال أفريقي من أصول حضرمية -من عرب اليمن من ولد الصحابي وائل بن حجر من أقيال العرب-، ويُعرف عبر التاريخ بأنه مؤسس علم الاجتماع وواضع أسسه الحديثة، وله العديد من النظريات بهذا العلم منها قوانين العمران ونظرية العصبية، بالإضافة إلى نظرياته في بناء الدول وسقوطها وطول أعمارها، ولهذه الأسباب يُعد مؤسس وواضع أصول هذا العلم بلا منازع؛ فقد فاقت وسبقت نظرياته وآراؤه علماء أتو بعده بقرون أمثال الفرنسي أوجست كونت وغيره من العلماء الذين وضعوا لمسات ظاهرة في تطور هذا العلم.

من هو مؤسس علم الاجتماع

ابن خلدون ونسبه

هو عبد الرحمن بن محمد بن خلدون أو زيد ولي الدين الحضرمي الإشبيلي، المولود في الأول من رمضان عام 732 هجرية الموافق 1332 م في عهد الدولة الحفصية بتونس، سليل أسرة ابن خلدون الذي شغلت مناصب سياسية ودينية مهمة في تونس والأندلس، فكانوا عائلة ذو نفوذ وجاه ونزحت هذه العائلة بمنتصف القرن السابع الهجري من الأندلس واستقرت بتونس خلال حكم الحفصيين، ويذكر ابن خلدون في كتابه (العبر) المعروف بتاريخ ابن خلدون أنه من سلالة الصحابي الجليل وائل بن حجر من حضرموت باليمن، ويسرد هذا قائلًا:

” ونسبنا في حضرموت من عرب اليمن إلى وائل بن حجر من أقيال العرب معروف وله صحبة”.

نشأة ابن خلدون وتعليمه

نشأ ابن خلدون في مدينة تونس وحفظ القرآن وتتلمذ على يد والده فهو معلمه الأول، بالإضافة إلى تلقيه العلم على يد أفضل المعلمين بالمغرب العربي ومكنته من ذلك مكانة عائلته ونفوذها، فتلاقى العلوم الدينية وحفظ القرآن عن ظهر قلب، كما تعلم لسانيات العرب والفقه وعلم التاريخ، هذا بجوار أسس فهم القرآن والحديث الشريف كما تبحر في جنبات العلوم المختلفة، وكان على رأس من تتلمذ على أيديهم ابن خلدون العالم أحمد بن إدريس الذي كان لهم عظيم الأثر في تفقه وتبحر ابن خلدون في شتى العلوم ونبوغه.[3]

شاهد أيضًا: بعض العلماء الاجلاء واذكر بعض مؤلفاتهم

ابن خلدون وعلم الاجتماع

ابن خلدون -كما ذكرنا- هو مؤسس علم الاجتماع أو ما يُعرف بعلم العمران البشري، والذي ذكر في مقدمته المشهورة (مقدمة ابن خلدون) أن الغرض الأساسي والهدف من هذا العلم على حسب قوله:

“بيان ما يلحقه من العوارض والأحوال لذاته واحدة بعد أخرى، وهذا شأن كل علم من العلوم وضعيا كان أم عقليا وأعلم أن الكلام في هذا الغرض مستحدث الصنعة غريب النزعة غزير الفائدة، أعثر عليه البحث وأدى إليه الغوص… وكأنه علم مستبط النشأة، ولعمري لم أقف على الكلام في منحاه لأحد من الخليقة”.

ولقد أسس وقادر ابن خلدون المنهج التاريخي العلمي كي يتوصل لعلم الاجتماع، ويرتكز هذا العلم على أن جميع الظواهر الاجتماعية مرتبطة ببعضها، بمعنى أن لكل ظاهرة سبب وترتبط تلقائيًا بالظاهرة التالية لها، لهذا كان يشمل هذا العلم لدى ابن خلدون جميع الظواهر سواء (اجتماعية، سياسية، اقتصادية، سكانية، ديمغرافية أو ثقافية)، ويقول في هذا الشأن:

“هو خبر عن الاجتماع الإنساني الذي هو عمران العالم وما يعرض لطبيعة هذا العمران، من الأحوال مثل التوحش والتأنس والعصبيات وأصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض، وما ينشأ عن الكسب والعلوم والصنائع وسائر ما يحدث في ذلك العمران بطبيعته من الأحوال”.

كما يذكر ابن خلدون أن علم العمران البشري أو الاجتماع يقوم على أثر البيئة على الأفراد، ويتطرق منها لأنواع علم العمران وفقًا لحياة ونمط الأفراد، إذ يسند سبب اختلاف الأجيال إلى اختلاف بيئتهم ومعيشتهم.

من هو مؤسس علم الاجتماع

مؤلفات وكتب ابن خلدون

تميز ابن خلدون بكتاباته ومؤلفاته القليلة لكنها ذات عمق وتحمل الكثير من القيم والمعاني بشتى المجالات ومن أبرز هذه المؤلفات ما يلي:

  • تاريخ ابن خلدون، الكتاب الأبرز والأكثر انتشارًا كما أنه أطلق عليه اسم (كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في معرفة أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر.
  • كتاب الرحلة.
  • شفاء السائل وتهذيب المسائل، ذلك الكتاب الذي قام بنشره والتعليق عليه أغناطيوس عبده اليسوعي.
  • كتاب طبيعة العمران.
  • لباب المحصل في أصول الدين.
  • مقدمة ابن خلدون، في علم الاجتماع أو العمران البشري كما سمها.
  • كتاب شرح قصيدة ابن عبدون.
  • تلخيص المحصل لخير الدين الرازي.
  • كتاب شرح الرجز لابن الخطيب في الأصول.
  • شرح قصيدة البردي.[4]

أبرز نظريات ابن خلدون

كان لابن خلدون مؤسس علم الاجتماع الكثير من النظريات في مختلف الاتجاه والعلوم، لكن أبرزها تلك التي في علم العمران البشري أو علم الاجتماع كما يُعرف الآن، ومن بين أهم تلك النظريات ما يلي:

النظرية المحافظة

تلك النظرية التي وضعها ابن خلدون واهتم عالم الاجتماع الفرنسي كونت بدراستها ومزجها بالأفكار الخاصة به، إذ يرى في النظام الاجتماعي وسيلة لتنظيم المجتمع، ويرفض التغيرات الاجتماعية، وعلى البشر الالتزام بالحياة الاجتماعية حولهم، ونبذ التغير وإذا كان ولا بد يتغير جزء بسيط عن طريق التربية؛ كونها أفضل وسيلة للتأثير على البشر وتصلح المجتمع.

النظرية النقدية

هذه النظرية تتحدث بضرورة وجود وحدوث تغيرات في الحياة الاجتماعية بين البشر على العكس من النظرية المحافظة، واعتمد فلاسفة ومفكرون هذه النظرية على الفكر الاشتراكي من أجل تطبيقها، كما قاموا بنقد فلاسفة ومفكرون النظرية المحافظة، إذ وصفوهم بأفكارهم الرسمالية وعدم عدالة أفكارهم وضرورة استبدالها بأفكار جديدة من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية بالمجتمعات.

من هو مؤسس علم الاجتماع

مناصب ووظائف تولاها ابن خلدون

ابن خلدون عالم ومؤرخ وصاحب حكمة، اتصف بالدبلوماسية ورجاحة العقل والعديد من الصفات الأخرى التي جعلته يتقلد أكثر من وظيفة ومنصب عبر تاريخه الطوير أبرزها ما يلي:

  • عينه السلطان محمد بن الأحمر سفيرًا لأمير قشتالة من أجل إبرام صلح بين المملكتين بالأندلس، كما كان على مقربة من وزيره لسان الدين الخطيب.
  • تقلب منصب الوزارة لدى أبي عبد الله الحفصي السلطان على مدينة بجاية.
  • وكان على مقربة ودرجة عالية من السلطان أبي عنان المريني بدولة بني مرين بالمغرب العربي قبل أن يفسد العلاقة بينهما الوشاة.
  • ويذكر في الأخبار أن أهل دمشق استعانوا به وبحكمته لطلب الأمان من الحاكم المغولي تيمورلنك.
  • بالإضافة إلى مساهمته في الدعوة للسلطان أبي حمو الزياني ملك تلمسان، بين القبائل بعد أن أُسقطت بجابة في يد أبي العباس الحفصي سلطان قسنطينة.[5]

من هو مؤسس علم الاجتماع

وفاة ابن خلدون

توفي ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع والمؤرخ العظيم في يوم الجمعة الثامن والعشرون م رمضان عام 808 هجرية الموافق التاسع عشر ما مارس عام 1406 ميلادية بمصر أبان عهد الدولة المملوكية، وتم دفنه بمقابر الصوفية بجوار باب النصر شمال العاصمة القاهرة إلّا أن قبره بالتحديد غير معروف، تاركًا خلفه إرث كبير وأهمها مقدمته في علم الاجتماع الذي قام بوضع أسسه بالإضافة إلى تاريخ ابن خلدون.

وفي النهاية نكون وضحنا من هو مؤسس علم الاجتماع وبينا ماهية هذا العلم وأهم قضاياه، وعرجنا منه على تاريخه ثم نبذه عن مؤسسه ابن خلدون ومؤلفاته ونظرياته نهاية بوفاته ودفنه بمصر.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *