حكم الإفرازات الصفراء بعد الدورة الشهرية

حكم الإفرازات الصفراء بعد الدورة الشهرية، من الأسئلة الّتي كثيرًا ما تبحث عن إجابتها النّساء والفتيات، فهذه المسألة من مسائل الطهارة لدى المرأة ويجب أن تكون على علمٍ ودرايةٍ بحكمها الشّرعيّ، لئلا تقع في الخطأ نتيجة الجهل وعدم المعرفة، فطهارة المرأة جزءٌ له الأهمية العظيمة في حياتها، لأنّ الطّهارة شرطٌ للكثير من العبادات في الدّين الإسلاميّ، وفقدانها يبطل العبادات ويحبطها، وإنّ موقع المرجع يساعدنا على معرفة الحكم من الإفرازات المذكورة، ويعرّفنا على ماهيّة الحيض وبعض أحكامه.

الحيض والطمث

إنّ الحيض أو الطّمث مصطلحان لهما التعريف نفسه، هي تغيّرات فيزيولوجيّة تطرأ على رحم المرأة بسبب بعض الهرمونات المتعدّدة في موعدٍ محدّدٍ من كلّ شهر، تستمرّ عدّة أيام، وتتكرّر كل 24 – 32 يوماً،  حيث ينتج عن هذه التّغيرات نزول دمٍ من الرّحم، ويكون بسبب تفتّت بطانة الرّحم نتيجة عدم الحمل، وتبدأ هذه التّغيرات بالحدوث من عمر الأحد عشر عامًا غالباً عند الفتيات، وتستمرّ حتّى سن الخامسة والأربعين  إلى الخمسين عامّاً، وها  ما يسمّى عادةً سن اليأس، والّذي تصبح فيه المرأة غير قادرةٍ على الإباضة والإنجاب، وتؤدّي عمليّة الحيض إلى إفراز هرموناتٍ تؤدّي إلى إنتاج البيوض الجاهزة للتّلقيح من أجل الحمل، حيث تعد مرحلة الطّمث هي التّمهيد والإعداد الدّقيق للرّحم من أجل تهيئته لحمل واستقبال البيضة الملقّحة، وتختلف مدّة استمرار الدّورة الشهريّة من امرأةٍ لأخرى، فمنهم تكون مدّة حيضها ثلاثة أيّام، ومنها سبعة أيّام ومنها اثني عشر يوماً، ويمكن أن تطول فترة الحيض عند بعض النساء إلى أربعة عشر يوماً، وكلٌ يكون حسب طبيعة جسم المرأة.[1]

شاهد أيضًا: حكم دعاء غير الله عز وجل

حكم الإفرازات الصفراء بعد الدورة الشهرية

اختلف أهل العلم في حكم الإفرازات الصفراء بعد الدورة الشهرية فمنهم من قال أنّها حيضٌ مُطلقًا، ومنهم من قال أنّها حيض إذا سُبقت بدم، وآخرون رأوا أنّها ليست حيضًا مُطلقًا وآخرون قالوا أنّها ليست بحيض إذا أتت بعد زمن العادة، فالنّساء يتعرّضن للعادة الشّهرية أو الطّمث أو ما يسمّى بالحيض والذي بالمتوسط يكون بين ثلاثة إلى سبعة أيّام، والذي قد يزيد أو ينقص من امرأةٍ إلى أخرى، حيث أنّ بعض النّساء قد تصل مدّة حيضهنّ إلى خمسة عشر يومًا، والحائض لا تصلّي ولا تصوم ولا تمسّ المصحف ولا تدخل مسجدًا حتّى تطهر، فإذا طهرت وانتهى حيضها اغتسلت، لكنّ بعض النّسوة يتعرّضن لبعض الإفرازات الصفراء بعد الدورة الشهرية، والتي تحدّث عنها أهل العلم، وبيّنوا حكمها باختلافٍ في أقوالهم في الحكم، فاختار أصحاب المذهب الشّافعي أنّها حيض مطلقًا في زمن الإمكان، أمّا الحنابلة فرأوا أنّ الصفرة بعد زمن العادة ليست بحيض أمّا لو كانت في زمنها فهي حيض، ويقول أبو ثور وابن المنذر أنّ الصفرة حيضٌ إذا سُبقت بدم، أمّا قول ابن تيمية فيها أنّا ليست حيضًا مطلقًا.

يقول النّووي في المجموع: “قد ذكرنا أنّها في زمن الإمكان حيض ولا تتقيد بالعادة” وقد كان القول الغالب في أقوال العلماء أنّها حيضٌ في مدّة الإمكان ولا تكون حيضًا في غير أيّام الحيض، وذلك لما ورد في الحديث عن أمّ عطية نسيبة بنت كعب: “كُنَّا لا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ والكُدْرَةَ بعدَ الطُّهرِ شيئًا”.[2] فالخلاصة أنّ الإفرازات الصفراء بعد الدورة إنّ كانت متّصلةً بدم فهي حيض، وإن رأت المرأة طهرًا ثمّ رأت صفرةً فإنّها لا تعدّ حيضًا وهو الأصح والله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: حكم البعد عن أعين الناس عند قضاء الحاجة

ما هي علامات الطهارة من الدورة الشهرية

إنّ للطّهر من الحيض أو الطّمث علامتان اثنتان، إن رأت إحداهما المرأة فقد طهرت ووجب لها الاغتسال، وذلك باتفاق المذاهب الفقهيّة الأربعة،  وهاتان العلامتان هما القصّة البيضاء وهي ماءٌ رقيقٌ أبيض اللّون يشبه ماء المني، فإن رأته المرأة لم يختلط به صفرةٌ أو كدرةٌ فقد طهرت وانتهت مدّة حيضها، أمّا العلامة الثّانية فهي الجفاف أو الجفوف وهي أن يجفّ الدم وينقطع فلا ترى منه شيئاً ولا ترى صفرةً أو كدرة، بحيث إذا أدخلت المرأة قطعةً من القطن أو نحوها في الفرج، خرجت خاليةً من آثار الدم أو من الصفرة والكدرة، وأيٌ من العلامتين إن رأتهما المرأة فقد طهرت من الحيض، وينبغي التّنويه على أنّ انتظار رؤية القصّة البيضاء أولى وأفضل.[4]

حكم الإفرازات البنية قبل الدورة الشهرية

حسب ما نُقل عن أهل العلم أنّ هذه الإفرازات إن كانت تنزل قبل الدّورة وتستمر إلى حين نزول دم الحيض، فإنّها من جنس الحيض ولا يجوز عند نزولها الصّلاة أو الصّيام أو غيرها من العبادات الّتي تحتاج لطهارةٍ تامّة، أمّا إن نزلت لوقتٍ معيّنٍ وانقطعت قبل نزول دم الحيض، فإنّها تُعامل على أنّها الاستحاضة، ولا يجب فيها الغسل بل يجب على المرأة الوضوء والاستنجاء عند كلّ صلاة، وحكمها ذاته إن نزلت بعد انتهاء الدّورة الشّهريّة.[5]

شاهد أيضًا: هل يجوز سب بتس

حكم الإفرازات البنية بعد الدورة الشهرية

إنّ حكم الإفرازات البنية بعد الدورة الشهرية مرتبطٌ بالوقت الّتي تنزل فيه هذه الإفرازات، وحسب ما جاء عن أهل العلم والفقهاء، فإنّ الإفرازات البنية أو كما يُطلق عليها في الشّريعة الإسلاميّة الكدرة، تكون من جنس الدّورة الشّهرية إذا نزلت بعد دم الدّورة دون أن يفصل بينهما فاصل، أي لم تر بينهما المرأة علامةً من علامات الطّهر، أمّا إن انقطع دم الدّورة ورأت المرأة الجفاف التّام أو القصّة البيضاء، ثمّ نزلت هذه الإفرازات البنيّة فإنّها لا تعدّها من أيّام الدّورة ولا يجب عليها الاغتسال، بل يكون حكمها كحكم دم الاستحاضة توجب الاستنجاء والوضوء لكلّ صلاةٍ فقط والله أعلم.[6]

حكم القصة البيضاء إذا خالطها قليل من الصفرة

إنّ القصّة البيضاء كما حدّث عنها أهل العلم أنّها علامةٌ على طهر المرأة من الحيض أي الدّورة الشّهرية، وتكون بنزول الماء الأبيض الرّقيق الصافي، والغير المخالط لإفرازاتٍ أخرى، فإن نزلت القصّة البيضاء لونها مائلٌ للأصفر، او خالطتها إفرازاتٌ صفراء، فهي لا تدلّ على الطهر  بل تعدّ من الدورة، فلا تغتسل المرأة ولا تصلّي ولا تصوم ولا تحلّ لزوجها، و على المرأة أن تنتظر لترى القصة البيضاء لا تشوبها شائبةٌ أبداً. [7]

شاهد أيضًا: حكم الاحتفال باليوم الوطني ابن باز

حكم القصة البيضاء إذا خالطها قليل من الكدرة

تعدّ الكدرة من الإفرازات البنيّة التّي يمكن أن تنزل بعد دم الحيض في الأيّام الأخيرة من الدّورة الشهرية، فإذا اختلطت مع القصّة البيضاء ورأتها المرأة، فلا تلفت إليها ولا تعاملها على أنّها علامة الطهر من الحيض، بل يجب أن ترى القصّة البيضاء خاليةً من أثر الدم أو من الصّفرة، وإن اختلطت بلونٍ بنيٍّ وهو الكدرة، فإنّ ذلك دليلٌ على استمرار الحيض وأنّه لم ينتهِ بعد، ولا يجب على الاغتسال ولا يجوز لها الصّلاة أو الصّيام أو غيرها من الأمور الّتي يشترط فيها الطّهارة، والله أعلم. [8]

الاغتسال عند الطهارة من الحيض

تحدّثنا فيما سبق عن حكم الإفرازات الصفراء بعد الدورة الشهرية، وذكرنا وجهي الحكم الشّرعيّ في هذه المسألة، وسنتحدّث فيما يأتي عن الطّهارة والاغتسال عند انقطاع دم الحيض، فإنّ من الواجب على المرأة أن تغتسل عند انقطاع دم حيضها، ليحلّ لها أن تُصلّي وأن تصوم وأن تطوف إن كانت في البيت الحرام، قال الله تعالى في محكم تنزيله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}. [9] وكلمة يطهرن، يُقصد منها الغسل الكامل وليس انقطاع الدم فقط أو الوضوء، فإذا اغتسلت فقد طهرت، والغسل يكون بالاستنجاء أوّلاً ثم الوضوء، ومن ثمّ تخليل الشّعر بالمياه وغسل الشّقّ الأيمن من الجسد كاملاً، ثمّ غسل الشّقّ الأيسر وتكون بذلك تطهرت وحلّت لزوجها، وأحلّت لها الصّلاة والصّيام وغيرهما. [10]

شاهد أيضًا: هل يجوز لبس الكمامة في العمرة

فترة انتظار المرأة بعد انقطاع الدم عنها

إنّ انقطاع الدّم هو من علامات الطّهر من الدّورة الشّهرية، لكن كم المدة التي يجب على المرأة أن تنتظرها بعد انقطاع الدم لتغتسل وتتأكد من طهرها، فقد أجاب أهل العلم عن هذا السّؤال، وأفادوا بأنّ المرأة إن اعتادت الاغتسال عند انقطاع الدم وجفافه، فإنّها تغتسل وتصلي إن رأت ذلك وفعلها صحيح، فإن رأت القصة البيضاء بعدها فلا غسل عليها مرّةً أخرى، أمّا إن كانت معتادةً على الاغتسال بعد رؤية القصة البيضاء، فعليها الانتظار حتى تراها وإن حصل جفاف الدّم وانقطاعه عنها، وأمّا من انقطع دم الحيض عنها قبل أن تمرّ أيّام الدورة الشهرية كاملة، فعليها الانتظار ليومٍ ونصف فإن لم ترَ دمًا بعدها فهي طاهرة ويجب عليها الغسل، وأمّا غير لك فهي ما زالت حائضًا، والله أعلم.[11]

شاهد أيضًا: هل المولد النبوي بدعة

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا حكم الإفرازات الصفراء بعد الدورة الشهرية، فقد قدمنا فيه الحكم الشرعي لهذه المسألة، وتحدثنا عن الحيض والطمث وتعريفهما، وبعض الأحكام الشّرعية المتعلّقة بهما كوجوب الاغتسال بعد انتهاء الطمث وحكم الإفرازات الّتي تنزل قبلهما أو بعدهما، وكم تنتظر المرأة للتأكّد من طهرها وغيرها.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *