ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك شرح

ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك هو موضوع مقالنا هذا، حيث يطلب الكثير من النّاس شرح هذه الآية الكريمة الموجّهة لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقد عمل أهل التّفسير وعلماؤه على شرح آيات القرآن الكريم جميعها وشرح أسباب نزولها واستنباط المقاصد والأحكام منها، فكلام الله تعالى بحرٌ لا قاع له ولا نهاية، مهما غاص فيه الإنسان فإنّه لن يصل إلى نهاية معانيه، وعبر موقع المرجع سنتعرّف على شرح الآية الّتي وجهها الله تبارك وتعالى لرسوله الكريم.

أين وردت الآية ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك

قال الله تبارك وتعالى في الذّكر الحكيم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}.[1] فقد نزلت هذه الآية الكريمة في سورة آل عمران، وي من سور القرآن الكريم الطّوال، كما أنّها السّورة الثالثة في ترتيب المصحف العثمانيّ، وقد نزلت في العهد المدنيّ ممّا يعني بأنّها مدنيّة وذلك باتّفاق جميع أهل العلم، وقد بلغ عدد آياتها المائتي آية، وقد سمّيت بآل عمران لأنّها تحدّثت عن آل عمران، كذلك سمّيت بالزّهراء وسمّيّت بتاج القرآن، ولهذه السّورة العديد من الفضائل الّتي ذكرها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومنها قوله: “اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما”.[2] وقد ذُكر فيها اسم الله الأعظم، والله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: تفسير الآية آمن الرسول بما انزل اليه من ربه

ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك

الكثير من النّاس يبحثون عن شرح قول الله تبارك وتعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}.[1] وقد توجّه الخطاب في هذه الآية إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فيقول الله جلّ وعلا لرسوله الكريم فيها:[4]

  • فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ: أي أنّ الله تبارك وتعالى قد أنعم على رسوله ورحم أمّته.
  • لِنْتَ لَهُمْ: أي جعل رسوله كريم الخلق، كثير الاحتمال صابرًا حلمًا، لا يُكثر الغضب ليّنًا سهلًا.
  • وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا: أي لو كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- غليظ القول سيء الخلق يحمل الجفاء والغضب وقليل الاحتمال.
  • غَلِيظَ الْقَلْبِ: أي وكان غليظ الفعل قاسيًا.
  • انْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ: أي لتكروه وما استمعوا له ونفروا منه وتفرّقوا عنه.
  • فَاعْفُ عَنْهُمْ: فأمره الله تعالى بأن يصفح عن المسلمين في يوم أُحد.
  • وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ: أي يستغفر لهم حتّى يأذن الله تعالى له بأن يشفع لهم.
  • وَشَاوِرْهُمْ: أي ليأخذ رأيهم ونصيحتهم وليستمع لآرائهم تخفيفًا عنهم وتطييبًا لخاطرهم.
  • فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ: فإن نوى وقرّر فعليه أن يتوكّل على الله تعالى وأن يفوّض إليه الأمر فهو يحبّ الّذين يتوكّلون عليه سبحانه.

شاهد أيضًا: معني ربي اني لما انزلت الي من خير فقير

سبب نزول الآية ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك

قد هذه الآية الكريمة على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في غزوة أحدٍ، حينما هُزم المسلمون وتأذّوا إثر ما حدث من تسّرع بعض المسلمين لجمع الغنائم والظّنّ بأنّهم قد انتصروا على المشركين، حينها أصابهم الغمّ والهمّ والحزن بسبب الهزيمة، فنزلت الآية الكريم تخاطب النّبي وتعلّمه أصول الحكمة بالقيادة بأنّ القائد يكون سهلًا ليّنًا، وأنّ أخلاق رسول الله وحسن طباعه هو نعمةٌ من الله تعالى عليه وعلى المسلمين، وإلّا نفر المسلمون منه وتفرّقوا منه حوله ولم يستمعوا لقوله، وفلم يعاتبهم الرّسول على تسرّعهم وعدم التزامهم لما أمرهم به، بل اكتفى بالصّمت وشكر الله تعالى أن جعله ليّنًا حليمًا سريع الصّفح والعفو، وقد أمرهم الله تعالى في الآية الّتي تليها باستئناف الجهاد، وامتثلوا لأمر الله تبارك وتعالى ونصرهم الله تعالى على المشركين في غزوة حمراء الأسد بعد يومٍ واحدٍ من أحد، وعوّضهم النّصر عن الهزيمة، والله أعلم.[5]

من هو الفظ الغليظ القلب

إنّ معنى الفظّ كما ورد في اللّغة العربيّة أنّه سوء الخلق، فالفظّ هو سيء الخلق سريع الغضب الّذي لا يحتمل الأخطاء فلا يعفو عن المُخطئ في حقّه ولا يعفو عنه، مهما كان الخطأ صغيرًا أو كبيرًا، وأمّا غلظة القلب فقد ورد معناها بأنّها قسوة القلب، فغليظ القلب هو المرء الّذي يحمل قلبًا قاسيًا جافًا لا يتأثر بأيّ شيءٍ إطلاقًا، فالفظاظة تكون باللّفظ والقول، وأما الغلظة تكون بالفعل.[6]

شاهد أيضًا: تفسير اية وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا

بعض صفات النبي صلى الله عليه وسلم

إنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- هو خير الخلق وأطهر البشر على الإطلاق، ولقد أكرمه الله تعالى بكمال الخُلُق، فقد وصفه في القرآن العظيم بقوله جلّ وعلا: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ}.[7] فهو الذي اكتملت أخلاقه وكانت أكرم الأخلاق فهو اللّين السّهل الكريم الجواد، وهو كثير الحلم قليل الغضب وهو الشّجاع المقدام الّذي يرحم الصّغير ويوقّر الكبير، وهو -صلّى الله عليه وسلّم- الصّادق الأمين المحبّ للخير وأهله، الّذي يعفو عند المقدرة ويصفح عمّن أخطأ بحقّه، هو الحيي الصّبور على الألم والشّدّة والمحن، الّذي لا يظلم أحدًا ولا ينتهك الحرمات ولا يسفك الدماء بغير حقٍّ، هو الّذي صان لسانه عن الغيبة والنّميمة والخوض في أعراض النّاس، هو الّذي لم يصافح النّسا ولم ينظر لهنّ إن كنّ من غير محارمه، هو الّذي كان يقابل الإحسان بالإحسان والسّيئة بالإحسان أيضًا، كرّمه الله تعالى واصطفاه من بين جميع الخلق ليكون سيّد الخلق أجمعين.[8]

شاهد أيضًا: تفسير اية واخفض لهما جناح الذل من الرحمة

هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك، حيث شرحنا هذه الآية الكريمة وذكرنا سبب نزولها، كما تحدّثنا عن معنى الفظ وغليظ القلب، كما ذكرنا بعضًا من صفات النّبيّ صلى الله عليه وسلّم.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *