تعريف الطلاق الغيابي

تعريف الطلاق الغيابي، يختلف نوع الطلاق من حيث حضور الزوجة أم لا، ففي حال قام الزوج بإيقاع الطلاق في عدم وجود الزوجية، يُسمى هذا الطلاق حينها بالطلاق الغيابي، وقد خصص موقع المرجع هذا المقال لبيان تعريف الطلاق الغيابي، وما هي شروط الطلاق الغيابي، والوثائق المطلوبة لتسجيل واقعة الطلاق الغيابي، وكيفية وقوع الطلاق الغيابي، وحقوق المطلقة غيابيًا، وما هي آثار الطلاق الغيابي، وحكمته، وكيفية إبلاغ الزوجة بوقوعه.

تعريف الطلاق الغيابي

يشمل تعريف الطلاق الغيابي (بالإنجليزية: Absentee divorce) هو: “الطلاق الذي يقع من قبل الرجل فقط وبمحض إرادته، وذلك دون علم الزوجة المُسبق”، أي أن الطلاق الغيابي سمي بذلك؛ نظرًا لأن الطلاق يقع دون الزوجة، أي أن الزوج لا يتفوه بكلمة الطلاق أمامها، بل يقوم بتطايقها تبعًا لإرادته المُنفردة، ودون علم الزوجة بذلك الطلاق الذي وقع بحقها مُسبقًا، والطلاق بشكلٍ عام، هو حل الرابطة الزوجية بين المراة والرجل، أما عن مشروعية الطلاق فهو مشروع في القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع، أمّا عن مشروعية الطلاق في القرآن الكريم، فيقول الله تعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾[1].

وقال سبحانه أيضًا: ﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ﴾[2]، وقال جل شأنه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ﴾[3]، أم في السنة النبوية روى الشيخان عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنَّه طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وهي حَائِضٌ، علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَأَلَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلكَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أمْسَكَ بَعْدُ، وإنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتي أمَرَ اللَّهُ أنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ”، والطلاق برأي إجماع الأمة أنه جائز.[4]

ويختلف الطلاق الغيابي عن الطلاق بشكلٍ عام، هو علم الزوجة، وعدم مواجهتها من قبل الزوج به، إذ أن الطلاق الغيابي قائم على عدم معرفة الزوجة أنها قد طلقت من زوجها، على عكس الطلاق العادي والذي يتم بمواجهة الزوجة، ويدخل في حيز الطلاق الغيابي، الطلاق الذي يتم بإرسال رسالة للزوجة تُفيد بالطلاق، أو إرساله وسيط لها نائبًا عن الزوج يخبرها بأن زوجها قام بتطليقها، كما يأخذ الطلاق الإلكتروني حكم الطلاق الغيابي أيضًا.

اقرأ أيضًا: متى يكون الطلاق واجب

شروط الطلاق الغيابي

بعد بيان تعريف الطلاق الغيابي، لا بُد من توضيح شروطه، فحتى يقع الطلاق الغيابيّ حكمًا يجب على الزوج أن يقوم بالإجراءات الآتية:

  • تسجيل الطلاق أمام المحكمة المُختصة وأمام القاضي المُختص بذلك أيضًا.
  • يجب على الزوج تسجيل طلاقه لزوجته لدى المحكمة المُختصة في مدة أقصاها شهر إذا لم يتم الطلاق داخل دور المحاكم المُختصة.
  • بالإضافة إلى إكمال باقي الإجراءات المطلوبة لإجراء الطلاق.
  • إذا لم يشرع الزوج بتسجيل طلاقه الغيابي ضمن المدة المحددة مُسبقًا سيتم إيقاع العقوبات المُحددة في حقه.
  • بعد القيام بكافة الشروط السابقة تقوم المحكمة التي سجل الطلاق أمامها بتبليغ الزوجة بذلك الطلاق خلال مدة أسبوع واحد من تسجيله.

الوثائق المطلوبة لتسجيل واقعة الطلاق الغيابي

تتمثل الوثائق المطلوبة لتسجيل واقعة الطلاق الغيابي والتي ينبغي إحضارها من قبل الزوج إلى المحكمة لتثبيت الطلاق الغيابي ما يأتي:

  • نسخة مترجمة لشهادة الطلاق إلى اللغة العربية، في حال تم الطلاق في خارج الدولة.
  • دفتر العائلة للشخص الذي قام بالتطليق.
  • جواز سفر نافذ المفعول للشخص الأجنبي عن الدولة.
  • البطاقة الشخصية للمواطن الذي قام بالتبليغ.
  • نموذج عن واقعة الطلاق.
  • نموذج العنوان المصرح به.
  • حكم الطلاق وصورة عنه.

اقرأ أيضًا: أسئلة القاضي عند الطلاق

كيفية وقوع الطلاق الغيابي

يقع الطلاق الغيابي إما من قبل الزوج بشكلٍ مُنفرد؛ كأن يجهر الزوج به بالقول، وبذلك يقع الطلاق، أو أن يقوم بإرسال رسالة إلى زوجته عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإبلاغها بهذا الطلاق، فالطلاق لا يُلزم أن يكون أمام الزوجة أو بحضور الشهود، وقد يقع الطلاق الغيابي بحضور كل من الزوج والزوجة؛ كأن يرسل الزوج شخصًا ما إلى زوجته، ويعلمها من قبله بهذا الطلاق، ويجدر بالذكر أن الطلاق في هذه الحالة يقع منذ صدوره من الزوج، لا من إبلاغ الزوجة به.

حقوق المرأة المُطلقة غيابيًّا

المرأة المطلقة غيابيًّا، حالها كحال المطلقات الأخريات، لها العديد من الحقوق التي كفلها لها الدين الإسلامي، هذه الحقوق تتمثل بالآتي:[5]

النفقة

لقوله تعالى ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾[6]، وقوله تعالى: ﴿ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ﴾[7] وفي حال كانت حاملاً يلزم الرجل بالنفقة حتى تضع حملها، وفي حال لم تكن كذلك لا نفقة لها بحكم انتهاء رابطة العلاقة الزوجية بينهما.

حق المتعة

وهو مبلغ معين من المال يدفعه الزوج لمن طلقها قبل الدخول بها، لقوله تعالى: ﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ﴾[8]، كما أن هذه المتعة حق لكافة المطلقات لعموم قوله تعالى: ﴿ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ﴾[9]، حيث إن هذا المال يدفع من قبل الزوج للزوجة في حال لم يكن لها يد أو سبب بهذا الطلاق.

حق الصداق

يعد حق الصداق المهر المسمى في عقد الزواج؛ يدفع الرجل نصفه إن طلقها قبل الدخول، وبعد الدخول يدفعه بشكلٍ كامل، ولا يجوز للزوج أن ينقص من مهرها شيئاً إلا برضاها، لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [10]، وفي حال طلقت قبل الدخول يدفع نصف الصداق، لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ﴾ [11]، وفي حال تم تطليقها ولم يكن هناك مهر مسمى في عقد الزواج، يدفع الرجل مهر المثل.

حق الإرث

المطلقة الرجعية في حال مات زوجها وذلك أثناء عدتها له الحق بإرثه كأنها زوجته، ويحق لها نصيبها وفقًا للشرع، ولا يجوز لأحد أن يحرمها منه، أو المساومة عليه إلا برضاها، وفي الوقت الراهن هناك العديد من الأسر التي تحرم الزوجة من الميراث أثناء طلاقها الرجعي، وهذا مخالف للشرع، ويُعد باطلًا، وتعدي أيضًا على حدود الله، وما فرضه الله لا يجوز لأي مخلوق أن يبطله.

الحقوق المالية التي في ذمة الزوج

حيث يترتب للمطلقة كامل حقوقها المالية لمترتبة لها في ذمة الزوج، كالقروض، والديون من عقار ونحوه، كذلك الحال بالنسبة للأرملة، والتي يُفرض لها العديد من الحقوق المالية القائمة بذمة زوجها،كحق الإرث من ماله، كما أن لها حق الصدقة، والبر والإحسان، إذا لم يترك لها الزوج ما يكفي لها ولأولادها.

حق المطلقة في الحضانة

فالأم هي الأولة بتربية أطفالها، حتى ولو طلقت من قبل زوجها، كما يحق لها أن تطالب الزوج بنفقة حضانة صغارها، ولا يجوز للرجل حرمانها من حضانة أطفالها بأي شكل كان، لقوله تعالى: ﴿ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ ﴾ [12]، ويعد هذا الحق من أكثر الحقوق التي تخاف منها المطلقة، ولكن الشرع يُنصف المرأة في ذلك.

اقرأ أيضًا: طريقة الطلاق عن بعد واجراءات الطلاق الإلكتروني في السعودية 1443

آثار الطلاق الغيابي

إن آثار الطلاق الغيابي هي ذات الآثار المُترتبة على الطلاق الذي يتم بالطريقة المُعتادة، فلا يوجد أي فرق يُعتد بين هذه الآثار، ومن أثار الطلاق الغيابي:

  • العدة: وهي المدة التي يجب أن تلتزم بها المرأة المُطلقة عند طلاقها، بأن لا تتزوج حتى مرور تلك الفترة، والعدة في الطلاق الغيابي تبدأ منذ لحظة صدور لفظ الطلاق من الرجل، أو مت تاريخ كتابته، ويجدر بالذكر أن العدة تكون فقط للزوجة المدخول بها بصحيح العقد.
  • انتهاء العدة: تنتهي عدة المرأة المُطلقة بعد ثلاث حيضات لها إن كانت تحيض، وإن كانت ليست كذلك فعدتها ثلاثة أشهر، والحامل بوضع الحمل.
  • التعويض: حيث إذا أثبت أن الزوج قام بتطليق زوجته طلاقًا تعسفيًّا ودون أي سبب، ممّا سبب لها الضرر، يُلزم بدفع تعويض مادي عن هذا الضرر الذي وقع بوقوع الطلاق التعسفي.

مشروعية الطلاق الغيابي

إن حكم الطلاق الغيابي كحم الطلاق بشكلٍ عام، فلم يُخصص أحكام مُعينة للطلاق الغيابي على سبيل الانفراد، وفيما يأتي بيان مشروعيته:

  • الإباحة: إذا كان هناك سبب يكمُن في الزوجة يستحيل معه صلاح الحياة الزوجية؛ كسوء خلقها.
  • الوجوب: إذا تعذرت الحياة الزوجية بين الزوج والزوجة بصورة كبير؛ كحالة الشقاق والنزاع بينهم.
  • الندب: إذا وقع الطلاق في حالات مُعينة؛ كأن تكون الزوجة بذيئة اللسان.
  • الحرمة: إذا وقع الطلاق أثناء فترة نفاس الزوجة أو حيضها.
  • الكراهية: إذا وقع الطلاب دون أي سبب مُحدد.

كيفية إبلاغ الزوجة بوقوع الطلاق الغيابي

يجب إعلام الزوجة بوقوع الطلاق الغيابي؛ وذلك كحال الطلاق العادي، ففي حال قام الزوج بتطليق زوجته غيابيًّا، يجب أن يُعلم زوجته بذلك الطلاق، سواء أكان لفظيًّا أم كتابيًّا، وبالتالي يتعين على الزوج إخطار زوجته بهذا الطلاق بموجب وثيقة رسمية صادرة عن المرجع المُختص، أي المحكمة المُختصة، والعلة التي تكمُن كون الوثيقة رسمية، هي ضمان علم الزوجة بهذا الطلاق بشكلٍ مؤكد، وحتى تستطيع الحصول على جميع حقوقها القانونية، وتلتزم بالآثار المتُرتبة على الطلاق؛ كالعدة.

الطلاق الغيابي هو الطلاق الذي يقع من قبل الزوج دون علم الزوجة أو مواجهتها به، هذا هو تعريف الطلاق الغيابي، وله العديد من الشروط حتى يقع الطلاق حكمًا ويُعتد به، كما يترتب عليه العديد من الآثار حاله كحال الطلاق العادي.

المراجع

  1. سورة البقرة , آية 229
  2. سورة البقرة , آية 236
  3. سورة الطلاق , آية 1
  4. عبدالله بن عمر، البخاري، صحيح البخاري , 5251، صحيح
  5. alukah.net , حقوق المرأة المطلقة في الشريعة الإسلامية , 20/11/2021
  6. سورة البقرة , آية 233
  7. سورة الطلاق , آية 6
  8. سورة البقرة , آية 236
  9. سورة البقرة , آية 241
  10. سورة النساء , آية 20 و21
  11. سورة البقرة , آية 237
  12. سورة البقرة , آية 233

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *