تعريف الربوبية والألوهية
جدول المحتويات
تعريف الربوبية والألوهية من أقسام التوحيد وأنواعه، التي يجب على الإنسان معرفتها، حتى يتسنى له أن يعبد الله -عز وجل- حق عباده، وأن يرسخ العقيدة والإيمان في قلبه وجوارحه، ولهذا سيتم التعرف في موقع المرجع على تعريف التوحيد ومن ثم تعريف الرّبوبية والالوهية، والأدلة الشرعية التي تدل عليهم، ومن ثم التعرف على فوائد التوحيد في هذا المقال.
التّوحيد
ورد تعريف التوحيد في اللغة: على أنه مصدر وحَّد يوحد توحيدًا؛ أي: جعل الشيء واحدًا، ومنه قولهم: وحَّد البلدة؛ أي: جعلها واحدة تحت حاكم واحد، واصطلاحًا: هو إفراد الله تعالى في ألوهيته، وربوبيته، وأسمائه وصفاته، وتعددت أهمية التوحيد من أنّها شرط في قبول الأعمال، وصولًا إلى دخول الجنة، ووردت ثلاثة أقسام للتوحيد عند أهل العلم:[1]
- توحيد الألوهية.
- توحيد الرُّبوبية.
- توحيد الأسماء والصفات.
وهذا التقسيم لم يحدده النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أحدٌ من الصحابة، ولكنه تقسيم استقرائي أشار إليه أهل العلم وأكدوه؛ حيث قال الشيخ بكر أبو زيد: “هذا التقسيم الاستقرائي لدى متقدمي علماء السلف، أشار إليه ابن مَنْدَهْ وابن جرير الطبري وغيرهما، وقرره شيخَا الإسلام ابنُ تيمية وابن القيم، وقرره الزبيدي في “تاج العروس”، وشيخنا الشنقيطي في “أضواء البيان” في آخرين، وعليه فإنه لا يجوز فصل أحد الثلاثة عن الآخر؛ قال الشيخ سليمان بن عبدالله موضحًا تلازم أنواع التوحيد الثلاثة: “سمي دين الإسلام توحيدًا؛ لأن مبناه على أن الله واحد في مُلكه وأفعاله، لا شريك له، وواحد في ذاتِه لا نظير له، وواحدٌ في إلهيته وعبادته، لا ندَّ له”، ومن الجدير بالذكر “أن هذه الثلاثة متلازمة، كل نوع منها لا ينفك عن الآخر؛ فمن أتى بنوع منها ولم يأتِ بالآخر، فما ذاك إلا لأنه لم يأتِ به على وجه الكمال المطلوب”.
تعريف الربوبية والألوهية
لقد ورد أن هنالك أقسام لتوحيد الله -عزّ وجل- وهي أقسام متصلة لا تنفك إحداها عن الأخرى، ولكن سنكتفي بتعريف الربوبية والألوهية في السطور التالية:[2]
توحيد الربوبية
هو الإيمان بالله بصفات الفعل؛ كالخلّاق والرزاق ومدبر الأمور ومصرفها ونحو ذلك، وأن مشيئته نافذة وقدرته كاملة، وهذا هو الذي أقر به المشركون، فالمشركون أقروا بأن الله خالقهم ورازقهم وأنه خالق السماوات وخالق الأرض، فهو توحيد الله بأفعاله، فنقول: توحيد الربوبية:”إفراد الله سبحانه وتعالى بالخلق، والملك والتدبير”، و أن تؤمن بأن الله هو الذي يدبر الأمور و يصرف الأشياء، والذي خلق كل شيء ودبّر الأمور وصرفها وخلق الأنهار والبحار والجبال والأشجار والسماء والأرض وغير ذلك.
توحيد الألوهية
فهو توحيد الله بأفعالك أنت، تخصه بالعبادة دون كل ما سواه من صلاة وصوم ودعاء ونذر وزكاة وحج وغير ذلك، فتوحيد الألوهية: ”إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة بأن لا يتخذ الإنسان مع الله أحدًا يعبده ويتقرب إليه كما يعبد الله تعالى ويتقرب إليه”.، فهو الإقرار بمعنى لا إله إلا الله؛ أي لا معبود حق إلا الله سبحانه وتعالى، وهو أن يخص العبد ربه بأفعاله بالعبادة والقرب منه، وأن لا يدعو مع الله إلهًا آخر، لا يعبد معه سواه من شجر أو حجر أو صنم أو نبي أو ولي، ولا يلجأ غلى أحد بالقول: “يا سيدي البدوي اشفني، أو يا رسول الله اشفني أو عافني أو انصرني، أو يا فلان أو يا فلان من الأولياء أو من غير الأولياء من الأموات أو من الأشجار والأحجار والأصنام”، هذا كله شرك أكبر، فتوحيد العبادة معناه: أن تخص العبادة لله وحده، ويقال له توحيد الإلهية، والإلهية هي العبادة معناه أن يخص الله بالعبادة دون كل ما سواه.
وعليه فإن الله -عز وجل- هو الواحد في الربوبية، هو الواحد في الإلهية، هو الواحد في الأسماء والصفات، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}،[3] وأسماؤه كلها حسنى وصفاته كلها علا وكلها حق له ثابت، فيجب إثباتها لله وإمرارها كما جاءت والإيمان بها.
الأدلة الشرعية من القرآن الكريم
تعددت الآيات التي ورد فيها المعنى المقصود من الربوبية، وهذه من شأنها أن تجعل العبد على مداومة لها؛ يتعمق المعنى في قلبه وجوارحه ومن هذه الآيات ما يأتي:
- قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}.[4]
- قال تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}.[5]
- قال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ}[6]
- قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.[7]
- قال تعالى: {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}.[8]
ومن الآيات التي تدل على توحيد الألوهية في كتاب الله العزيز ما يأتي:
- قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.[9]
- قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}.[10]
- قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}.[11]
- قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.[12]
- قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}.[13]
- قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}. [14]
- قوله تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ}.[15]
- قال تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا}.[16]
فوائد توحيد الله
إنَّ التوحيد له فضائل عظيمة، وآثار حميدة، ونتائج جميلة وثمار وفوائد يجنيها العبد إن أفرد الله -عز وجل- بالعبادة، وهي على النحو الآتي:[17]
- التوحيد هو السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة، يدفع الله به العقوبات في الدارين، ويبسط به النعم والخيرات.
- التوحيد الخالص يثمر الأمن التام في الدنيا والآخرة.
- يحصل لصاحبه الهدى الكامل، والتوفيق لكل أجر وغنيمة.
- يغفر الله بالتوحيد الذنوب ويكفر به السيئات.
- التوحيد سبب في دخول الجنة، فعن عبادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: “من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة”.
- التوحيد يمنع دخول النار بالكلية إذا كمل في القلب، ففي حديث عتبان رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: “فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله”.
- التوحيد هو السبب الأعظم في نيل رضا الله وثوابه، وأسعد الناس بشفاعة محمد صلّى الله عليه وسلّم.
- جميع الأعمال، والأقوال الظاهرة والباطنة متوقفة في قبولها وفي كمالها على التوحيد.
- التوحيد إذا كمل في القلب حبب الله لصاحبه الإيمان وزينه في قلبه، وكرَّه إليه الكفر والفسوق والعصيان.
- التوحيد يخفف عن العبد المكاره، ويهوِّن عليه الآلام، فهو من أعظم أسباب انشراح الصدر.
- التوحيد إذا كمل في القلب، وتحقَّق تحققًا كاملاً بالإخلاص التام فإنه يصير القليل من عمل العبد كثيرًا، وتضاعف أعماله وأقواله الطيبة بغير حصر، ولا حساب.
- التوحيد سببًا بالفتح، والنصر في الدنيا، والعز والشرف، وحصول الهداية، والتيسير لليسرى، وإصلاح الأحوال، والتسديد في الأقوال والأفعال.
- التوحيد أكبر دعامة للرغبة في الطاعة؛ لأن الموحد يعمل لله سبحانه وتعالى؛ فهو يعمل سرًا وعلانية، وأما غير الموحد؛ كالمرائي؛ فإنه يتصدق ويصلي، ويذكر الله إذا كان عنده من يراه فقط، ولهذا قال بعض السلف: “إني لأود أن أتقرب إلى الله بطاعة لا يعلمها إلا هو”.
وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال تعريف الرّبوبية والألوهية، وتعرفنا على معنى التوحيد وأقسامه، وأنها أقسام لا تنفك عن بعضها البعض، ومن ثم ذكرنا الأدلة من القرآن الكريم على توحيد كل من الربوبية والألوهية، ومن ثم تطرقنا للحديث عن فوائد التوحيد.
المراجع
- alukah.net , تعريف التوحيد , 05/09/2021
- binbaz.org.sa , بيان أنواع التوحيد , 05/09/2021
- سورة الشورى , الآية 11
- سورة الأعراف , الآية 54
- سورة البروج , الآية 16
- سورة يونس , الآية 31
- سورة الروم , الآية 40
- سورة يوسف , الآية 100
- سورة البقرة , الآية 21
- سورة النساء , الآية 36
- سورة الإسراء , الآية 23
- سورة الذاريات , الآية 56
- سورة النحل , الآية 36
- سورة الأنبياء , الآية 25
- سورة النحل , الآية 2
- سورة الإسراء , الآية 39
- dorar.net , فوائد التوحيد , 4/09/2021
التعليقات