هل يجوز إرجاع الزوجة بعد الطلقة الأولى بدون شهود
جدول المحتويات
هل يجوز إرجاع الزوجة بعد الطلقة الأولى بدون شهود، يُعد الطلاق من الأمور التي تُحل للرجل والمرأة في حال تعذر استمرار الحياة الزوجية للعديد من الأسباب المُختلفة، إلا أن هناك في بعض الحالات يُمكن للزوج إعادة زوجته إلى عصمته بعد تطليقها، وذلك ضمن ضوابط وشروط معينة، وقد خصص موقع المرجع هذا المقال لتوضيح هل يجوز إرجاع الزوجة بعد الطلقة الأولى بدون شهود، وكيفية وشروط ذلك، وما لا يشترط في الرجعة بعد الطلاق، وأحكام الرجعة، والحكمة من مشروعيتها، وبيان أنواع الرجعة بعد الطلاق.
هل يجوز إرجاع الزوجة بعد الطلقة الأولى بدون شهود
قال الله سبحانه وتعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[1]، هناك العديد من الرجال يبحثون عن حكم شرعي لإرجاع زوجاتهم بعد الطلقة الأولى، وفي حال اشتراط وجود شهود أم لا، لذلك من الممكن أن يقول الرجل لزوجته أرجعتك إلى عصمتي، أو أي عبارة أخرى تفيد بمعنى الرجوع، ويُفضل في هذا الاتجاه وجود شاهدين على الأقل؛ لتثبت هذه الرجعة دون أن يُنكر أحد الزوجين ذلك، بالإضافة إلى ثبوت النية في الرجوع، حيث أن الجماع بين الرجل والمرأة دون وجود نية للرجوع محرمًا.
ولكن في ذات الوقت لا يعني ذلك أنه لا يجوز أن يُعيد الرجل المرأة إلى عصمته دون وجود الشهود، بل يُمكن له إعادة زوجته بقول أعدتك إلى عصمتي، أو أي قول يفيد في هذا المعنى، كما تعود المرأة إلى زوجها بجماعها باشتراط وجود نية الرجوع، ويجدر بالذكر أن هذا الرجوع يكون في الطلقة الأولى أو الثانية، أما الطلقة الثالثة والأخيرة فلا يصح أن يعيد الرجل زوجته بهذا الشكل؛ لأن الطلاق في هذا الحالة يعد طلاق بائناً بينونة كبرى، ويشترط أن تتزوج المرأة زوجًا غيره.
شاهد أيضًا: الطلاق الرجعي في المحكمة وحكمه وكيفية اثباته
كيفية رجوع الزوجة المطلقة طلقة واحدة
هناك العديد من الطرق التي يُمكن من خلالها للزوج إعادة زوجته إلى عصمته، وذلك بعد الطلقة الأولى أو حتى الطلقة الثانية أيضًا، هذه الطرق تختلف باختلاف المذاهب الأربعة، والتي يُمكن بيانها كالآتي:
- المذهب الشافعي: في المذهب الشافعي يُمكن للزوج إعادة زوجته إلى عصمته إما بلفظ صريح أو ضمني يدل على هذا الإرجاع، ويُفضل من وجهة نظرهم أن يكون هناك شاهدان على هذا الإرجاع، ويجدر بالذكر أنه لا يكفي فقط القول بل يجب أن يُصاحبه الفعل الذي يُبين هذا الرجوع؛ كالجماع.
- المذهب الحنفي: يذهب الحنفية إلى أنه يجوز للرجل إعادة زوجته إلى عصمته إما بالأقوال أو الأفعال، ولا يُشترط في هذا الاتجاه حدوث الجماع بينهما كما ذهب إليه فقهاء الشافعية.
- المذهب الحنبلي: استند الحنبلية إلى جواز إعادة الزوجة إلى عصمة الرجل بالأقوال الصريحة دون الألفاظ، كما من الممكن أن يجامع الرجل زوجته بالفعل، سواء بنية الرجوع أو بغير نية.
- المذهب المالكي: من الممكن أن يعيد الرجل زوجته إلى عصمته بالأقوال الصريحة أو التي تدل على إعادة زوجته إلى عصمته، كما من الممكن أن يُجامعها بالفعل، بشرط وجود نية للإرجاع، وإلا كان آثمًا.
شروط إرجاع الزوجة بعد الطلاق
كما ذكر سابقًا نعم يجوز للرجل إعادة زوجته بعد طلاقها، سواء للمرة الأولى أو للمرة الثانية، وذلك ضمن شروط معينة لا بد من توافرها، هذه الشروط تكمُن في ما يلي:[2]
- أن يتمتع الزوج بالأهلية: حيث يجب أن يكون الرجل بالغًا عاقلًا، وأن لا يكون مرتدًا، أو أن يكون في حالة سكر أو جنون؛ وذلك بسبب انعدام الأهلية في هذه الأحوال.
- الدخول الصحيح بالزوجة: حيث يجب أن تكون الزوجة المراد إعادتها إلى عصمة الرجل قد دخل عليها بصحيح العقد الشرعي، فالمرأة الغير مدخول بها لا عدة لها، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا)[3].
- أن يكون الرجوع بالقول أو الفعل: يجب أن يعيد الرجل زوجته إلى عصمته بالأقوال الدالة هلى هذا الرجوع؛ كأن يقول أعدتك إلى عصمتي، أو أي من الأفعال التي تدل على ذلك بشكلٍ غير مباشر؛ كأن يجامع الرجل زوجته.
- أن تكون صيغة الرجوع واضحة: فلا يجوز تحت أي ظرف كان أن يشترط الزوج على الزوجة في حال إعادتها بأي شرط كان؛ كأن يقول أعيدك إلى عصمتي بشرط أن تقومي بكذا أو كذا.
- أن لا تكون الرجعة بعد الطلقة الثالثة: حيث أن الطلقة الثالثة تعد طلاقًا بائنًا بينونة كبرى، ولا يجوز للرجل في هذه الحالة إعادة الزوجة إلى عصمته إلى بعد زواجها م رجل آخر.
- أن تكون الرجعة خلال عدة الطلقة الأولى أو الثانية: فلا يجوز أن تكون هذه الرجعة بعد انتهاء عدة الطلاق، والمتمثلة بثلاث حيضات للنساء اللواتي يحضن، وثلاثة أشهر قمرية للنساء اللواتي لا يحضن.
- أن لا يكون الطلاق مقابل عوض: حيث أن الطلاق الذي يكون مقابل عوض هو طلاق بائن، وليس طلاقًا رجعيًّا.
شاهد أيضًا: تعريف الطلاق الغيابي
ما لا يشترط في الرجعة بعد الطلاق
هناك العديد من الأمور التي لا تُشترط حتى يتمكن الزوج من إعادة الزوجة إلى عصمته بعد الطلاق الأول أو الثاني، حيث تصح إعادتها دون هذه الشروط، ومنها:
- لا تتوقف الرجعة على قبول الزوجة أو رضاها؛ وذلك لأن الرجعة من حق الزوج، قال الله تعالى في كتابه العزيز: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ)[4].
- لا يُشترط إبلاغ الزوجة بهذه الرجعة، إلا أن ذلك يُعد أمرًا مندوبًا.
- لا يُشترط حضور شاهدين على هذه الرجعة، إلا أن هناك اختلافاً بين العلماء حول ذلك، حيث ذهب بعضهم إلى اعتبار أن هذه الإشهاد أمرًا مُستحبًا وليس وجوبيًّا، في حين ذهب البعض الآخر كالظاهرية إلى أن الإشهاد هو شرط للرجعة، بالاستناد إلى قول الله تعالى: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا)[5].
حكم الرجعة بعد الطلاق
في الأصل العام يُعد حكم الرجعة مُباحًا، إلا أن هذا الحكم من الممكن أن يختلف باختلاف الحالات التي وقع خلالها الطلاق، حيث أن حكم الرجعة بعد الطلاق يكون:
- واجبة: حيث يكون حكم الرجعة واجبًا في حال قام الرجل بطلاق زوجته طلاقًا بدعيًّا، وذلك بالاستناد إلى دليل ابن عمر -رضي الله عنه-: (أنَّه طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وهي حَائِضٌ، علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَأَلَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلكَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أمْسَكَ بَعْدُ، وإنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتي أمَرَ اللَّهُ أنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ)[6].
- مندوبة: في حال ندم الزوجين على الطلاق الذي حصل بينهما، خاصة في حال وجود الأطفال، حيث يجب أن تقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، فينبغي أن يعيش الأطفال في حضانة أسرة صالحة خالية من الخصام.
- محرمة: إذا كانت نية الرجل في هذه الرجعة إلحاق الضرر بزوجته ليس إلا؛ كأن يقوم بإرجاعها قبل انتهاء عدتها بيوم، ويعاود تطليقها لتبدأ العدة من جديد.
- مكروهة: وذلك في حال عدم قدرة الزوج على القيام بواجباته الزوجية وحدود الله تعالى من فرائض؛ كان لم يتمكن من معاملة زوجته بالحسنى، أو أداء واجباته نحوها.
- مباحة: وهو حكم الرجعة في الأصل العام، وقد أجمع الفقهاء على ذلك.
شاهد أيضًا: هل يقع الطلاق على الحامل
الحكمة من مشروعيّة الرجعة بعد الطلاق
يُعد الطلاق من الأمور الجائزة التي يلجأ إليها الزوجان في حال تعذرت استمرار الحياة الزوجية بينهما، إلا أنه وفي ذات الوقت قد يقع الطلاق بين الزوجين في ظروف من شأنها ما وقع من الأصل؛ كالغضب الشديد، أو الضغوطات الخارجية، حيث أن هناك العديد من العواقب والسلبيات التي تترتب على الطلاق، خاصة في حال وجود أطفال، لذلك شرع الإسلام الرجعة بعد الطلاق اجتنابًا لجميع ما ذكر، وإعطاء فرصة للزوجين للبدء في حياة زوجية جديدة، وتكوين أسرة متماسكة.
أنواع الرجعة بعد الطلاق
تختلف أنواع الرجعة بعد الطلاق باختلاف عدد الطلقات، والزمن الذي وقعت به الطلقة، وذلك على النحو الآتي:
- الرجعة بعد الطلاق الرجعي: وهي الرجعة الذي يعيد الرجل فيها زوجته إلى عصمته بعد الطلقة الأولى أو الثانية، وخلال فترة العدة.
- الرجعة بعد الطلاق البائن بينونة صغرى: وهي الرجعة التي يعيد فيها الرجل زوجته إلى عصمته بعد الطلقة الأولى أو الثانية، وبعد انتهاء فترة عدتها، وذلك بموجب عقد جديد، ومهر جديد أيضًا.
يجوز للرجل إعادة زوجته إلى عصمته بعد طلاقها، سواء في المرة الأولى أو الثانية فقط، وذلك ضمن ضوابط معينة، وفي الإجابة عن سؤال هل يجوز إرجاع الزوجة بعد الطلقة الأولى بدون شهود تبين أن هناك اختلافاً بين العلماء حول ذلك، حيث يرى البعض أنه لا بد من إعادتها بوجود شاهدين على الأقل، وذهب البعض الآخر إلى عدم اشتراط ذلك وهو الرأي الراجح.
المراجع
- سورة البقرة , آية 229
- islamqa.info , كيف يُراجع المطلق زوجته , 21/03/2022
- سورة الأحزاب , آية 49
- سورة البقرة , آية 228
- سورة الطلاق , آية 2
- رواه البخاري، في صحيح بخاري , عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 5251، صحيح
التعليقات