حكم الاحتفال بليلة الاسراء والمعراج

حكم الاحتفال بليلة الاسراء والمعراج من الأحكام الشرعية المهمة التي يجب على سائر المسلمين أن يطّلعوا عليها، وذلك مع اقتراب الموعد المشهور بين الناس لهذه الليلة، حيث يقوم الناس فيه بالاحتفال والإكثار من العبادة، من غير معرفتهم بالحكم الشرعي لهذا الفعل ومن غير اطّلاعهم على رأي الشريعة بما يفعلون، ولذلك يهتمّ موقع المرجع بالتعريف بالإسراء والمعراج وحكم الاحتفال فيها وموعد ليلة الاسراء و المعراج، وسيبيّن رأي أهل العلم وأقوالهم وأدلّتهم التي استدلّوا بها.

الإسراء والمعراج

إنّ حادثة الإسراء والمعراج معجزة عظيمة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، فالإسراء هو ذهاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكّة إلى القدس في جزءٍ من الليل، والمعراج هو إصعاد النبي صلى الله عليه وسلم من المقدس إلى السموات السبع وما فوقها، وهنالك فُرضت الصلاة، ومن ثمّ عودته لبيت المقدس ولبيته في مكة المكرمة.[1]

الإسراء والمعراج في القرآن الكريم

إنّ البحث في حكم الاحتفال بليلة الاسراء والمعراج يتطلب البحث عن هذه الحادثة في كتاب الله، فهي ثابتةٌ فيه، وقد سمّيت سورةٌ كاملة باسم الإسراء نسبةً لهذه المعجزة العظيمة، وقد قال تعالى في كتابه العزيز: {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.[2]

الإسراء والمعراج في السنة النبوية

كثرت الأحاديث والروايات الصحيحة في السنة التي تصف رحلة الإسراء والمعراج وما ورد فيها، منها ما ورد في الحديث الشريف الذي رواه الصحابي مالك بن صعصعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: “بيْنَا أنَا عِنْدَ البَيْتِ بيْنَ النَّائِمِ، واليَقْظَانِ – وذَكَرَ: يَعْنِي رَجُلًا بيْنَ الرَّجُلَيْنِ -، فَأُتِيتُ بطَسْتٍ مِن ذَهَبٍ، مُلِئَ حِكْمَةً وإيمَانًا، فَشُقَّ مِنَ النَّحْرِ إلى مَرَاقِّ البَطْنِ، ثُمَّ غُسِلَ البَطْنُ بمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ مُلِئَ حِكْمَةً وإيمَانًا، وأُتِيتُ بدَابَّةٍ أبْيَضَ، دُونَ البَغْلِ وفَوْقَ الحِمَارِ: البُرَاقُ، فَانْطَلَقْتُ مع جِبْرِيلَ حتَّى أتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا….”.[3] وهو حديثٌ طويلٌ يصف كلّ الأحداث التي وقعت في ليلة الإسراء.

اقرأ أيضًا: بحث عن حياة الرسول منذ مولده حتى وفاته

حكم الاحتفال بليلة الاسراء والمعراج

أجمع أهل العلم في حكم الاحتفال بليلة الاسراء والمعراج أنّها من البدع المحدثة وهو غير جائزٍ في الشريعة الإسلامية، فالاحتفال بهذه الليلة من الأمور التي لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقم بها الصحابة الكرام ولا التابعين، ولم يشر أحدٌ منهم لفضل العمل فيها أو استحباب تعظيمها والاحتفال فيها، وقد أجمع أهل العلم أنّ من يتّخذ موسمًا من المواسم الغير الشرعية ليحتفل فيه تعبدًا وتقربًا إلى الله فقد أحدث وأبدع وهذا ممّا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه، فلو كان للاحتفال فيها فضلًا لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأحقّ به ولكنّه لم يفعل ذلك والله ورسوله أعلم.[4]

اقرأ أيضًا: قصة اصحاب الفيل للاطفال

الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج ابن عثيمين

سُئل الشيخ ابن عثيمين عن حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج فأجاب أنّ هذا الاحتفال مما أحدثه الناس ولا أصل له لا في كتاب الله ولا في سنّة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولا حتّى وقع في عهد الصحابة والخلفاء الراشدين وفي عهد التابعين، والأصل في الشريعة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم يرفض هذه البدع والأعمال وينكرها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حذّر من البدع ونبّه لعدم إحداث أمرٍ غير مشروع في هذا الدين الحنيف الكامل والله أعلم.[5]

اقرأ أيضًا: موعد ليلة الاسراء و المعراج

حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج ابن باز

كذلك تمّ عرض مسألة الاحتفال بليلة الإسراء على الشيخ ابن باز لبيان حكمها الشرعي، فبيّن أنّ الإسراء والمعراج من آيات الله ودلائل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أكمل بقوله: “هذه الليلة التي حصل فيها الإسراء والمعراج، لم يأت في الأحاديث الصحيحة تعيينها لا في رجب ولا غيره، وكل ما ورد في تعيينها فهو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم بالحديث، ولله الحكمة البالغة في إنساء الناس لها، ولو ثبت تعيينها لم يجز للمسلمين أن يخصوها بشيء من العبادات، ولم يجز لهم أن يحتفلوا بها؛ لأن النبي وأصحابه  لم يحتفلوا بها، ولم يخصوها بشيء والله أعلم”.[6]

أدلة تحريم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج

استند أهل العلم في تحريم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج على الكثير من الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، ومما استدلّوا به ما يأتي:

  • قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إيَّاكم ومُحدَثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ”.[7]
  • قوله تعالى في كتابه الحكيم: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً}.[8]
  • المأثور عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “كانَ عمرُ بنُ الخطَّابِ في سفَرٍ فصلَّى الغداةَ، ثمَّ أتى على مَكانٍ فجعلَ النَّاسُ يأتونَهُ فيقولونَ: صلَّى فيهِ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ ،فقالَ عمرُ : إنَّما هلَكَ أَهلُ الْكتابِ أنَّهم اتَّبعوا آثارَ أنبيائِهم فاتَّخَذوها كنائسَ وبيعًا، فمن عرَضت لَهُ الصَّلاةُ فليصلِّ وإلَّا فليَمضِ”.[9]

اقرأ أيضًا: قصة الاسراء والمعراج مختصره

أقوال أهل العلم في حكم الاحتفال بليلة الاسراء والمعراج

كثرت أقوال العلماء في ليلة الإسراء والمعراج وحكمها الشرعي، ومما ورد فيها:

  • قول ابن تيمية: “ولا يعرف عن أحد من المسلمين أنه جعل لليلة الإسراء فضيلة على غيرها, لا سيما على ليلة القدر, ولا كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يقصدون تخصيص ليلة الإسراء بأمر من الأمور ولا يذكرونها, ولهذا لا يعرف أي ليلة كانت”.
  • قول ابن الحاج: “ومن البدع التي أحدثوها فيه أعني في شهر رجب ليلة السابع والعشرين منه التي هي ليلة المعراج”.
  • قول محمد ابن إبراهيم آل الشيخ: “إن الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج أمر باطل, وشيء مبتدع, وهو تشبه باليهود والنصارى في تعظيم أيام لم يعظمها الشرع”.
  • قول ابن النحاس: “إن الاحتفال بهذه الليلة بدعة عظيمة في الدين, ومحدثات أحدثها إخوان الشياطين”.

متى ليلة الإسراء والمعراج

اختلف أهل العلم في حادثة الإسراء والمعراج في أيّ الليالي كانت، فهي لم يتم تحديدها في أيّة روايةٍ صحيحة في السنة، وكلّ ما تمّ ذكرها فيه هو من الروايات الغير ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل أنها وقعت قبل الهجرة بسنة، وقيل قبلها بخمس سنين، وفي الشهور قيل ربيع الأول وقيل رجب ورمضان وغيرها، ولكن ما اشتهر عند الناس أنّها وقعت في السابع والعشرين من شهر رجب والله أعلم.[10]

إلى هنا نصل وإيّاكم لختام مقال حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، والذي عرف الإسراء والمعراج وأشار لها في الكتاب والسنة، وبيّن حكم الاحتفال فيها والأدلة على تحريمه، وذكر متى تكون.

المراجع

  1. islamweb.net , الإسراء والمعراج , 09/01/2024
  2. سورة الإسراء , الآية 1
  3. صحيح البخاري , البخاري/ مالك بن صعصعة الأنصاري/ 3207/ صحيح
  4. saaid.net , حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج , 09/01/2024
  5. binothaimeen.net , الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج , 09/01/2024
  6. binbaz.org.sa , حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج , 09/01/2024
  7. تخريج كتاب السنة , الألباني/ العرباض بن سارية/ 31/ صحيح
  8. سورة المائدة , الآية 3
  9. التوسل والوسيلة , ابن تيمية/ المعرور بن سويد/ 203/ إسناده صحيح
  10. islamweb.net , اختلف العلماء في حادثة الإسراء والمعراج متى كانت , 09/01/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *