ما حكم تقبيل المصحف عند المذاهب الأربعة

حكم تقبيل المصحف حيث يعتبر أحد الأحكام الشرعية التي ينبغي على المسلم معرفتها، فالقُرآن الكَريم هو المُعجزة الإلهية الخالدة التي أنزلها الله على رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وتكفّل بحفظه إلى يوم يُبعثون، لذا يحرص المُسلم على تلاوة القرآن الكريم وتدبره وتفهم معانيه ومقاصده لما له من أجر عظيم، ومن هذه المعطيات سوف نسلط لكم الضوء من خلال سطورنا التالية في موقع المرجع لذكر حكم تقبيل المصحف حسب ما ورد لدى المذاهب الأربعة وتوثيق الحكم بالأدلة والبراهين الشرعية.

القرآن الكريم

يعتبر القرآن الكريم بأنّه كلام الله ووحيه المنزل على رسوله -صلى الله عليه وسلم-، المعجز بلفظه والآية ببيانه ومعانيه، والمتعبّد بتلاوته، المنقول للمسلمين بالتواتر، والمكتوب في الصحف من أوّل سورةٍ فيه وهي الفاتحة إلى آخر سورةٍ فيه وهي الناس، تبلغ عدد سوره مائة وأربعة عشر، منها ما هو مدني ومنها ما هو مكي، كما إنّ كلمة قرآن في اللغة العربية مشتقّة من الفعل قرأ، والذي يعني تدبّر وتفقّه وتعلّم وتتبع، وبعض أهل اللغة قالوا أنّه ليس مصطلحًا مشتقًّا، وإنما هو اسمٌ خاص يدلّ على كتاب الله.[1]

حكم تقبيل المصحف

لا حرج على المسلم أن يُقبّل المُصحف ولكن تَركَه أفضل لعَدَم وجود دليل، فقد أوضح الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- إن ‌تقبيل ‌المصحف بدعة ليس بسنة، وأنّ الفاعل لذلك إلى الإثم أقرب منه، كما أنّ مُقبّل المصحف لا أجْرَ له، فقد اختلف العُلماء في حُكم تَقبِيل المُصحَف، وفيما يلي سيتم بيان رأي كل من الأئمة الأربعة في حكم تقبيل المصحف وهو كالآتي:[2]

  • المَالكيَّة: حيث ذهبوا إلى كَراهِة تَقبِيل المُصحف، فقد أوضَحَ الخرشيّ في شرحه لخَلِيل: “يُكره تَقبِيل المُصحف وكذا الخبز”.
  • الحنفية: ذهبوا إلى أنّ لا مانع من تقبيل المصحف، لفعل عمر وعثمان -رضي الله عنهما-، فقد جاء في رد المحتار في الفقه الحنفيّ: تقبيل المصحف قيل بدعة لكن روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يأخذ المُصحَف كل غداة ويقبّلَه ويقول: “عهد ربي ومنشور ربي عز وجل”، وكان عثمان -رضي الله عنه- يُقبَّل المُصحَف ويَمسَحَه ُعلى وجهِهِ.
  • الشافعيّة: فقد استَحبّوا تقبيل المصحف قياسًا على تقبيل الحَجَر الأسود،  فقد جاء في حواشي الشر وفي الفقه الشافعي: “قال البيجرمي واستدل السبكي على جواز تقبيل المصحف بالقياس على تقبيل الحجر الأسود ويد العالم والصالح والوالد؛ إذ من المعلوم أنه أفضل منهم”.
  • الحَنَابِلَة: حيث أبَاحوا تقبيل المصحف حيث رُوِيَ عَن عكرمة ابن أبي جهل أنه كان يفتح المصحف، ويضع وجهه عليه ويقول: “كلام ربي، كلام ربي”.

شاهد أيضًا: حكم تعليق شيئ من القرآن

حكم تقبيل المصحف لابن باز

أوضح ابن باز -رحمه الله- بأن تقبيل المصحف لا حرج فيه، لكن ليس بمشروع، بحيث لم ينقل عن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بأسانيد ثابتة، ولعل التوقف عن تقبيل المصحف هو الأصوب لعدم ورود شيء من ذلك، كما قال -تعالى- في كتابه الكريم: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)[3]، حيث إنّ المشروع هو تدبر القرآن الكريم، والإكثار من تلاوته والعمل به، فقد ورد عن شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: “القيام للمصحف وتقبيله لا نعلم فيه شيئاً مأثوراً عن السلف، وقد سئل الإمام أحمد عن تقبيل المصحف فقال: ما سمعت فيه شيئاً”.[4]

شاهد أيضًا: حكم قراءة القرآن بدون وضوء من الجوال

حكم تطييب المصحف

يُعتبَر حُكم تطييب المُصحَف بأنّه جَائِز، فَقَد كانَ رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- يقوم بتطييب الكعبة، حيث أنّه أمر بتطييب المساجد، ولذلك يعتبر تطييب المصحف بأنه أولى، حيث قال في مطالب أولي النهى في الفقه الحنبلي: ويباح تطييبه، أي المصحف أو بعضه، كما أوضح ابن مفلح في الفروع وغيره، فقد نصّ السيوطي في الإتقان على استحباب تطييب القرآن الكريم، فقال: فرع:” يُستحب تطييب المصحف وجعله على كرسي، ويحرم توسده لأن فيه إذلالاً وامتهاناً”.[5]

آداب قراءة القرآن الكريم

إنّ قراءة القرآن الكريم من أعظم العبادات والذّكر في الشريعة الإسلامية، حيث إنّ القرآن الكريم في نفس المسلم مكانة عظيمة، كما أنّ لقراءة القرآن أجرًا يناله المسلم من الله -تعالى-، وفيما يأتي سيتم استعراض أهم الآداب المتعلقة بقراءة القرآن الكريم:[6]

  • استقبال المسلم للقبلة عند قراءة القرآن.
  • التعوذ قبل قراءة القرآن الكريم.
  • المحافظة على البسملة في بداية كل سورة.
  • أن يكون المسلم طاهرًا وعلى وضوء.
  • إخلاص النية في قراءة القرآن الكريم لوجه الله -تعالى-.
  • قيام المسلم بتعطير فمه بالسواك أو بما شابه ذلك قبل القراءة.
  • الاهتمام بالمكان الذي سيتم قراءة القرآن فيه وعله نظيفًا وطاهرًا.
  • أن لا يتلهى المسلم بالحديث مع الناس عند قراءة القرآن الكريم.
  • عدم التثاؤب عند القراءة وإذا حدث معه ذلك يتوقف عن القراءة.

شاهد أيضًا: ما حكم تعليق التمائم إذا كانت من غير القرآن الكريم

وبهذا يكون قد تم التعرف على حكم تقبيل المصحف ودعم الحكم بما ورد من أدلة شرعية في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وإجماع المسلمين، إلى جانب معرفة تقبيل المُصحَف لابن باز -رحمه الله-، بالإضافة إلى حكم تطييب المُصحَف، وكذلك والتعرف على آداب قراءة القرآن الكريم.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *