حكم من صام ولم يصل

حكم من صام ولم يصل هو الحكم الذي سيتمّ بيانه في هذا المقال، فمع اقتراب شهر رمضان المبارك، شهر الصيام، يبحث المسلمون عن كلّ الأحكام الشرعية الهامّة التي ترتبط بأمور الدّين والصيام تحديدًا ومعه أركان الإسلام، فكلّ مسلم حريص كلّ الحرص على وصلوه شهر رمضان وهو يعمل الصواب والصحيح في العبادات والأعمال والطاعات، ولذلك فإنّ موقع المرجع سيبيّن من خلال هذا المقال حكم الصيام بدون صلاة وهل تقبل عبادة من لا يصلي.

أركان الإسلام الخمس

تمهيدًا لبيان حكم من صام ولم يصل، من المهم للمسلم أن يعلم أن الإسلام يقوم على خمسة أركانٍ رئيسة وهي الأركان التي بيّنها الحديث الشريف الذي رواه الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: “بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ”.[1] فالإسلام اتباع الرسل أجمعون فيما أرسلهم الله به، وهو دينٌ صالحٌ لكلّ زمانٍ ومكان ويكون شموليًا متينًا راسخًا بأركانه يقوم بها جميعًا.[2]

حكم من صام ولم يصل

إنّ من صام ولم يصل لم ينفع صيامه لو كان ترك الصلاة جحدًا بها، فالصلاة والصيام ركنان من أعظم أركان الإسلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم وإخباره أنّ الإسلام بني على خمس، فمن ترك واحدًا من أركان الإسلام ارتكب أمرا عظيما، فمن ترك الصلاة أو الصوم كفر بالله لو كان تركه لها جحودًا وذلك باتّفاق أهل العلم، أمّا لو تركها كسل فهو في محلّ خلافـ بعضهم قال يكفر وبعضهم قال ارتكب إثمًا عظيمًا وأكبر الكبائر، ولكن لو ترك الصيام كسل فالراجح أنّه لا يكفر، فمن صلى وترك الصوم اقترف كبيرةً من الكبائر ويستحقّ بها العقاب الشديد، ومن صام وهو تاركٌ للصلاة لا ينفعه صيامه في هذه الحال، ولا يجوز إقرار تارك الصوم على ترك صومه، ولا يصحّ أن يُقرّ تارك الصلاة بترك صلاته، بل يُنصح ويُرشد ويُذكّر بها ويُحذّر من العذاب والعقاب والوعيد لتارك الصلاة، وأنّ بصلاحها يصلح العمل وبفسادها يفسد العمل كلّه، وأنّه لا ينفعه عمله بدونها أبدًا.[3]

شاهد أيضًا: حكم صيام يوم العيد

هل يقبل صيام تارك الصلاة كسلا

ببيان حكم مت صام ولم يصل فمن المهم توضيح إن كان يقبل صيام تارك الصلاة كسل، وقد ذكر أهل العلم أنّ من أعظم المصائب التي يبتلى فيها الخلق هي ترك الصلاة، فالصلاة عماد الدين وفارقة الكفر والإيمان، وقد اتفق أهل العلم أنّ تارك الصلاة جحودًا كفر وخرج من الملة، ولو صام فصيامه باطل، أمّا لو ترك الصيام كسل وهو مُقرٌّ بوجوبها، فقد اختلفوا في حكمه، فالأحناف قالوا لا يكفر، بل يُحبس حتى يصلي، ومالك والشافعي قالوا لا يكفر لكنّه يُقتل حدًا، وقال الإمام أحمد أنّه يكفر ويقتل ردّةً، وهو ما قام به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فمن قال من أهل العلم أنّ من ترك الصلاة كسل لا يكفر، قال بأن صيامه صحيح وهو مقبول، ومن قال أنّه كافرٌ ومرتد قال أنّ عمله كلّه لا ينفعه وحبط سائر عمله بترك الصلاة فصيامه باطل ولا يقبل منه، والله ورسوله أعمل.[4]

حكم من صام وكان يشرب الخمر قبل رمضان

إنّ شرب الخمر من الكبائر العظيمة الّتي لعن الله تبارك وتعالى فاعلها، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم: “لعن اللهُ الخمرَ، وشاربَها، وساقِيها، وبائِعَها، ومبتاعَها، وعاصِرَها، ومعتصِرَها، وحامِلَها، والمحمولةَ إليه”.[5] والصّيام في رمضان لمن كان يشرب الخمر صحيحةٌ إن كان قد تاب وندم على ما فعل، فشرب الخمر لا يُسقط وجوب الصّيام عن صاحبه، بل إنّ صيامه صحيح إن كان وعيه في محلّه ومكانه، وأّما إن كان غير واعٍ عارفٍ لما يفعله، وجب عليه القضاء، لأنّ ترك الصّيام أو الصّلاة عن شرب الخمر، يُضاعف الذّنب ويضيف كبيرةً من كبائر الذّنوب إلى صحيفته إلى جانب شرب الخمر، وعلى كلّ من يشرب الخمر أن يتوب لله تبارك وتعالى وأن يقلع عن هذا الذّنب العظيم، والله أعلم.[6]

شاهد أيضًا: حكم من صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله

هل تقبل عبادة من لا يصلي؟

قال أهل العلم أنّ تارك الصّلاة الّذي يكفر بها ويجحدها، كان مشركًا بالله تبارك وتعالى شركًا أكبر، وقد خرج من الملّة، فلا تصحّ منه عبادة لا صيام ولا صدقةٌ ولا دعاء، وأمّا من كان تاركًا للصّلاة وهو مقرٌّ بوجوبها فهو آثمٌ تُقبل منه العبادة بإذن الله تبارك وتعالى، وقال بعض أهل العلم أنّها لا تُقبل، فحتّى لو كان قد تركها وهو مقرٌّ بوجوبها فقد كفر، وذلك لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “العَهدُ الَّذي بينَنا وبينَهُمُ الصَّلاةُ فمن ترَكَها فقد كفرَ”.[7] فلا يحلّ للمسلم أن يترك الصّلاة إطلاقًا فهي الحدّ الفاصل بين الكفر والإسلام، من تركها كفر ولم تُقبل منه عبادة، والله أعلم.[8]

هل تقبل الصدقة من تارك الصلاة

إن ترك الصّلاة لهي من أعظم الكبائر وأعظم الذّنوب عند الله تبارك وتعالى، فهي أعظم من قتل النّفس، وذهب جمهور أهل العلم إلى أنّ تارك الصّلاة بالكليّة قد كفر كفرًا يُخرجه من الملّة الإسلاميّة، وذلك يُسقط عنه كلّ عملٍ ولا تُقبل منه أيّ عبادةٍ أو عملٍ صالحٍ كالصّدقات والدّعاء وغيرها، ومن أهل العلم من قال أنّ تارك الصّلاة لا يعدّ كافرًا وتُقبل منه العبادات والأعمال الصّالحة، لكنّ الواجب على المسلم ألّا يترك الصّلاة وألّا يتكاسل عنها لئلّا يقع في المحظورات والمحرّمات والله أعلم.[9]

شاهد أيضًا: هل الاغاني تبطل الصيام

هنا نصل لختام مقالنا حكم من صام ولم يصل، حيث تعرّفنا في هذا المقال على الأركان الخمسة للإسلام وعلى الصّيام والصدقة وفعل الأعمال الصّالحة لمن لا يصلّي، كذلك حكم الصيام لمن كان يشرب الخمر.

المراجع

  1. صحيح البخاري , البخاري/ عبد الله بن عمر/ 8/ صحيح
  2. islamqa.info , أركان الإسلام , 17/03/2024
  3. islamweb.net , حكم صيام من لا يصلي , 17/03/2024
  4. islamweb.net , هل يقبل صيام تارك الصلاة كسلاً , 17/03/2024
  5. صحيح أبي داود , الألباني/عبد الله بن عمر/3674/صحيح
  6. islamweb.net , حكم الصيام لمن شرب الخمر قبل دخول رمضان ثم تاب , 17/03/2024
  7. فتاوى نور على الدرب لابن باز , ابن باز/بريدة بن الحصيب/21/475/إسناده صحيح
  8. binbaz.org.sa , هل يقبل صيام وعبادة من لا يصلي؟ , 17/03/2024
  9. islamweb.net , هل تقبل أعمال الخير ممن لا يصلي , 17/03/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *