ما أثر قيمة الصبر في حياة النبي محمد

ما أثر قيمة الصبر في حياة النبي محمد، درب طويل وشاق، بدأ به نبينا الكريم أولى خطواته، وهو يحمل بين يديه آيات من الله، تعينه على إكمال مسيرته وإضاءة الطريق له، حيث كُذب الرسل جميعهم، وتم إيذاءهم، وتعذيب أتباعهم، فقد لاقوا من الإساءة مختلف الأنواع، في سبيل هداية قومهم ورضا ربهم، وللاستفادة بمزيد من المعلومات، سوف نتعرّف في موقع المرجع على مواقف متعددة من حياة النبي محمد، وصبره على أذى المشركين والكفار.  

ما أثر قيمة الصبر في حياة النبي محمد

إنّ أثر قيمة الصبر في حياة النبي محمد هو تحمله للمحن والفتن التي أحاطت به، عندما أرسله رب العالمين نبيًا ورسولًا إلى قومه، ومما لا شك فيه، بأن الصبر صفة من صفات الأنبياء، ومفتاح للخيرات كذلك، فالدنيا هي دار ابتلاء وامتحان، ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أن يختبر مدى إيمان عباده وثباتهم على شريعته، حتى يميز بين الطيب والخبيث، وبين المؤمن والمنافق.

شاهد أيضًا: القبيلة التي ينتسب لها النبي محمد صلى الله عليه وسلم هي قبيلة

صبر النبي على أذى قريش

كان نبي الله عليه أفضل الصلوات والتسليم، مدرسةً في الخلق والصبر، فقد لاقى الكثير من الآلام والإساءة، ومع ذلك، صبر وتحمّل كافّة ما واجهه، سواءً بالنسبة إلى ألم اليُتم، أو ألم الاستهزاء به وتكذيبه، أو ألم الفقر، كما صبر الرسول على أذية قبيلة قريش له، الذين سبق وتفننوا في أساليب الإساءة إلى النبي وأصحابه، وقد قال الرسول في ذلك: { لقد أُخِفتُ في اللهِ وما يخافُ أحدٌ ولقد أُوذيتُ في اللهِ وما يؤذي أحدٌ ولقد أتت عليَّ ثلاثون من بين يومٍ وليلةٍ ومالي ولبلالٍ طعامٌ يأكلهُ ذو كبدٍ إلَّا شيءٌ يواريهِ إبطُ بلالٍ}، حيث نذكر بعضًا من المواقف، فيما يلي: [1]

استهزاء أبي جهل 

بدأت العداوة من طرف أبي جهل نحو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، منذ أول لحظة أعلن فيها رسول الله دعوته الإسلامية، وحتى حلول موعد وفاته، حيث حاول أبو جهل أن يبذل قصارى جهده، في اختلاق أساليب مسيئة ومعذبة، للرسول بشكل خاص والمسلمين بشكل عام، إذ قام بصد كبار زعماء قريش، عندما شعر بميلهم نحو الإسلام، وعذّب الضعفاء من المسلمين، وقد قيل بأن النبي صلى الله عليه وسلم، أطلق عليه لقب فرعون الأمة.

أذى المشركين للرسول في الكعبة

لاقى رسول الله، الكثير من المواقف المسيئة، من قِبل المشركين، عندما كان في مكة المكرمة، نذكر من أبرزها:

  • رمي أحشاء الناقة المذبوحة على النبي عندما كان يُصلي: عندما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي بالقرب من الكعبة، جاء أحدهم بأحشاء ناقة، قد ذُبحت منذ قليل، فأشار أبو جهل بإلقائها على رسول الله، وأخذ الكفار يضحكون ويستهزئون بالنبي، حتى جاءت السيدة فاطمة رضي الله عنها، وهي تبكي وقامت بإزالتها عنه. 
  • خنق النبي صلى الله عليه وسلم: عندما كان رسول الله ساجدًا في الكعبة، يقوم بأداء صلاته، جاء من خلفه عقبة بن معيط، وحاول أن يخنق رسول الله بكل قوته، إلى حين مجيء سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ودفعه بعيدًا عن النبي، وهو يستشهد بآية من القرآن الكريم، في قوله تعالى: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّـهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ}.[2]

شاهد أيضًا: أدى مخالفة امر النبي محمد صلى الله عليه وسلم في معركة أحد إلى

تعذيب قريش لأصحابه

بعد انتشار الإسلام، ودخول العديد من أهل مكة في الدين الإسلامي، قامت معظم القبائل بمحاولة ثني أبناء قبيلتها عن دين الإسلام بشتّى وسائل التعذيب، حيث نذكر بعضًا من أبرز القصص فيما يلي :

  • تعذيب آل ياسر: نال آل ياسر أشد صور العذاب والكفر من بني قريش، فقد قام ياسر المسن بالاستشهاد في سبيل الإسلام، بعد اتفاق المشركين مع أبو جهل، على إخراجهم وتعذيبهم في الحر الشديد، وذلك بسبب عدم قدرته على تحمل عذابهم، كما قام أبو جهل بطعن سمية أيضًا، فارتمت شهيدة كذلك، وظلوا يعذبون عمار، إلى أن ذكر الآلهة التي يعبدونها بالخير، إلّا أن قلبه كان عامرًا بالإيمان. 
  • تعذيب سيدنا عثمان بن عفان: لاقى سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، التعذيب والإساءة من عمه، حيث قام الحكم بن أبي العاص بربط ابن أخيه عثمان بشدة عندما علم بإسلامه، وقال له: سوف تبقى على حالتك هذه، حتى ترتدّ عن دينك، ثم بعد فترة، رأى عمه بأن عثمان باقٍ وصابر على دينه، فيئس منه وتركه على إسلامه. 

ما أثر قيمة الصبر في حياة النبي محمد

شاهد أيضًا: السائل الذي اتي الى الرسول صلى الله عليه وسلم واسند ركبتيه الى ركبتي النبي ووضع كفيه على فخذي النبي

صبر النبي على أذى المنافقين 

كان المنافقين من الأقوام التي تظهر الإسلام للنبي، بينما تبطن الكفر والمكر والخديعة، فقد عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم، طوال فترة دعوته بين هؤلاء القوم، ومن الصور التي يمكن ذكرها في هذا السياق:

  • اختلاق المنافقين أعذارًا كاذبة، حتى يتخلفوا عن مشاركة الرسول في غزوة تبوك. 
  • وضع المشركين أصابعهم داخل آذانهم، عند حضورهم مجلس للنبي صلى الله عليه وسلم، خوفًا أن ترقّ قلوبهم لكلامه. 
  • حادثة الإفك، عندما رمى المشركين السيدة عائشة رضي الله عنها، بأحاديث الافتراء والكذب. 

شاهد أيضًا: في حديث المرأة التي شكت إلى النبي ﷺ أنها تصرع وطلبت من النبي ﷺ أن يدعو لها . ما تعريف الصرع ؟

صبر النبي على موت أولاده 

كان فقدان الرسول صلى الله عليه وسلم لأبنائه صغارًا، إحدى الابتلاءات والمحن، التي مرت عليه، حيث توفي الطيب والقاسم والطاهر في الجاهلية، ومع أنّ بناته أدركن الإسلام، إلا أنهن توفين في عمر الشباب أيضًا، وما كان من رسول الله، إلّا أن صبر على محنته واحتسب، وردد في قلبه كل مرة، مثلما قال عند وفاة ابنه إبراهيم عليه السلام: { إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، والقَلْبَ يَحْزَنُ، ولَا نَقُولُ إلَّا ما يَرْضَى رَبُّنَا، وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ}.[3]

ما أثر قيمة الصبر في حياة النبي محمد

شاهد أيضًا: خسر المسلمون في معركة احد بسبب مخالفتهم لاوامر النبي صلى الله عيه وسلم حينما نزلوا من جبل الرماة لجمع الغنائم

مواقف من حياة الرسول تدل على حسن الخلق 

شهدت حياة نبينا الكريم، عليه أفضل الصلاة والتسليم، العديد من المواقف الحياتية، التي ينبغي علينا التعلم منها، والتصرف فيها اقتداءً بالنبي وبما كان يفعله حينها، وفيما يأتي، سوف نعرض أبرز هذه المواقف:

  • الصدق والأمانة: لُقّب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالصادق الأمين، فقد كان جميع أهل مكة يثقون بالرسول، ويأتمنونه على حوائجهم وأسرارهم وأموالهم، وحدث مرةً أن نادى رسول الله في قريش، وقال لهم: { أرَأَيْتَكُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلًا بالوَادِي تُرِيدُ أنْ تُغِيرَ علَيْكُم؛ أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قالوا: نَعَمْ، ما جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إلَّا صِدْقًا}.[4]
  • الرحمة: هناك العديد من المواقف التي تبرز رحمة النبي على وجه الخصوص، فقد تحدثت كتب التاريخ والسيرة عن عطفه ورحمته بالمسلمين، ونستدل على ذلك، بالآية القرآنية، في قوله تعالى: { لَقَد جاءَكُم رَسولٌ مِن أَنفُسِكُم عَزيزٌ عَلَيهِ ما عَنِتُّم حَريصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَحِيمٌ}.[5]
  • التواضع: بالرغم من رفعة منزلة الرسول، وعظم مكانته، لكنه كان متواضعًا إلى أبعد الحدود، وقد رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه، بأنه قال: {كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يجلس بين ظَهْرَيْ أصحابه، فيجيء الغريبُ فلا يدري أيُّهم هو، حتى يسأل! فطَلَبْنا إلى رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن نجعَل له مجلِسًا يعرِفُه الغريبُ إذا أتاه}.[6]

في النهاية، نصل إلى ختام موضوعنا، الذي وضّحنا فيه الإجابة المناسبة للسؤال، ما أثر قيمة الصبر في حياة النبي محمد، كما تحدّثنا عن مواقف من صبر النبي على أذى قريش له ولأصحابه، وصبره على أذية وإساءة المنافقين، وكذلك على وفاة أولاده، وأضفنا أخيرًا مواقف حياتية تدل على حسن خلق نبينا الكريم.

المراجع

  1. عدة الصابرين , ابن القيم، أنس بن مالك، 1/299، صحيح
  2. سورة غافر , الآية 28
  3. صحيح البخاري , البخاري، أنس بن مالك، 1303، صحيح
  4. صحيح البخاري , البخاري، عبدالله بن عباس، 4770، صحيح
  5. سورة التوبة , الآية 128
  6. سنن أبي داود , أبو داود، أبو ذر الغفاري وأبو هريرة، 4698، سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *