متى يبدا الثلث الاخير من الليل

متى يبدا الثلث الاخير من الليل، ذلك الوقت المبارك الذي يتحرّى فيه الناس الدعوات والأعمال الصالحة كونه من الأوقات المباركة التي يُستجاب فيها الدعاء والذي ثبت فضله في الكتاب والسنة المطهّرة، وفي هذا المقال سوف يتوقف موقع المرجع مع بيان الوقت الذي يبدأ فيه ثلث الليل الأخير، وكذلك يتوقف مع بيان وقت انتهاء هذا الثلث مع الأدلّة عليه، إضافة للوقوف على بعض الأمور المهمة المتعلقة به مثل بيان فضل هذا الوقت وشرفه وخير الأعمال فيه ونحو ذلك.

الثلث الأخير من الليل

يُشير مصطلح الثلث الأخير من الليل إلى الوقت الأخير من الليل الذي يسبق طلوع الفجر، وهو وقت مبارك عند المسلمين وفيه فضائل كثيرة مذكورة في القرآن الكريم والسنة النبوية العَطِرَة، وتفصيل الحديث عليه فيما يلي.

شاهد أيضًا: كم مرة اعتمر الرسول عليه الصلاه والسلام

متى يبدا الثلث الاخير من الليل

إنّ وقت بداية الثلث الأخير من الليل يُعرف من خلال حساب عدد ساعات الليل، فمعلوم أنّ الليل يبدأ مع غروب شمس اليوم، وينتهي مع طلوع الفجر، فبالتالي تُحسَب ساعات الليل وتُقسم على ثلاث، فالثلث الأخير من الليل يكون الساعات الأخيرة التي تشكّل ثلث الوقت، فمثلًا لو كان عدد ساعات الليل 9 ساعات فإنّ الثلث الأخير يبدأ من الساعة السابعة وحتى نهاية الساعة التاسعة، والله أعلم.[1]

شاهد أيضًا: كم مره ورد اسم الحليم في القران

متى ينتهي الثلث الأخير من الليل

ينتهي ثلث الليل الأخير بطلوع الفجر، وبذلك يدخل وقت صلاة الفجر ويبدأ النهار بالطلوع شيئًا فشيئًا، وإذا طلع الفجر فقد انتهى وقت الصلوات السابقة له وحان وقت صلاة الصبح والسنّة التي تسبق الفريضة، والله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الزمر بهذا الاسم

كيفية حساب الثلث الأخير من الليل

يُحسب الثلث الأخير من الليل -كما سبق- من خلال معرفة عدد ساعات الليل الإجماليّة، فمثلًا لو افتُرضَ أنّ بلدًا تغرب فيه الشمس الساعة السابعة مساء، ويطلع الفجر نحو الساعة الخامسة صباحًا فعدد ساعات الليل يكون عشر ساعات، وعليه فالثلث الأخير من الليل يكون نحو الساعة الواحدة وإحدى وأربعين دقيقة، والله أعلم.[1]

شاهد أيضًا: الطريقة السليمة التي تقابل بها المصائب

فضائل الثلث الاخير من الليل

للثلث الأخير من الليل فضائل كثيرة وردت في كتب الإسلام، ولكنّ مدارها كلّها على الفضل العظيم الذي قد ورد في الحديث الصحيح الذي يقول فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عنه أبو هريرة رضي الله عنه: “يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له؟ مَن يَسْأَلُنِي فأُعْطِيَهُ؟ مَن يَستَغْفِرُني فأغْفِرَ له؟”.[3]

خير الأعمال في الثلث الأخير من الليل

في الثلث الأخير من الليل يُكثِر المسلمون من الطاعات والعبادات التي تقرّبهم من الله سبحانه وتعالى، ومن تلك الأعمال الصالحة:

الصلاة

الصلاة في جوف الليل في الثلث الأخير منه من أحبّ الأعمال إلى الله تعالى، وينبغي للمسلم أن يقوم من هذا الوقت ولو جزءًا يسيرًا، والأفضل للمسلم أن يصلّي قيام الليل قبل النوم، فإن أمِنَ أنّه سيستيقظ قبل الفجر فيُستحبّ له أن يصلّي في الثلث الأخير ولو ركعتين ويصلّي بعدهما الوتر، وأمّا إن خاف ألّا يستيقظ قبل الفجر فإنّه يصلّي الوتر وإذا ما استيقظ قبل الفجر فإنّه يصلّي ركعتين ولكن لا يصلّي بعدهما الوتر، والله أعلم.[4]

الدعاء والاستغفار

الدعاء والاستغفار دائمًا ما يتلازمان، فعند كثير من العلماء يدخل الاستغفار في باب الدعاء، فالدعاء عادة يكون في طلب الخير، والاستغفار يكون في طلب دفع الشر المترتب على ذنب قد أحدثه العبد، ففي الحديث الشريف يقول صلى الله عليه وسلم: “يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له؟ مَن يَسْأَلُنِي فأُعْطِيَهُ؟ مَن يَستَغْفِرُني فأغْفِرَ له؟”،[3] فهنا قد ارتبط الدعاء بالاستغفار، يقول الشيخ ابن تيمية معلّقًا على هذا الحديث: “ذكر أولا لفظ الدعاء، ثم ذكر السؤال والاستغفار، والمستغفر سائل، كما أن السائل داع؛ لكن ذكر السائل لدفع الشر، بعد السائل الطالب للخير، وذكرهما جميعا بعد ذكر الداعي الذي يتناولهما وغيرهما، فهو من باب عطف الخاص على العام”، فللدعاء والاستغفار في هذا الوقت فضل عظيم لا يدرك فضله الحقيقي إلّا الله -سبحانه- وحده.[5]

شاهد أيضًا: طريقة صلاة الوتر الصحيحة

آيات عن الثلث الأخير من الليل

لقد وردت آيات في القرآن الكريم تتحدّث عن الثلث الأخير من الليل وتخصّه ببعض الفضائل، وتذكر أنّ دأب الصالحين العبادة فيه، ومن تلك الآيات:

  • قوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}.[6]
  • قوله تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.[7]
  • قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩ * تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}.[8]
  • قوله تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ}.[9]
  • قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}.[10]
  • قوله تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا}.[11]
  • قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا}.[12]

شاهد أيضًا: ما هي السرورية وهل هم من أهل السنة والجماعة

أحاديث عن الثلث الأخير من الليل

لقد وردت بعض الأحاديث النبوية التي تتحدّث عن فضل قيام الليل والصلاة في الثلث الأخير منه، ومنها:

  • قوله صلى الله عليه وسلم: “أحَبُّ الصَّلاةِ إلى اللهِ صلاةُ داودَ كان ينامُ نصفَ اللَّيلِ ويقومُ ثُلثَ اللَّيلِ وينامُ سُدسَه وأحبُّ الصِّيامِ إلى اللهِ صيامُ داودَ كان يصومُ يومًا ويُفطِرُ يومًا”.[13]
  • قوله صلى الله عليه وسلم: “أقربُ ما يكونُ الربُّ من العبدِ في جوفِ الليلِ الآخرِ، فإنِ استطعتَ أن تكونَ ممَّن يذكرُ اللهَ في تلكَ الساعةِ فكنْ”.[14]
  • قوله صلى الله عليه وسلم: “عليكم بقيامِ الليلِ؛ فإنَّه دَأْبُ الصالحينَ قبلَكم، وهو قُرْبةٌ إلى ربِّكم، ومَكْفَرةٌ للسِّيِّئاتِ، ومَنْهاةٌ عن الإثمِ”.[15]
  • قوله صلى الله عليه وسلم:إِنَّ في الجنةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُها من باطِنِها، و باطِنُها من ظَاهِرِها، فقال أبو مالِكٍ الأَشْعَرِيُّ: لِمَنْ هيَ يا رسولَ اللهِ؟ قال: لِمَنْ أَطَابَ الكَلامَ، و أَطْعَمَ الطَّعَامَ، و باتَ قائِمًا و الناسُ نِيامٌ”.[16]

شاهد أيضًا: كيف نحقق كمال الحب وكمال الذل في الصلاة

صلاة التهجّد

صلاة التهجد للعلماء قولان فيها، الأوّل هو أنّها الصلاة في الليل مطلقًا، والثاني أنّها الصلاة بعد استيقاظ المرء من نومه ليلًا، وأفضل أوقاتها هو الثلث الأخير من الليل، وفيما يأتي بعض التفصيلات عنها:[17]

دعاء الافتتاح فيها

لقد ورد عن صلاة التهجد دعاء مأثور كان النبي -صلى الله عليه وسلّم يفتتح صلاته به، وهو: “اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ أنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ لكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ الحَقُّ ووَعْدُكَ الحَقُّ، ولِقَاؤُكَ حَقٌّ، وقَوْلُكَ حَقٌّ، والجَنَّةُ حَقٌّ، والنَّارُ حَقٌّ، والنَّبِيُّونَ حَقٌّ، ومُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَقٌّ، والسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لكَ أسْلَمْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، وعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أنَبْتُ، وبِكَ خَاصَمْتُ، وإلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، أنْتَ المُقَدِّمُ، وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ – أوْ: لا إلَهَ غَيْرُكَ – قالَ سُفْيَانُ: وزَادَ عبدُ الكَرِيمِ أبو أُمَيَّةَ: ولَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ”.[18]

عدد ركعاتها

صلاة التهجد ليس لها عدد محدود، وتصلّى ركعتان ركعتان، ويُستحبّ أن يلتزم فيها المرء سنّة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي أن يصلّي إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، ركعتان ركعتان، والأخيرة تكون الوتر ركعة مفردة، والله أعلم.[19]

القراءة في الركعات الثلاث الأخيرة من التهجّد

يمكن للمسلم قراءة ما شاء من القرآن الكريم في الصلاة وفي صلاة التهجّد، غير أنّه قد ورد أنّ النبي -صلى الله عليه وسلّم- كان يقرأ في الركعات الثلاث الأخيرة في صلاة التهجّد بسورة الأعلى والكافرون والإخلاص، وإذا التزم المسلم قراءة هذه السور في الركعات الأخيرة فهو من السنّة، والله أعلم.[20]

شاهد أيضًا: من أسباب الهلاك في الأمم السابقة

وإلى هنا يكون قد تم مقال متى يبدا الثلث الاخير من الليل بعد الوقوف على تحديد وقت بداية الثلث الأخير ونهايته وأفضل الأعمال فيه إضافة للوقوف على ذكره في الكتاب والسنة وغير ذلك.

المراجع

  1. islamweb.net , طريقة تحديد ثلث الليل الأخير
  2. islamweb.net , وقت انتهاء ثلث الليل الآخر
  3. صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، الرقم: 1145، حديث صحيح.
  4. islamweb.net , الصلاة في الثلث الأخير من الليل
  5. islamqa.info , فضل الدعاء في الثلث الأخير من الليل
  6. سورة الفرقان , الآية: 63 - 64
  7. سورة الذاريات , الآية: 17 - 18
  8. سورة السجدة , الآية: 15 - 16
  9. سورة الطور , الآية: 48 - 49
  10. سورة المزمل , الآية: 1 - 4
  11. سورة الإنسان , الآية: 25 - 26
  12. سورة الإسراء , الآية: 78 - 79
  13. تخريج صحيح ابن حبان , شعيب الأرناؤوط، عبد الله بن عمرو، الرقم: 2590، حديث إسناده صحيح على شرط مسلم.
  14. صحيح الجامع , الألباني، عمرو بن عنبسة، الرقم: 1173، حديث صحيح.
  15. إرواء الغليل , الألباني، أبو أمامة الباهلي، الرقم: 452، حديث حسن.
  16. صحيح الترغيب , الألباني، عبد الله بن عمرو، الرقم: 946، حديث صحيح.
  17. islamqa.info , هل هناك فرق بين التهجد وقيام الليل
  18. صحيح البخاري , البخاري، عبد الله بن عباس، الرقم: 1120، حديث صحيح.
  19. islamweb.net , كيفية صلاة التهجد

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *