متى يسن التكبير في عشر ذي الحجة

متى يسن التكبير في عشر ذي الحجة التي تعتبر من أفضل أيام السنة، والأعمال الصالحة فيها خير مما في سواها، ومن هذه الأعمال الصالحة التكبير، لذلك يهتم موقع المرجع في الحديث عن متى يسن التكبير في عشر ذي الحجة، وعن فضل التكبير في عشر ذي الحجة، وعن صفة التكبير في عشر ذي الحجة، وعن الجهر بالتكبير والتكبير الجماعي، وعن الذكر في عشر ذي الحجة.

متى يسن التكبير في عشر ذي الحجة

يسن التكبير في عشر ذي الحجة منذ دخول شهر ذي الحجة، ويكون التكبير في شهر ذي الحجة على وجهين، وتفصيلهما كما يلي:[1]

التكبير المطلق

وهو الذي لا يتقيد بشيء، فيُسن دائمًا، في الصباح والمساء، قبل الصلاة وبعد الصلاة، وفي كل وقت، ويُسن التكبير المطلق في عشر ذي الحجة وسائر أيام التشريق، ويبدأ من دخول شهر ذي الحجة، أي: من غروب شمس آخر يوم من شهر ذي القعدة، إلى آخر يوم من أيام التشريق، وذلك بغروب شمس اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة، وقد كان ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما، يخرجان إلى السوق أيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، وكان عمر بن الخطاب وابنه عبدالله رضي الله عنهما، يكبران في أيام منى في المسجد وفي الخيمة ويرفعان أصواتهما بذلك حتى ترتج منى تكبيرًا، عن ميمون بن مهران، قال: “أدركت الناس وإنهم ليكبرون في العشر، حتى كنت أشبهه بالأمواج من كثرتها، ويقول: إن الناس قد نقصوا في تركهم التكبير”.

التكبير المقيد

التكبير المقيد هو الذي يتقيد بأدبار الصلوات، ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق بالإضافة إلى التكبير المطلق فإذا سَلَّم من الفريضة واستغفر ثلاثاً وقال: ” اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ” بدأ بالتكبير، فقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن جماعة من الصحابة، التكبير في أدبار الصلوات الخمس، من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم الثالث عشر من ذي الحجة، وهذا في حق غير الحاج، أما الحاج فيشتغل في حال إحرامه بالتلبية حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر، وبعد ذلك يشتغل بالتكبير، ويبدأ التكبير عند أول حصاة من رمي الجمرة المذكورة، وإن كبر مع التلبية فلا بأس، ولكن الأفضل في حق المحرم هو التلبية.

اقرأ أيضًا: متى يبدأ التكبير المطلق في عيد الأضحى 

فضل التكبير في عشر ذي الحجة

الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة أيام معظمة أقسم الله بها في كتابه والإقسام بالشيء دليل على أهميته وعظم نفعه، قال تعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ}،[2] قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف: إنها عشر ذي الحجة. قال ابن كثير: “وهو الصحيح”، والعمل في هذه الأيام محبوب إلى الله سبحانه وتعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ”،[3] ومن العمل الصالح في هذه الأيام ذكر الله بالتكبير والتهليل لما يلي من الأدلة: قال تعالى: {لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ}،[4] والأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، قال تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ}،[5] وهي أيام التشريق، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: “أيامُ التشريقِ أيامُ أكلٍ وشربٍ وذكرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ”.[1]

شاهد أيضًا: فضل التكبير في عشر ذي الحجة

صفة التكبير في عشر ذي الحجة

لا تلزم صيغة معينة للتكبير، فالأمر فيه واسع، وهذا مذهب مالك، ورواية عن أحمد، وهو قول ابن تيمية، والصنعاني، والشوكاني، وابن باز، وابن عثيمين، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم صيغة معينة في التكبير، وإنما ثبت عن صحابته رضي الله عنهم في ذلك عدة صيغ، وكل هذه الصيغ صحيحة يحل للإنسان التكبير بها وقولها في أيام عشر ذي الحجة، وفيما يأتي صيغ التكبير الواردة في الأثر:[6]

  • الصيغة الأولى: “اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبيراً”، وهذه الصفة ثابتة عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، أخرجها البيهقي في السنن الكبرى، وصحح الحافظ ابن حجر سندها.
  • الصيغة الثانية: “اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وللَّهِ الحمدُ”، وهذه الصفة ثابتة عن ابن مسعود رضي الله عنه، أخرجها ابن أبي شيبة في مصنفه.
  • الصيغة الثالثة: “اللَّهُ أَكْبَرُ كَبيراً، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبيراً، اللَّهُ أَكْبَرُ وأجَلُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وللَّهِ الحمدُ”، وهذه الصفة ثابتة عن ابن عباس رضي الله عنهما، أخرجها ابن أبي شيبة في مصنفه.

شاهد أيضًا: أحاديث فضل العشر الأوائل من ذي الحجة

الجهر بالتكبير والتكبير الجماعي

يسن الجهر بالتكبير للرجال، وهذا مذهب الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنابلة، وهو رواية عن أبي حنيفة، وقال به من الحنفية أبو يوسف ومحمد بن الحسن والطحاوي، فعن أم عطية رضي الله عنها، قالت: “كُنَّا نُؤْمَرُ أنْ نَخْرُجَ يَومَ العِيدِ حتَّى نُخْرِجَ البِكْرَ مِن خِدْرِهَا، حتَّى نُخْرِجَ الحُيَّضَ، فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فيُكَبِّرْنَ بتَكْبِيرِهِمْ، ويَدْعُونَ بدُعَائِهِمْ يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذلكَ اليَومِ وطُهْرَتَهُ”،[7] فلولا إظهار التكبير من الرجال، لما كبر النساء خلفهم بتكبيرهم، وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما، وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يأتي الإمام، فالتكبير ورفع الصوت به من إظهار شعائر الإسلام، وتذكير الغير، ولا يشرع التكبير الجماعي في العيدين، ولم يفعله السلف الصالح، لا من الصحابة، ولا من التابعين، ولا تابعيهم.[8]

شاهد أيضًا: أيهما أفضل في عشر ذي الحجة التكبير أم قراءة القرآن

الذكر في عشر ذي الحجة

بعد أن تحدثنا عن افضل ما يقال في عشر ذي الحجة، سنتحدث عن الذكر وكيفيته في هذه الأيام، فالأذكار والأدعية بكل أنواعها مشروعة، يكثر المسلم منها قدر ما يستطيع، ليكون قريبًا من ربه سبحانه وتعالى على الدوام، وهذه الأيام العشر وردت فيها أذكار سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الإكثار منها، ومن هذه الأذكار:[9]

التهليل

وهو قول: “لا إله إلا الله”، وهي شهادة الإسلام وعنوان التوحيد، والمناسبة في الإكثار منها في العشر من ذي الحجة ظاهرة، فهي أيام الحج التي يتوجه فيها الناس إلى ربهم متجردين من الدنيا وزينتها موحدين طائعين منيبين راجين رحمته خائفين من عذابه، فكان من أكثر الأذكار مناسبة في هذه الأيام التهليل، وفي فضل التهليل وردت نصوص كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: “مَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ. في يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ، كانَتْ له عَدْلَ عَشْرِ رِقابٍ، وكُتِبَ له مِئَةُ حَسَنَةٍ، ومُحِيَتْ عنْه مِئَةُ سَيِّئَةٍ، وكانَتْ له حِرْزًا مِنَ الشَّيْطانِ، يَومَهُ ذلكَ حتَّى يُمْسِيَ، ولَمْ يَأْتِ أحَدٌ بأَفْضَلَ ممَّا جاءَ إلَّا رَجُلٌ عَمِلَ أكْثَرَ منه”،[10] وفي الحديث: “خيرُ الدعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيونَ مِن قبلي لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قدير”.[11]

التكبير

أي بإكثار قول: “اللّه أكبر”، والتكبير يدل على التعظيم، فهو إقرار بأن الله تعالى أعظم وأكبر من كل شيء، ومن ثم فهو المستحق وحده للعبادة، وفيه دلالة على التوحيد الذي هو من أعظم مقاصد الحج، قال بعض العلماء: من أعظم أسرار التكبير في هذه الأيام أن العيد محل فرح وسرور وكان من طبع النفس تجاوز الحدود لما جبلت عليه من الشر، تارة غفلة وتارة بغيًا، لذلك شرع فيه الإكثار من التكبير.

التحميد

وهو قول “الحمد لله” مرة بعد أخرى، والحمد عبادة يؤديها المسلم سواء حدثت له نعمة أو لم تحدث، وذلك لأن الحمد المطلق إنما يستحقه الله عز وجل لكماله وصفاته، كما يحمد المسلم ربه سبحانه على كل نعمة وفي كل حال، أما بخصوص هذه الأيام فأعظم نعمة ظاهرة فيها أنه عز وجل بلغ العبد هذه الأيام الفاضلة التى تضاعف فيها الحسنات، وتغفر فيها الذنوب، فحري بالمسلم في مقابل هذا أن يكثر التحميد، وقد وردت وفي التحميد أحاديث كثيرة تدل على فضله وثوابه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “كَلِمَتانِ خَفِيفَتانِ علَى اللِّسانِ، ثَقِيلَتانِ في المِيزانِ، حَبِيبَتانِ إلى الرَّحْمَنِ: سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ، سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ”،[12] وهنا ينبغي التنبه لأهمية اقتران ذكر اللسان بذكر القلب، ومواطئته له، قال الغزالي: “لا تظن أن ما في التهليل والتقديس والتحميد والتسبيح من الحسنات بإزاء تحريك اللسان بهذه الكلمات من غير حصول معانيها في القلب”.

شاهد أيضًا: افضل الذكر في العشر الاوائل من ذي الحجة

وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا، الذي تحدثنا فيه عن متى يسن التكبير في عشر ذي الحجة، وعن فضل التكبير في عشر ذي الحجة، وعن صفة التكبير في عشر ذي الحجة، وعن الجهر بالتكبير والتكبير الجماعي، وعن الذكر في عشر ذي الحجة.

المراجع

  1. islamqa.info , ما هو التكبير المطلق والمقيد ومتى يبدأ ؟ , 23/05/2024
  2. سورة الفجر , الآيتين 1-2
  3. صحيح البخاري , البخاري، عبدالله بن عباس، 969، صحيح.
  4. سورة الحج , الآية 28
  5. سورة البقرة , الآية 203
  6. islamweb.net , الذكر والتكبير في عشر ذي الحجة , 23/05/2024
  7. صحيح البخاري , البخاري، أم عطية نسيبة بنت كعب، 971، صحيح.
  8. dorar.net , ألفاظ التكبير وصفته , 23/05/2024
  9. alukah.net , فضل التسبيح والتحميد، والتهليل والتكبير , 23/05/2024
  10. صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 6403، صحيح.
  11. تخريج مشكاة المصابيح , الألباني، جد عمرو بن شعيب، 2531، حسن لغيره وهو مرسل صحيح الإسناد.
  12. صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 6406، صحيح.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *