من هو جابر بن حيان وأهم المعلومات عن نشأته وانجازاته ووفاته

من هو جابر بن حيان ذلك العالم العربي المُسلم، الذي برع في مجالات شتى وقدم للعالم أجمع أعمال وبراءات اختراعات في مجالات عديدة مثل الهندسة والكيمياء والطب والصيدلة، فجابر بن حيان من أبرز العلماء المُسلمين عبر التاريخ وله بصمات لا يمكن محوها وبالأخص في علم الكيمياء، ونحن في موقع المرجع نَحرص كُل الحرص على إبراز جهود العلماء المسلمين والعرب، لذا خلال الأسطر القادمة سنتناول سيرة بن حيان وإسهامات واختراعاته.

من هو جابر بن حيان

هو جابر بن حيّان بن عبد الله الأزدِيّ من علماء العرب المُسلمين، برع في أنواع مختلفة من العلوم كالطب والفلسفة وعلم المعادن والصيدلة، بالإضافة إلى علم الكيمياء الذي ذاع صيته فيه حتى لُقب بأبو الكيمياء؛ كونه أول من استخدم الكيمياء بشكل عملي في التاريخ، وله العديد من الإسهامات في المجالات الأخرى؛ نتيجة لتفوقه وترحاله الدائم من بلد لآخر، بالإضافة إلى دراسته على يد علماء عصره منهم الإمام جعفر الصادق -إحدى تلاميذ عالم الكيمياء المُسلم خالد بن يزيد بن معاوية- الذي أخذ منه علوم الكيمياء ومبادئ اللغة، وكذلك العالم الحميري وغيره من العلماء.

نشأة جابر بن حيان

ولد جابر بن حيان بسنة 101 هجرية الموافق 721 م واختلف المؤرخين حول تحديد مكان مولده، فالبعض يذكر بأنه ولد بجزيرة نهر الفرات شرق الشام، والبعض الأخر يُرجح مولده بمدينة حران ببلاد ما بين النهرين، كما تذكر بعض المصادر الأخرى مولده باليمن ثم هاجرت عائلته إلى الكوفة، وكان والده يعمل صيدليًا ومن المناصرين لثورة العباسيين ضد الأمويين، ولهذا تم إرساله إلى خرسان لدعوة الناس للثورة فقُبض عليه وتم إعدامه على يد الأمويين، مما دفع عائلته للهروب مرة أخرى إلى اليمن وبعد تولي العباسيين الخلافة عادت أسرته مرة أخرى إلى الكوفة.

ونتيجة لهذه الاختلافات في الروايات حول موطنه الأصلي، هل هو كوفي أم أزدي أم طوسي؟ اختلفت المصادر حول نسبه هل هو عربي أم فارسي أو أزدي؟، فرده الكاتب زكي نجيب محمود إلى الأصل الأزدي العربي، ورده الكاتب هنري كوين إلى أنه لم يكن عربيًا فقط كان من موالي قبيلة الأزد العربية.[1]

صفات جابر بن حيان

ذكر المؤرخون في وصف جابر بن حيان وهيئته العديد من الخصال، وأبرز من وصفه أنور الرفاعي بكتابه تاريخ العلوم في الإسلام، حيث وصف هيئته بأنه من أرباب طوال القامة، لحيته كثيفة الشعر، من المتصوفين وهذا نابع عن ورعه الشديد وشدة إيمانه التي اشتهر بها بين الناس، وقضى أغلب أيام بدمشق وكان من المهتمين بالكيمياء وكان يقضي أغلب أوقاته بغرفه منعزلة عاكفًا على دراسة الكيمياء والعلوم الأخرى، والتي نتج عنها لاحقًا اختراعات جابر بن حيان الكثيرة في مختلف التخصصات وعلى رأسها الكيمياء.

تعليم جابر بن حيان

بعد عودة أسرته من الكوفة لليمن نتيجة لاضطهاد الأمويين لهم بعد مقتل أبيه المناصر للعباسيين، نشأ جابر بها ودرس القرآن بالإضافة إلى بعض العلوم الأخرى وعلى رأسها الصيدلة التي كانت مهنة والده من قبل، ولاحقًا تلاقى علوم الكيمياء والعلوم الشرعية واللغوية على يد الإمام جعفر الصادق، وكذلك تلاقى بعض العلوم على يد العالم الحميري، ثم بدأ بعد ذلك جابر بن حيان في ممارسة الطب في بداية حياته العملية برعاية الوزير جعفر البرمكي بتوصية من هارون الرشيد الخليفة العباسي، وبعد رحلته الطويلة في تلقي مختلف العلوم انطلق في حياته العلمية ويشق طريقه وسط العديد من الإسهامات والاختراعات في شتى العلوم.

اختراعات جابر بن حيان

قدَم جابر بن حيان خلال مسيرته العلمية وحياته العديد من الاختراعات والاكتشافات التي كانت حجر أساس في أغلب المجالات، وترك لنا إرثًا ضخم نذكر منه على سبيل الذكر لا الحصر التالي:

• اختراع جهاز Alembic وهو جهاز يتم استخدامه في التقطير.
• كما قام باختراع الورق غير القابل للاحتراق.
• الحبر المُضي والذي يستخدم للكتابة ويمكن رؤيته في الظلام الدامس.
• اكتشاف كربونات الرصاص وكذلك كبريتيد الزئبق.
• بالإضافة إلى اكتشاف القلويات وأول من قام بإدخال هذا اللفظ للكيمياء الحديثة.
• أول من قام بإذابة الذهب عبر تطوير الريجيا المائية.
• كذلك هو أول من استخدم ثاني أكسيد المنجنيز في صناعة الزجاج.
• كما اكتشف مبدأ تسخين المواد يعمل على زيادة ثقلها ووزنها.
• طور التطبيقات العملية في صناعة السبائك لحمايتها من الصدأ.
• أول من استخدم الميزان وأدخل قياس المقادير الكيميائية في التجارب.
• بالإضافة إلى اكتشافه الأحماض مثل حمض الكبريتيك والهيدروكلوريك وحمض النيتريك وغيرهم من الأحماض الأخرى.[2]

إسهامات جابر بن حيان العلمية الأخرى

بالإضافة إلى اختراعات جابر بن حيان واكتشافاته المتعددة، كذلك قدم الكثير من الإسهامات العلمية الأخرى في جميع المجالات التي برع فيها وعلى رأسها الكيمياء، ومن ضمن هذه الإسهامات ما يلي:

• أسهم بن حيان في تقديم ما يَقُرُب من ثلاثة آلاف مساهمة في مختلف العلوم والتخصصات وهذا ما عثر عليه العلماء من مخطوطات تخص علم الكونيات والموسيقى والطب والهندسة، بالإضافة إلى الموسيقى والكيمياء والنحو والأحياء.
• ومن أبرز إسهامات جابر بن حيان هو إدخاله للمنهج التجريبي في الكيمياء، واكتشافه للقلويات وماء الفضة.
• كما يرجع له الفضل فيما عرفه الأوربيون عن البوتاس وملح النشادر.
• بالإضافة إلى إدخاله عنصري التجربة والمعمل في علم الكيمياء، ويظهر هذا في تحضير الفولاذ وصباغة ودبغ الأقمشة والجلود.
• كما وضع نظرية رائدة للاتحاد الكيميائي المتواجدة في كتابه (المعرفة بالصفة الإلهية والحكمة الفلسفية) والتي تشبه لحد كبير النظرية الذرية، إذ يقول:
  “يظن بعض الناس خطأً أنه عندما يتحد الزئبق والكبريت تتكون مادة جديدة في كُلِّيتها. والحقيقة أن هاتين المادتين لم تفقدا ماهيتهما، وكل ما حدث لهما أنهما تجزَّأتا إلى دقائق صغيرة، وامتزجت هذه الدقائق بعضها ببعض، فأصبحت العين المجردة عاجزة عن التمييز بينهما. وظهرت المادة الناتجة من الاتحاد متجانسة التركيب، ولو كان في مقدرتنا الحصول على وسيلة نفرق بين دقائق النوعين، لأدركنا أن كلاً منهما محتفظ بهيئته الطبيعية الدائمة، ولم تتأثر مطلقًا”.
• ومن ضمن إسهاماته البارزة تقسيم المواد حسب خصائصها لثلاثة أنواع هما:
• السوائل (الأغوال): وهي المواد السائلة التي تتبخر بالتسخين مثل، كلوريد الألمنيوم والكافور.
• المركبات: والتي تحول لمساحيق.
• المعادن: أمثال الفضة والذهب والحديد.

نظريات جابر بن حيان

بخلاف ما قدمه جابر بن حيان من اختراعات وكتب، قدم أيضًا عدد من النظريات أبرزها تلك المتعلقة بربط الحساب بتوازن الطبيعة، إذ أعطي كل حرف من الحروف العربية قيمة عددية ثم بعد ذلك ربطها بعنصر من العناصر الطبيعية كلٌ وفق ترتيبه، وتوصل بالنهاية إلى أن الطبيعة المتوازنة تكمن في التناسب بين (8:5:3:1)، بالإضافة إلى نظرياته التي أكسبت عنصري الكبريت وكلوريد الألمنيوم أهمية بالغة؛ كون كلوريد الألمنيوم ذو أهمية بالغة في اختراعاته المختلفة واكتشافاته، وذلك بسبب قدرته القوية على الاندماج مع معظم المعادن ويجعلها قابلة للذوبان.

كتب جابر بن حيان

لم يَفت جابر بن حيان أن يقوم بتدوين اكتشافاته وإسهاماته وما توصل إليه من اختراعات في شتى العلوم، إذا قام بتأليف وتدوين العديد من الكُتب والمخطوطات في مختلف العلوم وليس بالكيمياء فقط، فقد شملت كتبه علوم الهندسة والمنطق والطب والموسيقى والفلك وغيرها، ومن أبرز هذه الكتب ما يلي:

• كتب الكيمياء: التي بلغ هددها ما يقارب المئة واثنا عشر كتابًا ومخطوطة، تتضمن التجارب والأسس العلمية للكيمياء، والتي تُرجمت في العصور الوسطى للاتينية والتي ما زال بعض علماء الغرب يعتمدون عليها حتى الآن.
• كتاب الرسائل السبعون: الذي تُرجم أيضًا للاتينية وكذلك كتب أخرى من بينها (كتاب الأحجار، كتاب الزهرة…) وغيرها.
• كُتب التصحيح: والتي بلغ عددها عشر كتب والتي تحتوي على وصف لبعض العلماء مثل أرسطو وفيثاغورس وأفلاطون وغيرهم.
• كُتب التوازن: التي يتحدث فيها عن نظرية التوازن في الطبيعة التي قام بوضعها جابر بن حيان، والتي ما زالت إلى الآن تُستخدم.
• ثلاثة آلاف كتاب ومخطوطة: التي كُتبت في مختلف المجالات، مثل:
• كتاب أسرار الكيمياء.
• كتاب الخالص.
• علم الهيئة.
• كتاب الخمائل الصغيرة.
• الرحمة.
• كتاب صندوق الحكمة.
• المكتسب.
• كتاب المجردات.
• السموم ودفع مضارها.
• كتاب الخواص الكبير.
• الكيمياء الجابرية.
• حل الرموز ومفاتيح الكنوز.

بالإضافة إلى الكثير من المخطوطات والكتب والرسائل التي تُنسب له والتي تُرجمت للعديد من اللغات أبرزها اللاتينية.

تميزه في الكيمياء

كانت الكيمياء قبل العلماء المسلمين وإسهاماتهم وعلى رأسهم جابر بن حيان وأبو بكر الرازي مُجرد خرفات وأساطير؛ فقد سيطرت فكرة تحويل المعادن البخسة إلى معادن ثمينة كما كان يعتقد بذلك علماء الحضارات السابقة كاليونان والإغريق وغيرهم، بالإضافة إلى خرافة إكسير الحياة الذي يمد الأشخاص بالصحة والحيوية والشباب، ولكن بداية من العصر الإسلامي لمعت العديد من الأسماء لعلماء العرب والإسلام بينهم خالد بن يزيد بن معاوية وجابر بن حيان وأبو بكر الرازي وغيرهم، ممن أضافوا وطورا هذا العلم ولكن تُعد إسهامات وتميز جابر دون غيره هي النقطة الفارقة في هذا العلم؛ إذ يُعد بن حيان أول من قام بإدخال التجربة العلمية في الكيمياء بجانب اكتشافاته واختراعاته، ويصفه ابن خلدون في مقدمته بالاتي:

“إمام المدونين جابر بن حيّان حتى إنهم يخصونها به فيسمونها علم جابر وله فيها سبعون رسالة كلها شبيهة بالألغاز”.[3]

شاهد أيضًا: علماء الكيمياء المسلمين وإنجازاتهم

شهادات غربية بحق جابر بن حيان

شهد لجابر بن حيان ولعبقرتيه العلمية الفذة وبالأخص نبوغه في الكيمياء، كثير من علماء الغرب وهذه بعض من شهاداتهم وأقوالهم حوله:

• الإنجليزي فرانسيس بيكون ووصفه بالتالي: “إن جابر بن حيّان هو أول من علّم علم الكيمياء للعالم، فهو أبو الكيمياء”.
• العالم الكيميائي الفرنسي Berthelot في كتابه (كيمياء القرون الوسطى): “إن لجابر بن حيان في الكيمياء ما لأرسطو في المنطق”.
• يقول ماكس مايرهوف: “يمكن إرجاع تطور الكيمياء في أوروبا إلى جابر ابن حيان بصورة مباشرة، وأكبر دليل على ذلك أن كثيراً من المصطلحات التي ابتكرها ما زالت مستعملة في مختلف اللغات الأوربية.[4]

التشكيك باختراعاته ومؤلفاته

خلال القرن العاشر الميلادي وما بعد قام العديد من العلماء بالتشكيك في بعض المؤلفات والاختراعات التي تُنسب لجابر بن حّيان، ومن بين هؤلاء:

• العالم الفرنسي مارسيلان بيرتيلو، الذي شكك بصحة بعض الكتب التي ترجع له.
• وذكر ابن تيمية: ” وَأَمَّا جَابِرُ بْنُ حَيَّانَ صَاحِبُ الْمُصَنَّفَاتِ الْمَشْهُورَةِ عِنْدَ الكيماوية فَمَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ وَلَيْسَ لَهُ ذِكْرٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا بَيْنَ أَهْلِ الدِّينِ”، ولكن كلامه هذا فيما يخص علوم الشريعة والدين.
• ويقول ابن النديم: ” إن رجلا فاضل يجلس ويتعب، فيصنف كتاباً يتعب قريحته وفكره بإخراجه، ويتعب يده وجسمه بنسخه، ثم ينحله إلى غيره -إما موجودا أو معدوما- ضرب من الجهل، وان ذلك العمل لا يدخل تحته من تحلى ساعة واحدة بالعلم، واي فائدة من ذلك أو عائدة”.

وفاة جابر بن حيان

توفي جابر بن حيان في مدينة الكوفة العراقية في عصر الخلافة العباسية، عن عمر يناهز الرابعة والتسعون بعام 815 م، بعد أن ترك إرثًا وجهودا واختراعات لا تُقدر بثمن ويصعب على العالم كله تجاهلها، فكان ولا زال مرجعًا لا يمكن تخطيه في الكيمياء والعلوم الأخرى، وله الفضل على العالم أجمع.

وبالنهاية نكون قد أوردنا من هو جابر بن حيان، ومساهماته المختلفة في شتى العلوم، بالإضافة إلى نبذة عن حياته وعلومه التي تلاقها، وكذلك كتبه وحملات التشكيك التي لاحقته، وصول إلى وفاته.