من هو خامس الخلفاء الراشدين

من هو خامس الخلفاء الراشدين؟ من أكثر الأسئلة التي يتمّ البحث عنها، وسيتمّ توضيحه في هذا المقال، فبعد وفاة النّبي -صلى الله عليه وسلم- وانتقاله لجوار ربّه، وكان قد أسّس الدولة الإسلامية التي تحتاج لقائدٍ على الدوام، فبدأ بوفاته عصر الخلافة الراشدي، والذي يهتمّ موقع المرجع في هذا المقال بالتعريف به، وبيان من هو الخليفة الخامس من الخلفاء الراشدين، وكم عددهم جميعًا.

عصر الخلافة الراشدي

قد قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بوضع الرّكائز الأولى للدولة الإسلامية الأولى، وبعد وفاته في السنة الحادية عشرة للهجرة، اختار المسلمون من بينهم خليفةً عليهم، وكان ذلك بداية العصر الراشدي، وهو الفترة التي تمتدّ بعد وفاة النبي بثلاثين عامًا، وقد لمّت هذه الفترة شتات المسلمين وأعادت لهم الأمان والسّكينة، وكان هذا العصر عصر ازدهارٍ وقوّة حكم فيه خير البشر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.[1]

شاهد أيضًا: استمر حكم الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم حوالي

من هم الخلفاء الراشدين

إنّ الخلفاء الراشدين هم الخلفاء الذين تولّوا الحكم بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد ذكرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أحاديثه الشريفة، كالحديث الذي رواه سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: “خلافةُ النبوةِ ثلاثونَ سنةً، ثم يؤتي اللهُ الملكَ، أو ملكَه، من يشاءُ”. [2] وقد كان أوّلهم عبد الله بن أبي قحافة أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ومن بعده عمر بن الخطاب الفاروق، ومن بعده عثمان بن عفان، ومن بعده عليّ بن أبي طالب -رضوان الله عليهم، وهم أربعة، وسمّي عصرهم راشديًّا لرشدهم وصلاحهم.[1]

شاهد أيضًا: مركز الدولة في عهد الخلفاء الراشدين

من هو خامس الخلفاء الراشدين

إنّ خامس الخلفاء الراشدين كما ورد عن بعض أهل العلم أنّه عمر بن عبد العزيز وقال آخرون هو الحسن بن علي، وفي ذلك خلافٌ كبير، وقد احتجّ القائلون بأنّه الحسن بن علي رضي الله عنهما بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي حدّد فيه الخلافة الراشدة ثلاثين سنة من بعده، وقد قاله ابن كثير في البداية والنهاية، أمّا من يقولون أنّه عمر بن عبد العزيز فيستدلّون بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: “تكونُ النُّبوَّةُ فيكم ما شاء اللهُ أنْ تكونَ، ثُمَّ يَرفَعُها إذا شاء أنْ يَرفَعَها، ثُمَّ تكونُ خِلافةٌ على مِنهاجِ النُّبوَّةِ، فتكونُ ما شاء اللهُ أنْ تكونَ، ثُمَّ يَرفَعُها إذا شاء اللهُ أنْ يَرفَعَها، ثُمَّ تكونُ مُلكًا عاضًّا، فيَكونُ ما شاء اللهُ أنْ يكونَ، ثُمَّ يَرفَعُها إذا شاء أنْ يَرفَعَها، ثُمَّ تكونُ مُلكًا جَبريَّةً، فتكونُ ما شاء اللهُ أنْ تكونَ، ثُمَّ يَرفَعُها إذا شاء أنْ يَرفَعَها، ثُمَّ تكونُ خِلافةٌ على مِنهاجِ نُبوَّةٍ، ثُمَّ سَكَتَ”.[3]

وقد ورد عن ابن كثير أنّ الإشارة النبوية كانت على زمن خلافة عمر بن عبد العزيز، وكذلك ذكر الكثير من الأئمة وأهل العلم أنّ الخليفة الراشدي الخامس هو عمر بن عبد العزيز، ومنهم السيوطي وسفيان الثوري وغيرهم كثير، وقد أشاروا إليه لأنّه عمل بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد ما أضاعها الكثيرون قبله ولما اتّسم به من العدل والإنصاف في حكمه والله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: ما ابرز اعمال الخلفاء الراشدين

عمر بن عبد العزيز

عمر بن عبد العزيز خامي الخلفاء الراشدين، وذلك بحسب الكثير من أهل العلم، وهو ابن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أميّة، ولد في المدينة المنورة في العام 61 هــ وقيل غير ذلك، كان أبوه عبد العزيز بن مروان زاهدًا ويخشى الله، وكان من خيرة أمراء بنو أمية، وقد ظلّ أميرًا على مصر عشرين سنة، وقد اختار عند زواجه بيت صلاحٍ وتقى، فتزوج أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، نشأ عمر في المدينة بين الصحابة والتابعين في بيئةٍ إسلامية نقية، فنهل من العلم وكان مجتهدًا في طلبه.[5]

شاهد أيضًا: من اعمال الخليفه عمر بن عبد العزيز

حياة عمر بن عبد العزيز قبل الخلافة

شبّ عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين في المدينة المنورة، وقد كان حسن الأخلاق متواضعًا، وقد تخلق بأخلاق الصحابة، واستبشر فيه أهله بأن سيكون له شأنٌ عظيم في المستقبل، وسيملأ الأرض عدلًا، وقد بلغ عدد شيوخه الذين أخذ منهم العلم ثلاثة وثلاثين، منهم ثمانية من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخمسة وعشرون من التابعين، شبّ عمر وقد نضج عقله وامتلأ فكره، فولّاه الخليفة الوليد بن عبد الملك الإمارة على المدينة المنورة، ثمّ تولّى منطقة الحجاز كلّها، وعيّنه سليمان بن عبد الملك مستشارًا له.[6]

وصول عمر بن عبد العزيز إلى الخلافة

قبل وفاة الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك بن مروان جلس يفكر عند مرضه إلى من يولّي الخلافة من بعده، وقد كان ابنه صغيرًا، فاقترح عليه أحد المستشارين أن يولّيها لعمر بن عبد العزيز فهو خير من يحملها، ففعل وكتبها له، فعلم عمر بن عبد العزيز بذلك فصعد على المنبر قبل موت سليمان، وخطب بالنّاس خالعًا نفسه ومعفيهم من بيعته على أن يختاروا هم من يكون خليفةً عليه، فصاح الناس جميعًا قد اخترناك ورضينا بك، فأوصاهم بتقوى الله، وقد تمّ اختياره لما له من الفطنة والرشد وسداد الرأي والخوف من الله.

مناقب عمر بن عبد العزيز

لما ولي خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز بعث للناس يقول لهم قد ترون ما ابتليت به وما قد نزل بي فما عندكم، فقال له محمد بن كعب: اجعل الشيخ أبًا والشاب أخًا والصغير ولدًا، فبرّ أباك وصل أخاك وتعطّف على ولدك، وقال رجاء له: أرض للنّاس ما ترضاه لنفسك، وما كرهت أن يؤتى إليك فلا تأته إليهم، واعلم أنّك أول خليفةٍ تموت، وقال له سالم بن عبد الله، اجعل الأمر يومًا واحدًا صم فيه عن الشهوات، واجعل فطورك الموت.

وقيل إنه لما ولي الخلافة صعد يخطب في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: “أيها الناس، من صحبنا فليصحبنا بخمس، وإلا فليفارقنا؛ يرفع إلينا حاجة من لا يستطيع رفعها، ويعيننا على الخير بجهده، ويدلنا من الخير على ما لا نهتدي إليه، ولا يغتابن عندنا الرعية، ولا يعرضن فيما لا يعنيه. فانقشع عنه الشعراء والخطباء، وثبت معه الفقهاء والزهاد، وقالوا: ما يسعنا أن نفارق هذا الرجل حتى يخالف فعله قوله”.[7]

شاهد أيضًا: استحدث الخليفة عمر بن عبدالعزيز نظام الوراثة في الخلافة

إنجازات عمر بن عبد العزيز

بعد أن تولى خامس الخلفاء الراشدين الخلافة وهو عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي، قام بالكثير من الإنجازات والإصلاحات والأعمال في الدولة الإسلامية، منها:[8]

• دوّن الحديث النبوي: حيث إنّ الحديث النبوي لم يكن يدوّن في بداية الإسلام، وكان عمر بن عبد العزيز أول من أنشأ جهةً رسمية لتدوين الحديث، حيث أمر بكتابته وتدوينه خشية ضياعه ودخول الأحاديث المكذوبة.
• الاهتمام بالعلم ونشره: فقد حرص على نشر العلم بين الرعية وتعليمهم وتفقيههم في الدين، حيث أرسل العلماء إلى البلد كلّها يعلّمون الناس.
• أرجع العمل بنظام الشورى في الحكم: وكان له قولٌ شهير أنّ المشورة والمناظرة باب رحمة ومفتاح بركة فلا يضلّ معهما رأي ولا يفقد حزم.
• قام بعزل الولاة الظالمين: فقد عمد إليهم في بداية عهده وجمعهم كلّهم وعزلهم وعيّن الولاة الصالحين الأمناء على النّاس.
• ردّ المظالم لأهلها: وقد بدأ بذلك لنفسه، فردّ كلّ أمواله لبيت المال، وأرجع كلّ الأموال التي صرفت بغير وجه حق للناس ووزّع المال بالعدل على مستحقّيه.
• أرسى دعائم العدل في الأرض: امتاز عهده بالعدل فهو يرى نفسه مسؤولًا عن الناس وعن حفظ حقوقهم، فالخليفة في نظره خادمٌ للمسلمين.

وفاة عمر بن عبد العزيز

اختلف أهل العلم في وفاة خامس الخلفاء الراشدين على وجه الدقة، فقد قيل أنّه توفي في سنة 102هـ في شهر جمادى الأولى، وكانت سبب وفاته السّل، وقال بعض أهل العلم أنّ عمر بن عبد العزيز مات مسمومًا، وذلك بقيام واحدٍ من خدمه بتسميمه مقابل ألف دينار، وقد اكتشف عمر بن عبد العزيز فعلة الخادم قبل موته، فأخذها منه وردّها لبيت المال وسمح له بالهرب، وقيل أنّه لما احتضر طلب الجلوس فأجلسوه، فدعا ربّه قائلًا: إلهي أنا الذي أمرتني فقصّرت ونهيتني فعصيت ولكن لا إله إلا الله، ثمّ رفع رأسه وأحدّ النّظر، وقد قيل أنّهم خرجوا عنه فسمعوه يتلوا قول الله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.[9] فلما هدأ صوته دخلوا عليه فوجدوه ميتًا، وكانت وفاته عن عمرٍ ناهز تسع وثلاثين سنة وبضعة أشهر، وقيل أنّه توفي في أرض حمص.[10]

إلى هنا نصل لنهاية مقال من هو خامس الخلفاء الراشدين، الذي سلط الضوء على العصر الراشدي ومن هم الخلفاء الراشدين، وعرّف بعمر بن عبد العزيز نشأته وخلافته وإنجازاته ومناقبه، وصولًا إلى وفاته رحمه الله.