أسباب انعدام الأمن الغذائي

أسباب انعدام الأمن الغذائي، يعد الأمن الغذائي إحدى أهم المفاهيم التي تسعى إليها جميع الدول، وهو مفهوم أقيمت من أجله مؤتمرات بهدف إكسابه تعريف واضح وموحد على مستوى جميع دول العالم، وتأتي أهميته من كونه ركيزة أساسية لقيام دولة ذات كيان، فكيف يمكن لدولة أن تُقام بلا شعب، وكيف يمكن لشعب أن يتواجد بلا غذاء، سنتعرف في مقالنا هذا على أسباب انعدام الأمن الغذائي من خلال موقع المرجع، ونذكر شرحاً مبسطاً لكل ما يتعلق به. 

مفهوم الأمن الغذائي

يُشار إلى مفهوم الأمن الغذائي في اللغة الإنكليزية (Food Security)، ويعرّف بأنه القدرة على تحقيق الاكتفاء الاقتصادي والاجتماعي والمادي لجميع أفراد المجتمع، بالإضافة إلى المقدرة على تأمين الحاجات الغذائية للأفراد في الوقت الحاضر والمستقبل، وحسب تعريف المؤتمر العالمي للغذاء، فإن مصطلح الأمن الغذائي هو قياس مدى توافر الأغذية الكافية في جميع الأوقات، ذات القيمة الغذائية المتوازنة والمتنوعة.[1]

شاهد أيضًا: أسباب التصحر وتدهور الأراضي الزراعية منها

أهم أسباب انعدام الأمن الغذائي

تتعدد أسباب انعدام الأمن الغذائي بشكل كبير، إن كان على المستوى المحلي أو العالمي، ومن أهم الأسباب التي تؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي في بلدان العالم، نذكر منها:[1] 

الحروب والصراعات

تؤدي الحروب والنزاعات السياسية إلى التأثير على الأمن الغذائي، حيث تكون معظم المناطق التي يتم التنازع عليها أو تلك الواقعة تحت الحرب في وضع غذائي متدهور، مثل: السودان التي تقع في قارة أفريقيا، الصومال وسوريا الواقعة في الشرق الأوسط، حيث أصبحت سوريا إحدى أكثر الدول الفقيرة اقتصادياً نتيجة الحرب الحالية، وهو ما عاد بآثاره السلبية على الأمن الغذائي والقدرة على تأمين احتياجات الأفراد الغذائية.

القوانين التجارية غير العادلة

إن معظم القوانين التجارية الموضوعة من قبل الشركات الكبرى تركز على إفادة صاحب رأس المال بالمرتبة الأولى، وبالتالي فهي غير عادلة بالنسبة لجهود وتعب المزارعين، لذلك نجد بأن أغلب القوانين التجارية الدولية لا تقدم للمزارع المال المستحق مقابل إنتاجهم وعملهم، وهذا الأمر يؤثر بشكل أكبر على المزارعين الذين يعتمدون على عملهم كدخل ثابت، حيث يتقاضون أجوراً مادية قليلة مقابل أشغالهم. 

شاهد أيضًا: تعريف الأمن والسلامة

النمو السكاني المتزايد

نستطيع القول بأن العلاقة بين التزايد السكاني وانعدام الأمن الغذائي علاقة طردية، إذ أن الأعداد المتزايدة من السكان تحتاج إلى كميات أكبر من الأغذية، وذلك لتحقيق الحاجات الغذائية لجميع الأفراد، وهذا يزيد من المسؤولية التي تقع على عاتق الدول لتأمين ما يكفي من الأغذية لحاجات السكان المتزايدة وتحقيق الأمن الغذائي. 

تزايد الحاجة إلى الوقود الحيوي 

تأتي أهمية الوقود الحيوي من استخدامه في سبيل التصدي لمشكلة التغير المناخي، حيث يتم إنتاجه من بعض النباتات كقصب السكر والذرة، وبالتالي يتم استخدام الأراضي الزراعية لتوفير تلك النباتات واستخدامها لإنتاج الوقود الحيوي، عوضاً عن زراعة الحبوب والنباتات المختلفة لتأمين الأغذية، بالإضافة إلى أن سعر هذه الحبوب يرتفع كلما قلّ تواجدها في الأسواق، ولا بد من التنويه إلى أن تزايد الحاجة للوقود الحيوي تؤدي إلى القضاء على الغابات الطبيعية في بعض المناطق.

التغيرات المناخية

إن تدخل الأيادي البشرية في الطبيعة أدى إلى نتائج غير محمودة على الغطاء النباتي والجوي بشكل عام، حيث أثر ذلك على درجات الحرارة، الرياح والعواصف وسقوط الأمطار، وهذا بشكل جليّ له تأثيراته السلبية على التربة والزراعة، كتغير موعد تساقط الأمطار، ارتفاع درجات الحرارة، تلوث المياه العذبة وحدوث الأعاصير والفيضانات، والذي أدى في النهاية إلى انعدام الأمن الغذائي. 

الكوارث الطبيعية

حدوث الكوارث الطبيعية كالفيضانات، الأعاصير والعواصف، ارتفاع نسب الجفاف والبراكين سوف يساهم في تدمير وتلف المحصولات الزراعية، وهو ما يؤثر على الأمن الغذائي العام، وخاصة لدى سكان الأرياف الذين يعتمد معظمهم على الأراضي الزراعية لزراعة وإنتاج الأغذية المتنوعة واستهلاكها. 

إهدار الطعام

اهتم بموضوع إهدار الطعام في الآونة الأخيرة الكثير من الجمعيات، إذ أكدت الاستفتاءات أن مقدار الطعام المهدور والذي يصلح للأكل يعادل مقدار 1000 مليار كغ في العام الواحد، وهو ما يدل على أن مستوى الاستهلاك في تلك الدول أكبر من مستوى الإنتاج، أي أن كمية الطعام المرميّة في ازدياد، في حين أن أغلب الدول النامية تعاني من مجاعات وفقر مدقع، وبالنتيجة فإن معدل انعدام النمو الغذائي سوف يستمر في التصاعد، ووفقاً لما نشرته مؤسسة البحوث الزراعية في وزارة الزراعة في الولايات المتحدة الأمريكية فهناك نوعين من الطعام المهدور، كما يلي:

• بقايا الطعام المستهلك: وهي البقايا التي يتركها الأفراد في الأطباق المستهلكة، أو التي يتم التخلص منها بسبب مظهرها أو لونها القديم. 
• الطعام الصالح للأكل: وهو الطعام المرميّ الصالح للأكل، والذي لم يتم تناوله، حيث تقوم بعض العائلات والأفراد أو المحال التجارية برمي هذا الطعام، أو قد يكون على شكل محاصيل وخضراوات تم إنتاجها في الأراضي الزراعية ولم يتم تناولها والاستفادة منها. 

أَمْوَلة الأغذية 

يعد الغذاء سلعة ذات ثمن قيم وتداول واسع في الأسواق المحلية والعالمية، ويؤدي جشع التجار إلى رفع أسعار السلع الغذائية بهدف تحقيق أرباح تجارية أكبر، وبالتالي تواجد أزمة مستقرة وطويلة المدى، والتي ينتج عنها آثار سلبية كثيرة، مثل: استمرار المجاعات، نقص معدل التغذية وانعدام الأمن الغذائي بشكل عام. 

البطالة والفقر

إن التراجع والتدنّي الاقتصادي الذي تعاني منه أغلب الدول النامية يؤدي إلى البطالة، وبالتالي وجود أعداد كبيرة من الشباب من دون عمل أو دخل ثابت، والذي يؤدي بدوره إلى اتساع دائرة الفقر وعدم المقدرة على تأمين الطعام والأغذية المختلفة، كما أن ارتفاع أسعار العقارات سيزيد من معدل انعدام الأمن الغذائي، لأن الأفراد في هذه الحالة سوف يحاولون تأمين المال لشراء منزل أو دفع الإيجار بدلاً من الحصول على الطعام المغذي والمتنوع.

سيطرة الشركات الكبرى على السوق

تقوم الشركات التجارية الكبرى المصدّرة للأغذية والأطعمة المختلفة بمحاولة فرض سيطرتها على سوق العمل، وبالتالي فإن التجار المحليين لن يتمكنوا من بيع السلع بسهولة أو سيحاولون تخفيض أسعار المنتجات للتمكن من بيعها، إذ أن الشركات الكبرى هي التي ستبقى متحكمة بأسعار السلع التي تنتجها في نهاية المطاف. 

عدم امتلاك الأراضي الزراعية 

إن الأراضي الخصبة والصالحة للزراعة تشكل المصدر الأساسي لإنتاج مختلف أنواع المحاصيل الزراعية والأغذية، وفي ظلّ ارتفاع أسعار الأراضي الزراعية، أصبح من الصعب امتلاك أرضاً صالحة للزراعة أو استئجارها مقابل مبلغ مالي مدفوع، وبالتالي قلة إنتاج المحاصيل والطعام بشكل عام، والذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع معدل انعدام النمو الغذائي. 

الاستيلاء على الأراضي الزراعية 

تقوم الحكومات أو بعض المستثمرين في بعض الأحيان بالاستيلاء على الأراضي الزراعية المملوكة لإحدى الأفراد أو العائلات من المجتمع المحلي، وذلك بهدف إقامة المشاريع عليها أو استخراج الثروات الباطنية والموارد الطبيعية الحيوية الموجودة في تلك الأراضي، أو قد يتم استخدامها لزراعة المنتجات وتصديرها للخارج.

فقر البيئة 

وهو من العوامل الأخرى التي تؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي، حيث أن العوامل الجوية المتغيرة تفقد التربة خصوبتها وتخفض من جودتها، وتسهم في الزوال التدريجي للموارد الطبيعية، كما أن معدلات النمو السكاني التي تستمر بالارتفاع تزيد من إمكانية المنافسة على الموارد الأساسية للحياة كالماء والأراضي الزراعية. 

شاهد أيضًا: شروط برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة 1443

أنواع انعدام الأمن الغذائي

يقصد بانعدام الأمن الغذائي عدم القدرة على توفير أمن غذائي لكافة الأفراد، حيث يوجد هناك نوعين من انعدام الأمن الغذائي، على الشكل التالي:

• انعدام الأمن الغذائي المؤقت: يتمثل في عدم القدرة على توفير أمن غذائي لفترة قصيرة ومؤقتة، وهو يحدث عند انخفاض القدرة الإنتاجية بشكل مفاجئ أو فقدان القدرة على تأمين كميات كافية من الأغذية وتحقيق الأمن الغذائي في موعد زمني محدد.
• انعدام الأمن الغذائي المزمن: وهو يتمثل بعدم القدرة على تأمين أمن غذائي لفترة طويلة وبشكل مستمر، ويحدث هذا الأمر عندما لا يتمكن المجتمع من تأمين المستوى الأدنى من الاحتياجات الغذائية على مدى فترة زمنية مديدة ومتواصلة.

شاهد أيضًا: ما هو الهرم الغذائي

عناصر تحقيق الأمن الغذائي 

حتى يتحقق الأمن الغذائي لا بد من توافر شروط معينة مترابطة مع بعضها البعض، وهي أربعة عناصر سنقوم بتوضيحها فيما يلي:[2] 

• التوفر: يُقصد به توافر المصدر الأساسي لتقديم الأغذية المطلوبة، ولا يقتصر مفهوم التوفر على الكمية المطلوبة، بل يُشترط أيضاً مستوى جيد من التنوع والجودة.
• الوصول: أي القدرة على تحقيق وصول مادي واقتصادي إلى مختلف أنواع الغذاء، فكلما ازداد تنوع الأغذية في الأسواق المحلية، ازدادت الأرباح العائدة إلى أصحاب المشاريع الصغيرة والمؤسسات المختلفة. 
• الاستخدام: يقصد به كيفية أو طريقة استهلاك الموارد الغذائية المتنوعة، لأن أسلوب حياة الأفراد وممارساتهم اليومية، بالإضافة إلى طريقتهم في إعداد الطعام وتوزيعه لها علاقة وثيقة بالأمن الغذائي. 
• الاستقرار: أي القدرة على تحقيق أمن غذائي في جميع الأوقات والمواسم والفصول، فقد يؤدي ارتفاع أسعار السلع الغذائية أو بعض المواسم السيئة إلى انعدام الأمن الغذائي.

في الختام، نصل إلى نهاية مقال أسباب انعدام الأمن الغذائي، حيث سلّطنا الضوء على نوعية المؤقت والمزمن، بالإضافة إلى مفهوم الأمن الغذائي بشكل عام والعناصر التي تساهم في تحقيقه.