كيفية توزيع الاضحية لمستحقيها

كيفية توزيع الاضحية لمستحقيها من الأمور التي يجب توضيحها من أحكام الضّحيّة للمسلمين، فهو سؤالٌ يتكرّر كثيراً مع اقتراب عيد الأضحى المبارك الذي هو عيد النّحر، وفيه يضحّي المسلمين تقرّباً من الله -سبحانه وتعالى- والأضحية تكون فيه من بهيمة الأنعام، والتّضحية من أعظم العبادات والقربات إلى الله، ولذلك يهتمّ موقع المرجع ببيان كيفية توزيع الاضحية لمستحقيها وبيان بعم الأحكام المتعلّقة بالضّحيّة.

مشروعية الأضحية

قبل معرفة كيفية توزيع الاضحية لمستحقيها لابدّ من التّعرّف على مشروعيّتها في الإسلام، فالأضحية تُعرف أنّها ما يُذبح من النّعم تقرّباً من الله -سبحانه وتعالى- يوم عيد الأضحى و أيّام التّشريق، وتكون من بهيمة الأنعام وهي كلّ أربع من الأنعام كالإبل والبقر والغنم، وقد شرّعها الله في كتابه العزيز في الكثير من المواضع والمواطن كقوله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.[1] وقد شرّع الله -عزّ وجلّ- الأضحية في الإسلام  إحياءً لذكرى نبيّ الله إبراهيم -عليه السّلام- حينما رأى في رؤياه أنّه يذبح ابنه إسماعيل -عليه السّلام- ورؤيا لأنبياء وحيٌ من الله، فاستجابا لأمر الله وامتثلا له، ففدا الله نبيّه اسماعيل بذبحٍ عظيمٍ من السّماء، وجعل  الأضحية سنّةً باقيةً إلى يوم القيامة، ففيها شكرٌ لله على نعمه، وبها يوسّع المسلم على هل بيته ويُكرم جاره  وضيفه ويتصدّق على الفقراء والمساكين.[2]

اقرأ أيضًا: دعاء الاضحية عند السنة الصحيح

كيفية توزيع الاضحية لمستحقيها

إنّ كيفية توزيع الاضحية لمستحقيها من الأمور التي تشغل بال المسلمين مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، رأى بعض العلماء أنّ الأضحية سنّةٌ مستحبّة ورأى بعضهم أنّها واجبةٌ على المقتدر، أمّا في كيفية توزيع الاضحية لمستحقيها، فالمستحبّ للمضحي أن يجعل أضحيته على ثلاثة أجزاء جزءٌ للفقراء وجزءٌ للإهداء وجزءٌ للأكل، لقول الله سبحانه: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}.[3] وقد اختلفت آراء أهل العلم وأقوالهم في كيفية توزيع الأضحية، فذهب أصحاب المذاهب كلٌّ بقوله وحجّته إلى ما يأتي:[4]

  • أصحاب القول الأول: وفيه قالوا  تُقسم الأضحية لثلاثة أجزاء، ثلثٌ للفقراء يتصدّق به وثلثٌ لمن يضحّي يأكل منه، وثلثٌ يهدي منه ويوزّعه، وأصحاب هذا القول هم أصحاب المذهب الحنفيالذين استدلّوا بما ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “ويُطْعِمُ أهْلَ بَيتِه الثُّلثَ، ويُطْعِمُ فُقراءَ جِيرانِه الثُّلثَ، ويتصدَّقُ على السُّؤَّالِ بالثُّلثِ”.[5]
  • أصحاب القول الثّاني: قالوا فيه أنّه من الأفضل توزيع الأضحية على الفقراء والمساكين، وأن يتصدّق بمعظمها إن لم يكن كلّها ويبقي منها القليل ليأكل منه، وأصحاب هذا القول هم أصحاب المذهب الشّافعي.
  • أصحاب القول الثّالث: قالوا فيه  لا يُلزم المضحّي بقسمةٍ معيّنة فله الحريّة الكاملة في التّقسيم والتّوزيع ولا حرج عليه فيما أكل منها ولا فيما وزّع ولا فيما تصدّق، وأصحاب هذا القول هم أصحاب المذهب المالكي واستدلوا بما ورد عن ثوبان مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- حين قال: “ذَبَحَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ضَحِيَّتَهُ، ثُمَّ قالَ: يا ثَوْبَانُ، أَصْلِحْ لَحْمَ هذِه، فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ منها حتَّى قَدِمَ المَدِينَةَ”.[6]
  • كما ورد عن أهل العلم أنّه لا يجوز أن يبيع المضحّي أضحيته ولا أن يبيع جزء منها، وبجوز له نقلها لبلدٍ آخر إن كان أهل البلد أكثر حاجةٍ من أهل بلده وأكثر فقراً، فتقسيم الأضحية وتوزيعها مسألةٌ فيها يُسرٌ على المسلم،  فإن شاء قسّمها أثلاثاً ثلاثة، وإن شاء نصفين، لكن المستحبّ له أن يجمع بين الصّدقة  والأكل والإهداء من أضحيته والله ورسوله أعلم.

اقرأ أيضًا: طريقة تقسيم الاضحية

حكم الأكل من الأضحية

بعد بيان كيفية توزيع الاضحية على مستحقّيها،  وأن أهل العلم قالوا فيها ثلاثة أقوالٍ في كيفيّة توزيعها تمّ بيان تفصيلها في هذا المقال، وقد اختلفت  أقوالهم في الأكل من الأضحية بين الأضحية الواجبة والأضحية الغير واجبة، فمن المستحبّ للمضحي أن يأكل من أضحيته إذا كانت غير واجبة أو أضحية تطوّع،  أمّا إن وجبت على المضحّي أضحيته بنذرٍ أو تعيين، ففي حكم الأكل منها عدّة أقوال، فالحنابلة والمالكيّة قالوا يجوز للمضحّي أن يأكل من أضحيته حتّى وإن كانت واجبة وله أن يُطعم منها غيره، أمّا الحنابلة قالوا لا يجوز الأكل للمضحّي من أضحيته إن كانت الأضحية منذورة، أما الشّافعيّة قالوا حتّى لو وجبت الأضحية بنذرٍ مطلق جاز له الأكل منها، فما فيه خلافٌ بين أهل العلم الأسلم أن يترك المسلم الأكل من أضحيته إن كانت واجبةً عليه بنذرٍ أو غيره والله ورسوله أعلم.[7]

اقرأ أيضًا: هل الوكيل في الأضحية يمسك عن شعره

حكم التصدق من الأضحية

إنّ في بيان كيفية توزيع الأضحية لمستحقيها ورد الأمر بالتّصدّق من لحم الأضحية، حيث أنّ بعض أهل العلم من الحنابلة والشّافعيّة قال أنّ الصّدقة من لحوم الأضحية واجبٌ على المسلم المضحّي، إن كانت الأضحية أضحية تطوّع، وقال من سواهم أنّ التّصدّق بالأضحية أو جزءٍ منها ليس واجباً بل مستحبّاً، ولو أكل المسلم كلّ لحمها دون أن يتصدّق بشيءٍ منه لم ينقصه من ثوابها شيئاٍ، ذلك أن أجر الأضحية يكون بإراقة دمائها تقرّباً من الله، والقول الثّاني وهو الأصح أنّ على المسلم أن يتصدّق بلحمها أو جزءٌ منه، وذلك لقصد إرفاق المساكين والفقراء من المسلمين، فأمر الصدقة من الأضحية مستحبٌ غير واجب وفيه خلاف.[8]

اقرأ أيضًا: هل يجوز للمرأة أن تذبح الأضحية

هل يمكن إعطاء جاري غير المسلم من الأضحية

بعد توضيح كيفية توزيع الأضحية لمستحقيها سيتمّ معرفة هل يجوز أن يُعطى من الأضحية لغير المسلمين، فإنّ الغالب في الأمر والوارد عن أهل العلم في جواز إعطاء غير المسلمين من الأضاحي، فإنّه لا يجوز، ولا ينبغي للمسلم أن يُعطي جاره غير المسلم من أضحيته، وعليه أن يراعي حال الكثير من المسلمين الذي لا يجدون ما يسدون به رمق جوعهم، ولا يجدون ما يطعمون به أهليهم من فقرهم،  فلا يليق بالمسلم القادر والذي رزقه الله -سبحانه وتعالى- من فضله أن يترك إخوانه في الإسلام في جوعهم، ويعطي من خير الله لمن جحد بالله وكفر بأنعمه، وقد قال أصحاب المذهب المالكي أنّ إطعاماً غير المسلمين من الأضحية مكروه، والشّافعيّة حرّموا ذلك في الأضحية الواجبة وكرّهوه في الأضحية المندوبة، وآخرون أجازوه مع الكراهة، فالأولى بالمسلم أن يبتعد عنه وأن ينفق ويتصدّق من أضحيته فيما أمر الله.[9]

اقرأ أيضًا: حكم الحلاقة قبل الاضحية

متى يضحي الرجل

شرّع الله -سبحانه وتعالى- الأضحية للمسلمين، وجعلها نعمةً منه على غير الحجّاج ممّن لم يستطع من المسلمين الذّهاب لأداء فريضة الحج، فعوّضهم بها وبفضلها، وهي اقتداءٌ بنبيّ الله إبراهيم -عليه السّلام- وإحياءٌ لسنّته، وقد اختلف أهل العلم في جواب متى يضحّي الرّجل، وما حكم الأضحية بالنّسبة للمسلم، فبعضم قال أنّها واجبةٌ على المقتدر وسنّةٌ مؤكدة على المسلمين، وبعضهم قال أنّها سنّةٌ مؤكّدة وهي غير واجبة، والغالب في القول أنّها سنّةٌ مؤكّدةٌ على جميع المسلمين وهي لا تجب عليهم بالقدرة عليها، بل تُشرّع سنيّتها عندما يملك المسلم ما يفيض عن حاجته وحاجة أهل بيته من المال بما يكفي ثمناً لأضحية، ورد عن أبو هريرة أنّه قال عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قوله: “مَن كان له سَعَةٌ ولم يُضَحِّ ، فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانا”.[10] فهذا الحديث يعطي جواباً شافياً لزمان تضحية الرّجل، فالمسلم متى وجد سِعةً في ماله فالأولى له أن يُبادر للتّضحية ونيل الخير والبرّ والأجر من الله.[11]

اقرأ أيضًا: هل يجوز الحلق قبل ذبح الأضحية

شروط المضحي

بعد الاطلاع على كيفية توزيع الاضحية لمستحقيها سيبحث المسلم عن شروط المضحي وسنن الأضحية في الإسلام وفيما يأتي جوابٌ شافٍ لذلك:[12]

  • أن يكون المضحّي مسلماً عاقلاً، فلا تجوز الأضحية من غير المسلم ولا تقبل من مجنون.
  • إذا نوى المسلم التذضحية ودخل في شهر ذي الحجّة فإنّه ينبغي عليه أن لا يأخذ من شعره شيئاً، ولا يقصّ أظفاره ولا جلده حتّى يُضحّي.
  • أن ينوي المسلم التّضحية فالفرق بين الذّبح والقربة هي النّيّة.
  • أن يضحّي المسلم لوجه الله خالصاً مخلصاً لا يُشرك به أحداً.
  • ويسنّ عند ذبحه أضحيته أن يستقبل القبلة ويوجّه ذبيحته للقبلة.
  • أن يسمّي الله عند الذّبح وهو من الأمور المستحبّة.
  • أن يحدّد شفرته جيّداً قبل الذّبح حتى لا يعذّب ذبيحته.
  • إمرار شفرته بقوة ذهاباً وعودة وفي ذلك رحمةٌ للبهيمة.
  • أن يقول عند ذبح أضحيته اللهم منك وإليك تقبّل مني.

كيفية توزيع الاضحية لمستحقيها هو الموضوع الذي تناوله هذا المقال، فبيّن مشروعيّة الاضحية، وضّح بعض أحكامها كحكم الأكل منها وحكم التّصدق من لحمها، وبيّن متى يضحي المسلم وختم بشروط المضحّي وسنن التّضحية.

المراجع

  1. سورة الحج , الآية 36
  2. dorar.net , ذَبحُ الأضْحِيَّةِ , 01/06/2024
  3. سورة الحج , الآية 28
  4. islamqa.info , كيفية تقسيم الأضحية في الأكل والصدقة , 01/06/2024
  5. كشاف القناع , أبو موسى المديني/ عبد الله بن عباس/22/3/حسن
  6. صحيح مسلم , مسلم/ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم/1975/ صحيح
  7. islamweb.net , حكم الأكل من الاضحية الواجبة بالنذر أو التعيين , 01/06/2024
  8. islamweb.net , مذاهب الأئمة في حكم التصدق من لحم الأضحية , 01/06/2024
  9. islamweb.net , حكم إعطاء غير المسلم من الأضحية , 01/06/2024
  10. صحيح الجامع , الألباني/أبو هريرة/6490/صحيح
  11. islamweb.net , مذاهب الفقهاء في حكم الأضحية , 01/06/2024
  12. alukah.net , الأضحية: أحكام وآداب , 01/06/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *