حكم إخراج الزكاة إذا دخل وقت وجوبها

حكم إخراج الزكاة إذا دخل وقت وجوبها من الأحكــام الشرعيّــة التي يجب على كلّ مسلمٍ الإلمام بها ومعرفتها، وخاصّة أولئـك الذين تهمّهم دراسة العلوم الشرعيّة، وذلك لأنّ الزكاة من الأركان الرئيسة التي قامت بها معالم الدّين الإسلاميّ الحنيف، وكذلك هي أحد أهم العبادات التي يتقرّب بها العبد من خالقه سبحانه وتعالى، لذا يهتمّ موقع المرجع في بيان مفهوم الزكاة والحكم الشرعيّ لإخراجها وقت وجوبها وقبل وقت وجوبها، إضافةً إلى ذكر جملة من فوائد وثمرات الزكاة العائدة على المسلم.

تعريف الزكاة

قبل كلّ شيء وقبل الخوض في بيان حكم إخراج الزكاة إذا دخل وقت وجوبها لا بدّ من بيان ماهيّة الزكاة في الشريعة الإسلاميّة، فالزكاة هي الحقّ الشرعيّ الذي يجب في الأموال الخاصّة، لجهة معيّنة ومخصوصة كذلك في وقتٍ مخصوص، والزكاة هي الطهارة للنفس والأموال، قال تعالى في سورة التوبة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}.[1] وقد جاء في تعريف الزكاة لغةً العديد من الأقوال، ومنها:[2]

  • قول ابن فارس رضي الله عنه: “زكى: الزاي والكاف والحرف المعتل أصل يدل على نماء وزيادة؛ ويُقال: الطهارة زكاة المال؛ قال بعضهم: سُمِّيت بذلك لأنها مما يُرجى به زكاء المال، وهو زيادته ونماؤه، وقال بعضهم: سُمِّيت زكاة لأنها طهارة؛ قالوا: وحجة ذلك قوله جل ثناؤه: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة: 103]؛ والأصل في ذلك كله راجع إلى هذين المعنيين؛ وهما النماء والطهارة”.
  • كذلك قال المرداوي: “الزَّكَاةُ فِي اللُّغَةِ: النَّمَاءُ. وَقِيلَ: النَّمَاءُ وَالتَّطْهِيرُ؛ لِأَنَّهَا تُنَمِّي الْمَالَ وَتُطَهِّرُ مُعْطِيَهَا، وَقِيلَ: تُنَمِّي أَجْرَهَا، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: تُنَمِّي الْفُقَرَاءَ. قُلْت: لَوْ قِيلَ: إنَّ هَذِهِ الْمَعَانِيَ كُلَّهَا فِيهَا لَكَانَ حَسَنًا: فَتُنَمِّي الْمَالَ، وَتُنَمِّي أَجْرَهَا، وَتُنَمِّي الْفُقَرَاءَ، وَتُطَهِّرُ مُعْطِيَهَا”.

شاهد أيضًا: حكم من جحد وجوب الزكاة مع العلم بوجوبها

حكم إخراج الزكاة إذا دخل وقت وجوبها

إنّ حكم إخراج الزكاة إذا دخل وقت وجوبها هو واجبٌ على كلّ من وجبت على أمواله الزكاة، حيث يجب على المسلمين أن يقوموا بتأدية زكاة أموالهم فور وجوبها لو أمكن ذلك على إجماع أهل العلم، وقد استدلّ أهل العلم على وجوب ذلك على ما يأتي:[3]

  • قال الله تعالى في سورة المنافقون: {وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ}.[4]
  • كذلك ما رواه عقبة بن الحارث -رضي الله عنه- في صحيح الحديث: “صَلَّى بنا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ العَصْرَ، فأسْرَعَ، ثُمَّ دَخَلَ البَيْتَ فَلَمْ يَلْبَثْ أنْ خَرَجَ، فَقُلتُ أوْ قيلَ له، فقالَ: كُنْتُ خَلَّفْتُ في البَيْتِ تِبْرًا مِنَ الصَّدَقَةِ، فَكَرِهْتُ أنْ أُبَيِّتَهُ، فَقَسَمْتُهُ“.[5]
  • كذلك لأنّ المقادير في علم الله وحده، فإذا أخّر المرء زكاة أمواله فقد يموت قبل إخراجها.
  • ليبتعد المرء عن وساوس الشيطان إذا تأخّر، فالنفس أمّارةٌ بالسوء.

شاهد أيضًا: الزكاة لا تقبل من غير المسلم صح أم خطأ

حكم إخراج الزكاة قبل وقت وجوبها

أمّا عن حكم إخراج الزكاة قبل وقت وجوبها فلا حرج في ذلك بحسب ما أخبر به أهل العلم والاختصاص، وذلك تماشيًا مع المصلحة الشرعيّة، فإذا كان تسريع إخراج الزكاة لوجود فقراء ومساكين محتاجين فهو أولى، وذلك مشروعٌ في سنّة الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، والله أعلم.[6]

شاهد أيضًا: الإبل من بهيمة الأنعام التي تجب فيها الزكاة عند بلوغ النصاب بشرط أن

حكم تأخير الزكاة عن وقت وجوبها

إنّ حكم تأخير الزكاة عن وقت وجوبها مع القدرة على إخراجها لا يجوز في شريعة الإسلام، وقد وضّح ذلك الإمام النووي -رحمه الله- في كتاب المجموع، حيث قال: “من وجبت عليه الزكاة وقدر على إخراجها لم يجز له تأخيرها لأنه حق يجب صرفه إلى الآدمي توجهت المطالبة بالدفع إليه، فلم يجز له التأخير كالوديعة إذا طالب بها صاحبها، فإن أخرها وهو قادر على أدائها ضمنها لأنه أخر ما يجب عليه مع إمكان الأداء فضمنه كالوديعة”.[7] أمّا عن تأخير الزكاة للحاجة كقضاء الدين أو قياسًا على جواز نقل الزكاة إلى مكانٍ أولى بمال الزكاة فيجوز تأخيرها عن وقت وجوبها، والله ورسوله أعلم.[8]

شاهد أيضًا: مقدار الزكاة الواجبة فيما سقي بمؤونة وكلفة هو

فوائد الزكاة

كذلك الخوض في بيان حكم إخراج الزكاة إذا دخل وقت وجوبها يدفعنا إلى ذكر فوائد وثمرات الزكاة التي ينتفع بها المسلم في دينه ودنياه وآخرته فيما يأتي:[9]

  • كونها امتثالٌ لأمر المولى -عزّ وجلّ- ورسوله الكريم، فهي من الأركان التي قام بها الدّين الإسلاميّ، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ“.[10]
  • الابتعاد عن الشّح الذي يقتل صاحبه.
  • التّعاون مع المسلمين على البرّ والتّقوى.
  • تطهير النفوس وتزكيتها.
  • مضاعفة الأجر والحسنات.
  • غفرانٌ للذنوب، وتكفيرٌ للسيئـات.
  • نيـل درجـة البرّ التي قد وعد بها المولى سبحانه، فقد قال تعالى في سورة آل عمران: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}.[11]
  • حفظ المال وصونه وزيادته.
  • الفوز بجنّات النعيم.
  • الاستظلال بعرش الرحمن.
  • وقوع البركة.

حكم إخراج الزكاة إذا دخل وقت وجوبها مقالٌ فيه تمّ بيان ماهيّة الزكاة قبل كل شيء، ثمّ ذكر المقال جملة من الأحكام الشرعية التي تتعلق بوقت وجوب الزكاة في التأخير والتقديم، إضافةً إلى ذكر بعض من الفوائد والثمرات التي تعود على المسلم في الدين والدنيا والآخرة.

المراجع

  1. سورة التوبة , الآية 103
  2. alukah.net , تعريف الزكاة لغة واصطلاحاً , 19/03/2024
  3. dorar.net , حُكمُ إخراجِ الزَّكاةِ بعد وجوبِها , 19/03/2024
  4. سورة المنافقون , الآية 10
  5. صحيح البخاري , البخاري/عقبة بن الحارث/1430/صحيح
  6. binbaz.org.sa , حكم إخراج الزكاة قبل موعدها وبصورة دائمة لفقراء معينين , 19/03/2024
  7. islamweb.net , تأخير الزكاة عن وقت وجوبها مع القدرة لا يجوز , 19/03/2024
  8. dorar.net , الأعذار المُبيحة لتأخير الزَّكاة , 19/03/2024
  9. alukah.net , فوائد الزكاة والصدقات , 19/03/2024
  10. صحيح مسلم , مسلم/عبد الله بن عمر/16/صحيح
  11. سورة آل عمران , الآية 92

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *