فيما سقت السماء من الحبوب والثمار عند الزكاة

تكون زكاة الزروع فيما سقت السماء من الحبوب والثمار عند الزكاة التي فرضها الله تعالى على عباده المسلمين، لتكون طهارة لهم وقربى إليه سبحانه وتعالى، وتختلف قيمة زكاة الزروع تبعًا لطريقة سقايتها، فالزكاة في الزروع التي سقتها السماء قيمتها أكبر من الزروع التي سقيَت بماء البئر أو سقيت بكلفة مادية، وفي هذا المقال من خلال موقع المرجع سيتم التفصيل في ذلك مع تعريف الزكاة وذكر شروط زكاة الزروع.

الزكاة في الإسلام

معنى كلمة الزكاة في اللغة يدل على البركة والزيادة والنماء والثناء والمدح والصلاح، والطهارة المعنوية والحسية، أمَّا زكاة المال فإنها تطلق على ما يتم التصدق به من أموال، والزكاة في الإسلام هي المال الذي يجب إنفاقه في المستحقين الثمانية لها وذلك وفق شروط خاصة حددها الشرع الإسلامي، وتعدُّ حقًا معلومًا بقدر معلوم، فتجب الزكاة في الأموال الزكوية وزكاة الفطر، هي واحد من الأركان الخمسة للإسلام، وأهم العبادات فيه، لأنها الصدقة أو المال الذي فرَضَ الله تعالى إنفاقه، بينما تطلق الصدقة على إنفاق الأموال جميعها المفروضة وغيرها.[1]

اقرأ أيضًا: طريقة دفع الزكاة عن طريق الراجحي

فيما سقت السماء من الحبوب والثمار عند الزكاة

تقدر قيمة الزكاة فيما سقت السماء من الحبوب والثمار العشر أي 10 % من مجموع المحصول، لأنَّ قيمة زكاة الحبوب والثمار تختلف حسب طريقة سقايتها، فالتي تسقى من السماء أي من دون كلفة أو مؤونة ففيها العشر لأنَّ المزارع لم ينفق على سقايتها من ماله، بينما تبلغ قيمة زكاة الحبوب والثمار التي يتكلف الإنسان عليها وينفق من ماله على سقايتها نصف العشر أي 5 % من مجموع المحصول، وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “فِيما سَقَتِ السَّمَاءُ والعُيُونُ أَوْ كانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وما سُقِيَ بالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ”،[2] وعثريًا أي من السماء أو الأنهار دون تكلفة.[3]

دليل وجوب الزكاة في الحبوب والثمار

إن الزكاة في الحبوب والثمار واجبة على المسلم بإجماع الفقهاء من أهل العلم، وقد ورد عن ابن قدامة -رحمه الله- قوله في المغني: “أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ وَاجِبَةٌ فِي الْحِنْطَةِ , وَالشَّعِيرِ , وَالتَّمْرِ , وَالزَّبِيبِ . قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ , وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ “، ودليل وجوبها قوله تعالى في سورة الأنعام: “وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ۚ كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ۖ وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”،[4] كما دلَّ على وجوبها حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السابق الذي رواه ابن عمر -رضي الله عنه- عندما قال: “فِيما سَقَتِ السَّمَاءُ والعُيُونُ أَوْ كانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وما سُقِيَ بالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ”،[2] وهناك شروط لوجوبها سيتم التعرف عليها مفصلة.[3]

شروط وجوب الزكاة في الحبوب والثمار

توجد عدة شروط حتى تجب زكاة الحبوب والثمار، ولا يشترط في زكاة الحبوب والثمار مضي الحول، وفيما يأتي شروط وجوب الزكاة في الحبوب والثمار بالتفصيل:[3]

  • بلوغ النصاب: تجب زكاة الزروع والثمار عند بلوغ النصاب ويقدر نصاب الحبوب والثمار خمسة أوسق يساوي بالكيلو 612 كيلو غرامًا، وهذا ما ذهب إليه الجمهور، وقد رأى أبو حنيفة أنَّ زكاة الثمار والحبوب تجب في الكثير والقليل منها على أن تكون أكثر من نصف صاع.
  • الكيل: ويعني أن تكون الزروع والثمار مما تكال، فالزروع التي لا تكال لا تجب فيها الزكاة، كأن يكون ثمرًا أو حبًّا.
  • صالح للادخار: يجب أن يكون الزرع الواجب للزكاة صالح للادخار مثل الحبوب، أما ما لا يدخر فليس فيه زكاة، مثل الخضار والفواكه فليس فيها زكاة لأنها لا تدخر.
  • الملك عند وجوب الزكاة: يجب أن يكون الشخص مالكًا للزرع وقت وجوب الزكاة، فإن ملكه بعده ليس عليه زكاة، ويكون وقت وجوب الزكاة عندما يظهر صلاح الثمر، ودليل ذلك قوله تعالى: “كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ۖ وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”.[4]
  • القوت: اشترط الشافعية هذا الشرط، وهو أن الزكاة تكون في الزروع التي تكون قوتًا، وهو ما يعيش به الإنسان كالعدس والأرز.

شاهد أيضًا: كم مرة ذكرت الزكاة في القران الكريم

انواع الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة

سيتم توضيح أنواع الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة وهي فيما يأتي:[5]

  • الحنطة والشعير من الحبوب: وقد أجمع الفقهاء على ذلك، وقد نقل الإجماع ابن المنذر وابن عبد البر وابن رشد والشنقيطي.
  • الزبيب والتمر من الثمار: ونقل الإجماع عليه الخطابي والنووي وغيرهم.
  • المكيل والمدخر: وذهب إلى هذا القول الحنابلة وابن باز وابن عثيمين، ودليلهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس فيما دونَ خمسِ أواقٍ صَدَقةٌ، وليس فيما دونَ خَمسِ ذَودٍ صدقةٌ، وليس فيما دون خَمسِ أوسُقٍ صدقةٌ”، والتوسيق هو مقدار لكل ما يكال.

وقت إخراج الزكاة في الحبوب والثمار

يجب إخراج الزكاة في الحبوب والثمار بعد اشتداد الحب وبعد استغنائه عن المياه والسقاية، أمَّا في الثمار فيحين وقت الزكاة فيها عندما يبدور صلاحها وطيبها، فالعنب يكون صلاحه وطيبه عندما يظهر طعم الحلاوة فيه، والبلح يكون صلاحه وطيبه عندما يظهر طعم الحلاوة فيه بالإضافة إلى احمرار أو اصفرار ثماره، ويقاس ذلك على في بقية الثمار.[6]

كيفية حساب الزكاة في الحبوب والثمار

لا يتم في زكاة الحبوب والثمار اقتطاع النفقات والتكاليف وهذا ما أجمعت عليه المذاهب الأربعة في الإسلام: الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي، بالإضافة إلى المذهب الظاهري، ودليلهم أنَّ حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جعل العشر فيما سقت السماء ونصف العشر فيما تم الإنفاق على سقايته وذلك تخفيفًا من الله تعالى، فلا يتم التخفيف مرة أخرى، حيثُ يمكن أن تخرج الزكاة من عين الزرع أو من ثمنه، فإذا أخرج المسلم زكاة الزرع قبل بيعه لا يخرج الزكاة من ثمنه لاحقًا إلى إذا حال الحول على المال فيعامل معاملة زكاة المال.[7]

الحكمة من الزكاة في الزروع والثمار

فرض الله تعالى الزكاة عمومًا والزكاة في الزروع والثمار على المسلمين لحكَم كثيرة يعلمها تعالى، سيتم ذكرها فيما يأتي:[8]

  • تطهير النفوس: تطهر الزكاة نفوس المسلمين من البخل والشح، وتعودهم على الإنفاق في سبيل الله، ويعتاد المسلمون على التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع كله، وذلك من خلال التخفيف من حاجة الناس وقضاء حوائجهم، وقد عبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك بقوله: “مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوادِّهِمْ، وتَراحُمِهِمْ، وتَعاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى منه عُضْوٌ تَداعَى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى”.
  • شكر الله على النعم: عندما يجني المسلم محصوله الذي رزقه الله تعالى إياه يستطيع أن يعبر عن شكره لله بالزكاة وإعطاء الفقراء حقوقهم من هذا الرزق الوفير، فيسعد الفقراء والمحتاجين كما أسعده الله تعالى.
  • طاعة الله تعالى: لأنَ الزكاة فريضة وأدؤها طاعة لله تعالى وامتثال لأوامره، فتكون بذلك من أسباب مغفرة الذنوب ونيل الثواب العظيم ورضا الله تعالى، ويتذكر دائمًا أن الله هو مالك الملك ومالك المال وإليه يرجع الأمر كله.

في نهاية مقال فيما سقت السماء من الحبوب والثمار عند الزكاة تعرفنا على الزكاة في الإسلام وعلى مقدار زكاة الزروع والثمار التي فرضها الله تعالى على عباده المسلمين، وتعرفنا على دليل وجوبها وشروط وجوبها، وأخيرًا تعرفنا على كيفية حساب الزكاة في الحبوب والثمار.

المراجع

  1. wikiwand.com , زكاة , 19/03/2024
  2. صحيح البخاري , البخاري، عبد الله بن عمر، 1483، أورده في صحيحه وعلق عليه
  3. islamqa.info , زكاة الحبوب والثمار ومقدار النصاب فيها , 19/03/2024
  4. سورة الأنعام , آية 141
  5. dorar.net , ما تجب في الزكاة من الزروع والثمار , 19/03/2024
  6. al-maktaba.org , كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق , 19/03/2024
  7. dorar.net , زكاة الزروع والثمار , 19/03/2024
  8. al-maktaba.org , الفقه الميسر , 19/03/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *