قصة سيدنا عيسى عليه السلام

قصة سيدنا عيسى عليه السلام والعبر المستفادة من قصة عيسى عليه السلام، إن قصة سيدنا عيسى عليه السلام وأمه مريم العذراء مع قومهم من القصص الغنية بالعبر والفوائد فلا بد للمسلم الحق أن يأخذ العبر من هذه القصة، وفي هذا المقال سنتحدث عن تفاصيل قصة سيدنا عيسى عليه السلام وتحمله الرسالة ودعوة قومه، والعبر والمواعظ المستفادة من قصته عليه السلام، ويساعدنا موقع المرجع في معرفة المعلومات والقصص الإسلامية والتاريخية الموثوقة والصحيحة التي تنفع المسلمين في حياتهم.

من هو عيسى عليه السلام

إن عيسى عليه السلام نبي من أنبياء الله -عز وجل- اصطفاه لدعوة بني إسرائيل إلى عبادته وحده وعدم الاشراك به، وهو أحد الرسل الخمسة الذين أطلق عليهم أولي العزم من الرسل، وقد نشأ عليه السلام عند آل عمرآن، وأمه هي مريم العذراء ابنت عمران وهو من نسل نبي الله داود عليه السلام،[1] وقد سمي بالمسيح وقيل سبب ذلك لأنه مسح الأرض، وهو سياحته فيها، وفراره بدينه من الفتن في ذلك الزمان؛ لشدة تكذيب اليهود له، وافترائهم عليه وعلى أُمه عليهما السلام، ومن الجدير بالذكر أن عيسى عليه السلام أخر الأنبياء الذين بعثوا لبني اسرائيل، وجاء بعده نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم وهو خاتم الأنبياء والرسل، وقد بشّر به عيسى عليه السلام.

شاهد أيضًا: قصة نوح عليه السلام مختصرة

قصة سيدنا عيسى عليه السلام

مرت حياة سيدنا عيسى -عليه السلام- بالكثير من المحطات وقد صبر وتحمل كثيرًا في سبيل الدعوة إلى عبادة الله وحده وعدم الاشراك به، فبدأت مراحل قصة سيدنا عيسى -عليه السلام- عند معجزة حمله في بطن أمه من دون أب، ثم تكلمه في المهد ومن ثم تحمله الرسالة والدعوة، ودعوة قومه للإيمان بالله تعالى وحده، ومن ثم طلب قومه مائدة من السماء، وإجابة الله لهم وإنزال المائدة، ومحاول بني إسرائيل قتل عيسى -عليه السلام- ورفع الله له إلى السماء بجسده الشريف وروحه، وفيما يلي تفصيل هذه القصة:

مريم العذراء

هي مريم أم نبي الله عيسى -عليه السلام- ووالد مريم هو عمران بن ياشم بن أمون بن ميشا بن حزقيا بن أحريق بن يوثم بن عزاريا بن أمصيا بن ياوش بن أجريهو بن يازم بن يهفاشاط بن إنشا بن أبيان بن رخيعم بن سليمان بن داود عليهما السلام،[1] وكانت مريم العذراء عابدةً زاهدةً تقية.

مريم العذراء تبشر بمولودها

عندما بشرت مريم العذراء بمولودها عيسى كانت معتزلة عن أهلها في مكان من جهة الشرق، قال الله تعالى: “وَاذكُر فِي الكِتابِ مَريَمَ إِذِ انتَبَذَت مِن أَهلِها مَكانًا شَرقِيًّا*فَاتَّخَذَت مِن دونِهِم حِجابًا فَأَرسَلنا إِلَيها روحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَرًا سَوِيًّا”،[2]  وبينما هي معتزلة أهلها بعث الله -تعالى- إليها جبريل -عليه السلام- وقد كان متشكلًا على هيئة رجل، وعندما دخل على مريم فزعت ثمّ قالت أعوذ بالله منك، وقالت له إن كنت تخشى من الله وتتقيه فلا تقترب مني، فطمئنها جبريل عليه السلام بأنّه مرسل من رب العالمين ولا يريد بها السوء ولكنّه أتى ليرزقها غلام بأمر الله، وقد قال الله تعالى: “قالَت إِنّي أَعوذُ بِالرَّحمنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا*قالَ إِنَّما أَنا رَسولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا”.[3]

موقف مريم عند تلقيها خبر تبشيرها بعيسى

تعجبت مريم من امكان حملها ولم يسبق لها الزواج ولم تكن لتفعل الزنا، فبشّرها جبريل -عليه السلام- بأن الله سبحانه قادر على كل شيء وأن هذه آية وعبرة للنّاس على قدرة الله عزّ وجلّ، كما قال الله تعالى في سورة مريم: “قالَت أَنّى يَكونُ لي غُلامٌ وَلَم يَمسَسني بَشَرٌ وَلَم أَكُ بَغِيًّا*قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجعَلَهُ آيَةً لِلنّاسِ وَرَحمَةً مِنّا وَكانَ أَمرًا مَقضِيًّا”.[4]

مولد عيسى عليه السلام

نفخ جبريل -عليه السلام- على مريم فحملت بإذن الله ومن ثم اعتزلت الناس وذهبت إلى مكان في أقصى القرية، وعندما جاءتها الولادة لجأت إلى جذع نخلة، فلما آلمها وجع الولادة، ووجع الانفراد عن الطعام والشراب، ووجع قلبها من قالة الناس، وخافت عدم صبرها، تمنت أنها ماتت قبل هذا الحادث، وكانت نسيا منسيا فلا تذكر، فنادها جبريل -عليه السلام- بأن لا تحزن وأن الله قد أكرمها ورزقها سيدًا ذو شأن ونبي من أنبياء الله تعالى، وقال لها بأن تهزّ جذع النخلة لينزل عليها رطباً لتأكل منها، وقال لها أيضاً بأنّها لا تتكلم إذا قابلت قومها، فقد قال -تعالى-: “فَأَجاءَهَا المَخاضُ إِلى جِذعِ النَّخلَةِ قالَت يا لَيتَني مِتُّ قَبلَ هـذا وَكُنتُ نَسيًا مَنسِيًّا*فَناداها مِن تَحتِها أَلّا تَحزَني قَد جَعَلَ رَبُّكِ تَحتَكِ سَرِيًّا”.[5]

عيسى يتكلم في مهده

رجعت مريم العذراء بعد ولادتها بعيسى إلى قومها، وكانت قد نذرت لله عدم الكلام، فبدأوا يتكلمون عليها وأنها قد جاءت بالفاحشة، وكانوا يذكرونها بأن أهلها أهل صلاح وأنها من سلالة الأنبياء، فقامت مريم بالإشارة إلى ابنها الذي كان في حضنها، وهنا حصلت معجزة من معجزات الله -تعالى- فقد تكلم عيسى -عليه السلام- وهو في مهده فندهش الجميع من كلامه وهو مازال في المهد وقد قال -تعالى- على لسان عيسى:”قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا* وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا* وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا* وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا”.[6]

عيسى عليه السلام يحمل الرسالة

عندما بلغ عمر نبي الله عيسى -عليه السلام- 30 عامًا أنزل الله -تعالى- عليه كتاب الإنجيل، وقد أرسل لدعوة بني إسرائيل بالإيمان بالله وحده وعدم الاشراك به، وقد كان مجددًا لما جاء به موسى -عليه السلام- فقد قال الله تعالى: “وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ”.[7]

دعوة عيسى عليه السلام لقومه

كانت دعوة نبي الله عيسى عليه السلام كدعوة بقية الرسل وهي الإيمان بالله وحده وأنه مدبر وخالق هذا الكون، وعدم الإشراك به، وقد دعا إلى الإيمان بالكتب السماوية السابقة، كما بشر بنبي سيأتي من بعده وهو الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-.

شاهد أيضًا: من هو النبي الذي آمن به جميع قومه وتفاصيل قصته وحياته ووفاته

كيف كانت ردة فعل قوم عيسى على دعوته

عندما بدأ عيسى -عليه السلام- بدعوة قومه وعرض المعجزات الدالة على صدق نبوته آمن معه فئة قليلة، وكان حال الأغلب الكفر بما جاء به، قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ ۖ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ ۖ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ”.[8]

قوم عيسى يطلبون مائدة من السماء

أراد قوم عيسى برهانًا منه -عليه السلام-، ليكون دليلًا على صدق نبوته لكي تقام عليهم الحجة، فطلبوا أن ينزل الله مائدة من السماء يكون عليها طعام لا ينفذ، قال الله تعالى: “إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ ۖ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ”.[9]

تحقق المعجزات

فأجابهم عيسى إلى طلبهم وقال قوم عيسى بأنهم سيتخذون يوم نزول المائدة عيدًا يعظمونه ومن بعدهم،
حيث قال الله تعالى: “قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ ۖ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ “.[10]

هل اتبع قوم عيسى نبيهم بعد تحقق ما طلبوه منه

حذر عيسى -عليه السلام- قومه بأن من يكفر من بعد إنزال المائدة فإن مصيره هو العذاب الأليم، وقد قال -تعالى- في القرآن الكريم “قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ ۖ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ”،[11] ولكن بعد نزول هذه المعجزة على بني إسرائيل لم يؤمنوا بعيسى -عليه السلام- وبالآيات التي جاء بها، وعصوا أوامر الله تعالى التي أمرهم بها، فمسخهم الله -عز وجل- إلى قردة وخنازير.

شاهد أيضًا: قصة سيدنا يونس عليه السلام مختصرة

عيسى يُرفع إلى السماء

من المعروف عن بني إسرائيل قتلهم الأنبياء وقد حاول بني إسرائيل قتل عيسى -عليه السلام- ولكنهم فشلوا في ذلك، فقد ألقى الله الشبه على رجل من بني إسرائيل فقتلوه وهم يظنون أنه عيسى، ورفع الله عيسى -عليه السلام- إلى السماء بجسده الشريف وروحه، وقد ورد في السنة أنه سوف ينزل بآخر الزمان فيقتل الدجال ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام، وثبت أن ذلك النزول من أشراط الساعة، وقد قابل النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- عيسى -عليه السلام- في رحلة المعراج في السماء الثانية.[12]

العبر المستفادة من قصة عيسى عليه السلام

هناك العديد من الفوائد والعبر التي تستخلص من قصة عيسى عليه السلام وأمه مريم العذراء فلا بد للمسلم الحق أن يتعظ من هذه القصة فإن إيراد الله -تعالى- لمثل هذه القصص في كتابه الكريم يكون لأخذ العظة والعبرة، وفيما يلي أبرز هذه العبر والفوائد:

  • أن جميع الكتب السماوية تدعوا إلى الأخلاق الحسنة وعبادة الله وحده وعدم الإشراك به.
  • أن من عصى الله -عز وجل- استحق عذابه.
  • عناية الله بعباده الصالحين فقد أنقذ الله -تعالى- عيسى من محاولة قتله ورفعه إلى السماء.
  • المعجزات التي أجراها الله -سبحانه وتعالى- على يد عيسى عليه السلام هي دلائل لصدق نبوته.
  • رفع سيدنا عيسى إلى السماء بعدما حاول اليهود قتله، وقد قال الحسن البصري: كان عمر عيسى عليه السلام يوم رُفع أربعًا وثلاثين سنة.
  • أن عيسى عليه السلام أخر الأنبياء الذين بعثوا لبني اسرائيل.
  • أن عيسى -عليه السلام- سوف ينزل من السماء إلى الأرض في أخر الزمن، وأن أهل الكتاب سيؤمنون بذلك.
  • أن أولى الناس بنبي الله عيسى عليه السلام هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
  • أن الإسلام أخر وخاتم الشرائع وأن محمد -صلى الله عليه وسلم- هو خاتم الأنبياء والرسل.
  • أن الله أنزل على نبيه عيسى عليه السلام الانجيل، وهو مصدق للتوراة، ومتمم لها.
  • أن نبي الله عيسى عليه السلام بشر بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

شاهد أيضًا: اذكر قصة الثلاثة الذين حبستهم الصخرة ففرج الله عنهم

ذكرنا في هذا المقال قصة سيدنا عيسى عليه السلام والعبر المستفادة من قصته عليه السلام، فإن قصة سيدنا عيسى عليه السلام وأمه مريم العذراء من القصص الغنية بالعبر والفوائد، وبينا كيف تحمل عيسى الرسالة والدعوة إلى توحيد الله تعالى، وكيف أن الله تعالى قد رفع نبيه إلى السماء وأنجاه من القتل والصلب.

المراجع

  1. al-maktaba.org , كتاب البداية والنهاية ط الفكر , 25/3/2021
  2. سورة مريم - الآية 16
  3. سورة مريم - الآية 18
  4. سورة مريم الآية 20-21.
  5. سورة مريم الآية 23-24.
  6. سورة مريم الآية 30-31.
  7. سورة الصف - الآية 6
  8. سورة الصف - الآية 14
  9. سورة المائدة - الآية 112
  10. سورة المائدة - الآية 114
  11. سورة المائدة - الآية 115
  12. almunajjid.com , قصة المائدة , 25/3/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *